top of page

(1723) 21/2/2021 براءة «الجينات الوراثية» من تربية الأولاد «الشيطانية»

يناير 27

6 min read

0

0

0

يقول الله تعالى:

* «وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ»:

– «يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ»

– «إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ»

– «وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ»

يعيش أكثر أهل الأرض أسرى تدينهم الوراثي، تماما كما يعيش 99.9 % من المسلمين، وقليل من يقفون وقفة مراجعة علمية لتبيّن حقيقة تدينهم، ومدى موافقته للحق الذي أنزله الله في كتابه الخاتم الذي حمل آية رسوله محمد القرآنية العقلية:

* «إِلاَّ – الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ – وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ»

وتكمن أزمة شعوب العالم في تبعية الطفل لوالديه، وخاصة «الأم» في فترة حضانته وارتباطه العاطفي بها، الأمر الذي يجعله أسير ملتهم ليس فقط حتى يبلغ النكاح ويكتمل رشده، وإنما حتى وفاته وهو يدافع عن تدينه الوراثي ويقاتل في سبيله.

لقد خلق الله تعالى الإنسان بآليات التعقل والتفكر والتدبر والنظر … إلى آخر آليات عمل القلب، والتي تجعله مسؤولًا مسؤولية كاملة عن تدينه، فلماذا يتنازل عن هذه المسؤولية لآبائه، ويجعلهم يقومون بتفعيل آليات عمل قلبه نيابة عنه، فيُفكّرون ويعقلون ويتدبرون نيابة عنه؟!

فهل الأزمة في الأبناء الذين تنازلوا عن إنسانيتهم لآبائهم؟!

أم في الآباء الذين قبلوا التنازل وكانوا سعداء به؟!

# أولًا:

عندما يقوم الوالدان بتربية الأولاد وسهر الليالي لرعايتهم الصحية وتعليمهم أحسن تعليم، ويقبلان الابتزاز العاطفي منهم من أجل تلبية طلباتهم، وبيع ما يملك الوالدين من أجل سعادة أولادهم وحصولهم على المناصب العليا … ثم تكون النتيجة:

أن ينشغل الأولاد ببيوتهم وبأولادهم، ويتركوا الوالدين أو أحدهما، بعدما تقدم بهما العمر، دون رعاية نفسية وصحية واجتماعية، وقد أمرهم الله بعدم تركهما «مطلقا»:

«إِمَّا يَبْلُغَنَّ – (عِندَكَ) – الْكِبَرَ – أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا – فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ – وَلاَ تَنْهَرْهُمَا – وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً»

كما أمرهم بعدم «التأفف» لأي سبب كان حتى وإن لم يتلفظوا بكلمة «أُفٍّ»، فماذا عن الأولاد الذين يضعون الوالدين، أو أحدهما، في مصحة أو في دار مسنين «كي يُريحوا بالهم» من همّهما؟!

وعندما يصل الحال بالأولاد إلى هذا «العقوق البيّن» يصبح من حق «إبليس» أن يتقدم للحصول على جائزة نوبل في «التزيين والإغواء الشيطاني»، وأنا متأكد أنه سيحصل عليها مع مرتبة الشرف الأولى.

والسؤال:

لقد كانوا في «الجاهلية الأولى» يدفنون الإناث وهن أحياء لأنهن يجلبن للوالدين المصائب، أما في «الجاهلية المعاصرة» فقد أصبح الذي يجلب المصائب للوالدين الذكور قبل الإناث، فهل ندفنهما معًا؟!

والجواب:

نجده عند إبليس وشياطينه من الإنس والجن، فهو الذي زيّن للناس الباطل ليصبح حقًا، وزيّن لهم المنكر ليصبح معروفًا، وصَنَعَ لهم شمّاعات يُعلّقون عليها سوء تربيتهم لأولادهم، ومن هذه الشماعات «شماعة الجينات الوراثية».

# أولًا:

لقد مكثت سنوات أسأل نفسي:

١- هل يمكن لشياطين الإنس والجن التحكم في إرادة الإنسان واختياراته، فيفعل ما لا يريد فعله، ويحدث له ما لا يتخيله، وتصبح المرأة حاملًا فتقول لزوجها الغائب عنها منذ سنة، إنها حملت من «جني»؟!

٢- ثم هل عدم التزام الأولاد بما أمرهم الله به يرجع إلى «الجينات الوراثية» المتحكمة في إرادتهم وتصرفاتهم:

(أ): فالأبن يرث الكفر والشرك والنفاق عن أبيه.

(ب): والبنت ترث التحلل والتبرج و«الزنى» عن أمها، وإذا بالمثل الشعبي يقول:

«اقلب القدرة على فمها – تطلع البنت لأمها»؟!

(ج): وهل كان نوح، عليه السلام، هو أول من اكتشف فعالية «الجينات الوراثية» المتحكمة في إرادة الإنسان وتصرفاته، عندما دعا ربه:

* «وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً»:

* «إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ»

– ثم إذا به يتحدث عن «الجينات الوراثية» فيقول:

* «وَلاَ يَلِدُوا – إِلاَّ – فَاجِراً – كَفَّاراً»؟!

ثم يأتي موسى، عليه السلام، فيقول لربه:

* «رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ – وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ – فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ»

٣- ولذلك كنت أقف حائرًا أمام قول الله تعالى:

* «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ»

فكيف يُغيّر القوم ما بأنفسهم وهناك «ما» و«من» يتحكمان في هذه الأنفس دون إرادة من أصحابها ودون اختيار، إنها لم تعد ملكًا لهم؟!

وظلت هذه الحيرة في قلبي إلى أن ظهر:

«علم ما فوق الجينات = ما فوق الوراثة = الإيبيجينيتك»

# ثانيًا:

١- هل عندما قال نوح، عليه السلام، في دعائه:

* «وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً»

هل كان يعلم أن المولود يتربى في بطن أمه على الكفر فيخرج إلى الدنيا كافرًا؟!

أم كان يستخدم «أسلوبًا مجازيًا» يُعبّر عما في نفسه، بعد أن استنفد طاقته وجهده في دعوة قومه، حتى وصل به الحال إلى أن قال لربه:

* «قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً»

* «فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً»؟!

٢- لقد كان «نوح» يقصد بيان أثر البيئة على تربية الإنسان، فإن كانت «كافرة» فإن المولود سيولد في أحضان الكفر، ويبلغ النكاح والرشد وهو «كافر»، والعكس لو كانت «مؤمنة».

إن المولود إذا تربى في بيئة «كافرة» يتشرب قلبه الكفر، ويتزوج «كافرة»، ويُنجبان «كفارًا»، ويتوارث الناس «الكفر» جيلًا بعد جيل، وكذلك الحال بالنسبة للبيئة «المؤمنة»:

إذن فالسؤال:

هل خلق الله تعالى الإنسان مخيرًا أم مسيرًا؟!

وعلى أي أساس يُدخل الله فريقًا من الناس النار، وفريقا يدخله الجنة، والناس جميعًا لم يختاروا يوم ولدوا تدينهم بإرادتهم؟!

٣- لقد أثبت العلم الحديث وجود ما يُسمى بـ:

«عوامل الوراثة فوق الجينية – Epigenetics»

وهذه العوامل الوراثية يكتسبها الإنسان من البيئة التي تربى فيها، ولكنها لا تُحدث تغييرًا في «التركيب الجيني» نفسه، لأن عملها يقتصر على تفعيل «تنشيط» الجينات «الخاملة» أو إيقاف «تثبيط» الجينات «النشطة».

ولذلك هناك فرق بين «علم ما فوق الجينات» و«علم الجينات»:

(أ): إن «علم ما فوق الجينات» يدرس العوامل الخارجيّة والبيئيّة التي تُنَشّط أو تُثَبّط عمل الجينات، دون أي تغيير في «سلسلة الحمض النوويّ – DNA».

(ب): أما «علم الجينات» فيدرس التغيّرات التي تحدث في «سلسلة الحمض النوويّ» نفسه.

والذي يهمنا في هذا المقال هو «علم ما فوق الجينات» الذي يتعامل مع العوامل الخارجية الناتجة عن البيئة التي تربى فيها الإنسان، وكان لها تأثير في تفعيل «تنشيط» بعض الجينات «الخاملة» أو إيقاف «تثبيط» الجينات «النشطة».

# ثالثًا:

إن عملية التفعيل «التنشيط» والإيقاف «التثبيط» التي تغيّر من عمل «الجينات» نتيجة العوامل البيئية المختلفة، تحدث في الوجود دون أن يشعر بها الناس:

مثال:

عندما يتعرض جسم الإنسان لأشعة الشمس المباشرة فترة طويلة، تقوم «العوامل فوق الجينات» بتفعيل «الجين» المسؤول عن تلوين الجلد، فيزاد نشاطه ويُفرز صبغة «الميلانين» التي تُلوّن الجلد، فإذا ابتعد عن الشمس، تعود البشرة تدريجيًا إلى ما كانت عليه.

وهنا يجب أن نعلم، أن عودة البشرة تدريجيًا إلى ما كانت عليه، هو خير برهان على أن تغير لونها لم يكن بسبب تغير «تركيب الجين»، وإلا لاستحال أن تعود البشرة إلى ما كانت عليه.

ولذلك أقول:

إن الملل الدينية كلها، الإيمان والكفر والشرك والنفاق، تدخل في عالم «ما فوق الجينات» الذي يمكن تغييره إذا تغيرت بيئته، ولا علاقة لها بعالم «الجينات»:

* وإلا ما استطاع الكافر أن يؤمن، وما استطاع المؤمن أن يكفر.

١- إن فرح الطفل وغضبه تحمله «عوامل الوراثة فوق الجينية» إلى «الحمض النووي»، فإذا «فرح» تقوم هذه العوامل بتفعيل جينات «الفرح» وتثبيط جينات «الغضب»، والعكس.

إن كل شيء يتعرض له الطفل، خلال فترة تربيته، يؤثر على «الحمض النووي» دون تغيير «التركيب الجيني» نفسه، الأمر الذي يجعل إمكانية:

(أ): تغيير ما حملته النفس:

* «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا»

(ب): من الفجور إلى التقوى «أو العكس»:

* «فَأَلْهَمَهَا – فُجُورَهَا – وَتَقْوَاهَا»

(ج): يستطيع أن يقوم بها إي إنسان، بشرط أن يُغيّر البيئة التي يعيش فيها:

* «قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا – وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا»

(د): فإذا تحقق ذلك، تقوم «العوامل فوق الجينية» بتفعيل جينات «التزكية» وتثبيط جينات «التدسية».

٢- وإذا كان «الكافرون» قد ورثوا الكفر بالله وبآياته من «البيئة الكافرة» التي ولدوا فيها، وقامت «العوامل فوق الجينية» بتفعيل جينات الكفر وتثبيط جينات الإيمان.

وورث «المؤمنون» الإيمان والعمل الصالح من «البيئة الإيمانية» التي ولدوا فيها، وقامت «عوامل الوراثة فوق الجينية» بتفعيل جينات الإيمان وتثبيط جينات الكفر.

فعلينا أن نعلم أن الله تعالى لا يظلم أحدا «وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً»، وأن الذي يحدد مصير الإنسان في الآخرة هو الإنسان نفسه، فالذي قرر أن يؤمن بالله ويدخل في «دين الإسلام»:

عليه أن يقوم بتغيير العامل «غير الإيماني» إلى عامل «إيماني» بعدم التواجد في «بيئة» غير إيمانية، عند ذلك ترسل «العوامل فوق الجينية» رسالة تفعيل «تنشيط» للجينات الإيمانية، وتثبيط «إيقاف» للجينات غير الإيمانية.

# رابعًا:

١- وبعد أن شهد العلماء بالحقيقة العلمية المتعلقة بـ «ما فوق الجين»، فهل سيعذر الله الأبناء الذين اتبعوا ملة الكفر تقليدًا واتباعًا لآبائهم، وهو القائل عز وجل:

* «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ»:

– «وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ»

– «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ»

– «قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا»

إذن فانتبهوا لأنكم في خطر:

* «أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ – إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»

٢- فهل وقف «الملياران مسلم» على حقيقة تدينهم الوراثي المذهبي وتفرقهم في «دين الله» ووجدوا أنهم ليسوا من «الغافلين»؟!

ألم يُشرك آباؤكم من قبل، عندما أصروا على مخالفة أمر الله لهم بالاعتصام بحبله وعدم التفرق، وورثتم عنهم «شرك التفرق في الدين»، مخالفين قول الله تعالى بعد ذلك:

* «أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ»:

– «وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ»

– «أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»؟!

والجواب:

«الْمُبْطِلُونَ» في حقيقة الأمر هم «الأبناء» الذين ورثوا الشرك عن آبائهم، وأصروا عليه، في الوقت الذي توجد فيه عشرات الآيات تحذرهم من هذا الشرك:

ثم يدّعون أنهم من حملة القرآن، ويقيمون دورات لـ «تدبر القرآن»، وهم مصرّون على اتباع ما وجدوا عليه آباءهم:

فالسني يتبع سنيًا، والشيعي يتبع شيعيًا، والمعتزلي يتبع معتزليًا، والإباضي يتبع إباضيًا:

* «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»

٣- وإن من رحمة الله تعالى بالناس أن فتح لهم باب التوبة لعلهم يرجعون:

* «وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»

فهل ينجح 99.99 % من المسلمين في تغيير «ما هو كائن» في حياتهم إلى «ما يجب أن يكون»، بتفعيل «تنشيط» جينات «الإيمان» وتثبيط «إيقاف» جينات «شرك التفرق في الدين» والإلحاد في آيات الذكر الحكيم؟!

محمد السعيد مشتهري

مرفق رابط للموضوع أرسلته لي دكتورة منى عسكر:

https://www.youtube.com/watch?v=EoDzXZNetek

يناير 27

6 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page