top of page

(1724) 22/2/2021 «حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ» باتباع «علم ما فوق الجينات»

يناير 27

4 min read

0

1

0

ree

إن التفكر في خلق السماوات والأرض، والنظر كيف بدأ الحق، والوقوف على فعاليات أسماء الله الحسنى في الآفاق والأنفس، هو القاعدة التي يجب أن يعيد المسلمون على أساسها دراسة وتدبر القرآن واستنباط أحكامه، بالاستعانة بعلوم اللغة العربية.

إن المعيشة التي يعيشها المسلمون اليوم، لا علاقة لها مطلقًا بـ «دين الإسلام» الذي لن يقبل الله يوم الحساب غيره، إنها معيشة «التدين الوراثي» الذي يُصر أتباع كل فرقة على التمسك به والدفاع عنه والموت في سبيله.

إن المعيشة التي يعيشها المسلمون اليوم معيشة شعائر ظاهرية بغير قاعدة إيمانية تنطلق منها، معيشة مواسم دينية وتواصل اجتماعي بمنشورات عشوائية وبوستات للآيات قرآنية وأدعية حسب المناسبة … إنها حقا معيشة ضنك.

وانطلاقا من هذه المعيشة الضنك، يستحيل تنشيط وتفعيل جينات الحق والاستمتاع بنور الإيمان وهداية القرآن، إلا إذا عزل الإنسان نفسه عن كل ما يقوم تنشيط وتفعيل جينات الباطل والاستمتاع بما حرّمه الله.

ولذلك نجد كثيرًا من المسلمين يؤمنون بأن تغيير «ما هو كائن» في حياتهم إلى «ما يجب أن يكون» وفق أحكام القرآن، مسألة يستحيل أن تتحقق عمليًا على أرض الواقع.

والسؤال:

أين نذهب بأحكام القرآن؟!

نعم:99.99 % مؤمنون مسلمون، ولكن هل سيدخل الناس الجنة بالإيمان والإسلام؟!

إن المنافقين يرفعون رايات الإيمان والإسلام، وبنوا مسجدا وأقاموا فيه الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، ونهى الله رسوله محمدا أن يقيم فيه:

* «لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً»:

– «لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ»

– «أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ»

– «فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ»

– «وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ»

إن الناس لن تدخل الجنة بالإيمان والإسلام، وإنما بالعمل بـ «مقتضيات الإيمان» و«بمقتضيات الإسلام».

إن الذي يقول في صلاته «الله أكبر» وهو تابع لفرقة من الفرق الإسلامية، عليه أن يعلم أنه من «المنافقين»:

فكيف يقول «الله أكبر»، وقد جعل الفرقة التي ينتمي إليها أكبر من الله، وأكبر من أحكام القرآن، وذلك بإعطاء ظهره لكل الآيات التي حرّمت التفرق في دين الله.

إن العمل بـ «مقتضيات الإيمان» و«بمقتضيات الإسلام» شرط أساس في صحة «عقد النكاح»، وعندما حرّم الله تعالى نكاح المشركين والمشركات، فهذا لا يعني أن نكاح الكافرين والكافرات والمنافقين والمنافقات حلال، فقد وضع الله تعالى القاعدة العامة:

* «وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ»

والسؤال:

١- هل أقام المسلمون «عقود النكاح» على أساس التأكد من أن طرفي العقد يعملان بـ «مقتضيات الإيمان» و«بمقتضيات الإسلام»؟!

٢- ثم هل بعد الإنجاب، بدأ الوالدان يهتمان بتربية أولادهم تربية إيمانية أساسها تقوى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!

٣- هل علّم الوالدان أولادهم وصية لقمان لابنه؟!

(أ): «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ»:

«يَا بُنَيَّ – لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ – إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»

– فكيف يتزوج الابن بعد ذلك مشركة؟!

(ب): «يَا بُنَيَّ – إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ – فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ – يَأْتِ بِهَا اللَّهُ – إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ»

– ويعلمه أن لأسماء الله الحسنى فاعليات في هذا الوجود.

(ج): «يَا بُنَيَّ – أَقِمِ الصَّلاَةَ – وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ – وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ – وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ – إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ»

– فأين فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في بيوت المسلمين؟!

(د): «وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ – وَلاَ تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً – إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ»

– ويعلمه آداب السلوك الإنساني في كلمات.

(هـ): «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ – وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ – إِنَّ أَنكَرَ الأصْوَاتِ – لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»

– طبعا لو قال الأب لابنه اليوم:

«إِنَّ أَنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»

ستقوم الدنيا ولا تقعد، واحتمال أمه تطلب الطلاق، لأنها لا تريد سماع هذه الألفاظ، إذن فأين المشكلة؟!

المشكلة في «علم ما فوق الجينات»

٤- بين الوصية الأولى:

* «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»

والوصية الثانية:

* «يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ»

وردت وصية الله تعالى للأولاد:

* «وَوَصَّيْنَا الإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ – حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ – وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ – أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ – إِلَيَّ الْمَصِيرُ»

– «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ»:

عندما يتعلم الولد منذ صغره، أن الله تعالى جعل الشكر له «اشْكُرْ لِي» على نعمه التي لا تحصى، في منزلة شكر الولد لوالديه «وَلِوَالِدَيْكَ» على ما تحمّلاه من أجله، فإنه سيفعل ذلك مع أولاده عندما يكبر ويتزوج.

* «وَإِن جَاهَدَاكَ – عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ – فَلاَ تُطِعْهُمَا – وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً – وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ – ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ – فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

وهذا معناه أن الولد يجب أن يكون على علم بما هو «الشرك» وما هي «الوحدانية»، وإلا كيف يتحقق هذا النهي «فَلاَ تُطِعْهُمَا»؟!

وهنا تظهر فعالية «علم ما فوق الجينات»، ذلك أن الولد منذ طفولته يكون تابعًا مقلدًا مطيعًا طاعة عمياء للوالدين، فمتى يستطيع أن يقول لهما «لا لن أفعل»؟!

إنه يستطيع أن يفعل ذلك عند بلوغه النكاح واكتمال رشده، وهنا سيكون الأمر عسيرًا جدًا، بل يكاد يكون مستحيلًا، أن يُغيّر ما نشأ وتربى عليه:

ولكن لا مفر من أن يفعل، لأن صفحته البيضاء ستبدأ الكتابة فيها، وحسابه في الآخرة سيكون على ما قدمت يداه منذ بلوغه النكاح، ومع ذلك «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً».

ومصاحبة الوالدين المشركين في الدنيا معروفا، لا تمنع الولد من أن يبدأ في تفعيل وتنشيط جينات الإيمان والعمل الصالح، وتثبيط وإيقاف عمل جينات الشرك:

وذلك عن طريق اتباع ومصاحبة المؤمنين الذين أسلموا وجوههم لله تعالى، الذين يعلمون معنى الإنابة إلى الله وإخلاص العبودية له:

* «وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ – ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ – فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

إن مستودع المعارف الذي تحمله قلوبنا، هو الذي يساعدنا على تنشيط جينات الحق والإيمان والعمل الصالح، وتثبيط جينات الباطل والشرك والعمل الفاسد، ولذلك لن يدخل الجنة إلا من كان قلبه سليمًا.

* «يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ – إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

4 min read

0

1

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page