

(1666) 31/12/2020 «رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا – بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا»
يناير 28
5 min read
0
1
0
لماذا وجه الله تعالى خطاب «التدبر» للمنافقين:
* «أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ – أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»
* «أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ – وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ – لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً»
مع أن المؤمنين والمنافقين من «أهل اللسان العربي» الذي نزل القرآن به؟!
# أولًا:
«التدبر»: هو النظر بتعقل في عواقب الأمور، في حقيقتها وأسبابها ونتائجها.
ولم يوجه الله تعالى خطاب التدبر لـ «المؤمنين»، لأنهم لم يتصفوا بهذه الصفة إلا بعد أن تدبروا القرآن وأقروا بصدق «الآية العقلية» التي يحملها، والدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
واليوم، يُصر 99 % من المسلمين على الموت داخل دائرة «الشرك» الذي ورثوه عن آبائهم، شرك التفرق في الدين، ويُصر 00.99 % على الموت داخل دائرة «النفاق» الذي يُلبسونه لباس التنوير والقراءة المعاصرة للتنزيل الحيكم.
اليوم، يُصر 99.99 % من المسلمين على عدم إعادة الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب الإقرار العلمي بصدق «الآية العقلية» التي يحملها «القرآن» الذي بين أيديهم، والدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
اليوم، ونتيجة هذه العشوائية الفكرية الدينية، نرى أن تفاعل المسلمين مع أي شيء يتعلق بـ «دين الإسلام»، ينطلق من الهوى النفسي «الجاهلي» الشيطاني، لا الهوى الإيماني «العلمي» القرآني، الأمر الذي لا يخفى على المتابعين لوسائل الإعلام المختلفة.
والسؤال:
لماذا هجر القرآن حياة «المليارين مسلم» وتركهم في ظلمات لا يبصرون؟!
والجواب:
لأن القرآن نزل ليكون في صدور الذين أوتوا العلم:
* «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ»
– «فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ»
– «وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ»
فكان من الطبيعي أن يهجر القرآن صدور الظالمين.
وتعالوا نؤكد ذلك من داخل القرآن، بالآيات الأولى من سورة آل عمران.
# ثانيًا:
١- ٢: «الم – اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ – الْحَيُّ الْقَيُّومُ»
إن الله تعالى الحي المتفرد بالألوهية لا شريك له، القائم على شؤون الكون بفعالية أسمائه الحسنى، هو سبحانه الذي أنزل كتابه الخاتم بالحق على رسوله محمد:
٣- «نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ»:
– «مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ»
٤- «مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ – وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ»
* «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ»:
– «لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ»
– «وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ»
إن كتاب الله الحق، القرآن الحكيم، نزل ليفرق بين الحق والباطل:
* «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ (الْفُرْقَانَ) عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً»
والسؤال:
فهل احتكم «الملياران مسلم» إلى «الفرقان» ليفصل بينهم فيما هم فيه مختلفون؟!
والجواب:
لم يحدث، مع أنهم يؤمنون بأن الله تعالى يعلم ما هم فيه مختلفون:
٥- «إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ»
ويؤمنون بأن الله تعالى هو:
٦- «هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
ويؤمنون بأن الله تعالى هو الذي أنزل الكتاب الخاتم على رسول محمد، عليه السلام:
٧- «هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ»:
* «مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ – وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ»:
وقد بيّنا موضوع الآيات «المُّحْكَمَات» و«المُتَشَابِهَاتٌ» في كثير من المقالات، وبتوسع في كتابنا الأخير للرد على إلحاد «شحرور» في مفهومهما.
والذي يهمنا لفت النظر إليه، في هذا السياق، هو موقف «الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ» من الآيات «المُتَشَابِهَاتٌ»، ومن هم؟!
– «فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ»
– «فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ»
– «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ»
إن معظم الآيات «المُتَشَابِهَاتٌ» تتعلق بـ «عالم الغيب» الذي لا يعمل حقيقته ومدلولات كلماته القرآنية إلا الله تعالى.
ويقابل «الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ»، من حيث موقفهم من الآيات «المُتَشَابِهَاتٌ»:
* «وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»:
– «يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌ ّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا»
– «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ»
«وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»:
هم الذين خلعوا ثوب تدينهم الوراثي المذهبي و«شرك التفرق في الدين»، ولبسوا ثوب الفهم الواعي لـ «مقتضيات الوحدانية»، ودخلوا في «دين الإسلام» من باب الإقرار العلمي بصدق آية رسول الله محمد القرآنية، واهتدوا بـ «هدي القرآن»، وقالوا:
٨- «رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا»:
* «وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً – إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ»
وهنا يجب أن نقف وقفة إيمانية علمية جادة مع أنفسنا ونسأل:
هل اهتدى الـ 99.99 % من المسلمين بـ «هدي القرآن»، قبل أن يقرؤوا في صلاتهم، أو في أي وقت، سورة الفاتحة ويقولون:
* «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ – اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»؟!
والجواب: لا … لم يهتدوا … والسبب:
(أ): أنهم «منافقون»: لم يتدبروا القرآن، وليسوا من «الراسخين في العلم»، الذين صدقوا في قولهم:
* «رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا – بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا»
(ب): أنهم لا يخافون الآخرة، ولا يفهمون معنى قول الله بعد ذلك:
٩- «رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ – إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ»
وكان من الضروري بيان موقف الكافرين من كتاب الله الخاتم، القرآن الحكيم، ومن «نبوة» رسول الله محمد:
١٠- «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً – وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ»
١١- «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ – (كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا) – فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ – وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ»
١٢- «قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ – سَتُغْلَبُونَ – وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ – وَبِئْسَ الْمِهَادُ»
١٣- «قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا»:
– «فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ»
– «وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ»
– «وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ»
– «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأِوْلِي الأَبْصَارِ»
ثم يأتي بيان حقيقة الدنيا التي يستغل إبليس شهواتها لإضلال الناس:
١٤- «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ»:
– «مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ»
– «ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»
– «وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ»
وفي مقابل شهوات الدنيا:
١٥- «قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ»:
* «لِلَّذِينَ اتَّقَوْا»:
– «عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ»
ماذا كان حالهم وهم في الدنيا وشهواتها:
١٦- «الَّذِينَ يَقُولُونَ»:
«رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا – فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا – وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»
١٧- «الصَّابِرِينَ – وَالصَّادِقِينَ – وَالْقَانِتِينَ – وَالْمُنفِقِينَ – وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ»
ثم يساوي الله تعالى بين شهادته وشهادة «الملائكة» وشهادة «أولي العلم»، بأنه عز وجل قائم بالقسط:
١٨- «شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ – وَالْمَلاَئِكَةُ – وَأوْلُواْ الْعِلْمِ»:
* «قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ – لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
ثم يُبيّن الله تعالى أن ما سبق بيانه هو المحور الأساس الذي يدور حوله «دين الله تعالى»:
١٩- «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ»:
وأن الخلاف والاختلاف حول «دين الله» قائم على مر الرسالات، مع وجود «العلم» بين الناس، والسبب:
* «وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ – إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ – (بَغْياً بَيْنَهُمْ) – وَمَن يَكْفُرْ (بِآيَاتِ اللّهِ) – فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»
ومن التحديات التي ستواجه «الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»:
٢٠- «فَإنْ حَآجُّوكَ – فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ»:
والسؤال:
كم عدد الذين اتبعوا رسول الله محمد، «إسلام الرسول»، من المليارين مسلم»؟!
* «وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ – وَالأُمِّيِّينَ – (أَأَسْلَمْتُمْ) – فَإِنْ (أَسْلَمُواْ) فَقَدِ اهْتَدَواْ – وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ – وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ»
والسؤال:
هل أسلم «اليهود والنصارى» كلهم في عصر التنزيل؟!
ولذلك أعقب هذه الآية قول الله تعالى:
٢١- «إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ – وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ – وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ – فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»
والجزاء:
٢٢- «أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ – وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ»
* أقول:
إذا طُلب من الذين فهموا حقيقة التوجه «نحو إسلام الرسول»، وعلموا على أي «منهجية علمية» قام:
أن يُسقطوا الآيات القرآنية، من أولها إلى آخرها، ع لى واقع المسلمين اليوم، فلن يخرجوا بنتيجة غير التي حملتها وتحملها مقالات هذه الصفحة.
والسؤال:
* كيف يقول 99 % من المسلمين «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»:
– وهم «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»؟!
* وكيف يقول 00.99 % من المسلمين «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»:
وهم من «الملحدين» في آيات الله وأحكامها:
– «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا – لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا – أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ – أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ – اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ – إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»
* إذن فمن الذين يقولون «رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا – بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا»:
– غير الذين «اهتدوا بهدي القرآن»
– بعد أن دخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح؟!
محمد السعيد مشتهري



