


كلمة «مُقتضيات»: بضم الميم وسكون القاف، اسم مفعول من «اقتضى» بمعنى المطلوب، فـ «مقتضيات العمل» متطلباته، و«مقتضيات الإيمان» متطلباته، أي المطلوب من المرء أن يفعله بعد أن آمن.
# أولًا:
إن «الإيمان» ليس مجرد إقرار بوجود إله خلق هذا الكون، كما أقر بذلك «المشركون»، فقال الله تعالى:
١- «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ – وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ»:
* «لَيَقُولُنَّ اللَّهُ – فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ»؟!
٢- «قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ»:
* «سَيَقُولُونَ لِلَّهِ – قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ»؟!
٣- «قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»:
«سَيَقُولُونَ لِلَّهِ – قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ»
٤- «قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ – وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ»:
* «سَيَقُولُونَ لِلَّهِ – قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ»
والسؤال:
هل يصح أن نصف من شهدوا بـ «ربوبية» الله لهذا الكون بـ «الإيمان» وهم لم يشهدوا بـ «بإلوهيته»؟!
٥- ويقول الله تعالى:
* «قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»:
– «أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ»
– «وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ – وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ»
– «وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ»
* «فَسَيَقُولُونَ اللّهُ – فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ»
* «فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ – فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ – فَأَنَّى تُصْرَفُونَ»
ثم تدبروا جيدًا موقع «الإيمان» في قول الله تعالى بعد ذلك:
* «كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى (الَّذِينَ فَسَقُواْ) – (أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)»
٦- وهذا بيان لقول الله تعالى:
* «وَمَا (يُؤْمِنُ) أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ – إِلَّا وَهُمْ (مُشْرِكُونَ)»
– فاحذروا كل الحذر من «الإيمان» الذي يلبس لباس «الشرك»، وانتبهوا إلى هذه الصياغة البلاغية التي تحتار في فهمها القلوب السليمة:
كيف يشهد الله لهم بـ «الإيمان» وبـ «الشرك» في نفس الوقت؟!
إذن فالحديث عن «المنافقين» الذين يخدعون الناس بقولهم «آمنا»، وبقولهم «أسلمنا»، ولم يدخل «الإيمان» قلوبهم، وهم أكثر الناس تعدادا.
والسؤال:
هل ينطبق قول الله تعالى:
* «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ – إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ»
على «٩٩٪» من المسلمين، أتباع الفرق الإسلامية، الذين يُصرّون على «التفرق في الدين» إلى سنة وشيعة ومعتزلة وإباضية، مخالفين تحذير الله لهم من الشرك:
* «… وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ – مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً – كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
# ثانيًا:
إن الذين يقولون:
إن الإيمان بالله، واليوم الآخر، وعمل الصالحات، سيدخل الناس الجنة دون الإيمان والإقرار بصدق «نبوة» رسول الله محمد.
هؤلاء هم المصابون بفيروسين:
* فيروس الإلحاد – فيروس الغباء الديني.
وهؤلاء لا يُحاسبون في الدنيا على استمتاعهم بمرضهم لأنهم في حكم «المجانين»، لا يعلمون عن «مقتضيات الإيمان» شيئًا:
١- لا يعلمون أن من «مقتضيات الإيمان بالله»:
– «الإيمان بالملائكة – والكتب – والرسل – واليوم الآخر»
فهل يُعقل أن يستثني «الملحدون» كفر:
* «َالَّذِينَ هَادُواْ – وَالنَّصَارَى – وَالصَّابِئِينَ»
برسول الله محمد، ويعتبرونهم من أهل الجنة، بدعوى أنهم:
يؤمنون «بِاللَّهِ – وَالْيَوْمِ الآخِرِ – ويعملون الصالحات»، وقد أبطل الله نفاقهم وكَذّب إيمانهم، عندما خاطب الله الذين آمنوا وقال لهم:
* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ـ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ»
– أي يا من تدّعون «الإيمان»، آمنوا برسول الله محمد، وبكتابه الذي حمل الآية القرآنية العقلية الدالة على صدق نبوته:
* «وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ»
* «وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ»
– ثم قال الله تعالى:
* «وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ – وَمَلاَئِكَتِهِ – وَكُتُبِهِ – (وَرُسُلِهِ) – وَالْيَوْمِ الآخِرِ»
*** «فَقَدْ ضَلَّ – ضَلاَلاً – بَعِيداً»؟!
والسؤال:
هل مطلوب أن أقوم بترجمة ما سبق بيانه إلى «اللغة الروسية» ليفهمه «الملحدون»؟!
٢- إن إيمان المرء بـ «الملائكة – الكتب – الرسل – اليوم الآخر» يستحيل أن يحدث قبل «الإيمان بالله» لأن كل هذه من مقتضيات الإيمان بالله تعالى.
٣- إن «أصول الإيمان» منظومة متكاملة تنطلق من قاعدة «الإيمان بالله»، وليست أجزاءً متفرقة نأخذ منها ما شئنا ونترك ما شئنا حسب هوانا المذهبي أو الإلحادي.
٤- إن الإقرار بـ «أصول الإيمان الخمسة» هو مفتاح الدخول إلى «دين الإسلام»، ومنه إلى «الجنة»… فكيف، وبأي منطق، يدخل الذين كفروا برسول الله محمد «الجنة»؟!
٥- ألم يقرأ «الملحدون» يوما قول الله تعالى:
* «فَأَنجَيْنَاهُ – وَالَّذِينَ مَعَهُ – بِرَحْمَةٍ مِّنَّا – وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا – وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ»
ألم يكف أن يقول الله تعالى «الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا» وعليه نفهم أنهم «وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ» دون ذكرها؟!
إنه التحذير لكل من لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الصحيح، باب الإيمان بصدق «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد.
إنه التحذير من أن يسبق «الإسلام» والتسليم لأحكام القرآن، العمل بـ «مقتضيات الإيمان»، فتكون النتيجة «التكذيب بآيات الله»، وهذا ما هو قائم بين المسلمين اليوم:
فكيف تكون «مؤمنًا»، عاملًا بـ «مقتضيات الإيمان»، ثم تخالف حكمًا واحدًا من أحكام القرآن؟!
* مثال:
هل المسلم «المدخن»، الذي يقول «آمنت»، قد عمل بمقتضيات إيمانه، ومنها عدم الاقتراب من «الخبائث»، طاعة لقول الله تعالى:
* «وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ»
أم أن «التدخين» من «الطيبات» التي أحلها الله تعالى:
* «وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ»؟!
ومئات الأمثلة، التي تؤكد بالدليل القطعي، أن «٩٩٪» من المسلمين، لم يدخل الإيمان قلوبهم.
* ولذلك أقول:
– إذا لم يدخل المسلمون في «دين الإسلام» من الباب الصحيح.
– وإذا لم يعملوا بـ «مقتضيات الإيمان» التي خصصنا لها هذه السلسلة من المقالات.
– وإذا لم ينهوا عن منكرات الملحدين والقرآنيّين والتنويريين صراحة وبكل قوة علمية.
فقد استحقوا حكم الله تعالى عليهم:
* «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ – إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ»
محمد السعيد مشتهري