top of page

(1744) 17/3/2021 «وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ»

يناير 27

5 min read

0

0

0

عندما يصبح «النسيان» مرضًا، ولم يعد المؤمن قادرًا على «ذكر الله»، فإن أمره مفوض إلى الله تعالى.

١- إن «النسيان» في غالب كلام العرب هو عدم التذكر، وهو المعنى العام الذي يشير إليه قول الله تعالى «الكهف / ٢٣-٢٤»:

* «وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً – إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ»:

– «وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ – وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً»

وقول الله تعالى «البقرة / ٢٨٢»:

* «وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ – فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء»:

– «أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا – فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى»

وعبّر عن «النسيان» بـ «الضلال» لأن الذي ضل الطريق يكون في «حيرة» لعدم تذكره الطريق الصحيح.

٢- الفرق بين النسيان والسهو والغفلة:

(أ): النسيان: يكون عن شيء علمته وموجود في ذاكرتك، ولكنك لم تتذكره في وقت معين.

(ب): السهو: يكون عن شيء لم تفعله أصلًا، كأن تصلي ثلاث ركعات بدل أربع، أي سهوت أن تصلي الركعة الرابعة.

(ج): الغفلة: تكون بترك الشيء:

فالساهي غافل، والناسي غافل، ولكن ليس كل غافل ساهيًا وناسيًا، فقد يغفل الإنسان عن شيء متعمدًا، فيقول الله تعالى:

* «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا»

– ثم يعقب ذلك الحديث عن «فتنة الغفلة»:

* «أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ – إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»

– ثم يعقبها الحديث عن «فتنة الآبائية»:

* «أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ – وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ – أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»

والسؤال:

عندنا اليوم ٩٩٪ من المليارين مسلم يتبعون آباءهم الذين قال الله لهم:

* «وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ – مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً – كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

فهل سيعذرهم الله تعالى بـ «النسيان» أم بـ «السهو» أم بـ «الغفلة»؟!

هل الأزمة العقدية الإيمانية الكبرى، التي تتعلق بمصير ٩٩٪ من المسلمين في الآخرة، أهم في البحث والدراسة، وفي مجال الدعوة الإسلامية، أم الانشغال بـ «السهو في الصلاة»؟!

فأي شعائر تعبدية هذه التي يقيمها الـ ٩٩٪ من المسلمين وهم يُصرّون على معصية الله وعدم خلع ثوب المذهبية والتفرق في الدين؟!

ومع ذلك أعطاهم الله تعالى فرصة أخيرة للتوبة والدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح ««الأعراف / ١٧٤»:

* «وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ – وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»

«وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» … «وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» … «وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»

ومع ذلك لم يرجعوا، منذ تفرقوا إلى سنة وشيعة ومعتزلة وإباضية، إلى يومنا هذا، فاحتمال يعذرهم الله بـ «الجنون».

٣- لم يرد النسيان في السياق القرآني، الأغلب، إلا في سياق الذم، ولبيان أنه من عمل الشيطان:

(أ): «الأنعام / ٦٨»:

* «وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا – فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ»:

* «وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ – فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»

(ب): «الكهف / ٥٧»:

* «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا»:

– «وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ»

– «إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً»

– «وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً»

(ج): «الكهف / ٦٣»:

* «قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ – فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ – وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ – وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً»

٤- «نسيان الله» من صفات المنافقين من «الملل الدينية» كلها:

(أ): بنو إسرائيل «البقرة / ٤٤»:

* «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ – وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ – وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ – أَفَلاَ تَعْقِلُونَ»

(ب): المسلمون «التوبة / ٦٧»:

* «الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ»:

– «يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ»

– «نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ»

– «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

٥- «نسيان» العمل بأحكام القرآن تكون «نتيجته»:

يقول الله تعالى مخاطبا المؤمنين «الحشر / ١٩»:

* «وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ – فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ – أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

فكيف «تنسى الله» بعد أن آمنت بـ «الوحدانية» وعملت بمقتضياتها وبمقتضيات «أصول الإيمان»، وبعد أن أسلمت وسلّمت لأحكام القرآن تسليمًا؟!

فما أدراك لعل إصرارك:

(أ): على «الفُرقة والمذهبية».

(ب): على «بدعة القرآن وكفى».

(ج): على «إلحادك وغباءك الديني».

يكون السبب في أنك فسقت عن أمر ربك فكانت النتيجة:

* «فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ – أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»؟!

(د): وغالبا يكون هؤلاء هم الذين قال الله فيهم «الزمر / ٨»:

* «وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَان ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ»:

– «ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ»

– «نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ»

– «وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ»

– «قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»

(هـ): ولا تنسى أن «إبليس»، وشياطينه من الإنس والجن، وراء كل هذا «النسيان».

٦- ومن معاني ودلالات «النسيان»:

(أ): يأتي بمعنى الشيء الذي لا قيمة له ولا يُلتفت إليه، كما عبرت عنه مريم، عليها السلام، بقولها «مريم / ٢٣»:

* «فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ – يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا»:

– «وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً»

(ب): وقد يكون «المؤمنون» سببًا في نسيان «الكافرين» ذكر الله، وها هم «الكافرون» يقولون وهم في جهنم «المؤمنون / ١٠٧-١١١»:

* «رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ»

* «قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ»

* «إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ – رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا – وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ»

* «فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى (أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي) – وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ»

* «إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ»

(ج): ولقد أضاف الله «نسيان» الكافرين ذكر الله إلى المؤمنين «أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي»، لبيان أن انشغال الكافرين بالاستهزاء بالمؤمنين، كان سببًا في نسيانهم ذكر الله.

(د): وقد يكون اتباعك لهواك ولشهوات الدنيا، وهجرك لـ «ذكر الله»، هو الذي قادك إلى جهنم «الفرقان / ١٧-١٨»:

* «وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ – فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَء – أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ»

* «قَالُوا سُبْحَانَكَ – مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء -وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ – حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ – وَكَانُوا قَوْماً بُوراً»

إنك عندما تستمتع بالدنيا وزينتها وشهواتها وتنسى «ذكر الله»، تصبح من «القوم البائرين» الذين لا خير فيهم، كالأرض البور التي إما تصلحها وإما تهلكها:

وطبعا الذي نسي «ذكر الله» ودخل جهنم، لن يستطيع إصلاح ما أفسده «فاطر/ ٣٧»:

* «وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا»:

– «رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ»

– «أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ»

– «وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ»

– «فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ»

٧- عندما ينسى «الملحدون» الذي خلقهم:

(أ): إن الذين يؤمنون بـ «العالم المادي» المشاهد أمامهم فقط، ويكفرون بكل ما يتعلق بـ «عالم الغيب»، وأن الإله يجب أن يكون في داخل المخلوقات التي تدركها حواسهم:

هؤلاء هم الذين كانوا يعبدون «الأصنام» في عصر التنزيل، ويعبدون «البقر» اليوم، والله تعالى يقول للملحدين إلى يوم الدين «يس / ٧٧- ٨٣»:

* «أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ»

* «وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً (وَنَسِيَ) خَلْقَهُ»

* «قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ»

* «قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ – وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ»

* «الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَاراً – فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ»

* «أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم – بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ»

* «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً – أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»

* «فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»

(ب): فيا أيها «الملحد»، يا من اتبعت «إبليس» فأغواك وزيّن لك «المادية الماركسية»، و«وحدة الوجود»، و«الداروينية»:

هل عندما خرجت من بطن أمك، فإذا بفمك بعد دقائق يُمسك بثديها ويبدأ في «المص والرضاعة»، وهذه وحدها «آية إلهية» من آيات الأنفس، فمن الذي أوحى إليك أن تفعل ذلك؟!

«أَفَلاَ تُبْصِرُونَ – أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ – أَفَلاَ تَعْقِلُونَ – لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»؟!

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

5 min read

0

0

0

Comments

Deine Meinung teilenJetzt den ersten Kommentar verfassen.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page