

(1722) 20/2/2021 رسالة إلى الأمهات والآباء
يناير 27
4 min read
0
2
0
عندما يكون «عقد النكاح» هو السبب الرئيس لانحراف الأبناء عن «صراط ربهم المستقيم»
# أولًا:
١- يولد الأبناء بفطرة نقية وصفحة بيضاء يكتب فيها الوالدان، وتكتب فيها البيئة المحيطة، ما يُحدد مستقبلهم في الدنيا والآخرة.
ولبيان أن هذا الوجود البشري قام على «آية التوالد» التي ما كان لها أن تحدث بمعزل عن «آية الزواج»، أَقْسَمَ الله تعالى بـ «الوالد وما ولد»:
* «لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ – وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ – وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ»
ونلاحظ أن كلمة «وَالِد» جاءت نكرة فلم يقل الله تعالى «وَالوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ»، والسبب بيان أن السياق يتحدث عن أيّ والد وأيّ ولد بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الملة.
كما نلاحظ مجيء «وَمَا وَلَدَ» وليس «ومَنْ وَلَد» التي يخاطب بها العقلاء، والسبب بيان أن ميزان الحساب في الآخرة يزن «ما» في القلوب وليس «مَن» هم أصحابها.
٢- إن كلمة «ما» التي وردت في الآية «وَوَالِدٍ – وَمَا وَلَدَ»، تُبيّن أن قيمة «الوالد» عند الله في «ما ولد» وليست في «من ولد»، فهي قيمة «معنوية» وليست «مادية»، إنها القيمة الدينية في «الآخرة» وليست التي عند الناس في «الدنيا».
وبناء عليه، يجب أن ندرك القيمة العليا التي حملها القسم الإلهي «لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ»، وذلك لأنه عندما يكون القسم بعظيم، ويُقسم الله بآية التوالد «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» التي قام عليها الوجود البشري:
علينا أن ننتبه إلى أن «آية التوالد» التي تسبقها «آية الزواج» تحتاج عند تفاعلها مع واقع الحياة إلى صبر ومصابرة، والسبب:
* «لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَان فِي كَبَدٍ»
وطالما أن الإنسان سيعيش في مكابدة وكدح:
«إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ»
إذن فلماذا لا يجعل الإنسان حياته في سبيل الله «كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ» ليجني ثمارها في الآخرة «فَمُلاَقِيهِ»؟!
٣- فهل قامت «عقود النكاح» بين المسلمين على الفهم الواعي لحقيقة هذه الدنيا، وأن «آية التوالد» تسبقها «آية التزاوج» فإذا لم يُحسن الزوجان الاختيار «وَوَالِدٍ» فإن الضحية هي «وَمَا وَلَدَ»:
* ذلك أن ما قام على باطل لا يُثمر إلا باطلًا؟!
# ثانيًا:
يتمنى الناس أن يرزقهم «الإله» الذي يعبدونه بـ «الذرية الصالحة» في الدنيا، وبصرف النظر عن هذا «الإله» الذي يعبدونه، وهل هو الهوى، أم إبليس، أم هو «الله» الذي خلق هذا الوجود وخلق الناس جميعًا:
١- يقول الله تعالى «الأعراف / ١٨٩-١٩٠»:
* «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ»
وطالما أن لم يحدث، منذ خلق الله هذا الوجود، أن ظهر إنس أو جان يدعي أنه هو الذي خلق هذا الوجود، فإن السؤال:
* لماذا لا يعرف الناس ربهم إلا في المحن والشدائد:
«فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ – دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ – فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ – إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ»؟!
ثم لماذا تقوم معظم «عقود النكاح» بين المسلمين على «الشرك بالله»، وهم لا يشعرون، هل فهموا معنى أمر الله تعالى بـ «امتحان» المرأة المهاجرة للتأكد من صدق إيمانها قبل فسخ عقد نكاحها بزوجها الكافر:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»:
– «إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ»
– «فَامْتَحِنُوهُنَ ّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ»
– «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ»
– «فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ»
– «لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ»؟!
٢- نستكمل سياق «الأعراف / ١٨٩-١٩٠» وبيان فعاليات أسماء الله الحسنى، وماذا بعد أن خلق الله الناس «مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ»:
«وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا»
أن الهدف من «الزواج» هو تحقق السكن والسكينة، «لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا»، الأمر الذي لن يحدث إلا إذا كان القلبان على ملة واحدة، سواء كانت ملة الكفر، أو الشرك، أو النفاق، أو ملة الوحدانية.
وحديثنا عن «عقد النكاح» القائم على «ملة الوحدانية» التي يجب العمل بـ «مقتضياتها» وإلا ما كانت «وحدانية».
ومن منطلق وجوب العمل بمقتضيات الوحدانية لتتحقق «سكينة القلب» أمر الله تعالى النبي محمدًا، عليه السلام، أن يقول لأزواجه:
* «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزْوَاجِكَ»:
* «إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ – الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا – فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً»
ذلك أن «عقد النكاح» ليس عقد استمتاع بـ «الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا»، ولذلك يفسد كل عقد قام بهدف الاستمتاع بالحياة الدنيا ولم يقم على السعي للفوز بسعادة الآخرة وهو «مؤمن»:
* «وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ – وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا – وَهُوَ مُؤْمِنٌ – فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً»
والسؤال:
كيف يُعقد باسم «دين الإسلام»، قران امرأة مصرة على عدم الالتزام باللباس الشرعي، «الخمار والجلباب»، ويوافق الرجل على ذلك، ثم بع د أن يعلما أن العقد باطل، يبحثان عن حكم «وَمَا وَلَدَ»؟!
٣- «فَلَمَّا تَغَشَّاهَا – حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً – فَمَرَّتْ بِهِ»
فماذا تعني كلمة «تَغَشَّاهَا»، ولماذا لم يستخدم السياق لفظ المباشرة «فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ» التي يُقصد بها «الجماع» الموصل إلى الحمل «حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً»؟!
إن الغشاء والغاشية شيء يستر ما تحته، ويُطلق على ما يستظل به الإنسان، وهي هنا كناية عن المباشرة «الجماع»، ولكن المقصود من استخدم كلمة «تَغَشَّاهَا» في هذا السياق بيان امتزاج قلبين وليس التقاء جسدين.
ونلاحظ أن كلمة «حَمْل» بفتح الحاء، غير كلمة «حِمْل» بكسرها، فالأولى تطلق على ما حَمَلته الْمرأة في بطنها، والثانية تطلق على ما يحمله الإنسان من أحمال أو أفكار أو مشاعر.
ووصف الحَمل بأنه «خفيف» لبيان خفة الحمل في أوله عندما تتحول النطفة إلى علقة ثم إلى مضغة، وفي هذه الفترة يسهل على المرأة الحامل التحرك دون مشقة.
٤- «فَلَمَّا أَثْقَلَت – دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا – لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً – لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ»
وفي هذه الفترة من الحمل، وبعد التأكد من ثباته، يبدأ الزوجان في الاهتمام بهذا «الحَمل»، ويتجهان بالدعاء إلى «الإله» الذي يعبدونه، أن يجعل هذا «الحَمل» صالحًا، وهم يقصدان صلاح الدنيا لأنهما «مشركان» أصلا:
٥- «فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً – جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا – فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ»
لقد فتن الله تعالى المشركين الذين اتخذوا آلهة بدعوى أنها تقربهم إلى «الله» زلفى، فُتنوا بتحقيق ما طلبوه، وهي مسألة يقع فيها معظم الناس الذين لا يعرفون ربهم إلا عند «البلاء» ثم بعد أن يرفعه الله عنهم، ينسبون إلى أنفسهم أو إلى غيرهم أو إلى الظروف «الرخاء» وليس إلى الله تعالى.
إن القضية الأساس التي يجب أن يضعها المسلمون نُصب أعينهم، ولا يقيمون «عقود النكاح» إلا على أساسها، هي قضية:
* «وَوَالِدٍ – وَمَا وَلَدَ»
فمصير «الولد» في الدنيا والآخرة بيد «الوالدين»، ولا نضحك على أنفسنا بـ «الدعاء» ليل نهار بـ «صلاح» الأولاد، فكيف يستجيب الله دعاءنا إذا لم يدخل الإيمان قلوبنا؟!
٦- عندما يولد الأولاد:
(أ): في بيئة إيمانية.
(ب): تعرف ما هو «العمل الصالح» القائم على «مقتضيات الوحدانية».
(ج): تحافظ على فطرة الأولاد النقية.
(د): تعمل على نمو بذور الإيمان في قلوبهم.
(هـ): تجعلهم لا يصاحبون إلا «المتقين»
(و): ويخرجون إلى الدينا ثمرة «آية التوالد» من أم «مؤمنة» وأب «مؤمن»، دخلا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح وعرفا الطريق إلى سعادة الآخرة قبل نعيم الدنيا:
هنا يستحيل أن ينحرف الأولاد عن صراط ربهم المستقيم، سواء كان ذلك عند تعاملهم مع العالم الداخلي، أو عند تعاملهم مع العالم الخارجي «الإنترنت».
والسؤال:
هل لـ «الجينات الوراثية» علاقة بانحراف الأولاد عن صراط ربهم المستقيم؟!
في المقال القادم.
محمد السعيد مشتهري



