top of page

(1783) 26/4/2021 لغة القرآن وأساليبها البيانية البلاغية [١٣]

يناير 26

3 min read

0

0

0

إن التغير الذي نلاحظه في مبنى الكلمة القرآنية، بالزيادة أو النقص، أو العدول عن صيغة من الألفاظ إلى صيغة أخرى، صفة رئيسة من صفات لغة القرآن وأساليبها البيانية التي تُظهر جمال المعنى وإحكام صياغته.

١- يقول الله تعالى «الأنعام / ٩٩»:

* «وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ»

– «مُشْتَبِه»: اسم فاعل من «اشتبه»:

كما نقول: اشتبه الشَّيئان وتشابها، استوى وتساوى، اشترك وتشارك، وأشبه هذا هذا: إذا قاربه وماثله، من باب الافتعال والتَّفاعُل.

وتُستخدم كلمة «اشتبه» عند وجود «التباس» بين الأشياء.

ويقول الله تعالى «الأنعام / ١٤١»:

* «وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ»

– «مُتَشَابِه»: اسم فاعل من «تشابه».

وتُستخدم كلمة «تشابه» إذا كان هناك «اشتراك» بين الأشياء في معنى من المعاني.

– فإذا نظرنا إلى الكلمتين «مشتبهًا – متشابهًا» وجدنا أن اشتقاقهما من «الشَّبه»، أي أصولهما «الشِّين – الباء – الهاء»، ويدلان على الافتعال والتَّفاعُل:

فـ «الاشتباه» يعني الالتباس، و«المشابهة» تعني المشاركة في معنى من المعاني، فما علاقتهما بالسياق الذي ورد فيه الكلمتان «مشتبهًا – متشابهًا»؟!

– إذا تدبرنا سياق الآية «الأنعام / ٩٩» الذي وردت فيه الكلمة الأولى «مشتبهًا»:

* «وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ – (مُشْتَبِهًا) – وَغَيْرَ – مُتَشَابِهٍ»

نجد أنه يتحدث عن دلائل الوحدانية للرد على المكذبين، بداية بقوله تعالى «الأنعام / ٩٥»:

* «إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى – يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ – وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ – (ذَلِكُمُ اللّهُ) – فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»

ولما كانت دلائل الوحدانية تحتاج إلى تفعيل آليات التفكر والنظر والتأمل، كما هو الحال مع الأمور المشتبهة، ناسب أن يأتي في هذا السياق، بعد كلمة «مُشْتَبِهًا»، ببيان فعالية قدرة الله قال تعالى:

* «انظُرُواْ – إِلِى ثَمَرِهِ – إِذَا أَثْمَرَ – وَيَنْعِهِ»

– وإذا تدبرنا سياق الآية «الأنعام / ١٤١» الذي وردت فيه الكلمة الثانية «متشابهًا»:

* «وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ – (مُتَشَابِهًا) – وَغَيْرَ – مُتَشَابِهٍ»

نجد أنه يرد على شبهات المكذبين في مسائل الحلال والحرام «الأنعام / ١٣٨»:

* «وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاءُ (بِزَعْمِهِمْ)»

* «وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا – وَأَنْعَامٌ لاَ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا (افْتِرَاءً عَلَيْهِ)»

* «سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ»

ولما كان المنطلق الذي ينطلق منه المشركون هو افتراء الكذب على الله تعالى وإثارة الشبهات، ناسب أن تأتي بعد كلمة «مُتَشَابِهًا»:

* «كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ»

فعند أكل ثمار هذه الأشجار يتبين للإنسان فعالية قدرة الله تعالى في اشتراك ومشابهة الأصناف في الشكل، مع اختلافها في الطعم.

٢- يقول الله تعالى «الأعراف / ١٠٩-١١٢»:

* «قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا (لَسَاحِرٌ) عَلِيمٌ»

* «يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ»

* «قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ»

* «يَأْتُوكَ بِكُلِّ (سَاحِرٍ) عَلِيمٍ»

ويقول الله تعالى «الشعراء / ٣٤-٣٧»:

* «قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا (لَسَاحِرٌ) عَلِيمٌ»

* «يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ»

* «قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ»

* «يَأْتُوكَ بِكُلِّ (سَحَّارٍ) عَلِيمٍ»

والسؤال:

لماذا قال الله تعالى في الأولى «الأعراف / ١١٢»:

* «يَأْتُوكَ بِكُلِّ (سَاحِرٍ) عَلِيمٍ»

وقال في الثانية «الشعراء / ٣٧»:

* «يَأْتُوكَ بِكُلِّ (سَحَّارٍ) عَلِيمٍ»؟!

وقد وُصف القائم بالسحر في الحالتين بـ «عَلِيمٍ» الدال على المبالغة والتناهي في «علم السحر»؟!

والجواب:

عندما نتدبر السياق الذي سبقت الآية «الأعراف / ١١٢»:

* «يَأْتُوكَ بِكُلِّ (سَاحِرٍ) عَلِيمٍ»

نجد أن الملأ يقولون لفرعون «الأعراف / ١٠٩-١١٠»:

* «قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ»

* «يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ»

ولم يأتوا هنا بكلمة «بِسِحْرِهِ» التي وردت في «الشعراء / ٣٥»:

* «يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم (بِسِحْرِهِ) فَمَاذَا تَأْمُرُونَ»

فإذا تدبرنا سياق الآية التي سبقت الآية السابقة، وهي «الشعراء / ٣٤»، نجد أن فرعون يقول للملأ:

* «قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ – إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ»

أي انتبهوا أيها الملأ، فـ «موسى» ليس ساحرًا عاديًا، إنه «سَاحِرٌ عَلِيمٌ»، فاحذروه:

فكان من الطبيعي أن يكون في جوابهم مبالغة في وصف السحرة، من باب أن تطمئن نفس فرعون، فأظهروا له الفرق بين «السَّاحر»، و«السَّحَّار» بصيغة المبالغة، أي العليم بسحره، وقالوا:

* «قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ»

* «يَأْتُوكَ بِكُلِّ (سَحَّارٍ) عَلِيمٍ»

٣- واجب منزلي:

(أ): إن «أتى» غير «آتى»:

فـ «أَتَى» في قول الله تعالى:

* «إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

* «فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ»

غير «آتَى» في قول الله تعالى:

* «وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ»

* «فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ»

(ب): و«أثر» غير «آثر»:

فـ «أثر» في قول الله تعالى:

* «سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ»

* «قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى»

غير «آثره» في قول الله تعالى:

* «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»

* «قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ»

وهكذا يكون التعامل مع آيات الذكر الحكيم، التي حملت الآية الإلهية العقلية الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد، عليه السلام.

محمد السعيد مشتهري

يناير 26

3 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page