top of page

(1718) 16/2/2021 «قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي – قَالُواْ أَقْرَرْنَا»

يناير 27

5 min read

0

0

0

إن الدارس لآيات الذكر الحيكم، المتدبر لدلالات كلماتها التي حملت أحداث عصر التنزيل، يعلم أن الله تعالى يخاطب ثلاث فئات ورد ذكرهم في أول سور البقرة:

* المتقين:

الذين دخلوا في «دين الإسلام»، مخلصين لله الدين، وقلوبهم بيضاء، وهؤلاء يرد ذكرهم في سياق «الترغيب» والنصرة والتأييد والرحمة والبشرى بنعيم الجنة.

* الكافرين:

الذين أصروا على عدم اتباع رسول الله محمد، وهؤلاء يرد ذكرهم في سياق «الترهيب» والوعيد وإحباط العمل والبشرى بعذاب جهنم.

* المشركين:

الذين قالوا آمنا ويُشركون مع الله آلهة أخرى، ولم يدخل الإيمان قلوبهم، ومنهم من أظهروا «الإسلام» وأبطنوا الكفر وهم «المنافقون»، وهؤلاء مثلهم مثل الكافرين في «الترهيب»، إلا أنهم في الدرك الأسفل من النار.

# أولًا:

١- إذا جمعنا الآيات التي تهدد وتحذر الكافرين والمشركين والمنافقين من نار جهنم، والتي تصف عذابهم في جهنم، مع الآيات التي حملت عقوبات للمخالفين لأحكام القرآن، ومنها ما يجب أن تشهده طائفة من المؤمنين كـ «عقوبة الزنى»، ومنها:

* «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ – وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً – أَن يُقَتَّلُواْ – أَوْ يُصَلَّبُواْ – أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ – أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ – ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا – وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»

ثم وضعنا كل هذه الآيات في كتاب، لا شك أن الذي يقرأ هذا الكتاب سيصاب بـ «الاكتئاب»، ويصف المتبعين لـ «أحكام لقرآن» بـ «الدواعش»، ويُشعر بمدى قسوة هذا الدين الذي لا يوجد في الحقيقة اليوم غيره واجب الاتباع، لقول الله تعالى «آل عمران / ٨٥»:

* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

حتى هذه الآية نفسها، تجعل من لم يؤمن برسول الله محمد، ولم يتبع رسالته، ولم يعمل بأحكامها، «فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» أي في نار جهنم.

٢- والسؤال:

ومن أين جئنا بأن معنى «الإسلام»:

هو «الدين» الذي نزل به كتاب الله الخاتم، وحمل «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والذي أمر الله الناس جميعًا باتباعه؟!

والجواب:

إذا تدبرنا السياق الذي وردت فيه الآية السابقة «آل عمران / ٨٥»، والذي يبدأ بقول الله تعالى «آل عمران / ٨١»:

* «وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ»:

* «لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ»:

* «ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ»

٣- ومن أساليب القرآن البلاغية، أنه يخاطب «الأنبياء» ويقصد «أتباعهم» المعاصرين لرسول الله محمد، يأمرهم:

* «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ»

– وكما أن الله تعالى قال لـ «الأنبياء»:

* «قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي»

– وأجابوا:

* «قَالُواْ أَقْرَرْنَا»

ـ وقال لهم:

* «قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ»

ـ إذن فعلى أتباع «الأنبياء» المعاصرين لرسول الله محمد أن يقولوا «أَقْرَرْنَا»، ويؤمنوا به وينصرونه، ومن لم يفعل:

* «فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ – فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

٤- ثم بيّن الله تعالى أنه لا دين إلهي واجب الاتباع بعد بعثة رسوله محمد غير «دين الإسلام» الذي حمله كتابه الخاتم القرآن الكريم:

* «أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ – وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ – طَوْعاً وَكَرْهاً – وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»

– ثم بيّن الله تعالى أن من أصول الإيمان التي قام عليها «دين الإسلام» الإيمان بجميع الأنبياء والرسل، وأمر رسوله محمدًا أن يعلن ذلك:

* «قُلْ – آمَنَّا بِاللّهِ – وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا – وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ – وَإِسْمَاعِيلَ – وَإِسْحَاقَ – وَيَعْقُوبَ – وَالأَسْبَاطِ – وَمَا أُوتِيَ مُوسَى – وَعِيسَى – وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ – لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ – وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»

وهذا هو ما أكدته الآية «البقرة / ٢٨٥»:

«آمَنَ الرَّسُولُ – بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ – وَالْمُؤْمِنُونَ – كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ – وَمَلآئِكَتِهِ – وَكُتُبِهِ – وَرُسُلِهِ – (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) – وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا – غُفْرَانَكَ رَبَّنَا – وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»

٥- ولذلك ختم الله سياق الآيات «آل عمران / ٨١-٨٥» بقول تعالى:

* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

ـ واللافت للنظر، أن يحمل نفس سياق هذه الآيات مصير الكافرين بـ «نبوة» رسول الله محمد، الذين شهدت قلوبهم بصدقها بعد أن شاهدوا بأعينهم عجز الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، فيقول الله بعد ذلك «آل عمران / ٨٦»:

* «كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ – وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ – وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ – وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»

* «أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ – أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ – وَالْمَلآئِكَةِ – وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»

* «خَالِدِينَ فِيهَا – لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ – وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ»

– ومازال باب التوبة مفتوحًا:

* «إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ – مِن بَعْدِ ذَلِكَ – وَأَصْلَحُواْ – فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ»

والسؤال:

فهل تاب أهل الملل المختلفة، ودخلوا في «دين الإسلام» من باب الإقرار بصدق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة لهم اليوم، والدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد؟!

والجواب:

لم يحدث، ولا حتى الـ 99.99 % من المسلمين، والسبب:

# ثانيًا:

١- منذ قرون مضت، والمسلمون يخرجون من بطون أمهاتهم في أحضان أسر وبيئات ومجتمعات لا تحكم بما أنزل الله، فألفت قلوبهم شرك التفرق في دين الله، وأصبح المنكر معروفًا، وخرجوا مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ، وعاشوا مَعِيشَةً ضَنكاً في ذيل التقدم الحضاري.

والله تعالى يقول لرسوله محمد:

* «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً»:

* «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»:

* «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»:

* «أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ»:

* «فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً»:

* «ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا»:

* «وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً»:

٢- ألم يتخذ المسلمون آيات الله «هُزُواً» بتفرقهم في الدين وبقولهم وهم سكارى «الله أكبر» لا يعلمون ما يقولون في صلاتهم، والله يقول لهم:

* «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:

* «لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى»

* «حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ»؟!

وهم «سُكَارَى» ليس بسبب «الخمر» وإنما بسبب «الشرود الذهني»؟!

٣- ألم يتخذ المسلمون رسولهم «هُزُواً» عندما قالوا إنه كان سنيًا، وكان شيعيًا، وكان معتزليًا، وكان إباضيًا؟!

ألم يعلموا من كتاب الله أن «التفرق في الدين» شرك بالله تعالى:

* «وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ – مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!

ألم يعلموا بوجوب الاعتصام بحبل الله جميعًا والنهي عن التفرق:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»

(أ): «اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ – وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ»

– فهل الذين ماتوا على ملة التفرق في الدين، ماتوا على «دين الإسلام» أم على «دين الشيطان»؟!

(ب): «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ»

٤- فهل اعتصم الملياران مسلم بحبل الله أم أصروا على التفرق في الدين؟!

* «وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ»

– إن «نعمة الله» التي ألفت قلوب المشركين الأعداء وجعلتهم «يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً» هي نعمة إقرارهم بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد:

فهل هذه النعمة قائمة بين الناس وبين المسلمين اليوم، كما كانت في عصر التنزيل:

* «فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً»

– ألم يدخل المسلمون بأرجلهم إلى حفرة النار التي أنقذ الله الجيل الأول منها:

* «وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ – فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا»

– ومع ذلك يقول الله تعالى لهم من باب البيان والتفصيل القرآني:

* «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ – لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»

فهل اهتدوا؟!

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

5 min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page