top of page

(1733) 6/3/2021 «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ – فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ»

يناير 27

4 min read

0

0

0

لقد ختم الله سورة البروج بهاتين الآيتين لبيان أن فعالية قوله تعالى:

* «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

قائمة إلى يوم الدين.

والذِّكْر: وهو الآيات القرآنية التي أنزلها الله على رسوله محمد:

* «قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً – رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ»

مع تفاعل مُسَمّيات كلماتها «مقابلها الكوني» مع آيات الآفاق والأنفس الموجودة خارج القرآن.

# أولًا:

١- قلنا في مقالات سابقة، أن الله لا يُقسم إلا بشيء يكون ذا شأن عظيم:

* «وَانّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظيم»

كقوله تعالى:

* «وَالضُّحَى – وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى – مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى»

(أ): المُقْسِم: الله تعالى.

(ب): المُقْسَم به: «وَالضُّحَى – وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى».

(ج): المُقْسَم عليه: «مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى».

٢- ولابد من وجود صلة بين «المقسم به» و«المقسم عليه»، وأحيانا يُحذف «المقسم عليه» باعتباره معلومًا يُفهم ضمنيًا، كقول الله تعالى:

(أ): المُقْسِم: الله تعالى.

(ب): المُقْسَم به:

* «وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً – سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ – أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ – أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى»

(ج): «المُقْسَم عليه»: محذوف:

فماذا يحدث لو «أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ …»؟!

أي لو حدث هذا لن يؤمن الكافرون، وهذا ما أفاده قوله تعالى:

* «وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ – وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى – وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً – (مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ) – إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ – وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ»

ولذلك قال الله تعالى بعد «المُقْسَم عليه» المحذوف:

* «بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً»:

أي لو شاء الله أن يفعل مثل هذه «الآيات الحسية» التي يرونها بأعينهم لفعل، فتدبر:

* «إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً – فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ»

وهذا معنى قول الله تعالى «الأنعام / ١١١»:

* «مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ – إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ»

٣- ولا شك أن الله تعالى ليس في حاجة إلى أن يُقسم بشيء على شيء مطلقا، ذلك أن:

(أ): الذي آمن بالله وبفعالية أسمائه الحسني في هذا الكون، ودخل في «دين الإسلام»، فإنه يُصدّق الله في كل ما أنزل بدون قسم.

(ب): والذي كفر بالله وبفعالية أسمائه الحسني في هذا الكون، لن يُصدق ما أنزله الله، سواء بقسم أو من غير قسم.

(ج): الحكمة من القسم هي الإعلاء من شأن «المقسم به» وبيان منزلته عند الله تعالى، وما يحمله من آيات الآفاق أو الأنفس، بهدف إثبات أن القرآن «كلام الله» وحجته على الناس إلى يوم الدين:

* «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا – فِي الأفَاقِ – وَفِي أَنفُسِهِمْ»:

– «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»

– «أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»؟!

# ثانيًا:

١- إن «القسم» الذي بدأت به السورة:

* «وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ – وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ – وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ»

قسم عظيم رهيب مُخيف، يجعلنا نعتبر «المُقْسَم عليه» هو آيات السورة كلها، التي نزلت ليعتبر أولوا الأبصار، بداية بقول الله تعالى:

* «قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ – النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ – إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ»

إنه «القسم» بمحق الباطل وأهله، في كل زمان ومكان، ولو بعد حين، هذا الباطل الذي دفع أصحابه إلى إعدام المؤمنين حرقًا على الملأ:

* «وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ»

والسبب: إصرار المؤمنين على اتباع الحق وتمسكهم بملة الوحدانية:

* «وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ – إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ – الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ – وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»

٢- والسؤال:

كيف يترك الله تعالى الكافرين يقتلون المؤمنين بهذه الصورة البشعة، وهو القائل:

* «وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ»؟!

والجواب:

ألم يترك الله تعالى بني إسرائيل يقتلون الأنبياء بغير حق:

* «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ – وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ – ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ – وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ»؟!

ألم يقل الله تعالى للمؤمنين:

* «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ»:

* «الْخَوفْ – وَالْجُوعِ – وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ – وَالأنفُسِ – وَالثَّمَرَاتِ»

فعندما يكون نقص «الأنفُسِ» ابتلاء من الله تعالى، فعلينا:

* «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ – الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ»

* «قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ»

* «أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ»

* «وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ»

والسبب:

هو وجوب التسليم المطلق لمشيئة الله تعالى التي لا يعلم الناس عنها شيئا، ولا علاقة لهم بها أصلًا:

* «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ – مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ – سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»

# ثالثا:

قلنا إن الله تعالى لا يُقسم إلا بعظيم، وبما يحمل دلائل وحدانيته وفعاليات أسمائه الحسنى:

١- «وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ»:

وما تحمله من آيات الآفاق وعظيم القدرة الإلهية، وقد عرف العرب «الْبُرُوج» بأنها مجموعات من النجوم، وخاطبهم الله تعالى بما يعرفون:

«وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ»

٢- «وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ»:

الذي ينتظره «أَصْحَابُ الأُخْدُودِ» لينالوا جزاءهم:

«هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ»

٣- «وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ»:

والشاهد: القلب الميت الذي يتحمل رؤية هذا القتل الجماعي حرقا بالنار.

والمشهود: المؤمنون الذين يُقذفون في النار، وهذا ما بينته الآيات بعد ذلك:

٤- «قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ – النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ – إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ»

(أ): «قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ»:

الذين شَقّوا الأخاديد في الأرض لحرق المؤمنين، إنه أمر بشع وذنب عظيم كان سببًا في أن يخصه الله تعالى بـ «قسم» ويعد فاعليه بالقتل والمقصود به عذاب جهنم الذي لا موت فيه.

(ب): «النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ»:

بيان لمعنى «الأخدود» بصورة بشعة وكأنه قطعة من النار.

(ج): «إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ»:

وهم «قُعُودٌ» يشرفون على حرق المؤمنين، وهذا ما بينته الآية التالية:

(د): «وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ»

لقد جاءت هذه الجملة القرآنية في موضع «الحال» من ضمير «إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ» لبيان مدى قسوة هذه القلوب المُصّرة على معاينة ومشاهدة حرق المؤمنين بنفسها.

والسؤال:

هل هناك من البشر من يحمل مثل هذه القلوب اليوم؟!

والجواب:

نعم، وإلا ما نزلت سورة كاملة، تحكي قصة «أصحاب الأخدود» لأخذ العبر والعظات منها، وسيكون السبب دائما هو:

* «وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ – إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»

ومن هو هذا الإله الذي لا يتراجع المسلم عن الإيمان به والعمل بمقتضيات إسلامه، حتى ولو قذفه أهل الباطل في نار الدنيا، التي لا تقارن أبدًا بنار الآخرة؟!

إنه «الله الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»:

* «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ – وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»

# رابعًا:

١- إن «القلب السليم» الذي سيدخل صاحبه الجنة، قلبٌ يعلم حق العلم، معنى قول الله تعالى:

* «إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ»:

* «يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ»

* «فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ»

* «وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ»

* «وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ»

* «فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ»

* «وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»

٢- وكيف يكون «القلب سليمًا»؟!

* «التَّائِبُونَ»

* «الْعَابِدُونَ»

* «الْحَامِدُونَ»

* «السَّائِحُونَ»

* «الرَّاكِعُونَ»

* «السَّاجِدونَ»

* «الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ»

ثم أجمل «أحكام القرآن» كلها في قوله تعالى:

* «وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ»

والنتيجة:

* «وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

4 min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page