

(1833) 10/6/2021 من مقتضيات الإيمان [١٠]
يناير 26
4 min read
0
3
0
إن ما نشرته بعد المقال [٩] كان للكشف عن حجم المصيبة العقدية والعقلية التي يعيش بداخلها «٩٩٪» من المسلمين أتباع الفرق الإسلامية، ومدى انتشار فيروس الغباء الديني بين الـ «١٪»:
وذلك في إطار بيان غياب مفهوم «الإيمان الحق» والعمل بـ «مقتضياته» عن حياة المسلمين، وأن المسلمين يؤمنون ويتكلمون ويكتبون … ولا يعملون، ولن يقبل الله «إيمانًا» بدون «عمل».
وغياب مفهوم «الاتباع الحق» الذي أمر الله به رسوله محمدًا والذين اتبعوه فقال تعالى:
* «قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي – أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ – أَنَاْ (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) – وَسُبْحَانَ اللّهِ – وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
والسؤال:
هل «الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً»، والذين يمثلون ٩٩٪ من تعداد المسلمين، اتبعوا سبيل الله ورسوله؟!
والجواب:
لا، لم يتبعوا سبيل الله ورسوله، ولكنهم والحق يُقال، يُصلّون على النبي في اليوم مئة مرة.
١- يقول الله تعالى «الأنعام / ١٦٢-١٦٣»
* «قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي»:
* «لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ – لا شَرِيكَ لَهُ»
* «وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ – وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»
– وأنا أول من يُسَلّم ويستسلم ويخضع لأمر وحكم «رَبِّ الْعَالَمِينَ»، وحده «لا شَرِيكَ لَهُ»:
* وهو حال الأنبياء جميعًا:
(أ): يقول الله تعالى عن نوح عليه السلام «يونس / ٧٢»:
* «وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»
(ب): ويقول الله تعالى عن إبراهيم وذريته عليهم السلام «البقرة / ١٣١-١٣٢»:
* «إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ – قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ»:
– «وَوَصَّى (بِهَا) إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ – وَيَعْقُوبُ – يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ – فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم (مُّسْلِمُونَ)»
والسؤال:
متى وصى «الملياران مسلم» أولادهم أن يموتوا «مُّسْلِمِين»، إذا كان ٩٩٪ منهم، لم يدخلوا أصلًا في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، وإنما دخلوه وهم في بطون أمهاتهم، من باب الفرقة الإسلامية التي ولدوا فيها؟!
والجواب:
لقد خرج «الملياران مسلم» من بطون أمهاتهم مؤمنين مسلم ين كلٌ حسب ما وجد عليه آباءه، وبلغوا النكاح واكتمل رشدهم وهم يُصرون على التفرق في الدين، إلى:
«سنة – وشيعة – ومعتزلة – وإباضية»
وكل فرقة تعتقد أنها «الفرقة الناجية»، اتباعًا لرواية من مرويات «اليهود»، التي يُسمّيها أئمة السلف بـ «الإسرائيليات».
٢- لماذا لم يأمر الله تعالى في القرآن كله، غير رسوله محمد، أن يقول لقومه بأنه «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»؟!
(أ): لبيان الفرق بين الذين دخلوا في «دين الإسلام» على أساس الإيمان بـ «الآيات (الحسية)» التي أيد الله بها الرسل السابقين، والتي هي «حجة» على من شاهدها فقط.
وبين من دخلوا في «دين الإسلام» على أساس الإيمان بـ «الآية القرآنية (العقلية)» التي أيد الله بها رسوله محمدًا، والتي هي «حجة» على الناس جميعًا إلى يوم الدين.
(ب): ومن هذا المنطلق، كان رسول الله محمد «أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ» الذين آمنوا بحجية «الآية ال قرآنية العقلية» القائمة بين الناس إلى يوم الدين:
ولذلك لن يقبل الله تعالى قول أحد إنه لم يشاهد «الآيات الحسية» للرسل السابقين حتى يؤمن بهم، فأمامه «آية قرآنية عقلية» حملت آيات الرسل السابقين وهي الباب الوحيد للدخول في «دين الإسلام»:
* «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ – أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ – إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»
(ج): فهل أتباع الفرق الإسلامية الذين قالوا لله تعالى لن يكفنا القرآن وحده، لأن «مرويات السُنّة النبوية» هي المبيّنة والمفسرة للقرآن والمكملة لأحكامه … هل هؤلاء من «المُؤْمِنِين» الذين كانت «الآية القرآنية العقلية» رحمة لهم وذكرى؟!
لماذا لم يكن أتباع الفرق الإسلامية هم أيضا «أَوَّلَ الْمُسْلِمِين» الذين أخلصوا دينهم لله تعالى، أسوة برسولهم محمد، عليه السلام:
* «قُلْ إِنِّي (أُمِرْتُ) أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ – وَ(أُمِرْتُ) لأَنْ أَكُونَ (أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)»؟!
ألم يتدبروا قول الله تعالى بعد ذلك:
* «قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»؟!
ألم يتدبروا قول الله تعالى بعد ذلك:
* «قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ – مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي»؟!
فهل «التفرق في الدين» من إخلاص العبودية لله تعالى، ومن إخلاص الدين لله تعالى؟!
* فبأي منطق شرعي يُدخل الله تعالى «أتباع الفرق الإسلامية» الجنة؟!
٣- ولماذا خص الله «الصلاة» بالذكر في قوله تعالى:
* «قُلْ إِنَّ (صَلاتِي) وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي …»؟!
وهي من «النُسك»، ومعلوم أن «النُسك» لغة تعني بوجه عام «العب ادة»:
* «لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا – مَنسَكًا – هُمْ نَاسِكُوهُ»
إلا إذا خُصّصت بأفعال معينة كمناسك الحج؟!
(أ): لقد بدأ السياق بـ «الصلاة»، وهي من «النُسك»، من باب عطف العام «وَنُسُكِي» على الخاص «صَلاتِي»، لإبراز أهمية فريضة «الصلاة» في حياة المؤمن الذي أسلم وجهه «لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
والسؤال:
هل يُعقل أن يترك الله تعالى لـ «القرآنيّين والملحدين المسلمين» بيان معنى «الصلاة» وكيفية أدائها؟!
أم لابد أن يحفظ الله أحكامها، منذ عصر التنزيل وإلى يوم الدين، لأنها من «الذكر» الذي تعهد بحفظه؟!
والجواب:
إن «٩٩٪» من المسلمين يُصلّون نفس الصلاة التي تُصلى في «المسجد الحرام» اليوم، و«١٠٠٪» من الذين يُصلّون في «المسجد الحرام» اليوم، يُصلّون نفس «الصلاة» التي كان يصليها رسول الله وصحبه في نفس المسجد.
واللافت للنظر، أنهم مع اختلاف توجهاتهم المذهبية العقدية والفقهية، يقيمون الصلوات الخمس في «المسجد الحرام» وفي جميع مساجد العالم، وبنفس الكيفية التي تُقام في «المسجد الحرام».
وفرق كبير بين وقوع هذه التوجهات المذهبية في «شرك التفرق في الدين» وابتداع مصدر تشريعي ما أنزل الله به من سلطان:
وبين أن يُسخر الله تعالى أتباع هذه التوجهات المذهبية، في حفظ كيفية أداء ما أجمله من أحكام القرآن، كالصلاة ومناسك الحج.
وطبعا هذه الحقيقة التي حملتها «منظومة التواصل المعرفي»، لا يُقر بها المصابون بـ «فيروس الغباء الديني»، والسبب معروف.
(ب): وإذا كان الإنسان يعبد الله بـ «اختياره»، الأمر الذي يتفق مع الجملة الأولى:
* «قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي»
فكيف يأمر الله رسوله أن يقول «وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ» والأمر يشمل:
* «مَحْيَاي وَمَمَاتِي»
ورسول الله ليس مخيرًا فيهما؟!
والجواب:
لبيان أن «ولادة» الإنسان و«موته» لا يكونان إلا بأمر الله، وأنهما آيتان من آيات الأنفس، وبين الآيتين أَمَرَ الله الإنسان أن يخضع ويُسَلّم لأحكام كتابه تسليمًا.
(ج): وليس معنى أن الإنسان «وُلد» مختارًا أنه سيُحاسب بعد «موته» على اختياره على أساس أن الله خيّره وقد اختار ما يوافق هواه:
إن الله تعالى سيحاسب الإنسان على ما كان يجب عليه أن يختار، بعد أن بلغ النكاح واكتمل رشده، وشاهد بنفسه فعالية آيتي «المَحْيَا وَالمَمَات» وهي تعمل في الوجود البشري:
* فلماذا لم يختر عبادة «رَبِ الْعَالَمِين» – «لا شَرِيكَ لَهُ»؟!
والسؤال الأخير:
هل فهم الـ ٩٩٪ من المسلمين معنى قول الله تعالى لرسوله:
* «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ – يُوحَى إِلَيَّ – أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ – فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ»:
– «فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً»
– «وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً»؟!
محمد السعيد مشتهري



