

(788) 20/6/2017 «قصة خلق الإنسان الأول»، في السياق القرآني، (3)
فبراير 3
2 min read
0
2
0
ثامنا:
لقد خلق الله الكائنات الحية على نظام «الزوجية»، وخلق كل نوع من أصل يختلف عن غيره، قال تعالى:
«وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ»
وقال تعالى لنوح عليه السلام:
«قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ»
وليس معنى اشتراك بعض الكائنات في صفات معينة، أن أصلها واحد، وهو «الخلية»، وأن «آدم» نسخة مُطوّرة لهذه «الخلية»، فقد كَذّبَ القرآن ذلك، كما بيّنا فيما سبق، وخلق الله أصل كل كائن من هذه الكائنات على نظام «الزوجية»، بالإرادة الإلهية «كن»، وبرهان ذلك قوله تعالى:
«وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
فهل كَوْنِ الماء أصلا لخلق هذه الدواب، يجعلنا نقول إن أصل كل هذه الدواب واحد، وهو التطور التلقائي للماء، «أَفَلا تَعْقِلُونَ»؟!
تاسعا:
لقد فرق الله بين «الخلق» و«الجعل»، فقال تعالى عن خلق الإنسان الأول «آدم» عليه السلام:
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ»
وقال عن الوظيفة التي سيقوم بها «بنو آدم» بعد خلقه يقول تعالى:
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ»
وفي إطار فهم سياق الآيتين، هل هناك مسلم عاقل، يمكن أن يقبل أن يكون الله قد خلق بشرا:
١- من «صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ»، يعني قطعة جماد
٢- ثم بعد ملايين السنين طوّره وجعل مظهره أكثر جمالا «فَإِذَا سَوَّيْتُهُ»، ولا يزال جمادًا
٣- ثم بعد ملايين السنين نفخ فيه الروح «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» ليكون «آدم»، الذي أمر الله الملائكة بالسجود له؟!
فهل انتظرت الملائكة، بعد قول الله لها «إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً»، ملايين السنين، حتى وصل هذا البشر إلى مرحلة النضوج العقلي، وأصبح قادرًا على تحمل مسؤولية «الخلافة» في الأرض، وعندها سجدت له «أَفَلا تَعْقِلُونَ»؟!
فأين سنذه ب بقوله تعالى:
«قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا (خَلَقْتُ) بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ»فهل المقصود بكلمة (خَلَقْتُ) خلق البشر في مرحلة «الجماد»، أم «التسوية»، أم بعد «نفخ الروح»؟!
ثم أين سنذهب بقوله تعالى:
«إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»؟!
عاشرا:
لقد ذكرت كثيرا، وأذكر، أن مشروعي الفكري قام على «منهجية علمية» تحمل أدوات لفهم القرآن، مستنبطة من ذات النص القرآني، وفي مقدمتها «اللسان العربي»، الذي حفظه الله داخل مراجع «اللغة العربية» التي بين أيدينا اليوم، و«السياق القرآني»، هذا العلم الذي يجهله معظم من يدّعون تدبرهم للقرآن.
فعندما يقول الله تعالى، في سياق بيان منظومة الخلق:
«هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ»
ثم نجد في ذيل الآية جملة «ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ»، نعلم أن الخطاب للكافرين الذين يُنكرون البعث، يذكرهم بأصلهم الواحد «الطين»، ثم تأتي «ثُمَّ قَضَى أَجَلًا» لإعلامهم:
١- أن أجلهم «عمرهم» مسمى عند الله، وليس كما يقولون «وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ»
٢- أن أجل «بعثهم» أيضا لا يعلمه إلا الله «وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ»
فلا دليل في هذه الآية على «نظرية التطور»، كما استشهد بها من لا دراية لهم بـ «علم السياق».
ثم مع الفصل الأخير، وسقوط نطرية التطور، وصُمّتْ «آذان الأنعام»
محمد السعيد مشتهري



