


أنتم أحرار … ولكن بعيدًا عن القرآن
لقد بعث الله النبي الخاتم محمدًا، عليه السلام، وقد عرف العرب الشرك بأنواعه، والكفر بأنواعه، عرفوا «اللادينيّين»، و«الدهريّين»، و«الحُلويّين»..، وكلها مذاهب وضعها البشر، تكفر بالله الذي أنزل القرآن، وبفعالية أسمائه الحسنى، ويؤمنون بآلهة أخرى.
وكما كانت هذه المذاهب العقدية المنحرفة عن المفهوم الصحيح لملة «الوحدانية» موجودة في عصر الرسالة الخاتمة، فقد ظلت قائمة بين الناس إلى يومنا هذا، بل وهناك من ادعى أصحابها «النبوة»، وأن الله أوحى إليهم بما يجب أن يُحدّثوا الناس فيه، ومن المسلمين من يتبعون هذه المذاهب اليوم، وهم يعلمون أن أصحابها «أنبياء».
وهناك مذاهب «مُهجّنة»، أخذت من كل المذاهب السابقة، فقالت:
لا دين إلهي واجب الاتباع، ولا طقوس دينية تُقام، فقد مات الله الذي كان يعبده أتباع الديانات، والإله الرب الموجود حاليا يوجد جزء منه في كل مخلوق في هذا الوجود، ويستدلون بقوله تعالى:
«هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»
ولقد فُتن الناس، وآلاف المعجبين، عندما قالوا لهم هذا الكلام، والذي عليه يجب أن يَعُمّ «السلام» الناس جميعًا، فلا يُعقل أن تتقاتل أجزاء الإله «الرب» التي يحملها الناس مع بعضها!!
يسأل الصديق:
* هل يصح أن يقولوا على الله:
يقف خارج قلوبنا، طالبا الأذن بالدخول؟
* هل يصح أن يقولوا على الله:
لتتصل بالله، يجب أن ترضى عنه، وأن تغفر له؟
ويستدلون على ذلك بجملة «وَرَضُوا عَنْهُ»، في قوله تعالى:
«رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»؟
* هل يصح أن يقولوا عل ى الله:
إن عليك أن تختار بنفسك هذا الإله الطيب، الذي يحتاج لمغفرتك أنت، وأن تمنحه الرضا، حتى يخبرك بما يجب أن تفعل؟
وغيرها من الشبهات التي حملتها رسالة الصديق، وطلب مني الرد عليها، خاصة، وعلى حد قوله، أن هناك الآلاف من المعجبين المؤيدين لهذه المذاهب.
أقول:
نقول لهم «لكم دينكم ولنا ديننا»، ونقول لهم ما قلته في المنشورين السابقين:
«لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ»
ولكن:
ابتعدوا عن القرآن … إلا القرآن
فإذا كنت تتحدثون عن «الله» الذي أنزل هذا القرآن، والذي تستدلون بآياته، ومنها قوله تعالى:
«رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»
فيجب أن تعلموا أن هذا القرآن هو «الآية الإلهية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وأنه لا يصح حسب أصول البحث العلمي الاستدلال بنص من مصدر معرفي دون التأكد من صحة نسبته إلي صاحبه.
فهل وقفتم على صحة نسبة هذا القرآن إلى الله؟!
وما هو برهانكم على ذلك؟!
إن البرهان الوحيد على صحة نسبة هذا القرآن إلى الله تعالى هو «الآية العقلية» التي حملها بداخله، فهل آمنت بها؟!
إن كنتم آمنت بها، فقد آمنتم بكل كلمة حملتها نصوص هذه «الآية العقلية»، وبذلك تسقط جميع مذاهبكم الإلحادية!!
وإن لم تؤمنوا بأن هذا القرآن هو «الآية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، إذن فاستنادكم إلى آيات منه استناد باطل أصلا!!
وهنا يجب أن نقف لكم بالمرصاد، من باب النهي عن المنكر، لأن الإله الذي نعبده أخبرنا بأنه ملعونٌ من يرى هذا ا لمنكر ولا ينهى عنه، بالحجة والبرهان.
ولا يقولن قائل: إن هذا الذي ينشر هو من باب «الأساليب البلاغية» التي لا تعبر عن حقيقة الأشياء!
وهنا أقول: فليأت هذا القائل ويقول هذا الكلام على هذه الصفحة، وأنا أعلمه متى يستخدم «الأساليب البلاغية»، ومتى «يَحرُم» عليه استخدامها.
والذي يبدو لي، بعد الاطلاع على كثير من موضوعات هذه المذاهب الإلحادية، أن إله أصحاب وأتباع هذه المذاهب، هو تقريبا «بابا نويل»، الذي يطرق باب بيوتهم ليعطيهم الهدايا التي تُسعدهم، فإن «رضوا عنه»، وأذنوا له بالدخول، أعطاهم الهدايا وأسعدهم، وإلا رجع ولم يحصلوا على شيء!!
إن «الشمس» من نعم الله الكبرى، يستفيد منها الناس جميعًا، سواء طلبوها أم لم يطلبوها، لا فرق بين مؤمن وكافر، ولا بين من رضي الله عنهم، أو رضوا هم عن الله، «في الدنيا حسب الفهم الخاطئ لأصحاب هذه المذاهب الإلحادية»، وهكذا جميع نعم الله التي لا تحصى.
ولكن اللافت للنظر، أننا نرى أن الذين يستفيدون من نعم الله التي لا تحصى، هم الذين لم يرضوا عن الله في الدنيا، وكفروا به، أما الذين رضوا عن الله وأعلنوها في الدنيا، لم يستفيدوا من هذه النعم!!
إنها دعوة إلى النظر والتأمل، في فعالية السنن الكونية
محمد السعيد مشتهري