top of page

(1748) 20/3/2021 ما معنى «الليل» في جملة «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ»؟!

يناير 27

6 min read

0

0

0

أين المشكلة؟!

لماذا نعيد ونُكرر كل عام، ما سبق أن قلناه في عشرات المقالات مع حلول شهر رمضان، عن أحكام الصيام؟!

# أولًا:

إن ساحة الفكر الديني الإسلامي ساحة عشوائية قامت على أرض مغتصبة، اغتصبها أئمة الفرق والمذاهب العقدية والفقهية من «دين الإسلام» بغير حق، وأقاموا عليها توجهاتهم الدينية التي ما أنزل الله بها من سلطان.

١- إن وجوب هدم البناء الذي أقامه أئمة الفرق الإسلامية على هذه الأرض المغتصبة، والذي ورثه السلفيّون إلى يومنا هذا، ليس بسبب جهلهم بعلوم اللغة العربية التي نزل بها القرآن وبعلم السياق، فمن بينهم «المتخصصون» في كافة العلوم الإسلامية:

– وإنما بسبب:

الإصرار على الموت في سبيل شرك التفرق في الدين: السني والشيعي والمعتزلي والإباضي.

٢- إن وجوب هدم البناء الذي أقامه القرآنيّون والملحدون ليس بسبب الإصرار على الموت في سبيل شرك التفرق في الدين: السني والشيعي والمعتزلي والإباضي، لأنهم أصلًا قد خلعوا ثوب هذه الفرق:

– وإنما بسبب:

(أ): أنهم بعد أن خلعوا ثوب التفرق في الدين لم يدخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح ولم يلبسوا ثوبه، وراحوا «من منطلق الشك في كل ما هو ديني» يهدمون التراث الديني ومروياته، ويعيدون النظر في أحكام القرآن.

(ب): فإذا نظرنا إلى ما يحمله هؤلاء من تخصص في «علم السياق القرآني» قبل التخصص في علوم اللغة العربية التي يتفوق فيها السلفيون، لن نجد أحدًا منهم يعلم ما هو «علم السياق»:

(ج): لقد كان جهل القرآنيّين والملحدين بـ «علم السياق» سببًا رئيسًا جعلهم يكفرون بـ «منظومة التواصل المعرفي»:

فمع استحالة فهم كلمة واحدة من كلمات القرآن من داخله، لأن مدلولات «مُسَمّيات» كلمات القرآن موجودة خارجه في الآفاق والأنفس، نراهم يُصرّون على أن القرآن تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء.

(د): فاذا سألناهم:

من أين جئتم بأن الله لم يفرض على المؤمنين صلاة حركية، أو عدد صلوات محددة بمواقيت، أو غير ثلاث صلوات … في الوقت الذي لا توجد فيه آية واحدة تبيّن أصلاً معنى «مُسَمَّي» كلمة «صلاة»:

* لم يتلق «التوجه نحو إسلام الرسول» ردًا على هذا السؤال، خلال أربعة عقود من الزمن، والسبب:

* «اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ – فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ – أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ – أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ – هُمُ الْخَاسِرُونَ»

(هـ): ومازال التوجه «نحو إسلام الرسول» يتحدى القرآنيّين والملحدين في أحكام القرآن إلى يومنا هذا، ويعرض عليهم الهدايا والجوائز المالية الكبيرة «المليون دولار»:

فأين ذهبوا وأين يختبئون؟!

٣- ولماذا كل هذه الثقة في استحالة أن يأتي أحد بمعنى الصلاة من داخل القرآن؟!

لأن «التوجه نحو إسلام الرسول» هو التوجه الديني «الوحيد» على هذه الأرض، الذي قام على منهجية علمية تحمل أدوات لفهم القرآن، مستنبطة من ذات النص القرآني، وفي مقدمتها:

* «منظومة التواصل المعرفي»

وإن هذه المنظومة المعرفية، هي التي حملت لشعوب العالم، «مُسميات» كلمات اللغات التي تنطق بها ألسنتهم:

فلماذا تؤمن شعوب العالم بحجية «منظومة التواصل المعرفي» التي قام على آليات عملها الوجود البشري كله، ويكفر بها القرآنيّون والملحدون؟!

لأن القرآنيّين والملحدين لو آمنوا بـ «منظومة التواصل المعرفي»، ما نبتت شجرة «القرآن وكفى» ولا شجرة «الإلحاد الإسلامي».

# ثانيًا: مفهوم «الليل» في السياق القرآني:

١- اللسان العربي:

أجمعت معاجم اللسان العربي على أن «الليل» يبدأ مع غروب الشمس، عند غياب حافة قرص الشمس عن الأفق، وينتهي عند تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.

٢- علم الفلك:

(أ): فيزياء الليل:

لقد خُلق الكون من مادة سوداء هي العامل الثابت الذي لا يتغيَّر، والذي يتغير هو ضوء الشمس الذي يصل إلى الأرض عبر طبقات الغلاف الجوي.

(ب): فيزياء النهار:

النهار طبقة رقيقة تحيط بنصف الكرة الأرضية المقابل للشمس وتتكون من ألوان الطيف السبعة: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، البنفسجي.

(ج): فيزياء الغلاف الجوي:

الغلاف الجوي هو الذي يسمح بالأشعات الحرارية والضوئية القادمة من الشمس أن تصل إلى الأرض، ومنها أشعة «النهار» بدرجاتها المختلفة التي تصل إلى ما يُعرف بـ «الشفق المسائي» الذي يظهر عند غروب الشمس ويظنّه الناس نهارًا، والحقيقة أنه بداية الليل.

(د): فيزياء الشمس:

تُخرج الشمس أشعة متوازية تنكسر عند عبورها طبقات الغلاف الجوي مخترقة ظلمة الأرض على هيئة «مخروط ضوئي» قاعدته «الشفق المسائي» عند اختفاء الحافة العلوية لقرص الشمس حيث يبدأ الليل ويحين وقت صلاة المغرب وإفطار الصائم.

ثم يبدأ ضوء النهار يتلاشى تدريجيا من الأفق إلى أن يحل «غسق الليل» عندما يكون رأس المخروط أسفل الأفق الغربي بمقدار ١٨ درجة قوسية، حيث موعد صلاة العشاء.

(هـ): الشفق المسائي والشفق الصباحي:

إن اختلاط ضوء النهار مع ظلمة الليل أثناء عملية التداخل بين الليل والنهار، يجعلنا لا نرى أثناء حدوث هذا التداخل نهارًا ولا ليلًا، وإنما نرى درجة من درجات النهار ودرجة من درجات الليل:

* فإذا كان القادم ليلًا عند غروب الشمس، سميت درجة الإضاءة الموجودة بالأفق بـ «الشفق المسائي» وهي أول درجة من درجات الليل وليست من النهار.

* وإذا كان القادم نهارًا مع ظهور الخيط الأبيض من الفجر، سميت درجة الظلمة الموجودة بالأفق بـ «الشفق الصباحي» وهي أول درجة من درجات النهار وليست من الليل.

ولقد توصل علماء الفلك إلى أن:

– أول ضوء يصل من الشمس إلى الأرض قبل شروقها «الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ» يظهر عندما يصبح قرص الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار ١٨ درجة قوسية.

– وأن آخر ضوء للشمس يختفي «غسق الليل» عندما يصبح قرص الشمس تحت الأفق الغربي بمقدار ١٨ درجة قوسية.

٣- السياق القرآني:

(أ): تأتي كلمة «الليل» بالمفهوم العام الذي يقابل «النهار» في سياق بيان «دلائل الوحدانية»، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة:

* «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ … لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»

وقول الله تعالى في سورة الفرقان:

* «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً، لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً»

لقد جعل الله «اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً» يخلف أحدهما الآخر نتيجة كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس، بصورة متعاقبة متناغمة:

فالليل أصلًا لا يغطي الشمس، والذي يغطيها نصف الكرة المقابل لها الذي يكون نهارًا، في الوقت الذي يكون فيه النصف الآخر ليلا، لذلك جاء بـ «الليل» في مقابل «النهار».

ويقول الله تعالى في سورة الإسراء:

* «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ – فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ – وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً – لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ – وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ – وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً»

فعبّر هنا عن آية تعاقب الليل والنهار بـ:

* «فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ – وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً»

# ثالثًا:

هل الإبصار الذي أشارت إليه الآية «وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً» يظهر للإنسان مرة واحدة، أم بصورة تدريجية وعن طريق ظواهر فلكية؟!

طبعا لا يوجد عاقل يقول، إن «ظلام الليل» يظهر فجأة، وإن «ضياء النهار» يظهر فجأة، لأن الواقع المشاهد يكذب ذلك، بشهادة هذه الظواهر التي لا ينكرها أهل التخصص:

«الانسلاخ – الإيلاج – التغشية – التكوير»

١- الانسلاخ: يقول الله تعالى:

* «وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ – نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ – فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ»

إن ظاهرة «الانسلاخ» تكشف تدريجيًا الليل الذي كان يغطيه النهار، وكل مكان ينسلخ منه النهار يصبح ليلًا، إلى ينسلخ ضوء النهار كله عند غسق الليل «فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ»:

ويستحيل فلكيًا وعقليًا أن نرى النهار ينسلخ من الليل مرة واحدة.

٢- الولوج: يقول الله تعالى:

* «يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ – وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ»

«الولوج»: يعني إدخال الشيء في غيره، ويُعبر عن دخول النهار في الليل، ودخول الليل في النهار، ومع ذلك سمى الله الداخل «نهارًا» مع أن الحديث عن بدايته، وسمى الخارج «ليلًا» مع أن الحديث عن بدايته:

والسبب: أن السياق يتحدث عن دلائل الوحدانية.

إن درجات «ظلام الليل» المختلفة، ودرجات «ضياء النهار» المختلفة، تنتج عن هذه الظاهرة الفلكية «الإيلاج» التي تُسفر عن «ليل» ليس بـ «ليل»، وعن «نهار» ليس بـ «نهار».

٣- التغشية: يقول الله تعالى:

* «يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً»

«التغشية»: تعني التغطية والستر، وسمى الله فاعل الإغشاء «نهارًا» وسماه «ليلًا» لبيان أن كليهما يصلح أن يكون غاشيًا ومغشيًا، وليس مُزيحًا للآخر، لأن الأصل هو ظلمة الكون، ثم يأتي ضياء الشمس فيخفيها.

ولذلك وقع الليل والنهار مفعولَين في حالة نصب «اللَّيْلَ النَّهَارَ»، فالنهار يغشي الليل ويحل محله، والليل يغشي النهار ويحل محله، يطلب كل منهما الآخر طلبا «حَثِيثاً» أي جادًا سريعًا، كناية عن تعاقبهما بلا فاصل.

٤- التكوير: يقول الله تعالى:

* «يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ – وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ»

ومن الحقائق الفلكية أن الليل والنهار يتخذان الشكل الكروي للأرض بصورة دائمة متعاقبة متصلة، الأمر الذي يجعل هناك مساحة زمنية لا يكون فيها الليل مظلمًا كليةً ولا النهار مضيئًا كلية، الأمر الذي يجهله أصحاب بدعة الصيام حتى دخول ظلام الليل.

# رابعًا: خلاصة ما سبق:

١- تأتي كلمة «الليل» بالمفهوم العام باعتباره آية من آيات الآفاق:

(أ): «فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ – وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ»

و«الشفق» يظهر في المساحة الزمنية بين غروب الشمس وغسق الليل، وأيضا في المساحة الزمنية بين الفجر وشروق الشمس، والمقصود شفق الغروب بقرينة ذكر «الليل» بعدها، الأمر الذي يعني أن «الليل» يبدأ مع بداية الشفق عند غروب الشمس.

(ب): «وَالضُّحَى – وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى»

وسجى الليل أي سكن، وطبعا الليل لا يسكن وإنما تسكن حركات الناس فيه اعتبارا من غروب الشمس، كما كانت عادة العرب في عصر التنزيل.

٢- وتأتي كلمة «الليل» بمعنى أول درجة من درجات الظلام انطلاقا من ظـاهرة «الانسلاخ – الولوج – التغشية – التكوير» التي أجملها النص القرآني في كلمة «عَسْعَسَ» في قول الله تعالى:

* «فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ – الْجَوَارِي الْكُنَّسِ – وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ – وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ»

فالذي يهمنا من هذه الظواهر الفلكية بلاغة النص القرآني في بيان إقبال الليل وإدباره بكلمة واحدة، وهي «عَسْعَسَ» التي تبطل القول بأن الليل يعني «الظلام» على إطلاقه، ذلك أن أصل «العَسْ» الامتلاء، والمعنى:

(أ): الليل: إذا «أقبل» وبدأ يشق طريقه نحو الامتلاء بـ «الظلام»، أي أنه لم يظهر مرة واحدة مظلمًا وإنما وصل إلى «الظلمة» تدريجيًا:

وتظهر أول درجة من درجات الظلام نتيجة اختفاء حافة قرص الشمس عن الأفق، وعندها ينتهي الصيام وقت غروب الشمس، وهو ما أشار إليه قول الله تعالى:

* «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ – إِلَى اللَّيْلِ»

(ب): الليل: إذا «أدبر» بعد انتهاء امتلائه بـ «الظلمة» وظهور أول درجة من درجات الضوء التي عندها تُقام صلاة الفجر ويبدأ الصيام، وهو ما أشار إليه قول الله تعالى:

* «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ – مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ – مِنْ الْفَجْرِ»

٣- ولقد فرّق السياق القرآني في بيان أحكام القرآن بين «أول الليل» و«غسق الليل»:

(أ): فجاء إفطار الصائم عن دخول «أول الليل»:

* «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ – إِلَى اللَّيْلِ»

(ب): وجاء وقت صلاة العشاء عند دخول «غسق الليل»:

* «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ – إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»

ولو كان المراد إتمام الصيام إلى ظلام الليل لقال الله تعالى:

– «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ – إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ».

محمد السعيد مشتهري

يناير 27

6 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page