top of page

(1734) 7/3/2021 هل جملة «فَلاَ أُقْسِمُ» تعني «أُقْسِمُ»؟!

يناير 27

6 min read

0

0

0

ree

إن «القرآن» الذي بين أيدي الناس اليوم، ليس كتابًا إلهيًا كالتوراة والإنجيل، وإنما «كتاب إلهي» يحمل «آية» رسول الله محمد «القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة»، والباب الوحيد للدخول في «دين الإسلام».

# أولًا:

لقد نزل هذا «القرآن» على قلب رسول الله محمد عليه السلام:

* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ – بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»؟!

١- كيف نفهم طبيعة قلب رسول الله محمد الذي نزل عليه القرآن، وهل هناك علاقة بين نزول القرآن عليه «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»، وخشوعه وخشيته من الله، في إطار فهمنا لقول الله تعالى:

* «لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ – عَلَى جَبَلٍ»:

* «لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً – مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ»

* «وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ – لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»

«لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» في كيف يخشع ويتصدع الجبل «مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» لو نزل القرآن نزل عليه، وكيف نحمي قلوبنا من «قسوة القلب» التي أخرجت ألعن أمة عصت رسولها:

* «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ – فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً»:

– «وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ»

– «وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء»

– «وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ»

– «وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»

٢- ولذلك أقول:

إن الذي دخل في «دين الإسلام» من باب غير باب «الآية القرآنية العقلية» يستحيل أن «يخشع قلبه» في يوم من الأيام لـ «ذكر الله»، ويستحيل أن تكون «خشية الله» حاكمة على معيشته، ولو كان يؤدي الصلوات الخمسة في وقتها، ويقول الليل كله، ويصوم الدهر، وحاصلًا على جائزة نوبل في علوم اللغة العربية وفقهها.

ذلك أن في جميع الفرق الإسلامية يوجد علماء وفقهاء في اللغة العربية، ومع ذلك لم تخدمهم علوم اللغة العربية في خلع ثوب المذهبية والكفر بتراث الفرقة التي ولدوا فيها، والسبب:

قسوة قلوبهم وانفصالها عن علم السياق، وعن تدبر قول الله تعالى:

* «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ – قُرْآناً عَرَبِيّاً – لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

– وهم لا يعقلون.

* «قُرآناً عَرَبِيّاً – غَيْرَ ذِي عِوَجٍ – لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»

– وهم لا يتقون.

* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ – قُرْآناً عَرَبِيّاً – لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»

– وهم لا يعلمون غير الدراسات العربية الأكاديمية.

* «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ – قُرْآناً عَرَبِيّاً – لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا»

– لقد حصر علماء وفقهاء اللغة العربية عملهم في درس اللغة العربية، ولم يجعلوا من أولويات عملهم، وذلك منذ عقود من الزمن مضت، استرجاع «الفريضة الغائبة» التي هي نشر لغة القرآن العربية أولًا بين المليارين مسلم.

# ثانيًا:

لقد خاطب الله قوم رسول الله محمد باللغة التي كانت تنطق بها ألسنتهم ويعلمون «مُسَمّيات» كلماتها من قبل نزول القرآن، وطبعا كانت هذه «المُسَمّيات» موجودة خارج القرآن ويُشاهدونها بأعينهم.

ولم يكن الله تعالى ليقسم بشيء ليس له وجود في ذهن المخاطب، سواء كان على سبيل «الحقيقة» أم «المجاز»، ذلك أن الحكمة من القسم هي التوكيد على «المُقْسَم به» ولفت نظر المخاطب إلى أهميته، وتقريب المعنى المراد إلى ذهنه، ببيان «المُقْسَم عليه»، ومثال ذلك:

١- القسم بـ «الله»:

(أ): «وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ»

* المُقْسِم: الله تعالى.

* المُقْسَم به: لفظ الجلالة «الله».

* والمُقْسَم عليه: «لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ»

– فقد كان المشركون يعتقدون أن الله يأخذ نصيبًا من حرثهم وأنعامهم، فجاء القسم لإبطال هذا الاعتقاد الباطل.

(ب): «تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»

* المُقْسِم: الله تعالى.

* المُقْسَم به: لفظ الجلالة «الله».

* والمُقْسَم عليه: «لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ»

– وذلك لبيان أن الولي الحق هو الله تعالى، وليس الشيطان الذي زين لهم أعمالهم.

٢- القسم بـ «الرب»:

وقد ورد في كثير من الآيات منها:

(أ): «فَوَرَبِّكَ – لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ – ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً»

* المُقْسَم عليه: «لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ»

(ب): «فَوَرَبِّكَ – لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ»

* المُقْسَم عليه: «لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ»

(ج): «فَلاَ أُقْسِمُ – بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ – إِنَّا لَقَادِرُونَ – عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ»

* المُقْسَم عليه: «إِنَّا لَقَادِرُونَ»

(د): «زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا – قُلْ بَلَى وَرَبِّي – لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ – وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ»

* المُقْسَم عليه: «لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ»

مع ملاحظة أن:

* المُقْسِم في الآيات السابقة: «الله» – والمُقْسَم به: «الرب».

٣- القسم بـ «النبي»:

يقول الله تعالى في سياق الحديث عن قصة لوط عليه السلام «الحجر / ٧٢»:

«لَعَمْرُكَ – إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ – يَعْمَهُونَ»

* المُقْسَم به: «لَعَمْرُكَ»: وهو قسم بحياة الإنسان.

ولقد رجّح المفسرون، على مستوى الفرق الإسلامية كلها، وطبعا منهم الفقهاء في علوم اللغة العربية، رجحوا القول بأن «لَعَمْرُكَ» قسمٌ بحياة رسول الله محمد، وليس بنبي الله لوط، باعتبار أن محمدًا أكرم الخلق على الله، وأن الله لم يُقسم بحياة أحد غيره، حسب ما ورد في «المرويات».

والحقيقة أن «علم السياق» يُثبت أن ما رجحه المفسرون غير صحيح، وأن الآيات تخاطب نبي الله لوطًا، عليه السلام، لبيان أن قومه يظلّون في ضلالهم يعمهون، لن يقبلوا منه قولًا، ولن يطيعوا له أمرًا.

والسؤال:

لماذا أصر علماء وفقهاء اللغة العربية، على مستوى الفرق الإسلامية كلها، على موافقة المفسرين فيما ذهبوا إليه من أن القسم «لَعَمْرُكَ» يتعلق برسول الله محمد؟!

والجواب:

قد يكون قاسيًا، لأني سأعتبره «المُقْسَم عليه» وهو:

* «إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ»

٤- القسم بـ «آيات التنزيل الحكيم»:

(أ): بلفظ «القرآن» في ثلاث آيات:

* «يس – وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ – إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ»

– المُقْسَم به: القرآن – «المُقْسَم عليه»: «إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرسَلين»

* «ص – وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ – بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ»

– المُقْسَم به: القرآن – «المُقْسَم عليه»: «إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرسَلين»

* «ق – وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ – بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ – فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ»

(ب): بلفظ «الكتاب» في آيتين:

* «حم – وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ – إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

* «وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ – إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ»

إن ما سبق بيانه، مجرد أمثلة للقسم الصريح، فماذا عن الآيات التي بدأت بنفي القسم «لاَ أُقْسِمُ» والتي وردت في ثمان سور فقط:

«الواقعة – الحاقة – المعارج – القيامة – التكوير – الانشقاق»؟!

# ثالثًا:

قلنا إن الحكمة من «القسم» هي التوكيد ولفت نظر المخاطب إلى أهمية «المُقْسَم به»، وتقريب المعنى المراد إلى ذهنه ببيان «المُقْسَم عليه»:

فماذا لو كان المخاطب مصرًا على الإعراض والتكذيب بـ «دلائل الوحدانية» وبـ «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «النبوة»، والله تعالى يقول لرسوله محمد:

* «فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ»؟!

فما فائدة توكيد الخبر في هذه الحالة، والقسم بما لا فائدة مرجوة منه؟!

اختلفت آراء علماء اللغة بين من يقول إن معنى «لاَ أُقْسِمُ» هو «أُقْسِمُ»، ومن يقول إن المعنى نفي القسم، ولكلٍ أدلته اللغوية.

والحقيقة أني مع الذين قالوا بنفي القسم، ولكن استنادا إلى «علم السياق»، وليس إلى اللغة وحدها:

١- فعندما يبدأ الله سياق الآيات «الواقعة / ٧٥-٨٢» بنفي القسم:

* «فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ»

– وأنه قسم بشيء عظيم:

* «وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ»

يُبيّن بعد ذلك أن السبب في مجيء القسم منفيًا، هو تكذيبهم لـ «نبوة» رسول الله محمد، الذي أنزل الله عليه قرآنًا كريمًا محفوظًا:

* «إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ – فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ – لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ – تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ»

فكيف تتهاونون في أمر هذا القرآن، وتُصرّون على أن يكون رزقكم هو تكذيبه:

* «أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ – وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ»

٢- وبناء على ما سبق، جاء نفي القسم في قول الله تعالى «الحاقة / ٣٨-٤٣»:

* «فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ – وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ»

* «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ – وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ»

* «قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ»:

– ثم يعودون إلى كفرهم وقولهم إنه قول شاعر، والسبب «قسوة القلب»، خاصة إذا صاحبه من أهل اللسان العربي، فلا يتدبر وإنما يجادل، وهؤلاء من المنافقين الذي خاطبهم الله تعالى بقوله:

* «أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ – أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»

* «وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ»

– وهل الكاهن الذي يدعي أنه على علاقة بالشياطين يمكن أن يقول مثل هذا القرآن الذي عجز الإنس والجن أن يأتوا بمثله؟!

لذلك بين الله بعدها حقيقة ما في قلوبهم بقوله تعالى:

* «قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ – تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ»

٣- فإذا ذهبنا إلى سورة «المعارج» وجدنا المقسم به والمقسم عليه يختلف عن سورتي الواقعة والحاقة، ذلك أن نفي القسم يتعلق بإعراض المنكرين للبعث عن الآيات قطعية الدلالة على وقوعه لا محالة «المعارج / ٤٠-٤٢»:

* «فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ»

* «إِنَّا لَقَادِرُونَ»

* «عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ»

* «وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ»

* «فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا»

* «حَتَّى يُلاَقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ»

* «يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً»

* «كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ»

* «خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ»

* «ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ»؟!

– فكيف بعد ما سبق بيانه، يعود الله ويؤكد البعث بـ «القسم»، ويكون قوله تعالى:

* «فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ»

بمعنى:

* «أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ»

وقد قال الله تعالى بعدها «إِنَّا لَقَادِرُونَ» وبيّن فعالية اسم «القادر» في الآيات السابقة؟!

إن ما سبق بيانه، من أمثلة، ما هو إلا تذكير بأهمية أن يكون دارس القرآن على علم ودراية بـ «علوم اللغة العربية» وبـ «علم السياق القرآني»:

* حتى لا يفتري على الله الكذب، ويحسب أنه درس القرآن وتدبر آياته.

* ولا يدع للملحدين فرصة لاختراق قلبه بإلحادهم في أحكام القرآن.

* ويعطي قلبه فرصة لتنبت فيه بذور التقوى والخشوع وخشية الله تعالى.

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

6 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page