

(1757) 28/3/2021 عندما يحكم «المنهج الهرمنيوطيقي» قلوب نجوم «الفكر الإسلامي»
يناير 26
5 min read
0
0
0
المهم أن تصل وتجلس على «كرسي النجوم»، ثم بعد ذلك قل في «دين الإسلام» وفي «أحكام القرآن» ما شئت حتى وإن لم يصدقه عاقل، ولا تقلق سيعجب بك الآلاف والملايين، طالما أنك جالسٌ على «كرسي النجوم».
عندما تصبح «نجمًا دينيًا» قل ما شئت في «دين الله»، فلن يبحث «التابعون» عن مدى صحة ما تقول، وإن حدث واستمع إليك «عالم» فلن يستمع إليك مرة أخرى:
ولن يحاول أن يُصحح لك جهلك لأنه يعلم أن من جلس على «كرسي النجوم» يشعر بأنه أعلم العلماء، ولذلك كان «التابعون» دوما هم ضحايا النجوم «المتبوعين»، ويوم القيامة «البقرة / ١٦٦-١٦٧»:
* «إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ – مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ – وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ – وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ»:
* «وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ – لَ وْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً – فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ – كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا»:
* «كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ – وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ»
١- يقول الداعية الإسلامي «الحبيب علي الجفري» في فضل ليلة النصف من شعبان:
«ليلة النصف من شعبان، ليلة شريفة لها فضل، ثبتت آيات وأحاديث في فضل ليلة النصف من شعبان»
* أقول:
(أ): إذن فقد وصف الشيخ «ليلة النصف من شعبان» بأنها:
«ليلة – شريفة – لها فضل»
(ب): وأن هناك آيات وأحاديث تثبت شرف هذه الليلة وفضلها.
فتعالوا نتعرف على كيف يعمل «المنهج الهرمنيوطيقي» ويؤثر في قلوب الناس عندما يكون صاحبه جالسًا على «كرسي النجومية»:
* يعتمد على أنك تثق في «الشيخ الجفري»، الذي قال لك إن القرآن والأحاديث النبوية يثبتان فضل «ليلة النصف من شعبان»، فيتعلق هذا القول بقلبك ولن تقبل غيره.
٢- ثم تجد نفسك تقبل أي كلام يقوله لك بعد ذلك «الشيخ الجفري» دون أن تُفكر فيه، ولا أن تشغل بالك بالتحقق من مدى صحته، لأن الشيخ «غسل قلبك» من البداية ووضع فيه ما يهمك وهو أن ليلة النصف من شعبان «ليلة – شريفة – لها فضل».
٣- ثم يقول الشيخ:
والأحاديث التي وردت في «فضل» ليلة النصف من شعبان منها:
(أ): الصحيح (ب): الحسن (ج): الضعيف (د): شديد الضعف.
(ب): إن الذي لم يصح فيه «حديث» هو تخصيص الليلة بنوع من «العبادة»، أما الليلة ذاتها، فشرفها وفضلها مجزوم به، ثابت في الكتاب والسنة.
* أقول:
كيف يجزم الشيخ بثبوت شرف وفضل ليلة الن صف من شعبان، بعد أن أقر بعدم صحة كل الأحاديث التي وردت في تخصيص هذه الليلة بعبادة، وهناك من قال بعدم صحة أي حديث في فضل هذه الليلة؟!
وإذا كان الشيخ يقصد بقوله «الليلة ذاتها ففضلها ثابت» عند الله، فهذا أمر لا يعلمه إلا الله، أما إذا كان يقصد أن يقوم المسلم بأداء أي نوع من أنواع العبادة في هذه الليلة التي لها فضل عند الله، فيكون بذلك أثبت «العبادة» وناقض نفسه:
وإلا فما جدوى وجود «حديث» يُشير إلى فضل ليلة النصف من شعبان، إذا لم يكن المقصود أن ينشغل المسلم فيها بـ «عبادة»؟!
٤- ثم يقول الشيخ:
أما الآية الدالة على فضل ليلة النصف من شعبان فهي قول الله تعالى «الأحزاب / ٥٦»:
* «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ – يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ – وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»
* أقول:
(أ): إن «أسباب نزول السور والآيات» بحرٌ متلاطم الأمواج، يستحيل أن تقترب منه ولا أن تعلم منه الحقيقة، وقد تمكث ساعات ولن تصل إلى برهان قطعي الدلالة على أن الآية «الأحزاب / ٥٦» نزلت في «ليلة النصف من شعبان».
(ب): ولذلك لم يأت الشيخ بالدليل على أن الآية «الأحزاب / ٥٦» نزلت في «ليلة النصف من شعبان»، وإنما جاء بشيء آخر فقال:
فذكر عدد من أهل التفسير، أن الليلة التي يُفرق فيها كل عمل حكيم، هي ليلة النصف من شعبان.
ويقصد الشيخ الليلة التي وردت في الآية «الدخان / ٣-٤»:
* «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ – فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»
(ج): فأين الدليل، الذي ورد في الآيتين السابقتين، على أن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان؟!
٥- إن الآيات التي ربطت نزول القرآن بليلة معينة هي:
(أ): «شهْرُ رمضانَ الذِي أُنْزِلَ فيهِ القُرْآنُ»
(ب): «إنَّا أنْزَلْنَاهُ في ليلةٍ مُبَارَكَةٍ إنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ»
(ج): «إنَّا أنْزَلْناهُ في ليلةِ القدْر»
* فما هذه الجرأة على اقتحام «عالم الغيب»، للبحث فيه عن هذه الليلة التي أخفاها الله حتى لا ينشغل «المتطفّلون» بها، فقال تعالى إنه أنزل القرآن في «شهر» رمضان ولم يُحدد في أي ليلة؟!
٦- ومع ذلك يُصر الشيخ أن لليلة النصف من شعبان فضلًا، فيقول:
ووردت أحاديث عديدة في فضيلة الليلة:
(أ): ذكر علي بن أبي طالب أن أربع ليال في السنة تُستجاب فيها الدعوة، لم يكن ينام في «أربع ليال» في السنة يقضيها في العبادة، وهي:
أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلتي عيد الفطر وعيد الأضحى.
(ب): وثبت أن الإمام الشافعي ذكر أن «خمس ليالي» تُستجاب فيها الدعوة، وأضاف ليلة الجمعة.
فإذا ثبت فضلها، ثبت استحباب أن يزيد الإنسان من الطاعة فيها.
(ج): ثم تدبروا ماذا قال الشيخ بعد ذلك:
– نعم لم يثبت حديث صحيح في تخصيص هذه الليلة بعبادة معينة.
– ولكن إن ثبت فيها زيادة فضل ثبت استحباب زيادة الطاعة فيها.
– فهي ليلة شريفة يحرص الإنسان فيها على فعل الطاعات، وعلى الذكر وعلى تلاوة القرآن الكريم، وصلة الأرحام، وإدخال السرور على الصبيان، والتواصل بين الجيران.
* أقول:
ماذا يعني الشيخ بقوله:
«إن ثبت فيها زيادة فضل – ثبت استحباب زيادة الطاعة فيها»
ولم يثبت فيها، لا في «القرآن»، ولا في «السُنّة»، أي شرف، ولا فضل، ولا تخصيص بعبادة؟!
٨- والقاصمة الكبرى، التي قصمت ظهور المقلدين التابعين بغير علم، أن «علم أسباب النزول»، يعيش أصلًا في هذا البحر المتلاطم الأمواج الذي لا قرار له، وبرهان ذلك:
(أ): أن الكتب المطبوعة في «أسباب النزول»، والتي وجدت بين أيدي الناس، ظهرت بداية من القرن «الثالث الهجري»، فتدبر:
* «أسباب النزول»: لعلي بن المديني، توفي «٢٣٤ هـ».
* «القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن»: للقاضي عبد الرحمن بن عيسى، توفي «٤٠٢ هـ».
* «أسباب النزول»: لأبي الحسن الواحدي، توفي «٤٦٨ هـ».
* «العجاب في بيان الأسباب»: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، توفي «٨٥٢ هـ».
* «لباب النقول في أسباب النزول»: لجلال الدين السيوط ي، توفي «٩١١ هـ».
(ب): لقد قامت هذه الكتب كلها على قاعدة «الروايات» مثلها مثل «روايات الحديث»، ولذلك سقط «علم أسباب النزول» لذات الأسباب التي أسقطت «علم الحديث»، وفي مقدمتها وجهات نظر المحدثين في صحة الروايات وضعفها.
(ج): قولهم إن كل ما نسبه الرواة إلى النبي لم يقله النبي، وإنما هو ما نقله الرواة عن تابعي التابعين عن التابعين عن الصحابة، ثم دَوّنه المحدّثون بعد وفاة النبي بقرنين من الزمن، ولذلك:
لم يسلم كتاب من كتب «أسباب النزول» من النقد، سواء كان في صحة نسبته إلى صاحبه، أو في منهج صاحبه ومذهبه في تصحيح مرويات الرواة وتضعيفها.
(د): ولقد أسقط «ابن حجر – ت ٨٥٢ هـ» في كتابه «العجاب في بيان الأسباب» صحة مرويات من كتب قبله في «أسباب النزول» كـ «الواحدي – ت ٤٦٨ هـ»، ثم جاء «السيوطي – ت ٩١١ هـ» ونقد أيضا مرويات من قبله.
(هـ): ثم جاء الذين ألفوا كتب «أسباب النزول» في العصر الحديث، وهدموا كثيرا من «الروايات» التي حملتها كتب السابقين، ومن هذه الكتب الحديثة كتاب «الصحيح المسند من أسباب النزول».
(و): وهذه رسالة دكتوراه عن كتاب «لباب النقول في أسباب النزول – للسيوطي» مقارنة بكتاب «أسباب النزول – للواحدي»، أثبت فيها الباحث أن عدد الروايات التي ذكرها السيوطي «١٣٢٠» رواية، وزاد على الواحدي «٩٥٥» رواية.
(ز): وخرج من يرفض ما يُسمى بـ «علم أسباب النزول» ويقول:
«إن العبرة بعموم اللفظ – لا بخصوص السبب»
ولا يصح ربط الآيات القرآنية بالأحداث التاريخية.
(ح): فإذا ذهبنا إلى «الشيعة» وجدنا أنهم يختلفون مع «السُنّة» في أسباب نزول الآيات، لأنهم ينطلقون في ذلك من منهج مستقل يوافق مذهبهم العقدي، ومن بين كتبهم كتاب:
«الأسباب والنزول على مذهب آل الرسول – لأبي جعفر الطبري الشيعي – ت ٥٨٨هـ»
(ط): إنه حقًا بحر متلاطم الأمواج لا قرار له، فإذا ذهبنا إلى التوجه «نحو إسلام الرسول»، الذي يشترط للدخول في «دين الإسلام»:
* أن يخلع المرء ثوب الجاهلية التي كان فيها.
* ويلبس ثوب الإقرار العلمي بصدق «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة له اليوم.
* علمنا حقيقة النعمة التي أنعم الله بها على الذين جعلوا بوصلة تدينهم «نحو إسلام الرسول».
محمد السعيد مشتهري
الرابط:



