

(1795) 6/5/2021 لغة القرآن وأساليبها البيانية البلاغية [٢٣]
يناير 26
٣ min read
0
0
0
كيف فهم ويفهم 99.99 % من المسلمين القرآن؟!
«العلاقة الإيمانية بين الرسالة – والذين أرسلت إليهم»
١- لقد جاءت جملة:
* «قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ»
في موضع واحد فقط في سياق الآيات «البقرة / ١٣٥-١٣٨»:
* «وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ – قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً – وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
– ثم خاطب الله تعالى ملل الكفر كلها فقال لهم:
* «قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا – وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ – وَمَا أُوتِيَ م ُوسَى وَعِيسَى – وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ»
– ثم بيّن لهم أن من مقتضيات الإيمان عدم التفريق بين الرسل:
* «لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ – وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»
– إذن فالذين يفرّقون في إيمانهم بين الرسل، ليسوا «مسلمين»، والذين لا يؤمنون برسول الله محمد، ليسوا «مسلمين»، والذين أدخلوهم الجنة بجهلهم ليسوا «مسلمين»، لأن شرط الإسلام هو:
* «فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ – وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ – وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»
٢- وجاءت جملة:
* «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ»
في موضع واحد فقط في سياق الآيات «آل عمران / ٨٣-٨٥»
* «أَفَ غَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»
* «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا»:
– فلماذا لم يقل الله تعالى لرسوله «قُلْ آمَنتُ بِاللّهِ»؟!
(أ): لأن بلاغة السياق تقتضي بيان أن «الرسالة» بعد وفاة «الرسول» هي رسالة «الأمة الواحدة» بكلمة «قُلْ»، وأن «الإيمان» إيمان «الأمة الواحدة» بكلمة «آمَنَّا» وليس إيمان الرسول وحده.
(ب): ولذلك جاء السياق يتحدث عن الدين الواحد «أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ»، وعن «دين الأمة الواحدة» التي لا تعرف:
«سنيًا – ولا شيعيًا – ولا معتزليًا – ولا إباضيًا»
الأمة التي تتبرأ:
* «مِن الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»
كما تبرأ منهم الرسول بأمر من الله تعالى:
* «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ»
(ج): ثم يستمر السياق في بيان مقتضيات أصول الإيمان «آل عمران / ٨٤»:
* «وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ – وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ»:
– ثم تدبر المحور الإيماني الأساس:
* «لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ – وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»
ومن منطلق تحريم «التفرق في الدين»، يقول الله تعالى بعد ذلك «آل عمران / ٨٥»:
* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»
والسؤال:
هل نزلت هذه الآيات بلغة لم يفهمها 99.99 % من المسلمين، لذلك يُصرّون على ما هم عليه من شرك التفرق في الدين ومن إلحاد في آيات الله، «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»، أم هو «فيروس الغباء الديني»؟!
والجواب:
نعم: هو «فيروس الغباء الديني» الذي ورثه المسلمون وهم في بطون أمهاتهم، وتشربت قلوبهم «شرك التفرق في الدين» وهم لا يشعرون:
ثم عندما بلغوا النكاح واكتمل رشدهم، لم يعيدوا النظر في تدينهم الوراثي لإيمانهم باستحالة أن يكون «الآباء» قد ضلوا طريقهم إلى الله:
ولو مات «الأبناء» قبل بلوغهم النكاح واكتمال رشدهم بساعة من الزمن، لدخلوا الجنة من أوسع أبوابها، ولكن «فتنة الآبائية» أعمتهم عن تدبر كتاب ربهم، فلم يقفوا على معنى قول الله تعالى لرسوله محمد:
* «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا»
وطبعا كان «إبليس» وراء إصرارهم على هذا الجهل وعلى التمسك بتدينهم الوراثي، ليجعلهم يعيشون في حالة «التغييب العقلي» و«الغباء الديني» إلى يوم يبعثون «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً».
٣- وجاءت جملة:
* «وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ»
في موضع واحد فقط في سياق الآيات «الشورى / ١٣-١٦»:
* «شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ – وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى»:
* «أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ – وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ – كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ – اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ»
ـ إن قضية «التفرق في الدين» قضية عامة على مر الرسالات وشملت أتباع الرسل جميعًا:
* «وَمَا تَفَرَّقُوا – إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ – بَغْياً بَيْنَهُمْ – وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى – لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ – وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ – لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ»
– ألم يرث المسلمون كتاب الله الخاتم عن رسولهم محمد، ثم هم اليوم يعيشون تحت راية «التفرق في الدين» بعد أن أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا؟!
– ألم يحذر الله تعالى المؤمنين من «شرك التفرق في الدين» وأمرهم بالاستقامة على الدين الذي ارتضاه لهم، وعدم اتباع أهواء الكافرين والمشركين والمنافقين:
* «فَلِذَلِكَ فَادْعُ – وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ – وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ»
– ألم يأمر الله رسوله محمدًا أن ينفصل عن البيئة الكافرة المشركة المنافقة، وأن يقول لهم «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، وأن يتمسك بإيمانه وبما أمره الله به:
* «وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ»:
* «وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ – اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ – لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ – لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ – اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا – وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ»
نلاحظ هنا أن «التبرؤ» من ملل الكفر أصلٌ من أصول الإيمان يتحمل مسؤولية كل مؤمن «شخصيًا» ولذلك قال الله لرسوله «وَقُلْ آمَنتُ» ولم يقل له «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ» لاختلاف موضوع السياقين.
محمد السعيد مشتهري