top of page

(762) 28/5/2017 عن أحكام الصيام (2)

فبراير 3

4 min read

0

1

0

عن أحكام الصيام (2)

عندما يدفع «المسلمون» ثمن الصراع «السني الشيعي»!

لقد كانت أزمة التخاصم المذهبي، بين الفرق الإسلامية، وما قمت به من مقارنات علمية بين أمهات كتب هذه الفرق، أحد أسباب كفري بما يسمى «المصدر الثاني للتشريع»، الذي صنعته كل فرقة حسب أصول مذهبها.

في عصر التدوين، كانت كل فرقة تحرص على مخالفة الفرق الأخرى بأي صورة من الصور، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالمسائل العقدية، أو المرويات، أو الأحكام الفقهية، والموضوع مُفصّل على الشبكة.

فإذا أخذنا مثالا يتعلق ببدعة «المرويات»، التي نسبها الرواة إلي رسول الله، عليه السلام، نجد روايتين:

الأولى:

«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله».

الثانية:«إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي».

ومن الروايتين يتضح لنا، أن هناك رواية وُضعت للرد على الأخرى، وأن العامل المشترك بينهما هو «كتاب الله»، فماذا يعني ذلك؟!

لقد أرادت كل فرقة أن تجعل لمروياتها سندًا شرعيًا يؤكد فهمها المعوج للآيات المتعلقة بطاعة الرسول، فوضعوا هذه الروايات، التي اصطلحوا على تسميتها بـ «مرويات السُنّة»، وطبعا «السُنّة» حسب ما صح، وما لم يصح، من هذه المرويات!!

إن «الشيعة» يُصلّون خمس صلوات، ولكن يجب أن يختلفوا عن «أهل السُنّة» في شيء، فماذا فعلوا؟!

يُصلّون الخمس صلوات، ولكن في ثلاثة أوقات فقط، بدعوى أنهم يأخذون برخصة الجمع حتى يخرج الإمام الغائب!!

ويصوم «الشيعة» شهر رمضان، ولكن يجب أن يختلفوا عن «السُنّة» في شيء، فجعلوا «الليل» يعني «الظلمة»، وعليه يمتد صيامهم إلى أن يدخل ظلام الليل، أي عند «غسق الليل».

غريب جدًا هذا المنطق!!

إن «المنهجية العلمية» التي قامت عليها منظومة «تدبر القرآن»، تفرض على كل دارس للقرآن، أن يبحث عن الفرق بين «الليل» و«غسق الليل» من الناحية الفلكية.

صحيح أننا نرى الفرق بأعيننا، فالليل لا يسقط علينا مرة واحدة من السماء، وكذلك النهار، إلا أننا في حاجة ماسة إلى استشارة علماء الفلك، حول هذه الظاهرة التي يسمونها «الشفق»، والتي هي ليست نهارًا ولا ليلًا.

إن «الشفق المسائي» يبدأ مع غروب الشمس، ويمتد حتى «غسق الليل، ومع ظهور أول ضوء للشمس يبدأ «الشفق الصباحي»، ويمتد حتى شروق الشمس.

ولقد عبر السياق القرآني عن هذه المساحة الزمنية المتعلقة بالشفقين، بكلمات محكمة متناغمة، تثبت تهافت كل التوجهات الدينية التي ترى أن «الليل» يعني «الظلمة»، وذلك على النحو التالي:

أولا: الانسلاخ:

يقول الله تعالى:

«وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ»

إننا إذا قمنا بتصوير عملية سلخ جلد الشاة، بتقنيات حديثة، وشاهدنا هذه العملية بسرعة التصوير البطيئة، فإننا سنرى جزءًا بين الجلد واللحم لا نستطيع أم نسميه لحمًا، ولا جلدًا، وإنما هو لحم على جلد، وجلد على لحم.

إن كل ما نستطيع أن نفعله، إذا أردنا أن نسمي هذا الجزء باسم، أن نقول على الجزء القريب من الجلد جلدًا، وعلى الجزء القريب من اللحم لحمًا.

وعليه يجب أن نفهم معنى «الانسلاخ» في قوله تعالى:

«وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ»

إن آية الانسلاخ الفلكية تُبيّن:

١- أن المساحة الزمنية ما بين الفجر وشروق الشمس تسمى «نهارًا»، وإن لم يكتمل «ضياؤه»، باعتبار أنه هو القادم.

٢- أن المساحة الزمنية ما بين غروب الشمس وغسق الليل تسمى «ليلًا»، وإن لم تكتمل «ظلمته»، باعتبار أنه هو القادم.

طبعا هذا الكلام بالنسبة لما نراه ونحن على الأرض، أما حقيقة ما يحدث في الكون من آيات حتى يظهر لنا ضوء النهار، أو يختفي، فأمر مُعقد جدًا، لا يستطيع استيعابه إلا علماء الفلك، وهذا ما أشرت إليه في المنشور الأول.

إن ظاهرة «الانسلاخ» ليست في حقيقتها نهارًا ولا ليلًا، وإنما سُمّي الليل والنهار باعتبار أيهما الداخل على الآخر.

ثانيا: الإيلاج

يقول الله تعالى:

«يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ»

إن «الولوج» يعني الدخول، فالنهار يدخل في الليل، والليل يدخل في النهار، والداخل منذ اللحظة الأولى سماه الله «نهارًا» وذلك عند الفجر، والخارج منذ اللحظة الأولى سماه الله ليلًا وذلك عند غروب الشمس.

إن عملية «الولوج» تبدأ عند غروب الشمس، وذلك عند اختفاء الحافة العلوية لقرص الشمس من الأفق الغربي، وتستمر حتى يتلاشى ضوء النهار كلية عند «غسق الليل».

ثم يبدأ «الولوج» من الأفق الشرقي، عندما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وتستمر حتى ظهور الحافة العلوية لقرص الشمس عند شروقها.

إن ظاهرة «الولوج» ليست في حقيقتها نهارًا ولا ليلًا، وإنما سُمّي الليل والنهار باعتبار أيهما الداخل على الآخر.

ثالثا: التغشية

يقول الله تعالى:

«إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً»

إن «التغشية» تعني التغطية والستر، وسمى الله فاعل الإغشاء «نهارًا»، وسماه «ليلًا»، لبيان أن كليهما يصلح أن يكون غاشيًا ومغشيًا، فوقع الليل والنهار مفعولين في حالة نصب «اللَّيْلَ النَّهَارَ»

أي إن النهار «يغشي» الليل ويحل محله، والليل «يغشي» النهار ويحل محله، يطلب كل منهما الآخر طلبا «حَثِيثاً»، أي جادًا وسريعًا، «كناية» عن تعاقبهما بلا فاصل.

إن ظاهرة «التغشية» ليست في حقيقتها نهارًا ولا ليلًا، وإنما سُمّي الليل والنهار باعتبار أيهما الداخل على الآخر.

رابعا: التكوير

يقول الله تعالى:

«خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ»

إن قوله تعالى: «يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ»، دليل على أن الليل والنهار يتخذان الشكل الكروي للأرض بصورة دائمة ومتعاقبة.

إن ظاهرة «التكوير» تبدأ في الأفق الغربي عند اختفاء الحافة العلوية لقرص الشمس، وعندها يبدأ «الليل»، مع ملاحظة أن ضوء النهار لم يتلاش من الأفق كلية، لأن آية «الانسلاخ» تتم والليل أسفل النهار.

ومع بداية ظاهرة «التكوير» في الأفق الشرقي عند تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، يبدأ «النهار»، مع ملاحظة أن ضوء الليل لم يتلاش من الأفق كلية، لأن آية «الانسلاخ» تتم والليل أسفل النهار!!

إن هذه الظواهر الفلكية مجتمعة، هي خير برهان على أن هناك «مساحة زمنية» لا يكون فيها الليل مظلمًا كلية، ولا يكون فيها النهار مضيئًا كلية.

إن اختلاط ضوء النهار مع ظلمة الليل أثناء ما سماه الله «وليس محمد مشتهري» بـ «الانسلاخ، الإيلاج، التغشية، التكوير»، يجعلنا نتعلم ونفهم، أن أثناء حدوث هذه الظواهر الفلكية، نكون أمام درجة من درجات النهار، ودرجة من درجات الليل، وأن القادم يُسمى باسم أصله:

فعندما يكون القادم ليلًا، سُمّيت «درجة الإضاءة» التي نراها في الأفق عند غروب الشمس، والتي تمتد حتى دخول ظلمة الليل «غسق الليل»، سُمّيت «ليلا».

وعندما يكون القادم نهارًا، سُمّيت «درجة الإضاءة» التي نراها في الأفق عند الفجر، والتي تمتد حتى شروق الشمس، سُمّيت «نهارًا».

وطبعا هناك جماعة لا يهمها كل ما سبق من منشورات، ولا هذه المعلومات الفلكية، هم يريدون فقط معنى «وعلى الذين يطيقونه»، وإلا أصبحت منشوراتي كلها غير علمية، وغير واقعية.

وللموضوع بقية

محمد السعيد مشتهري


فبراير 3

4 min read

0

1

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page