

(1736) 10/3/2021 «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً»
يناير 27
5 min read
0
0
0
# أولًا:
يقول الله تعالى «البقرة / ٣٠»:
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»
إن الخلافة في الأرض خلافة تمكين الوجود البشري عليها، قَوْم يَخْلُف بعضهم بعضًا قرنًا بعد قرن وجيلاً بعد جيل.
يقول الله تعالى عن استخلاف الوجود البشري في الأرض:
١- «الأنعام / ١٣٣»:
* «وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ (وَيَسْتَخْلِفْ) مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ»
٢- «الأعراف / ٧»:
* «قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ) فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ»
٣- «الأعراف / ٦٩»:
* «وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ (خُلَفَاءَ) مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»
٤- «الأعراف / ٧٤»:
* «وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ (خُلَفَاءَ) مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاءَ اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ»
٥- «الأعراف / ١٦٩»:
* «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ (خَلْفٌ) وَرِثُواْ الْكِتَابَ»
٦- «هود / ٥٧»:
* «فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (وَيَسْتَخْلِفُ) رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ»
٧- «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ (خَلْفٌ) أَضَاعُوا الصَّلاَةَ»
٨- «النمل / ٦٢»:
* «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ (خُلَفَاء) الأرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ»
٩- «هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ (خَلاَئِفَ) فِي الأرْضِ»
– خَلاَئِفَ: أي جعلكم متعاقِبِينَ يَخْلُف بعضُكم بعضًا.
١٠- «ص / ٢٦»:
* «يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ (خَلِيفَةً) فِي الْأَرْضِ»
– ولم يقل الله تعالى «إِنَّا جَعَلْنَاكَ فِي الْأَرْضِ (خَلِيفَةً)»
لأن «دَاوُدُ» مستخلف عمن قبله، وليس هو أول البشر، وليضع له أصول وقواعد هذه الخلافة حتى لا يكون كمن سبقه:
* «فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»:
– «وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ»
– «إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ»
– «لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ»
# ثانيًا:
١- إن الاستخلاف لا يقوم إلا على «العلم» الذي يعمل على تعمير الأرض التي يسكن عليها الوجود البشري الذي بدأ بخلق آدم، عليه السلام، وتعليمه الأسماء كلها:
يقول الله تعالى «البقرة / ٣١-٣٣»:
* «وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»
* «قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ»
* «قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ»:
– «فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ»
– قَالَ أَلَمْ أقُل لَّكُمْ إِنِّي أعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ»
– «وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُون»
٢- لقد أصبح آدم، عليه السلام، يعلم ما لا يعلمه «الملائكة»، يعلم العلم الموصل إلى «دلائل الوحدانية» باعتبارها إنسانًا مخيرًا وليس مسيرًا كالملائكة:
(أ): العلم الذي يكشف عن آية اختلاف ألسن البشر «وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ» وتعلمهم اللغات التي نزلت بها الرسالات الإلهية:
* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»:
* «فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ – وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
(ب): علم اللغة التي كان ينطق بها لسان رسول الله محمد من قبل نزول القرآن:
* «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً»
(ج): إنه علم «اللغة العربية» التي يستحيل فهم القرآن على الوجه الصحيح إلا بالاستعانة به:
* « كِتَابٌ – فُصِّلَتْ آيَاتُهُ – قُرْآناً عَرَبِيّاً – لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
نعم: «لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»:
ولذلك أقول للملحدين في آيات الله وأحكامها، وللقرآنيّين الذين جعلوا الصلوات المفروضة اثنين أو ثلاث صلوات:
إذا كنتم تجهلون علوم اللغة العربية، فمثلكم مثل الـ 99.99 % من المسلمين، أما أن تكونوا أجهل من الجهل نفسه بالنسبة لهذه العلوم، ثم تتحوّلون إلى «شياطين» تُضلّون «الجهال» الذين يتبعونكم بـ «غير علم»:
فهذه مسألة قد حكم الله تعالى فيها، وسبق بيانها في كثير من المقالات، وقد جعلكم هذا البيان كـ «الوحوش المسعورة» التي تريد النيل من «محمد مشتهري» بأي ثمن، ولو كان بافتراء الكذب عليه.
٣- إنه بدون «العلم» لن يكون هناك استخلاف وعمارة لهذه الأرض، هذا «العلم» الذي زُرعت بذوره في عصر آدم، عليه السلام، وقام الناس على أساسه بتعمير الأرض، وحملته وتحمله «منظومة التواصل المعرفي» إلى يوم الدين:
(أ): يقول الله تعالى «هود / ٦١»:
* «وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ (وَاسْتَعْمَرَكُمْ) فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ»
(ب): يقول الله تعالى «الروم / ٩»:
* «أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأرْضَ (وَعَمَرُوهَا) أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»
# ثالثًا:
ولا يكون الاستخلاف في الأرض إلا بـ «العلم» الذي يعمل على تعميرها، وليس بحسب ولا بجاه ولا بسلطان ولا بنسب إلى أهل بيت رسول الله محمد:
هذا «النسب» الذي أشعل الصراع الديني والسياسي بين الفرق الإسلامية من جانب، والشيعة من جانب آخر.
١- لقد ألحد الشيعة في معنى «الخلافة» وجعلوها الخلافة عن الله بـ «العلم» المباشر من الله، كما علّم الله آدم مباشرة بلا واسطة، وهو ما يُسمى بـ «العلم الّدني»، ويستندون إلى قول الله تعالى:
* «فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا – وَعَلَّمْنَاهُ مِن (لَّدُنَّا) عِلْمًا»
٢- أن رسول الله محمد هو «خليفة الله» يتلقى «علمًا لدُنّيًا» من الله مباشرة بلا واسطة من أي نوع من أنواع الكلام التي ذكرها الله في «الشورى / ٥١-٥٢»:
* «وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ»:
* «إِلاَّ وَحْياً – أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ – أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً»
* «فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ – إِنَّهُ ع َلِيٌّ حَكِيمٌ»
– ثم حدد وبيّن الله تعالى نوع الكلام الذي خص به رسوله محمدًا، فقال بعد ذلك:
* «وَكَذَلِكَ (أَوْحَيْنَا) إِلَيْكَ (رُوحاً) مِّنْ أَمْرِنَا»
إذن، وبنص كلام الله، فإن رسول الله محمد قد تلقى «كلام الله» عن طريق الملك «جبريل» لقوله تعالى:
* «نَزَلَ بِهِ (الرُّوحُ) الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ»
٣- وإذا كان «الشيعة» قد استندوا في قولهم إن رسول الله محمدًا هو «خليفة الله» إلى تعليم الله آدم الأسماء مباشرة دون وسيط، ويُسمّون هذه الخلافة «خلافة إلهية» وليست «خلافة سياسية».
والسؤال:
(أ): من أين جاؤوا بأن هذه «الخلافة الإلهية» التي خص الله بها رسوله محمدًا، شملت أيضا أهل بيته؟!
والجواب:
اعتبروا أن تعليم الله المباشر «العلم الّدني» لرسول الله، هو تفويض للرسول بتعليم هذا العلم لمن هم دونه، وهم «أهل بيته»:
وأن «أهل بيت» رسول الله، الذين تلقوا العلم مباشرة منه بلا واسطة، هم الذين يستحقون «الإمامة» لأنهم «وسائط الفيض» بين الله وبين خلقه، وفي مقدمتهم الإمام الحُجّة «الغائب».
(ب): لقد وردت لفظة «أهل البيت» في موضعين:
الأول: في سياق قصة إبراهيم، عليه السلام:
* «قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ»
والثاني: في سياق الحديث عن نساء النبي:
* «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»
(ج): إن إرادة الله تعالى في هذا السياق:
* إرادة «شرعية» تتعلق بعالم الرسالات والتشريع:
«يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ»
* وليست إرادة «كونية» تتعلق بعالم الخلق والإيجاد من عدم:
* «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»
(د): ولذلك فإن إرادة الله تعالى:
* «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»
لا تعني ثبوت «العصمة» لـ «أهل البيت»، وبرهان ذلك «التحريم / ٣-٤»:
* «وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً»:
– «فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ»
– «عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ»
– «فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا»
– «قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ»
– «إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا»
– «وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ»
– «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ»
فمن ادعى «العصمة» لـ «أهل بيت النبي» فقد سفه عقله.
أما تعبير «آل البيت» فيشمل «أهل البيت» والذين أقاموا بيوتهم على «منهاج النبوة» إلى يوم الدين.
والسؤال:
صحيح أن عبارة «أهل البيت» ليست محصورة في نساء النبي فقط، وإنما في كل من انتسب إلى بيت النبوّة، فلماذا أخرج «الشيعة» نساء النبي من «أهل البيت» وأشعلوا نار العداوة مع السيدة عائشة خاصة؟!
والجواب:
إنها المنهجية العشوائية «الهرمنيوطيقية» في التعامل مع آيات الذكر الحكيم.
محمد السعيد مشتهري



