top of page

(1713) 13/2/2021 «فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ»

يناير 27

6 min read

0

1

0

* يقول الله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»:

عندما نتدبر كتاب الله، ونجد هذه الجملة القرآنية «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»، نعلم على الفور استحالة أن تنطبع في قلوب الناس أي صورة ذهنية عن ذات الله، سواء كانت كاملة أو مقسّمة إلى ذرّات حَلَّت في الموجودات، كما يدعي فلاسفة «وحدة الوجود».

* ويقول محمد شحرور: «إن كل شيء مثل الله»:

وعندما نقرأ كتاب محمد شحرور «الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة» نجده يقول «ص ٣٩٠»:

«أما بالنسبة لسلوك الإنساني الواعي، فحتى نفهم هذا السلوك الواعي يجب علينا ألا ننسى:

– أن الإنسان خليفة الله في الأرض:

– أنه يوجد في الإنسان، وليس في الكائنات الحية الأخرى، شيء من (ذات الله) وهو الروح:

– وبها أصبح خليفة الله في الأرض، واكتسب المعارف، وأصبح قادرا على المعرفة والتشريع».

# أولًا:

يقول: إن الإنسان خليفة الله في الأرض.

١- هناك «رواية»، انطلقت من بدعة أن الإنسان «خليفة الله» في الأرض، وانتشرت بين الرواة، ودوّنها المحدثون في أمهات الكتب، وهذه الرواية تقول:

– «إن السلطان ظل الله في الأرض»

٢- وبما أن «محمد شحرور» يعتبر الرواية الموافقة للقرآن حجة في دين الله، وانطلاقًا من قوله «إن الإنسان خليفة الله في الأرض» استنادًا إلى قول الله تعالى:

* «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً»

تصبح رواية «السلطان ظل الله في الأرض» توافق القرآن، ويصبح من حق «خليفة المسلمين» أن يفعل في الناس ما يشاء بـ «التفويض الإلهي»:

وعليه يصبح «محمد شحرور» سلفيًا داعشيًا يدعو إلى عودة «الخلافة الإسلامية» تحت راية القراءة القرآنية المعاصرة.

٣- إن قول الله تعالى:

* «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً»

بالإضافة إلى آيات أخرى، يعني أن الله سيخلق بشرًا اسمه «آدم»، تخلفه ذريته، وأن هذا يستلزم أن يتعلم آدم «الأَسْمَاء كُلَّهَا»:

* «وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا»

وعليه أمر الله الملائكة أن يسجدوا لـ «آدم» لعظم مهمة استخلافه التي لا يعلمها الملائكة:

* «قَالُواْ سُبْحَانَكَ – لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا – إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ»

٤- لا يوجد في القرآن كله دليل على أن آدم «خليفة الله» أو «خليفة عن الله»، وذلك لأن كلمة «خليفة» تعني من يخلف غيره ويقوم مقامه، وهذا يستحيل نسبته إلى الله تعالى.

فإذا ذهبنا إلى الفعل «جَعَلَ» في «إِنِّي جَاعِلٌ» نجد أنه ليس أمرًا «تكليفيًا» يطيعه الإنسان أو لا يطيعه، وإنما أمر «تكويني» ليس موجهًا أصلًا للإنسان ولا يستطيع مخالفته، وهو «سنة الاستخلاف» التي ورد بيانها في كثير من الآيات، ومنها:

قول الله تعالى «الأنعام / ١٣٣»:

* «وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ»:

– «وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ»

– «كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ»

وقول الله تعالى «الأعراف / ٦٩»:

* «وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ – خُلَفَاءَ – مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ»

وقول الله تعالى «النور / ٥٥»:

* «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»:

* «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرْضِ – كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ»

وقول الله تعالى «النمل / ٦٢»:

* «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ – وَيَكْشِفُ السُّوءَ»:

– «وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأرْضِ»

# ثانيًا:

أما عن قول «محمد شحرور»:

«يوجد في الإنسان شيء من (ذات الله) وهو الروح».

١- وبصرف النظر عن تأنيث كلمة «الروح» وقوله «وبها أصبح»، لأن كلمة الروح «مذكر»، وكان يجب أن يقول «وبه أصبح»:

فإن هذا الذي قاله يثبت:

(أ): أنه يجهل كيف يتعامل مع الأساليب البيانية التي نزل بها القرآن.

(ب): أنه فهم قول الله تعالى «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي» على أساس أن «الروح» جزءٌ من «ذات الله» مُوزّعة على الوجود البشري على هيئة جزئيات وكل جزء اسمه «الروح»:

وقد أكد ذلك بقوله بعد ذلك:

(ج): هذه النقطة إذا نسيناها فإن السلوك الإنساني سيتحول إلى مجموعة من الصور المتحركة يديرها الذي صممها «أفلام كرتون»:

ولكن إذ قلنا إن هناك أمرًا مشتركًا بين «الله» و«الإنسان» وهو «الروح»، أي إذا قلنا إن الصور المتحركة فيها «شيء» من «ذات» المصمم، لتغير الأمر.

* أقول:

يستحيل أن يجهل «محمد شحرور» الفرق بين «ذات الله» و«صفات الله»، ولقد تَعمّد ذكر كلمة «الذات» ليؤكد إيمانه بـ «فلسفة وحدة الوجود» التي تتعامل مع الموجودات باعتبارها واقعًا ماديًا تدركه حواس الإنسان بعيدًا عما وراء الطبيعة «الغيبيات».

ولذلك نراه يقول «ص ٤٢»:

«إن العلاقة بين الوعي والوجود المادي، هي المسألة الأساسية في الفلسفة، وقد انطلقنا في تحديد تلك العلاقة من أن مصدر المعرفة الإنسانية هو العالم المادي خارج الذات الإنسانية»

فها هو يؤمن بأن «العالم المادي» الذي تدركه حواس الإنسان، هو مصدر «المعرفة الإنسانية»، ولا يمكن الإيمان بشيء لا تدركه الحواس إلا إذا اتحد مع «العالم المادي» الذي تدركه الحواس.

٢- واتباعًا لـ «المنهجية الهرمنيوطيقية» التي يتبعها الملحدون للتلبيس والتدليس على الناس لإثبات صحة الباطل الذي ينشرونه بينهم، راح «شحرور» يُفرّق بين كلام الله وكلمات الله ويقول «ص ٧٢»:

«لو كان النص القرآني المتلو أو المكتوب الموجود بين أيدينا هو عين كلام الله، فهذا يعني أن الله له جنس وجنسه عربي … والله ليس عربيًا ولا انكليزيًا، لزم أن يكون كلامه هو المدلولات نفسها:

فكلمة الشمس عند الله هي عين الشمس، وكلمة القمر هي عين القمر، وكلمة الأنف هي عين الأنف … أي أن:

– «الوجود المادي الموضوعي … هي عين كلمات الله»

– «وكلمات الله هي عين الوجود ونواميسه العامة»

ثم جاء ببعض الآيات ليثبت أن الله «حق» وأن الموجودات «حق»، ثم قال:

«الوجود الموضوعي خارج الوعي هو الوجود الإلهي»

* أقول:

إذن فـ «محمد شحرور» يؤمن بأن الوجود «المادي» الموضوعي الذي تدركه الحواس هو:

«الوجود الإلهي الذي هو عين كلمات الله»

فإذا عدنا إلى ما قاله سابقا وهو:

«إذا قلنا إن الصور المتحركة فيها شيء من ذات المصمم»

نعلم أن «محمد شحرور» يؤمن بما يلي:

«الوجود الموضوعي المادي = الوجود الإلهي = عين كلمات الله = الذات الإلهية»

* والله تعالى يقول: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»

# ثالثًا:

إن «الفلسفة المادية للوجود»، التي أقام عليها «محمد شحرور» قراءته المعاصرة للتنزيل الحكيم، هي التي دفعته إلى الإيمان بأن:

«الوجود الموضوعي المادي = عين كلمات الله = الوجود الإلهي = الذات الإلهية»

١- فماذا نقول في قول الله تعالى «التوبة / ٦»:

«وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ – حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ – ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ – ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ»

هل كان رسول الله محمد، عليه السلام، يتلو على المشرك آيات التنزيل الحكيم ثم يبلغه مأمنه؟!

أم كان يأتي له بمدلولات ومُسَمّيات «كلام اللّه» من «الوجود الموضوعي»، ويضعها أمام المشرك ويقول له:

* استمع إلى ما يقوله لك هذا «الوجود الموضوعي»؟!

وهل عندما قال الله تعالى: «وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً»:

أخرج الله تعالى لموسى، عليه السلام، من «الوجود الموضوعي» بجانب الطور، مدلولات ومُسَمَّيات كلامه عز وجل، أم خلق له أصواتًا سمعها موسى؟!

وهل عندما اتهم الله تعالى اليهود بأنهم: «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ»:

كانوا يُحرّفون مدلولات ومُسَمَّيات «كلام الله» الموجودة في الوجود المادي الموضوعي خارج وعي الإنسان، أم كانوا:

* «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ – وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا – وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا – لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ – وَطَعْناً فِي الدِّينِ»؟!

٢- ويبدو أن هناك من لفت نظر «محمد شحرور» إلى أن ما كتبه هذا يعني أنه يؤمن بنظرية «الحلول» و«وحدة الوجود»، الأمر الذي يُسقط قراءته المعاصرة للتنزيل الحكيم:

فإذا به يقول في كتابه «نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي – ص ٣٨»:

«والواقع هو أننا حين نعتبر الله كينونة فقط، نعتبر أن الصيرورة والسيرورة صادرة عنه، وليست جزءاً منه، وهذا ما ينفي الحلول ووحدة الوجود»

ثم أراد أن يمسك العصا من المنتصف فقال بعد ذلك:

«ولما كانت السيرورة والصيرورة لا تكون دون كينونة، فنحن لا نفهم ولا نستطيع أن نفهم أي شيء عن الله إلا من خلال هذا الوجود».

٣- فماذا كان يقصد «محمد شحرور» بقوله «نفهم أي شيء عن الله»؟!

كان يقصد ما بيّنه بعد ذلك «ص ٤٠» من نفس الكتاب حيث قال:

«وقولنا إن الله حق وكينونة بذاته وموجود في ذاته، خلق الموجودات بالحق:

يعني أن الله حقيقة موضوعية مطلقة موجودة في ذاتها، وأن الموجودات حقيقة موضوعية مطلقة موجودة بغيرها ومتعلقة به».

# رابعًا:

١- فما معنى أن الله تعالى:

* «حقيقة موضوعية مطلقة في ذاتها»

وأن الموجودات:

* «حقيقة موضوعية مطلقة»

ولكنها موجودة بغيرها ومتعلقة به؟!

ولماذا لم يقل «محمد شحرور» عن الموجودات:

* «موجودة بالله ومتعلقة به»

والجواب:

لأن «محمد شحرور» يؤمن بـ «الوجود المادي الموضوعي» كمصدر للمعرفة الإنسانية، ولا يؤمن بـ «عالم الغيب» أو بما يُسمى عند الفلاسفة بـ «عالم ما وراء الطبيعة»:

٢- فيقول «ص ٢٥٢» من كتابه «الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة»، تحت عنوان «ما هي نظرية المعرفة الإنسانية»:

«هي عملية انتقال مستمر من عالم الغيب إلى عالم الشهادة»

ثم يقول بعد ذلك تحت عنوان: ما المقصود بموضوعية المعرفة الإنسانية:

«هو أن الصور الموجودة في الأذهان يجب أن تكون مطابقة للأشياء الموجودة في الأعيان خارج الوعي».

والسؤال:

هل «الله تعالى» من المعارف الإنسانية واجبة الإيمان والتصديق، وهل له صورة ذهنية يجب أن تطابق الموجودات خارج وعي الإنسان؟!

إذن فأين يضع «محمد شحرور» الله تعالى:

* في الأذهان أم في الأعيان؟!

٣- يقول «ص ٢٦٣»:

«لقد عبر القرآن عن الحق بمصطلحين:

المصطلح الأول: «الله»:

حيث عبر عن الله بأنه «وجود موضوعي» خارج الفكر الإنساني، وليس من نتاج الفكر الإنساني، بقوله «الحج / ٦»:

* «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

لقد عبر القرآن عن الوجود الإلهي بأنه «وجود موضوعي حقيقي» خارج الوعي الإنساني، ولكن هذا الوجود ليس مثل وجود الأشياء «الشورى / ١١»:

* «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»

* أقول:

في الحقيقة إن من يزن مؤلفات «محمد شحرور» بميزان «البحث العلمي»، وفق الأصول والقواعد المتعارف عليها بين العلماء، سيجدها ساقطة كلها:

فكيف يكون «وجود الله» وجودًا موضوعيًا تدرك الحواس مع باقي الموجودات خارج الوعي الإنساني، ثم يستغفل «محمد شحرور» قلوب الناس بـ «منهجيته الهرمنيوطيقية» ويقول لهم:

«ولكن هذا الوجود ليس مثل وجود الأشياء: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ؟!

إن إشكالية «محمد شحرور» العقدية تكمن في عدم إيمانه بـ «عالم الغيب» غير المادي، فيقول «ص ٢٦٧» تحت عنوان «الغيب والشهادة»:

«الغيب أشياء وأحداث (مادية) موجودة أو حصلت، ولكنها غابت عن بعض الناس، أو عن كل الناس، ولكنها ليست فيما وراء الطبيعة».

* أقول: لا تعليق.

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

6 min read

0

1

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page