

(1690) 28/1/2021 لماذا جعل محمد شحرور «الإسلام» قبل «الإيمان»؟!
يناير 28
5 min read
0
0
0
هل يُعقل أن يكون الإسلام والتسليم لأحكام القرآن قبل الإيمان بالله الذي أنزل القرآن، وقبل الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد الذي بلغ القرآن؟!
نعم يُعقل … ولكن عند «منظمة الإلحاد الشحروري» … التي لا يُعرف لأعضائها ملة ولا دين.
فكيف يُسلّم المسلمون لـ «أحكام القرآن» تسليمًا، قبل أن تُقر قلوبهم بحجية «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، الذي أنزل الله عليه هذا القرآن الذي يعملون بأحكامه؟!
ثم كيف تُقر قلوب المسلمين بحجية «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسولهم محمد، وهذا الإقرار يستلزم أن يكونوا على علم بلغة «القرآن» العربية؟!
وإذا كان المسلمون اليوم «مليارين مسلم»، فكم عدد الذين يعلمون منهم لغة القرآن العربية وأساليبها البيانية؟!
ولحل هذه الإشكالية، خلط «محمد شحرور» بين مفهوم كلمتي الإسلام والإيمان، وألف كتابًا قدّم في عنوانه الإسلام على الإيمان، ليصل إلى هدفه الإلحادي وسَمّى الكتاب:
«الإسلام والإيمان – منظومة القيم»
ووفق منهجيته العشوائية الهرمنيوطيقية، جاء ببعض الآيات ومنها الآية التي لا يملك الملحدون غيرها لإثبات حجية إلحادهم، وهي الآية «البقرة / ٦٢»، ثم قال «ص ٣٨»:
«ومن هذه الآيات وغيرها كثير، نفهم أن الإسلام هو التسليم بوجود الله، وباليوم الآخر، فإذا اقترن هذا التسليم بالإحسان والعمل الصالح، كان صاحبه مسلماً، سواء أكان:
* من أتباع محمد «الذين آمنوا»
* أو من أتباع موسى «الذين هادوا»
* أو من أنصار عيسى «النصارى»
* أو من أي ملة أخرى غير هذه الملل الثلاث.
وبناء عليه، أدخل كل الملل التي لم تؤمن برسول الله محمد الجنة، لأن فهمه الجاهلي وإبليسه الشيطاني، قالا له إن الدليل على صحة هذا الفهم الإلحادي هو الجملة التي ذُيلت بها الآية «البقرة / ٦٢» وهي:
* «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ – وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ – وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»
وقد قمنا بالرد على هذا الإلحاد الجاهلي في كتابنا:
«القراءة المعاصرة للتنزيل الحكيم – الكتاب والقرآن – محمد شحرور نموذجًا – نقض المنهجية»
الباب الثاني: «دين الإسلام ونقض منهجية القراءة المعاصرة»
والكتاب موجود على الموقع، برجاء الاطلاع عليه لتقفوا على حقيقة ملة أعضاء «منظمة الإلحاد الشحروري» الذين أتمنى ألا يكون أحد منكم منهم، مهما برر ذلك بـ «العسل» الذي اختلط بـ «السم» القاتل.
وهناك بعض القواعد المتعلقة بمو ضوع «الإيمان والإسلام» لم يتضمنها الكتاب، فأذكرها هنا باختصار:
١- الإيمان مصدر للفعل «آمن»، وجذره «أمن»، والجذر يكون بمعنى واحد مهما تغيّر تصريفه في الكلمات، ويدور حول التصديق والثقة والطمأنينة:
– فـ الأَمْنُ ضدُّ الْخَوْفِ، والأَمانةُ ضدُّ الخِيانة.
– والإيمان بمعنى التَّصْدِيق وضدُّه التَّكْذِيبُ، يقال: آمَنَ بِهِ قومٌ وكذَّب بِهِ قومٌ، فآمَنَ بِالشَّيْءِ: صَدَّقَ به.
– فإذا قلت آمَنْتُه فضدُّ أَخَفْتُه «وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ».
– وَائْتَمَنْتُهُ عَلَيْهِ: فَهُوَ أَمِينٌ، وَأَمِنَ البلدُ اطمَأَنَّ بِهِ أَهْلُهُ فَهُوَ آمِنٌ وَأَمِينٌ، وَآمَنْت الأَسِيرَ «بِالمَدِّ» أَعطَيته الأَمَانَ.
– وَآمَنت بِاَللَّهِ إيمَانًا: أَسلَمت لَهُ.
والسؤال:
– هل يمكن أن تستأمن أحدا على حفظ شيء عزيز لولا ثقتك في هذا «الأمين»؟!
– وهل يمكن أن تؤمن بشيء لا تثق في مصدره ولا تصدقه؟!
٢- الإيمان مع حرف «الباء»: «آمَنَ بِهِ»:
* «فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ – وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً»
آمَنَ بِهِ: صدّقه ووثق به، بعد أن وُجد ما يدعو إلى ذلك، فالذي آمن بالله لم يؤمن إلا بعد أن وقف على دلائل الوحدانية التي جعلته آمنًا في الدنيا والآخرة بسبب تصديق قلبه لها.
٣- الإيمان مع حرف «اللام»: «آمَنَ لَهُ»:
بعد أن يثق المرء في صدق الطبيب الذي سيعالجه ويكتب له الدواء، يستسلم له ويطيعه في أخذ الدواء.
فـ «آمَنَ لَهُ»: سلّم له بعد أن وثق فيه:
يقول الله تعالى «التوبة / ٦١»:
* «قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ – يُؤْمِنُ بِاللَّهِ – وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِين»
«يُؤْمِنُ بِاللَّهِ»:
لأن النبي بعد أن أقر بدلائل الوحدانية صَدّق الله فأصبح مؤمنًا آمنًا بمعية الله تعالى.
«وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِين»:
لأن «الإيمان الصادق» عندما يستقر في القلب، يجعل صاحبه مصدر أمن وأمان وثقة عند الناس، فإيمان النبي للمؤمنين واستئمانهم كان بسبب ثقته فيهم وتصديقه لهم.
٤- إن «الإيمان» به وله، كلاهما يدوران حول محور واحد هو الثقة والتصديق والاطمئنان للمصدر الذي آمن به وله، وهذا ما بيّنه قول الله تعالى «يوسف / ١٧»:
* «وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا – وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ»
أي ما أنت بمصدّق لنا في خبر الذئب الذي أكل يوسف، أي ما أن ت بمقرّ «لنا» ولم يقولوا «بنا» لأنّ المقصود ليس ذواتهم وإنما خبرهم.
فعند الإخبار يُقال للمُخبر صَدَقْتَ أو كَذَبْتَ حسب ثقتك فيه، فإذا صدّق فلانٌ فلانًا نقول «صدَّقه» أي «آمن له»، ولا نقول «آمنه» ولا «آمن به».
٥- وهذه بعض الآيات الدالة على التلازم بين «الإيمان» و«الإسلام» وعدم انفصالهما، إلا في حالة الكفر والنفاق:
(أ): يقول الله تعالى «المائدة / ٤١»:
* «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ»
فـ «الإيمان» محله «القلب»، وإذا خلا «القلب» من «الإيمان» فلن ينفع صاحبه «العمل الصالح» ولو أطعم مساكين وفقراء العالم، لأنه قد يكون نفاقا، فتدبر «البقرة / ١٤»:
* «وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا – وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِ مْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ – إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ»
(ب): يقول الله تعالى «البقرة / ١٣٦»:
* «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ»:
– «وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ»
– «لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ – وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»
فلم ينفصل قولهم «آمَنَّا بِاللَّهِ» عن «إسلام» وجوههم لله وتسليمهم لأحكام شريعته.
(ج): يقول الله تعالى «الأنفال / ٢-٣»:
* «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ – وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ – وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا – وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»:
– ثم تدبر كيف جاء العمل بـ «أحكام القرآن» في سياق الإيمان ووجل القلوب والتوكل على الله:
* «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ – وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ»
٦- إن «الإيمان العمل الصالح» منظومة مترابطة فلا ينفصلان، ولن يدخل أحد الجنة إلا بتفاعلهما معا، وليس بالإيمان وحده، لقول الله تعالى «الزخرف / ٧٢»:
* «وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا – بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
ولم يقل «بِمَا كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ»، ولذلك نفى الله الإيمان عن الذين ادعوا الإيمان بأقوالهم ولم تصدقه جوارحهم، فقال تعالى «النور / ٤٧-٤٨»:
* «وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا»:
فعندما تسألهم عن إيمانهم تنطق بألسنتهم على الفور بـ «الإيمان»:
– «ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ – وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ»
– «وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ»
– «إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ»
وخلاصة القول:
إن «الإيمان» تصديق القلب وإقراره بوجوب «الإسلام» والتسليم والانقياد والخضوع والطاعة، لمن وثق القلب به وصدقه، لأنك إذا صَدَّقْتَ المُخبر فقد أمّنته من أن تُكذبه، لأن تصديقك له يعني ثقتك فيه واعترافك به.
يقول الله تعالى «الأعراف / ١٢٣»:
* «قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ»
«آمَنْتُمْ بِهِ»:
الإيمان بنبي الله موسى، عليه السلام، والاطمئنان إليه باعتباره مبلغا عن الله تعال ى، فالسحرة لم يؤمنوا بشخص موسى وإنما بالله الذي أيد موسى بالآيات الدالة على صدق نبوته.
وبعد الإيمان «به» يأتي الإيمان «له»، أي الاستجابة له:
فيقول الله تعالى في نفس سياق قصة موسى مع سحرة فرعون «طه / ٧١»:
* «قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ»
آمَنْتُمْ لَهُ: أي صدّقتم موسى واستجبتم له واستسلمتم؟!
والسؤال:
كيف يسبق «الإسلام» والتسليم لـ «أحكام القرآن»، «الإيمان» بالله وبصدق «نبوة» رسول الله الذي بلّغ هذا القرآن؟!
والجواب:
ستجده عند أعضاء «منظمة الإلحاد الشحروري» الذين لم يستطع أحد منهم، منذ إنشاء هذه الصفحة، التعليق بكلام علمي يثبت صدق إلحادهم.
محمد السعيد مشتهري