top of page

(1779) 22/4/2021 لغة القرآن وأساليبها البيانية البلاغية [١٠]

يناير 26

4 min read

0

0

0

«ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ – لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

إن القرآن ليس «كتابًا إلهيًا» كالكتب التي سبقته، وأمر الله أهلها بحفظها فلم يحفظوها، وجعلوها روايات نسبوها إلى أئمتهم، تماما كما نَسَبَ المحدثون المسلمون الروايات إلى رسول الله محمد والله لم يأذن بها.

إن القرآن «آية إلهية عقلية» دالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والله لم يأمر المسلمين بحفظها، وإنما تعهد بحفظها بنفسه، لتكون حجة على الناس جميعًا إلى يوم الدين.

فلماذا يتعامل المسلمون مع القرآن ككتاب حصل مؤلفه على جائزة نوبل في «علم اللاهوت»، أي العلم الذي يبحث في وجود الله وصفاته والعلاقة بينه وبين الكون وماذا يطلب الله من الناس؟!

إن علوم «اللاهوت» كلها منسوبة إلى البشر، و«الإله» الذي أنزل القرآن هو الذي خلق البشر، وشرّف هذا القرآن بأن جعله كلامه «يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ» وحديثه «فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ».

ولقد نزل «كلام الله» باللغة التي كان ينطق بها لسان قوم رسول الله محمد من قبل بعثته، فكيف يتعامل المسلمون مع «كلام الله» وهم يجهلون لغته وأساليبه البيانية البلاغية؟!

فهل عندما يقرأ المسلمون آيات الذكر الحكيم، يتدبرون «الإيقاع الموزون» الموجود في الحرف والكلمة والجملة والآيات، والدال على فعالية قول الله تعالى:

* «كِتَابٌ – أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ – ثُمَّ فُصِّلَتْ – مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ – قُرآناً عَرَبِيّاً – غَيْرَ ذِي عِوَجٍ – لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»؟!

* «لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»:

فهل وقف المسلمون على علاقة «التقوى» بإحكام الآيات وتفصيلها باللغة العربية وأساليبها البيانية، وربّوا أولادهم على فعالية هذه العلاقة؟!

١- إن «الإيقاعات الموزونة» المتعلقة بتفعيل آليات التفكر والتعقل والتذكر والتدبر … للوقوف على دلائل الوحدانية والعمل بمقتضياتها ومنها الالتزام بأحكام القرآن:

تسعى جميعها إلى تحقيق هدف واحد هو «تقوى الله»، وهو الفريضة الغائبة عن حياة ٩٩٪ من المسلمين أتباع الفرق والمذاهب الإسلامية:

إن القلب الذي يخاف الله ويتقي معصيته، ويعمل بأوامره بعد أن تعقّلها وتذكّرها، يستحيل أن يكون من «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، وهم الـ ٩٩٪، كما يستحيل أن يهجر لغة القرآن وأساليبه البيانية، فيأتي الملحدون ويستغفلوه، ويُحلّوا له الخبائث وكشف العورات وتحريف الصلوات.

٢- لقد جاء هذا الإيقاع الموزون «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» عقب بيان أن «دين الإسلام»، الذي حمله «القرآن»، هو الصراط المستقيم واجب الاتباع:

* «وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً»:

* «فَاتَّبِعُوهُ – وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ»

* «ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ – لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

والسؤال:

ألم يتفرق ٩٩٪ من المسلمين عن سبيل الله وصراطه المستقيم، بإصرارهم على «شرك التفرق في الدين»، والـ ١٪ معظمهم من القرآنيّين والملحدين:

* «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا – وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»؟!

هل هناك باحث عاقل، مهما كانت ملته، تخصص في دراسة أحوال الملل والنحل الدينية، يمكن أن يخرج بغير النتيجة السابقة، إذا أراد أن يكتب عن مذاهب المسلمين وتوجهاتهم الدينية الإسلامية؟!

من أجل ذلك:

انفصل التوجه «نحو إسلام الرسول» عن كل التوجهات الدينية، وتعامل مع القرآن باعتباره «الآية الإلهية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، ويدعو المسلمين جميعًا إلى إعادة الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح باب الإقرار بصدق هذه الآية.

وأتعجب كل العجب، من انشغال المسلمين بمسائل دينية لا علاقة لها مطلقا بأزمتهم العقدية التي لو ماتوا عليها دخلوا جهنم:

فكيف يقولون لله في صلاتهم «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ» وهم يُصرّون على إعطاء ظهورهم لقوله تعالى:

* «وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ – فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ»؟!

الحقيقة لا أعلم: هل هؤلاء غافلون أم مُغفّلون أم مجانين؟!

فماذا أقول عندما تبدأ الآية:

بأمر مؤكد «وَأَنَّ» يُشار إليه بـ «هَذَا»، ثم بيان أنه صراط الله وليس البشر، «صِرَاطِي مُسْتَقِيماً»، والمطلوب «فَاتَّبِعُوهُ»، ثم جاء بنهي التحريم «وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ» لأن النتيجة «فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ»:

ومع كل هذا البيان الواضح، قطعي الدلالة، لم يتق المسلمون ربهم ويُصرّون على اتباع سبل الفرق والمذاهب الإسلامية العقدية والفقهية، والله يدعوهم إلى سبيل واحد فقط هو صراطه المستقيم.

٣- وأتعجب كل العجب، من قوم تخصصوا في إثارة الشبهات الإلحادية المتهافتة بالنسبة للعلماء، القاصمة لظهور الجهلاء وهم كثر، ومن ذلك قولهم:

لماذا قال الله تعالى في أول سورة البقرة عن كتابه الخاتم:

* «ذَلِكَ الْكِتَابُ – لاَ رَيْبَ فِيهِ – (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)»

وقال في آية بيان أحكام الصيام:

* «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (هُدًى لِّلنَّاسِ)»

وهؤلاء الذين يثيرون مثل هذه الشبهات المتهافتة، هم أصلًا من الملحدين، الذين لا علاقة لهم لا بـ «التقوى» ولا بـ «الناس» لأنهم كما وصفهم الله تعالى:

* «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ – بَلْ هُمْ أَضَلُّ – أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»

والبراهين القرآنية على ذلك كثيرة، فيقول الله تعالى:

(أ): «يَا أَيُّهَا النَّاسُ – اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ – وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ»:

* «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»

فعندما يقول الله تعالى إن القرآن «هُدًى لِّلنَّاسِ»، فذلك من باب هدايتهم إلى صراط الله المستقيم، أي من باب «الدعوة»، فمن اهتدى كان من «المتقين» الذين يهتدون بهدي الكتاب «هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ»:

ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك لهؤلاء الناس:

* «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا»:

* «فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ – وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ – إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»

فهذا هو أول الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة التي «أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ»: استحالة أن يأتي الناس «بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ»:

* «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ – وَلَن تَفْعَلُواْ»:

* «فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ»

* «أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»

وهذه الآية هي البرهان قطعي الدلالة، على وجوب أن يخلع المسلمون جميعًا ثوب التفرق في الدين، وأن يدخلوا في «دين الإسلام» من باب الإقرار العلمي بصدق نسبة هذا القرآن إلى الله تعالى، هذا إن كانوا «مِنَ الْمُتَّقِينَ».

(ب): «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ … وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ … تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا»:

* «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ – لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»

فما علاقة «الناس» بهذه الأحكام؟!

إن كلمة «كَذَلِكَ»، في هذا السياق، جاءت لبيان سنة دعوة الله الناس إلى «دين الإسلام»، على مر الرسالات، ولذلك قال «آيَاتِهِ» ولم يقل «أحكامه»، فإذا بان لهم الحق اتبعوه وكانوا «مِنَ الْمُتَّقِينَ»، وإذا لم يتبعوه فقد أقام الله تعالى عليهم الحجة.

وفي هذا السياق يقول الله تعالى:

* «وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ»:

– «لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً»

– «قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ»

– «وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»

ثم تدبر ماذا قال الله تعالى بعدها وهي الفريضة الغائبة عن حياة المسلمين:

* «فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ»:

– «أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ»

– «وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ»

(ج): واترك لكم تدبر «الإيقاعات الموزونة» في الآيات التالية:

* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً – وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ»

ـ «(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً»

* «وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ»:

– «لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»

– «قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ»

– «(لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)»

محمد السعيد مشتهري

يناير 26

4 min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page