top of page

(1794) 5/5/2021 لغة القرآن وأساليبها البيانية البلاغية [٢٢]

يناير 26

7 min read

0

0

0

لَيْلَةُ الْقَدْرِ بَيْنَ الْإِنْزَال وَالتَّنْزِيل

# أولًا: وزن الكلمات:

١- «أَنْزَلَ»: على وزن «أَفْعَل».

٢- «نزَّل»: على وزن «فَعَّل».

ومع أن اللفظين بمعنى واحد وهو «النزول»، إلا أن التضعيف الذي في «نزَّل» يقوي الفعل، ويجعله أكثر فعالية في تكرار «النزول» من الفعل غير المضعف «أَنْزَلَ».

مثال:

(أ): كلمة «كَسَّر – فَعَّل»: أقوى في تكرار فعل التكسير.

(ب): كلمة «كَسَرَ – فَعَلَ»: أضعف لأنها تفيد الكسر مرة واحدة.

٣- وعليه فإن:

(أ): «نَزَّل»: تفيد تكرار النزول وتتابعه.

(ب): «أنْزَلَ»: تفيد النزول دفعة واحدة.

مثال:

قول الله تعالى «آل عمران / ٣»:

* «(نَزَّلَ) عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ – مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ – وَ(أَنْزَلَ) التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ»

– فجاء بـ «نَزَّلَ» لبيان أن كتاب الله الخاتم نَزَلَ على فترات مُفَرَّقًا.

– وجاء بـ «أَنْزَلَ» لبيان أن التوراة والإنجيل نزلتا جملة واحدة.

وهذا ما أكده قول الله تعالى ««النساء / ١٣٦»:

* «آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي (نَزَّلَ) عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ (أَنزَلَ) مِن قَبْلُ»

٤- والبرهان على أن القرآن نزل «مُفَرَّقًا» هو قول الله تعالى «البقرة / ١٠٥»:

* «وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ – لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ – وَ(نَزَّلْنَاهُ) تَنزِيلاً»

و«نَزَّلَ» و «نَزَّلْنَاهُ» بيان لنزول القرآن مُفَرَّقًا، وهذا ما كان يعلمه الكافرون وتعجبوا منه، ولذلك قالوا «الفرقان / ٣٢»:

* «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا – لَوْلَا (نُزِّلَ) عَلَيْهِ الْقُرْآنُ (جُمْلَةً وَاحِدَةً)»؟!

فهم يريدون أن ينزل القرآن «جُمْلَةً وَاحِدَةً» كما نزلت الكتب الإلهية السابقة، ولكن السؤال:

لماذا استخدم الكافرون كلمة «نُزِّلَ» التي تفيد التكرار والتتابع، وكان عليهم أن يستخدموا كلمة «أُنْزِلَ» التي تفيد النزول «جُمْلَةً وَاحِدَةً» لتناسب طلبهم؟!

# ثانيًا:

عندما نذهب إلى علوم اللغة العربية، نجد أن التضعيف الذي في «نَزَّل» للتعدية، وأن الهمزة التي في «أَنْزَلَ» للتعدية أيضًا، وأنه لا فرق بين الكلمتين في معنى «النزول»:

وأن القول بأن «نَزَّل» تفيد تكرار النزول، و«أنْزَلَ» تفيد النزول دفعة واحدة، يتوقف على القرائن التي يحملها السياق.

١- إذا اجتمع «نَزَّلَ» و«أَنْزَلَ» في سياق واحد، افترقا في الدلالة، وإذا انفردت كل كلمة بسياقها، قد يكون استخدام الكلمة لا لبيان تكرار النزول من عدمه، وإنما لبيان قوة الفعل من ضعفه.

مثال:

كلمة «نُزِّلَ» في قول الله تعالى «الفرقان / ٣٢»:

* «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا – لَوْلَا (نُزِّلَ) عَلَيْهِ الْقُرْآنُ (جُمْلَةً وَاحِدَةً)»

(أ): نجد أن كلمة «نُزِّلَ» انفردت بسياقها، والمفترض أن تحل محلها كلمة «أُنْزِلَ» ليوافق المعنى نزول القرآن «جُمْلَةً وَاحِدَةً».

(ب): استخدم الكافرون كلمة «نُزِّلَ» لأنهم أهل الفصاحة، فأرادوا الاستفادة من التضعيف الذي في «نُزِّلَ» الدال على قوة تأثير الفعل والاهتمام به، بعيدا عن معنى النزول المتكرر الذي يتعارض أصلًا مع طلبهم أن ينزل القرآن جملة واحدة.

ثم بيّن الله بعد ذلك الحكمة من نزول القرآن «مُفَرَّقًا» فقال تعالى «الفرقان / ٣٣»:

* «وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ – إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ – وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً»

وطبعا كان هذا يحدث خلال فترة التنزيل «٢٣ سنة» والقرآن يتنزل «مُفَرَّقًا» للرد على الشبهات ومواجهة التحديات، ومنها الآيات التي وردت فيها كلمة «يسألونك – يستفتونك».

(ج): ولبيان استخدام «نُزِّلَ» لإفادة قوة تأثير «المُنَزّل» على موضوع السياق، قال الله تعالى في سياق تحريم القعود مع المستهزئين بآيات الله «النساء / ١٤٠»:

* «وَقَدْ (نَزَّلَ) عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ»:

– «أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا»

– «فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ»

– «إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ»

– «إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً»

٢- قلنا إن «نَزَّلَ» و«أَنْزَلَ» إذا اجتمعا في سياق واحد افترقا في الدلالة، فيقول الله تعالى «محمد / ٢٠»:

* «وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلاَ (نُزِّلَتْ) سُورَةٌ»:

– «فَإِذَا (أُنْزِلَتْ) سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ».

هنا يجب أن تختلف الدلالة، فاستخدم كلمة «نُزِّلَتْ» التي تحمل التضعيف لأن المؤمنين يعلمون أن القرآن كان ينزل مُفَرَّقًا، فناسب ذلك استخدام كلمة «نُزِّلَتْ».

ثم استخدم السياق كلمة «أُنْزِلَتْ» للدلالة على الإنزال جملة واحدة، والقرينة على ذلك جملة «سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ» التي جاءت بعدها.

٣- قول الله تعالى «البقرة / ٤»:

* «والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا (أُنزِلَ) إِلَيْكَ – وَمَا (أُنزِلَ) مِن قَبْلِكَ – وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»

فجاء بـ ذلك «أُنزِلَ» في الحالتين بالنظر إلى الكتب الإلهية في صورتها الأخيرة بعد اكتمال تنزيلها، بقرينة أن «أُنزِلَ» الثانية تتعلق بالكتب السابقة التي اكتمل تنزيل كل كتاب منها في عصره.

# ثالثًا:

لا يوجد مسلم يتدبر للقرآن لا يؤمن بأن «القرآن» الذي بين أيدي الناس اليوم، هو نفسه القرآن الذي كان موجودًا قبل بعثة رسول الله محمد:

١- في «اللوح المحفوظ» يقول الله تعالى «البروج / ٢١-٢٢»:

* «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ – فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ»

٢- في «أم الكتاب» يقول الله تعالى «الزخرف / ٣-٤»:

* «وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ»

٣- في «كتاب مكنون» يقول الله تعالى «الواقعة / ٧٧-٨٠»:

* «إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ – فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ – لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ»

ثم قال الله تعالى بعد ذلك:

* «تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ»

(أ): ولقد تعهد الله تعالى بحفظ هذا «التنزيل» الذي كان محفوظًا في عالم الغيب، بعد «تَنَزُّله» على قلب رسول الله محمد في عالم الشهادة.

ولذلك عندما قال الكافرون «الحجر / ٦»:

* «وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي (نُزِّلَ) عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ»

– استخدموا كلمة «نُزِّلَ» لعلمهم أن القرآن كان يَنْزِلُ «مُفَرَّقًا».

– واستخدموا كلمة «الذِّكْرُ» لعلمهم أن «كلمات» القرآن لا قيمة دلالية لها، بدون «مُسَمَّياتها» الموجودة خارجه، والتي هي «مقابلها الكوني».

وبرهان ذلك:

أن الله استخدم نفس كلمة «الذِّكْرُ»، في سياق تعهده بحفظ التنزيل الحكيم، فقال تعالى «الحجر / ٩»:

* «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا (الذِّكْرَ) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

ولاحظ استخدام كلمة «نَزَّلْنَا» لبيان أن القرآن نَزَلَ مُفَرَّقًا.

(ب): نفهم من عملية «التنزيل» التي ورد في قول الله تعالى:

* «تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ»

أن القرآن كان موجودًا «جملة واحدة» في عالم الغيب، في:

«اللوح المحفوظ – أم الكتاب – كتاب مكنون»

ولم يُبيّن الله تعالى ولم يُفَصّل ماهية هذه الأشياء، لأن حواسنا يستحيل أن تدرك حقيقة «مُسَمَّيات» كلماتها لأنها لم تشاهدها، وإنما تفهمها من باب «المجاز» المُقرّب للمعنى المراد بيانه.

(ج): ثم بدأ القرآن «يَتَنَزّل» مُفَرَّقًا من عالم الغيب إلى عالم الشهادة على قلب رسول الله محمد، حسب مقتضيات وأحداث وأحكام عصر التنزيل «الشعراء / ١٩٢-١٩٥»:

* «وَإِنَّهُ (لَتَنزِيلُ) رَبِّ الْعَالَمِينَ – (نَزَلَ) بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ – عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ – بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»

فاستخدم السياق «التنزيل» و«الإنزال» لبيان أن القرآن وإن كان «تنزيلًا» مُفَرَّقًا من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، إلا أنه في نفس الوقت «إنزال» باعتبار أن «جبريل» كان ينزل بدفعة واحدة من الآيات قد تكون سورة، كما قال الله تعالى:

* «فَإِذَا (أُنْزِلَتْ) سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ»

فاستخدم السياق «الإنزال» باعتبار أن المنزل قطعة واحدة، جملة واحدة، سورة واحدة، ولذلك لم يستخدم «التنزيل»، فلم يقل «فَإِذَا (نُزِّلَتْ) سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ …».

# رابعًا:

لقد استخدم السياق القرآني «الإنزال» ولم يستخدم «التنزيل» في الآيات التالية:

١- قول الله تعالى «البقرة / ١٨٥»:

* «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ (أُنزِلَ) فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»

٢- قول الله تعالى «الدخان / ٣»:

* «إِنَّا (أَنزَلْنَاهُ) فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ»

٣- قول الله تعالى «القدر / ١»:

* «إِنَّا (أَنزَلْنَاهُ) فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ»

ففهم المفسرون أن القرآن «نَزَلَ» جملةً واحدةً كاملاً من «اللوح المحفوظ» إلى السماء الدنيا «فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ» هي «لَيْلَةُ الْقَدْرِ» من ليالي «شَهْرُ رَمَضَانَ»، ثم بدأ يتنزل من السماء الدنيا «مُفَرَّقًا» على قلب رسول الله محمد.

* أقول:

من أين جاء المفسرون ببدعة «السماء الدنيا»، وأن الله تعالى في هذه الليلة يُقدّر الأقدار والأرزاق والآجال … فالتمسوا أيها المسلمون هذه الليلة، وادعوا ربكم بما شئتم، فإنه يستجيب لكم؟!

(أ): إننا لا نملك، حسب مقتضيات الوحدانية وأصول الإيمان، إلا أن نقول، إن القرآن الذي بين أيدي المسلمين اليوم، هو نفس القرآن الموجود في عالم الغيب من قبل بعثة رسول الله محمد، عليه السلام.

(ب): إن «إنزال» القرآن و«تنزيله» من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، نؤمن به ونُسَلّم بحدوثه، دون أن نخوض في تفاصيله التي يستحيل أن تدركها حواسنا.

(ج): إن كل ما يتعلق بـ «الإنزال» و«التنزيل» جمعه الله لنا في قوله تعالى «الشعراء / ١٩٢-١٩٥»:

* «وَإِنَّهُ (لَتَنزِيلُ) رَبِّ الْعَالَمِينَ»:

– «(نَزَلَ) بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ»

– «عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ»

– «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»

وكان «الإنزال» حقًا و«التنزيل» حقًا «الإسراء / ١٠٥»:

* «وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ – وَبِالْحَقِّ نَزَلَ – وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً»

ولقد انتهت مرحلة «الإنزال» و«التنزيل» خلال فترة حياة رسول الله محمد، وتوفي الرسول، ووصل إلينا القرآن اليوم محفوظًا بحفظ الله تعالى له، تماما كما هو موجود في عالم الغيب اليوم.

# وعلى هذا الأساس قام التوجه «نحو إسلام الرسول»:

– الذي يتعامل مع كتاب الله الخاتم باعتباره يحمل «الآية القرآنية العقلية» المعاصرة للناس جميعا اليوم، والتي تعهد الله بحفظها إلى يوم الدين، ويشمل المصاحف التي بين أيدي المسلمين اليوم بقراءاتها المتعددة.

(د): إن كل ما يتعلق بقول الله تعالى «الدخان / ٣-٤»:

* «إِنَّا (أَنزَلْنَاهُ) فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ – فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»

وبقول الله تعالى «القدر / ١-٥»:

* «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ – وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ – لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ – تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ – سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ»

فهو يخص ما سبق بيانه عن مرحلة «الإنزال» و«التنزيل» المتعلقة بعصر التنزيل واكتمال الدين، سواء ما يتعلق بـ:

* «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ (أَمْرٍ) حَكِيمٍ»

أو ما يتعلق بـ:

* «تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ (أَمْرٍ)»

فكل هذا كان يحدث خلال مرحلة التنزيل واكتمال الدين:

* «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ – وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي – وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً»

(هـ): إن ما ذكره المفسرون وأهل اللغة عن الفرق بين «أَنْزَل – أَفْعَل» و«نَزَّل- فَعَّل»، إنما هو من باب الغالب، استنادًا إلى أن كل زيادة في المبنى يتبعها زيادة في المعنى، وليس باعتبارها قاعدة عامة تشمل السياق القرآني كله.

(و): إن الذي يطلع على ما ذُكر في التراث الديني عن فضل «ليلة القدر»، ومن روايات وأخبار عن نزول الله إلى السماء الدنيا ليغفر للناس ذنوبهم، واختلاف المفسرين في تعيينها على ثمانية أقوال … ثم بعد هذا التخبط يؤمن بها كدين واجب الاتباع، لا شك أنه قد فقد رشده.

# خامسًا:

١- فبأي «منطق عقلي»، ووفق أي «منهج علمي»، يُسقط المسلمون ما كان يحدث في مرحلة «الإنزال» و«التنزيل» عليهم اليوم، انتظارًا لـ «ليلة القدر» التي انتهت فعاليتها بركتها وخيرتها باكتمال الدين وتمام النعمة ووفاة رسول الله محمد، عليه السلام؟!

٢- إن ٩٩٪ من المسلمين، أتباع الفرق الإسلامية، «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، لن يقبل الله تعالى منهم إيمانًا ولا إسلامًا حتى يدخلوا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح:

– فما علاقتهم أصلًا بـ «ليلة القدر»؟!

٣- إن ٩٩٪ من المسلمين، أتباع الفرق الإسلامية، «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، يعتقدون أنهم سيدخلون الجنة بـ «الصلاة على النبي» ألف مرة في اليوم، وبـ «اللهم بلغنا ليلة القدر»:

ولأنهم يعيشون «مُغيّبين» في «شرك التفرق في الدين» وهم لا يشعرون، لا يعلمون أن رسولهم محمدًا قد تبرأ منهم بأمر من الله تعالى، فتدبروا أيها «الغافلون»:

* «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»:

– «لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ»

– «إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ»

– «ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ»

والسؤال:

ما علاقة أتباع الفرق الإسلامية، «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، بأداء «الشعائر التعبدية» أصلًا، حتى ينشغلوا بالبحث عن «ليلة القدر» ليغفر الله لهم ذنوبهم؟!

وكأن الله لا يقوم من نومه إلا في شهر رمضان، لينزل إلى «السماء الدنيا». فيقول للناس هل من مستغفر فأغفر له، هل من داعٍ فاستجيب له، هل من سائل فأعطيه؟!

٤- إن الذين ينتظرون المسيح الموعود والمهدي المنتظر ليأخذهم معه إلى الجنة:

* هم الذين يدعون ربهم كل عام أن يبلغهم رجب وشعبان ورمضان وليلة القدر ليغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم.

* هم الذين تقشعر جلودهم عند سماع كلمة «النبي» فيصلوا عليه ويسلموا تسليما، ولا تتحرك فيهم شعرة عند سماع كلمة «الله».

* هم أعضاء «حزب الشيطان»:

* «أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ»

واللافت للنظر، والخطير فعلا، أن يمثل هؤلاء ٩٩٪ من تعداد المسلمين الذين يقيمون الشعائر التعبدية، ويدعون ربهم في صلاتهم ويقولون «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»، وأن ينصرهم الله «عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ».

وصدق الله العلي العظيم:

* «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ – إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ»

محمد السعيد مشتهري

يناير 26

7 min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page