

(1755) 25/3/2021 ونحن في طريق بيان مقتضيات الوحدانية
يناير 27
4 min read
0
2
0
هل يعلم الـ «٩٩٪» من المسلمين، أتباع الفرق والمذاهب الإسلامية العقدية والفقهية، «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، معنى «الإله» ومعنى «الرب» ويقيمون الصلاة على الفهم الواعي للمعنيّن؟!
١- لقد حرّم الله على المؤمنين الاقتراب من الصلاة إذا كانوا لا يعلمون ما يقولون، فقال تعالى:
* «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ – لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ – وَأَنتُمْ سُكَارَى – حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ»
فكيف يقترب أتباع الفرق والمذاهب الإسلامية من الصلاة، وهم لا يعلمون معنى «الله أكبر – الْحَمْدُ للّهِ – رَبِّ الْعَالَمِينَ»؟!
٢- إن ما يفعله المسلمون أنهم «يُصلّون» ولا «يقيمون الصلاة»، ومع هذه «الغيبوبة الإيمانية» يعتقدون أن كل من قال «لا إله إلا الله – محم د رسول الله» دخل الجنة وإن فعل الكبائر كلها:
إذن فما الحاجة إلى أن يعلم المسلمون معاني «الله أكبر – الْحَمْدُ للّهِ – رَبِّ الْعَالَمِينَ» وكل ما يهمهم هو مغفرة الله ورحمته، ولذلك يتفاعلون مع:
* «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
٣- ثم يمرون مر الكرام على:
* «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»
لأنهم يحملون إذنًا من الله بدخول الجنة، مختومًا بختم «الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، أي أن قضية مصيرهم في الآخرة محسومة بالنسبة لهم!
٤- ولكن ماذا سيقولون لله تعالى عندما يقول لهم:
لقد كنتم تقولون في صلاتكم:
* «إِيَّاكَ نَعْبُدُ – وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ»
وفي نفس الوقت تعبدون «مصدرًا ثانيًا للتشريع» دوّنه المُحدّثون حسب مدارسهم في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف، ولم آمركم باتباعه، وإنما أمرت المؤمنين في «عصر التنزيل» بطاعة «الرسول» لأنها من مقتضيات هذا العصر؟!
٥- إن فعالية «السمع والطاعة» لرسول الله محمد، لا تتحقق مطلقا بـ «روايات» منسوبة إليه، عليه السلام، وإنما بـ «المعاصرة» له، ومشاهدته، والاستماع لـ «حديثه» الذي خرج على لسانه:
وهذا ما نفهمه من خطاب الله تعالى للمؤمنين «الأنفال / ٢٠»:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ»:
* «أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ»
* «وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ – وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ»
٦- فمن الذي أذن للمسلمين أن يحوّلوا «الضمائر» الخاصة بتفاعل الرسول مع مقتضيات عصر التنزيل واكتمال الدين، وفي مقدمتها السمع والطاعة، كما أشارت إلى ذلك الآية «النساء / ٦٥»:
* «فَلاَ وَرَبِّكَ – لاَ يُؤْمِنُونَ»
* «حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ – فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»
– فحوّلوا «يُحَكِّمُوكَ»، الخاصة برسول الله وحده، إلى «يُحَكِّمُونكُم» لتشمل «المحدثين» الذين ظهروا بعد وفاة الرسول بقرون من الزمن!
«أَفَلاَ تَعْقِلُونَ – أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ – أَفَلاَ تَتَّقُونَ»؟!
٧- أنا شخصيًا، «محمد مشتهري»، لو كنت أعيش في عصر التنزيل، لأطعت الرسول في كل ما نطق به لسانه وسمعته أذناي، وكيف لا وقد أقر قلبي بصدّق «نبوته» وبصدق «آيته القرآنية العقلية»، والله تعالى يقول بعد ذلك:
* «ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ – فِي أَنفُسِهِمْ – حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ – وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً»؟!
٨- هل عندما خرج المسلمون من بطون أمهاتهم، وإلى أن بلغوا النكاح واكتمل رشدهم، وجدوا من يُعلمهم أن في مقدمة «مقتضيات الوحدانية» التي يشهدون بها:
الفهم الواعي لمعنى «إله» ومعنى «رب»، قبل أن يحفظوا سورة الفاتحة، ويقولون:
* «الْحَمْدُ للّهِ – رَبِّ الْعَالَمِينَ»
وهم لا يعلمون لماذا «الْحَمْدُ للّهِ» ومن هو «رَبّ الْعَالَمِينَ»؟!
٩- «الإله»: أصله «ولاه»:
بمعنى أن الخلق يؤلهون إليه في حوائجهم، فقلبت الواو همزة، ولا يكون «إلهًا» حتى يكون «معبوداً» في السماوات والأرض، فـ «الله» المألوه هو «الإله» المعبود، فتدبر:
* «وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ»
* «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ»
١٠- «الرب»: مصدر رب، يرب، الربوبية:
وهو المتكفل برعاية مصالح موجود، فنقول: رب الدار، رب الأسرة، رب المال …، ولا ت تعدى «ربوبيته» حدود الدار أو الأسرة أو المال الذي يملكه، ومن ذلك قول يوسف، عليه السلام، لأحد صاحبيه في السجن:
* «اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ»
لأن «ربوبيته» لا تتعدى «ملكه».
١١- ولكن عندما نقول:
* «الْحَمْدُ للّهِ – رَبِّ الْعَالَمِينَ»
فلا يوجد «رَبٌ للْعَالَمِين» غير «الله» الذي قال للناس جميعًا منذ أنزل هذا القرآن:
* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»:
(أ): «اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ»
(ب): «الَّذِي خَلَقَكُمْ»
(ج): «وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ»
(د): «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»
* ولم يخرج أحد، خلال قرون مضت من الزمن، يُكذب ما نسبه الله تعالى إلى نفسه.
١٢- فإذا عُرّف لفظ «رب» بالألف واللام، وقلنا «الرب» فلا نقصد غير «الله تعالى» الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهن:
* «لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ – وَمَا فِيهِنَّ – وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
* «وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ – وَمَا بَيْنَهُمَا – وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»
١٣- ولا تنفصل الربوبية عن الإلهية، فكل منهما يستلزم الآخر، الربوبية تستلزم الإلوهية، والإلهية تستلزم «الربوبية»:
وكما اتصف خالق هذا الوجود بـ «الإله»، «رَبِّ الْعَالَمِينَ»، «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»، «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»، فإن الكفر بأي صفة من هذه الصفات، كفر بالصفات كلها، ولذلك قال الله تعالى:
* «كَذَلِكَ أَرْسَلْ نَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ»:
– «لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ»:
– «وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ»:
– «قُلْ هُوَ (رَبِّي) لاَ (إِلَـهَ) إِلاَّ هُوَ»:
– «عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ».
المُتصف بـ «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» وهو وحده «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»
١٤- ثم تدبر قول الله تعالى بعد ذلك:
* «وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً – سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ – أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ- أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى – بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً»
فأين جواب «لو» الذي كان يجب أن يأتي قبل «بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً»؟!
إن عدم الإتيان بـ «الجواب»، من الأساليب البيانية البلاغية، التي انفردت بها آيات الذكر الحكيم، ومنها ما يُعرف بـ «دلالة المقام»:
أي ماذا تتوقع أيها الإنسان الكافر بـ «الإلهية» وبـ «الربوبية»، لو أنك وجدت أن هذا القرآن يستطيع أن يُحرك الجبال من أماكنها، أو أن تُقَطّع به الأرض قطعًا، أو إذا كلّمَ الموتى عادوا إلى الحياة؟!
١٥- ولأنك أيها الكافر الجاحد لنعم الله عليك، لا تعلم أن «الآيات الحسية» التي تراها الأعين قد انتهت ببعثة النبي الخاتم، رسول الله محمد، وأن البرهان على صدق «نبوته» ليس برهانا «حسيًا» وإنما برهانٌ عقليٌ:
«برهانٌ عقليٌ»: يراه القلب بآليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه … إلى آخر الآليات، وهذا كان رد الله على الذين طلبوا من رسول الله محمد «الآيات الحسية» فقال تعالى:
* «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ – أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ- يُتْلَى عَلَيْهِمْ»
* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْر َى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»
ولكن: أين هم «القوم المؤمنون»؟!
محمد السعيد مشتهري



