

(1787) 30/4/2021 لغة القرآن وأساليبها البيانية البلاغية [١٧]
يناير 26
3 min read
0
1
0
تكرار حرف «ما» في سياق الحديث عن «تسبيح» الله تعالى
لماذا يتكرر لفظ «ما»، فيما يتعلق بـ «تسبيح ما في الأرض»، فيقول الله تعالى:
«سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ – وَمَا فِي الأرْضِ»
– ولا يتكرر في البعض الآخر، كقول الله تعالى:
«سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ – وَالأرْضِ»؟!
١- التَّسْبِيح، في السياق القرآني، هو تنزيه الله تعالى عن النَّقاَئِص، ويكون في كل الأزمنة:
«النهار – أطراف النهار – الصُّبْح – الغُدُوّ – البُكرة – قبل طلوع الشمس – الإشراق – الظهر – العَشِيّ – الأَصيل – قبل غروب الشمس – المساء – الليل – آناء الليل – إدبار النجوم – حين القيام – أدبار السجود»
* «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ – وَمَن فِيهِنَّ – وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدهِ – وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ – إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا»
* «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى – الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى – وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى – وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى – فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى»
٢- عندما «يتكرر» لفظ «ما» مع «تسبيح ما في الأرض»، يكون الحديث عن أحكام الجهاد فقط وقتال المعتدين، الأمر الذي يحتاج إلى التأكيد على أن لله تعالى جنودًا من المسبحين، تنصر المؤمنين على الأرض:
(أ): يقول الله تعالى «الحشر / ١-٢»:
* «سَبَّحَ لِلَّهِ – (مَا فِي) السَّمَاوَاتِ – (وَمَا فِي) الأرْضِ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»:
– «هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ»:
– «مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ»
– «فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ»
– «يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ»
– «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ»
(ب): يقول الله تعالى «الصف / ١-٤»:
* «سَبَّحَ لِلَّهِ (مَا فِي) السَّمَاوَاتِ (وَمَا فِي) الأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»:
– «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ»
– «كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ»
– «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ»
(ج): يقول الله تعالى «الجمعة / ١-٨»:
* «يُسَبِّحُ لِلَّهِ (مَا فِي) السَّمَاوَاتِ (وَمَا فِي) الأرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ»:
– «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ»
– «يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ»
– «وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ»
– «وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ»
إلى قوله تعالى:
* «قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ»:
– «ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ»
– «فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
(د): يقول الله تعالى «التغابن / ١-٦»:
* «يُسَبِّحُ لِلَّهِ (مَا فِي) السَّمَاوَاتِ (وَمَا فِي) الأرْضِ – لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»:
– «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»
إلى قوله تعالى:
* «أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ – فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ – وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»
* «ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ – فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا – فَكَفَرُوا وَت َوَلَّوا – وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ – وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ»
٣- وعندما «لا يتكرر» لفظ «ما» في سياق «التسبيح»، يكون الحديث عن أصول الإيمان وفعالية أسماء الله الحسنى في هذا الوجود، الأمر الذي لا يحتاج إلى تأكيد، ذلك أن كل ذرة في هذا الكون تحمل أمر «التسبيح» في ذاتها:
(أ): يقول الله تعالى «الحديد / ١-٣»:
* «سَبَّحَ لِلَّهِ (مَا فِي) السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ – وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
* «لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ – يُحْيِي وَيُمِيتُ – وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
* «هُوَ الأوَّلُ وَالآخر – وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ – وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»
(ب): يقول الله تعالى «الحشر / ٢٣-٢٤»:
* «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ»:
– «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ»
– «هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاء الْحُسْنَى»
* «يُسَبِّحُ لَهُ (مَا فِي) السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
٤- فكان «التسبيح» أصلًا من أصول الإيمان التي يجب أن تقوم عليها حياة المؤمن، فتدبر:
* «قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي – أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي – وَسُبْحَانَ اللّهِ – وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
* «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ – وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ – قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ – وَقَبْلَ غُرُوبِهَا – وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ – وَأَطْرَافَ النَّهَارِ – لَعَلَّكَ تَرْضَى»
* « فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ – لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»
* «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ – فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ»
* «إِذَا جَاء نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ – وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجًا – فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابً»
محمد السعيد مشتهري



