

(1692) 30/1/2021 «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
يناير 28
٤ min read
0
0
0
لقد بيّنا في المقال السابق، كيف أدخل أعضاء «منظمة الإلحاد الشحروري» الملل الدينية الجنة، وهي تكفر بـ «نبوة» رسول الله محمد وبـ «آيته القرآنية العقلية»، وغاب عنهم طوق نجاتهم من جهنم، وهو قول الله تعالى «المائدة / ١٩»:
* «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ»:
– وهم اليهود والنصارى إلى يوم الدين، يقول الله لهم:
(أ): «قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا»
(ب): «يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ»
– «الفترة»: هي المساحة الزمنية التي عاش الناس خلالها بين رسولين، الأول لم يُرسَل إليهم، والثاني لم يُدركوه، فهل لم يُدرك «أهل الكتاب» رسول الله محمدًا؟!
لذلك حذر الله تعالى «أهل الكتاب» أن يأتوا يوم القيامة:
(ج): «أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ»:
(د): «فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ»:
(هـ): «وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
١- فتعالوا نتدبر قول الله تعالى «العنكبوت / ٤٦»:
* «وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ»:
(أ): «إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»:
(ب): «إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ»:
– فما معنى استثناء «الَّذِينَ ظَلَمُوا» من الجدل «بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»؟!
– كل اليهود الذين قالوا «عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ» وكل النصارى الذين قالوا «الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ»، ذلك أن الشرك «ظلم عظيم»، فكان يجب أن يكون الجدل بالتي هي أخشن وأشد وأغلظ.
– وإذا كان «الَّذِينَ ظَلَمُوا» من المسلمين، وهم 99.99 %، ألعن من «أَهْل الْكِتَابِ»، وقد سبق الحديث عن الأسباب في مئات المقالات، لأن ظلمهم:
– إما بـ «شرك التفرق في الدين» الذي حذرهم الله منه في أكثر من آية قطعية الدلالة، وهؤلاء 99 % من المسلمين.
– أو بـ «شرك الهوى» وإلحادهم في آيات الله وما حملته من أحكام، وخاصة الذين يكفرون بـ «الصلوات الخمس» ومواقيتها بدعوى أن القرآن تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء، وهم يمثّلون 00.99 % من المسلمين.
والسؤال:
فلماذا عندما يستخدم «محمد مشتهري» الأسلوب الفظ الغليظ مع هؤلاء، ويصفهم بما وصفهم الله به، وبأنهم أضل من الأنعام، تقوم الدنيا ولا تقعد؟!
– ألم يقل الله تعالى «النساء / ١٤٨»:
«لاَ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ – (إِلاَّ مَن ظُلِمَ) – وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً »؟!
فهل التوجه «نحو إسلام الرسول» الذي يدعوا إلى الجنة هو الذي «ظُلِمَ»؟!
أم التوجه «نحو شرك التفرق في الدين» الذي يدعو إلى جهنم؟!
ونتابع آيات سورة العنكبوت «العنكبوت / ٤٦»:
(ج): «وَقُولُوا (آمَنَّا) بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا»
– ذلك أن الدخول في «دين الإسلام» يبدأ بـ «الإيمان» بـ «الآية القرآنية العقلية» التي أنزلها الله على النبي الخاتم رسول الله محمد، وبـ «الإيمان» بجميع الرسالات الإلهية السابقة:
(د): «وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ»
– وبمقتضيات «الوحدانية»:
(هـ): «وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ»
ومن هذه «المقتضيات» الدخول في «دين الإسلام» والتسليم لـ «أحكام القرآن»:
(و): «وَنَحْنُ لَهُ (مُسْلِمُونَ)»
– وهذه الآية من «القواصم» التي قصمت ظهر أعضاء «منظمة الإلحاد الشحروري»، وشيخهم من قبلهم، الذي جعل «الإسلام» يسبق «الإيمان»، فكان مصيره:
* «يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ – فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ – وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ»
٢- ثم يقول الله تعالى «العنكبوت / ٤٦-٤٩»:
* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ»:
(أ): «فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ»
– إذن هناك من «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» من يُقرّون بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد ويؤمنون بكتاب الله الخاتم.
(ب): «وَمِنْ هَؤُلاَء مَن يُؤْمِنُ بِهِ»
– ومن «المشركين» من يفعل كما يفعل «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ».
(ج): «وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ»
– ولم يقل الله تعالى «وَمَا يَجْحَدُ بِكِتَابِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ» كما يقتضي السياق الذي بدأ بـ «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ»، وذلك لبيان أن الجحود والكفر لا يتعلقان بالكتاب المكتوب ولا بالقرآن المقروء:
– وإنما بتفاعل الآيات المكتوبة المقروءة مع «مقابلها الكوني» في الآفاق والأنفس، ولذلك قال الله بعد ذلك عن المكتوب المقروء:
(د): «وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ – وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ»
وليس المقصود نفي القراءة والكتابة عن رسول الله محمد، وإنما هذا أسلوب مجازي يُقصد به نفي علم الرسول واطلاعه على أي كتب إلهية سابقة، بقرينة قول الله تعالى بعد ذل:
(هـ): «إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ»
– أي لكان اطلاع الرسول على الكتب السابقة، داعيًا للريبة والشك، وأن يكون قد ألف منه القرآن، الأمر الذي نفاه الله بقوله تعالى «الشورى / ٥٢»
* «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا»:
– «مَا كُنتَ تَدْرِي مَا (الْكِتَابُ) وَلاَ الإِيمَانُ»
– «وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا»
– «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
وهذا ما جاء بيانه بعد ذلك في سياق الآيات «العنكبوت / ٤٦-٤٩»:
(و): «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ – فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ»
– فماذا فهم الـ «ملياران مسلم» من هذه الآية، وكم عدد «الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» منهم ، وما هو هذا «العلم» الموجود في صدورهم إذا لم يكن العلم بـ «الآيات البيّنات» التي نزل على قلب رسول الله محمد «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»؟!
– لذلك بعد أن قال الله «وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ» قال تعالى:
(ز): «وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ»
وعندما طلب الكافرون الظالمون «الآية الحسية»، كبرهان على صدق «نبوة» رسول الله محمد «العنكبوت / ٥٠»:
* «وَقَالُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ – قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ – وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ»
– جاءهم الرد «العنكبوت / ٥٠»:
* «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ»:
– «أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ»
– «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»
٣- نفهم مما سبق:
أن أي إنسان على هذه الأرض، بلغه أن الله تعالى بعث النبي الخاتم رسوله محمدًا للناس جميعًا «الأعراف / ١٥٨»:
* «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ»:
– «إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً»
– «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ»
– «لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ»
– «فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ»
– «الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»
وأيده بـ «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوته»:
* «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ»
ولم يؤمن برسول الله محمد ولم يتبع رسالته الخاتمة، فإنه من أهل جهنم، كما نصت على ذلك مئات الآيات القرآنية.
* فإياك أن تقيم تدينك على قناعتك الذاتية، أو ما تُسمّيه بـ «العقل» الذي لم يخلقك الله به أصلًا، وإنما خلقك بـ «قلب» يحمل آليات تعمل في منظومة مترابطة متكاملة، وهي آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه … إلى آخر هذه الآليات.
* إياك أن تعتمد في تدينك على إعجابك الشخصي بموضوع يتعلق بـ «دين الإسلام» الذي حملته نصوص «الآية القرآنية العقلية»، واسأل نفسك أولًا:
– ماذا تحمل أنت شخصيًا من لغة القرآن العربية وأساليبها البيانية، وماذا تعلم عن «علم السياق»، ثم بعد ذلك قرر أن تكتب أو تتحدث عن القرآن، أو تُفتي في أحكامه؟!
* إن التدين بـ «دين الإسلام» يجب أن يقوم على «قناعتك العلمية» المؤيدة بالبراهين القرآنية، وليس على «قناعتك الشخصية» التي هي من علامات النفاق:
– الأمر الذي يقتضي ألا تُعجب بشيء يتعلق بـ «فهم القرآن»، إلا بعد التأكد من صحة البراهين القرآنية ودلالاتها العلمية، سواء كان ذلك بما تحمله من علم، أو بالبحث في المصادر العلمية.
محمد السعيد مشتهري