top of page

(744) 11/5/2017 (حتى لا تختلط المفاهيم)

فبراير 3

٣ min read

0

0

0

إن أحكام الشريعة القرآنية تحاسب الناس على موقفهم من «الإسلام»، والله تعالى يحاسب الناس على موقفهم من «الإيمان»، لأن محله القلب، وأصول الإيمان هي:

«وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ»

إن الذي يعلم حقيقة «الإيمان»، الذي يحمله قلب «المسلم»، هو الله وحده، قال تعالى:

«مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ (بَعْدِ إِيمَانِهِ)، إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ (بِالإِيمَانِ)»

فإذا رأينا مسلمًا كفر وارتد عن الإسلام، والله يعلم أن قلبه مطمئن بالإيمان، ويعلم سبب ردته، فإذا قتله الناس ظلمًا وعدوانًا، فهو عند الله «مؤمن» وإن كان «كافرًا» عند الناس.

إن الظاهر في حياة الناس هو «الإسلام»، والتزام «المسلمين» بأحكام الشريعة الإلهية والتسليم لها تسليما، يقول الله تعالى:

«فَلا وَرَبِّكَ (لا يُؤْمِنُونَ) حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)»

إن عدم إحساس النفس بالحرج عند الالتزام بأحكام الشريعة، دليل على صدق «الإيمان»، وصدق «الإسلام»، والتسليم لله تعالى تسليما.

أن «الإسلام» هو الأعمال «الظاهرة» التي يقوم بها «المسلم»، تنفيذا لأمر الله.

و«الإيمان» هو الأعمال «القلبية»، التي آمن بها «المؤمن»، وأخلص على أساسها عبوديته لله تعالى، من دلائل الوحدانية وأصول الإيمان الخمسة.

فإذا اجتمع «الإسلام» مع «الإيمان» في نص قرآني واحد، فإن لكل واحد منهما المعنى السابق ذكره، ومثال ذلك قوله تعالى:

«قَالَتِ الأَعْرَابُ (آمَنَّا) قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا (أَسْلَمْنَا) وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

لقد نفى الله عن الأعراب «الإيمان»، وأثبت لهم «الإسلام»، فدل ذلك على نفاقهم.

أما إذا افترق «الإسلام» عن «الإيمان»، وجاءت كل كلمة في نص مستقل، فعندئذٍ يكون أحدهما يشمل الآخر، والعكس صحيح، كقوله تعالى:

«وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

فـ «الإسلام» هنا لا شك يشمل «الإيمان»، لأن انفصال «الإسلام» عن «الإيمان»، هو عين «النفاق».

فمن هم «المنافقون»؟!

إن المنافقين هم الذين يسترون «الكفر»، ويظهرون «الإيمان»، قال تعالى:

«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ»

وهم الذين يختلف ظاهرهم وباطنهم، فنراهم يكذبون كثيرا، قال تعالى:

«وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ»

وهم الذين يستهزؤون بالله وآياته ورسوله، قال تعالى:

«وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ»

ولذلك كان عذابهم في الآخرة أشد العذاب:

«إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»

وإذا كان مفهوم «الردة»، في «السياق القرآني»، وفي «اللسان العربي» هو: «الرجوع عن الشيء، أو التحول عنه»، قال تعالى:

«فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً»

وقال تعالى:

«وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ»

إذن، يكون «النفاق» هو المحور الأساس لـ «الردة» عن الإيمان، وعن الإسلام، حسب ما ورد في سورة «التوبة»، التي جاءت معظم آياتها تتحدث عن «المنافقين»، فقال تعالى الآية «٦٦»:

«لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ (بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)»

وقال تعالى الآية «٧٤»:

«يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ (إِسْلامِهِمْ)»

إذن فلا فرق بين الكافر الذي دخل الإسلام ثم ارتد، وكذلك المشرك، وكذلك المؤمن، وكذلك المسلم، وكذلك المنافق، لأن هؤلاء جميعا أظهروا «الإسلام»، بل ومنهم من قالوا «آمنا»:

«قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا (أَسْلَمْنَا) وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

إن قوله تعالى: «وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا»، يُبيّن أن «الإسلام» هو الصفة الظاهرة بين الناس للمنافقين، الذين يعيشون بينهم دون أن يستطيع أحد كشف حقيقة كفرهم، إلا إذا ظهر منهم قولٌ أو عملٌ يثبت ذلك.

إذن فلا إيمان «مقبول عند الله» لمن لا إسلام له، ولا إسلام «مقبول عند الله» لمن لا إيمان له، ولا «إيمان» دون «عمل صالح»، لأن الله تعالى يقول:

«وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ»

ولا «عمل صالح» دون «إيمان»، قال تعالى:

«فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ»

إن «ملل الكفر» كلها تشترك في صفات رئيسية واحدة، في مقدمتها عدم الإقرار بالوحدانية، والكفر بـ «النبوة» الخاتمة، والاستهزاء بآيات الله، والحط من قدر الإسلام والمسلمين، ولذلك عندما يقول الله تعالى للنبي:

«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»

علينا أن نعلم، أن «الكفار» هم الذين أعلنوا بين الناس كفرهم صراحة، أما «المنافقون»، فهم الذين أبطنوا الكفر بملله المختلفة، وأظهروا الإسلام، ولا يستطيع أحد أن يشك في إسلامهم «الظاهر»، بل ولا في إيمانهم «الذي يدّعونه»، إلا بقول أو عمل يثبت ذلك.

ولمزيد من التفصيل عن «الإيمان» و«الإسلام» في السياق القرآني، يرجى الاطلاع على:

١- المنشورات بتاريخ «١٩- ٩- ٢٠١٤»، بعنوان:

«مفهوم الإيمان والإسلام في الشريعة الإسلامية»

٢- المنشورات بتاريخ «١١- ١٠- ٢٠١٤»، بعنوان:

«د/ شحرور وأزمة الفكر الإسلامي»

محمد السعيد مشتهري


فبراير 3

٣ min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page