

(1743) 17/3/2021 على هامش مقال أمس «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا»
يناير 27
3 min read
0
0
0
في تعليق له على مقال أمس، يقول الصديق
عبدالله ذوالغنى
:
(استاذنا …. أظن أن هناك في منشورك خلط بين النسيان والسهو الغير مقصود، كنسيان المصلي عدد الركعات التي أداها، وهذا نسيان لا شعوري يقع فيه كل بشر مهما زادت درجة إيمانه، ولم ينجو من ذلك حتى الأنبياء «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» وبين النسيان المقصود عن سابق إصرار وتصميم بسبب عدم إعطاء أوامر الله حقها من الاهتمام والعمل بها)
* أقول:
١- إن «الخلط» عندك أنت «يا عبد الله» لعدم درايتك بعلم السياق
تقول:
«كنسيان المصلي عدد الركعات التي أدا ها، وهذا نسيان لا شعوري يقع فيه كل بشر مهما زادت درجة إيمانه، ولم ينجو من ذلك حتى الأنبياء»
* أقول
وهذا كلام غير صحيح، وخلط بين مدلولات الكلمات، وإلحاد «أي انحراف» عن الفهم الواعي لأحكام القرآن، والدليل هو:
٢- الاستدلال بآية تشهد عليك وليس لك، وهي:
* «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً»
* أقول
إن هذا «العهد» هو أمر الله لآدم بعدم طاعة الشيطان، فماذا كانت النتيجة:
لقد أطاع آدم الشيطان، وأهمل «نسي» أمر الله، والسبب هو:
٣- «وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً»:
تماما كما قلت «يا عبد الله» في أول تعليقك:
«وهذا نسيان لا شعوري يقع فيه كل بشر مهما زادت درجة إيمانه، ولم ينجو من ذلك حتى الأنبياء»
* أقول
(أ): إن «العزم» هو الجزم بالفعل، وعدم التردد فيه، ومغالبة الشيطان وهوى النفس.
و«النفس المؤمنة» يحرم عليها الانشغال بشؤون الدنيا وهي تؤدي الشعائر التعبدية، ويستحيل أن تخشع وهي تؤدي هذه الشعائر إلا إذا كان القلب خاشعًا لا يتردد مطلقا في محاربة الشيطان والهوى.
(ب): ولذلك كانت مهمة إبليس وشياطينه الرئيسة، أن يُضعف هذا «العزم» في قلوب المسلمين عن طريق «فقهاء المذاهب»، الذين يُفصّلون لهم الفتاوى تفصيلا، استنادًا إلى آيات قرآنية يُلحدون في مدلولات كلماتها.
(ج): ومن هذا المنطلق، استطاع «الشيطان» أن يغلب «عزم» آدم، و«عزم» المصلين منذ قرون مضت، الأمر الذي جعل فقهاء الفرق الإسلامية يبحثون عن حل لهذه المشكلة فابتدعوا «سجود السهو»:
* ليسعد «الشيطان» باستكمال مهمته.
* ويسعد «المصلي» ظنا منه أن صلاته تامة صحيحة.
(د): ومع أن هذا النسيان الطبيعي الذي يقع فيه كل البشر ولم ينجو منه حتى الأنبياء، حسب قولك «يا عبد الله»:
فإن هذا النسيان كان «معصية كبرى» تستوجب التوبة، وهذا ما ورد بعد ذلك في نفس السياق الذي أغفلته:
* «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ – فَغَوَى – ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ – فَتَابَ عَلَيْهِ – وَهَدَى»
٤- والسؤال:
(أ): ما الفرق بين أمر الله تعالى لآدم وزوجه:
* «وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ – فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ»
(ب): وبيان الله لشروط فلاح المؤمنين في الآخرة، ومنها «الخشوع في الصلاة»:
* «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُو نَ – الَّذِينَ هُمْ – (فِي صَلاَتِهِمْ) – خَاشِعُونَ»؟!
ثم «نهي التحريم» المتعلق بوجوب تفعيل هذا «الخشوع» والوارد في قول الله تعالى:
* «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»
– «لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ»
– «وَأَنتُمْ سُكَارَى»
– «حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ»
ويستحيل أن يتعلق قلبك وذهنك بكل كلمة تقولها في صلاتك ثم تُفكر في شيء غير ما تقول، وهذا من علامات خشوع القلب.
ثم كيف، وأنت في حالة «الخشوع»، تنسى عدد الركعات، إلا إذا كنت من «دراويش الصوفية» الذين يعيشون في عالم آخر من الخيال غير «عالم التكليف»؟!
٥- لم ترد مادة «السهو» في القرآن إلا في موضعين، وفي مقام «الذم»، في سورة الذاريات وفي سورة الماعون:
(أ): يقول الله تعالى عن منكري البعث «الذاريات / ١٠-١٢»:
*«قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ – الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ – يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ»
(ب): ويقول الله تعالى عن المنافقين «الماعون / ١-٧»:
* «أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ»:
– «فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ» [107/الماعون2])
– «وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ»
– «فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ – الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ»
– «الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ – وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ»
والسؤال:
من أين جاء فقهاء الفرق الإسلامية، أن سهو المؤمن «وليس المسلم المنافق» أثناء أداء الشعائر التعبدية، معفو عنه ولا إثم عليه؟!
والجواب:
ومن أين جاؤوا بأن الذين شاركوا في أحداث الفتن الكبرى، وسفكوا الدماء مع سبق الإصرار والترصد، «مؤمنون» لأن من بينهم عشرة من المبشرين بالجنة، والله تعالى يقول:
* «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً»
– «فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا»
– «وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ»
– «وَلَعَنَهُ»
– «وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً»؟!
ويكفي هذا القدر، لأن ما قام على باطل فهو باطل، وكل ما ذكرته «يا عبد الله» بعد ذلك في تعليقك، لا محل له من الإعراب، بل ويؤكد أنك لم تقرأ المقالات السابقة، أو قرأتها قراءة سطحية.
محمد السعيد مشتهري