top of page

(1717) 15/2/2021 إن من «الغباء الديني» أن تتبع «قرآنيًا أو ملحدًا»

يناير 27

5 min read

0

1

0

فمن أصول البحث العلمي، الذي يقوم به الإنسان في أي مجال من مجالات العلوم المختلفة:

* تحديد معاني المصطلحات المستخدمة في البحث تحديدًا دقيقًا.

* تحريرها من أي لبس أو شبهة تتعلق بها.

* ذكر المصادر العلمية التي وردت فيها معاني هذه المصطلحات.

# أولًا:

١- عندما فكرت في تأليف كتاب عن تفاعل رسول الله محمد، عليه السلام، مع آيات الذكر الحكيم وأحكامها، كان الإشكال في اختيار العنوان الذي يدل على موضوع الكتاب.

وبعد جهد في البحث عن عنوان مناسب، وجدت أن الأفضل استخدام مصطلح «السُنّة» بمعناه اللغوي القرآني، ومصطلح «النبوة» بمعناه اللغوي القرآني، فكان «السُنّة النبوية».

ولإزالة اللبس الذي ممكن أن يحدث نتيجة الخلط بين هذا العنوان والمصطلح التراثي الروائي المعروف، قمت بإضافة جملة «قبل ظهور الفرق والمذاهب» إلى «السُنّة النبوية».

ولم أكتف بذلك، فذكرت في مقدمة الكتاب بيانًا تفصيليًا للمقصود بهذا العنوان، ثم قلت في خلاصة هذه الدراسة:

إنه وفق المنهج العلمي الذي قامت عليه هذه الدراسة في استخلاص السنن النبوية من القرآن الحكيم، فقد بلغ عدد الآيات المستخلص منها هذه السنن ١٧٩٠ آية، أي أن الكتاب لم يذكر من السنن غير ٢٩٪ فقط من مجموع آيات الذكر الحكيم.

٢- ولذلك لا علاقة مطلقًا بين مفهوم «السُنّة النبوية» بالنسبة للتوجه «نحو إسلام الرسول»، ومصطلح «السُنّة النبوية» التراثي المذهبي، أو ما يُسمى بـ «مرويات السُنّة»، فهما لا ينطلقان من قاعدة واحدة، ولا يلتقيان في أي نقطة.

فقد ورث المسلمون مصطلح «السُنّة النبوية» مذهبيًا، حسب فهم أئمة سلف كل فرقة لمعناها، وحسب مدارس الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف لمروياتها، وكان يجب أن يتوارث أتباع كل فرقة هذا المصطلح على النحو التالي:

(أ): «السنة النبوية» بفهم أئمة وفقهاء «أهل السُنّة»

(ب): «السنة النبوية» بفهم أئمة وفقهاء «الشيعة»

وهكذا باقي الفرق والمذاهب العقدية والفقهية.

٣- ولذلك أتعجب كل العجب، عندما يستخدم القرآنيّون والملحدون والتنويريّون، وأحيانا السلفيّون، مصطلح «السنة النبوية» دون أن يقولوا لنا عن أي سنة نبوية يتحدثون.

إنهم يتفقون على أن «السنة النبوية» هي: تطبيق النبي للفرائض والعبادات والتكاليف القرآنية، كالصلاة مثلا.

ويختلفون عندما يتعاملون مع مرويات «السُنّة النبوية» بين مقدس لها ومنكر ومصحح ومضعف، فإذا قال المُنكر إن سُنّة النبي لا تنسخ القرآن ولا تخالفه ولا تهيمن عليه ولا تستقل بالتشريع:

خرج المئات يصفقون له ويُعجبون بإنكاره لشيء لا وجود له أصلًا في «دين الإسلام» الذي حملته «آية» رسول الله محمد «القرآنية العقلية»، والذي لا يجب أن يشغل بال المؤمنين المسلمين العقلاء.

# ثانيًا:

فإذا ذهبنا إلى المسلمين «الملحدين»، الذين يتبرؤون من أسمائهم الإسلامية، بدعوى أنهم لم يختاروها بإرادتهم، لا نجد لأحد منهم مشروعًا فكريًا يقوم على «منهجية علمية» كالمشاريع الفكرية للملحدين غير المسلمين.

١- عندما تقرأ لـ «ملحد غير مسلم» موضوعًا، تجده يضع لك تعريفًا دقيقًا للمصطلحات التي يستخدمها، لأنه يعلم من هم الذين يقرؤون له ومستواهم الثقافي والعلمي.

فإذا قرأت لـ «مسلم ملحد» موضوعًا، تجده يستخدم مصطلحات فلسفية منقولة عن فلاسفة الإلحاد غير المسلمين ولكن بـ «غباء ديني» فتجده لا ينقل معنى المصطلحات وماذا يقصدون بها.

٢- فماذا تفهم عندما تقرأ على سبيل المثال هذه العبارة المترجمة:

«إذا هُدمت الخرافة ستظهر الحقيقة»

فما معنى «الخرافة» التي يقصدها الكاتب، وما هي «الحقيقة» وكيف نتعرف عليها عندما تُهدم الخرافة؟!

فمنذ قرون من الزمن وإلى يومنا هذا، وهناك من يهدمون «خرافة» التراث الديني ومرويات السنُّة، وماتوا ولم تظهر لهم «الحقيقة» وأن على المسلمين إعادة الدخول في «دين الإسلام» من جديد.

٣- ومن «الغباء الديني» الاعتقاد بأن الله فرض الصلوات الخمس في رحلة «الإسراء والمعراج»، وبناء عليه يكفر «الغبي» بالصلاة ويُلحد في آيات الله على أساس أن «دين الإسلام» خرافة، والحقيقة أن هذه «الرحلة التراثية» من أساطير الأولين، ولا علاقة لها بـ «دين الإسلام».

٤- ومن «الغباء الديني» استغفال قلوب الناس بالقول إن في «دين الإسلام» عقوبة اسمها «قتل المرتد» وأنها «حقيقة»، والحقيقة أن هذه العقوبة «خرافة» من أساطير الأولين، فالله تعالى يقول:

* «وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ»:

* «فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ»

– أي يمت موتة طبيعية وهو مُصرّ على الردّة، ولم يقل «فيقتل وهو كافر»، فهذه هي عقوبة هذا المرتد:

* «فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»

* «وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»

# ثالثًا:

عندما يسأل «ملحد» إنسانًا يؤمن بحجية «القرآن» ويقول له:

«ما الدليل على أن «القرآن» الذي تؤمن به، نزل به «جبريل» على رجل بصحراء الحجاز ليبلغه إلى كل مكان على الكوكب:

بلسان لم يفهمه قومه الذين نزل بلسانهم، ثم لماذا لم يُنزل إلهك رسالته على الناس جميعًا دون وسيط، ألم يقل إنه «عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»؟!

* أقول:

١- إن السائل لا يعلم كيف يدير حوارًا علميًا حول «حجية القرآن» على العالمين، ولذلك بدأ بالسؤال عن «جبريل» وليس عن:

(أ): من هو «الله»:

إن هذا السؤال يحتاج إلى كتاب لبيان استحالة أن يكون لهذا الوجود «إله» غير «الله» الواحد الأحد:

– الذي أنزل رسالاته على رسله.

– كلٌ بلسان قومه.

– وأيد كل رسول بالآية الدالة على صدق «نبوته».

– والتي يستحيل أن يأتوا بمثلها.

(ب): إن الله تعالى هو الذي أنزل «القرآن» على رسوله محمد:

وأخبر «الناس جميعًا» في هذا القرآن، بأنه هو «الإله» الذي خلقهم وخلق كل شيء في هذا الوجود:

* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

وقال للكافرين والمشركين والملحدين الشاكّين في أنه «الإله الحق»:

* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا»:

* «فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»

* «وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ – إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»

– ولبيان استحالة أن يأتوا «بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»، قال الله لهم من باب الإثارة والتحفيز:

* «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ – وَلَن تَفْعَلُواْ»:

* «فَاتَّقُواْ النَّارَ – الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ – أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»

(ج): وقد نزل هذا القرآن عن طريق «جبريل».

إن «جبريل» هو «الروح الأمين» الذي نزل فيه قول الله تعالى:

* وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ – قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي – وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً»

و«جبريل» هو الذي أنزل القرآن على قلب رسول الله محمد:

* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ – بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»

٢- وعندما يؤمن الإنسان بدلائل الوحدانية، ويُقر بصدق «الوحدانية»، ويدرس كتاب الله الخاتم دراسة علمية جادة للوقوف على «الآية القرآنية العقلية» التي حملها الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد:

يستحيل أن يسأل:

كيف يكون القرآن رسالة الله للناس جميعًا وينزل «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ» لأنه يعلم من خلال دراسته للقرآن، أن رسالة كل رسول تنزل بلسان قومه:

* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ»

– والسبب: «لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»:

– وبيان الهدى والضلال يتوقف على اتباع القوم للرسالة التي نزلت بلسانهم:

*«فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»

٣- فهكذا يكون الحوار العلمي مع «الملحدين»، وليس هذا «الجدل العقيم» الذي تخصصوا فيه لتغييب قلوب التابعين لهم، الذين لا يعرفون الفرق بين الحقيقة والخرافة:

* ومن يريد التحقق من ذلك يطلع على تعليقات المتابعين لهم.

# رابعًا:

فإذا ذهبنا إلى «القرآنيّين» نجد أن من «الغباء الديني» الأكثر إلحادًا:

١- أن يخلو القرآن من معاني ومُسمّيات كلماته «الاسم والفعل والحرف»، ومع ذلك يذهبون إلى الآيات التي تتحدث عن البيان والتفصيل في القرآن، كقول الله تعالى:

* «تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ – وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ»

ويُلحدون في معناها، ويُسقطونها على مدلولات ومُسمّيات كلمات القرآن الموجودة خارج القرآن، الأمر الذي يستحيل أن يصدقه مؤمن عاقل.

٢- واللافت للنظر والغريب حقًا، أن هؤلاء القرآنيّين هم أصحاب البدعة الإبليسية في التلاعب بعدد الصلوات التي فرضها الله تعالى على المؤمنين:

هذه الصلوات التي لم يستطع إبليس نفسه أن يقوم بتحريف عددها أو عدد ركعاتها أو مواقيتها، منذ عصر التنزيل وإلى يومنا هذا، ولذلك كان من مظاهر وعلامات هذا «الغباء الديني»:

(أ): أن معنى ومُسمّى كلمة «الصلاة» لا وجود له أصلًا داخل القرآن، فمن أين عرف «الأذكياء» ماهية الصلاة التي يصلّونها؟!

(ب): أن الآيات المتعلقة بمواقيت الصلاة:

* «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»

* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً»

جاء الأمر فيها لـ «رسول الله»، ولا توجد قرينة في الآيتين دالة على أن الأمر لـ «الَّذِينَ آمَنُواْ» كما هو الحال في كثير من الأحكام، خاصة وأن فريضة الصلاة من الفرائض التي جاء بيان أهميتها في كثير من الآيات.

(ج): عندما أراد الله أن يوجه الأمر بـ «الصلاة» إلى «الَّذِينَ آمَنُواْ» قال تعالى «الجمعة / ٩»:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:

* «إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ»

* «فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ»

فكيف يفهم «القرآنيّون» هذا الإشكال، وعلى أي أساس يقيمون صلواتهم، وهم يكفرون بـ «منظومة التواصل المعرفي» التي حملت لشعوب العالم «مُسمّيات» الكلمات التي تنطق بها ألسنتهم؟!

(د): الحقيقة أن «الغباء الديني» نعمة لقوم ونقمة على قوم:

* نعمة لـ «الأغبياء» الذين لا يدرون ماذا يفعلون.

* نقمة على «العقلاء» الذين استحوذ عليهم الشيطان فأدخلهم معه النار.

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

5 min read

0

1

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page