

(794) 29/6/2017 الإلحاد في الآيات القرآنية (3)
فبراير 3
4 min read
0
0
0

ظاهرة «الإلحاد في الآيات القرآنية» (3)«عاطف الحاج وشركاؤه»
عندما قلت في ختام المنشور السابق:
«إن التحدي لظاهرة عاطف الحاج الفكرية ما زال قائمًا، وفي انتظار أن يقوم أتباع هذه الظاهرة بإسقاط جهابذة اللغة العربية من أول جولة علمية، ويخرجون إلينا ببحث علمي قرآني عن معنى قوله تعالى:
«مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ»
كان هذا التحدي قائمًا على آية يتحدث سياقها عن تحريم شيء كان العرب يفعلونه في الجاهلية، ولكنها في النهاية «آية قرآنية»، من المفترض أن يأتي «الملحدون» بمعناها حسب منهجهم في فهم القرآن من داخل القرآن، فلم يفعلوا، وولوْا الأدبار كعادتهم.
ولكن ماذا سيفعل المعجبون بظاهرة «الإلحاد في الآيات القرآنية»، وأصحابها، أمام عشرات الآيات المتعل قة بأحكام الشريعة القرآنية، والتي يستحيل أن يجدوا لها بيانًا داخل القرآن؟!
إن من بين هذه الآيات قوله تعالى، «المائدة ٣»، في سياق بيان المحرمات:
«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»
إن على المؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله، أن يواجهوا ظاهرة «الإلحاد في الآيات القرآنية» بكل قوة علمية، لأنها تعمل على تفريغ القرآن من محتواه، بخدعة شيطانية فتنت الكثير من الجهلاء المساكين، اسمها «الق رآن ليس في حاجة إلى اللغة العربية».
إن على المؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله، أن يطلبوا من هؤلاء «الملحدين» أن يأتوا لهم ببحث علمي قرآني عن الآية السابقة، لا يستندون فيه إلى أي شيء له علاقة باللغة العربية وعلومها.
إن على المؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله، أن يطلبوا من هؤلاء «الملحدين» معاني كلمات هذه الآية من داخل القرآن، وماذا تعني كلمة «مَخْمَصَةٍ»، ولماذا جاءت في سياق الآية بعد الحديث عن اكتمال الدين وتمام النعمة، فقال تعالى:
«فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»
لماذا لم تأت في سياقها الطبيعي، بعد قوله تعالى:
«وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ»؟!
إن مما لا شك، أن أصحاب بدعة «القرآن ليس في حاجة إلى اللغة العربية» لم ولن يأتوا بهذا البحث، «مطلقا»، تماما كموقفهم من الآية «١٠٣» من سورة المائدة، التي كانت موضوع التحدي في المنشور السابق.
لذلك أقول وبكل وضوح وصراحة:
إن أصحاب بدعة «القرآن ليس في حاجة إلى اللغة العربية»، والذين يتبعونهم وهم سعداء ببدعتهم، لأنها تجعلهم أحرارًا، لا ملة لهم، ولا شريعة تحكم تصرفاتهم، هؤلاء الذين يقولون:
* إن الله لم يأمر بهيئة للصلاة، وأن حركات القيام والركوع والسجود ما هي إلا حركات «وثنية»، ويكفيك أن تقرأ بعض الآيات القرآنية في الأوقات المحددة للصلاة.
* إن «الكعبة» وثن يعبد من دون الله.
* إن شهر رمضان ليس هو الشهر الذي يجب الصيام فيه، لأن الصيام يجب أن يكون في شهر مناخه معتدل، حتى يسهل على المسلمين صيامه.
* إن الأشهر القمرية التي عرفها الناس منذ خلق الله السماوات والأرض ليست هي التي يعرفها المسلمون اليوم، لأن الدولة الأموية حركتها من مكانها لمصالح شخصية، وهذا هو «النسيء» المذكور في القرآن.
* إن الأشهر «المعلومات» المسموح للحاج خلالها أن يُحرم بالحج، ليست هي التي يعرفها المسلمون اليوم، لأنها اختلفت بتحريك الدولة الأموية لها.
* إن «المسجد»، الذي عرفه المسلمون منذ عصر الرسالة، بدءًا بالمسجد الحرام، ليس مكانًا للعبادة، وإلا كان «وثنًا»، وإنما هو المكان التي يقضي الناس فيه مصالحهم الدنيوية، كالوزارات والمصالح الحكومية.
إلى آخر البدع والمصائب الفكرية «العقدية»، التي حلت بمنظومة «الفكر الإسلامي».
إن هؤلاء الذين يقولون بهذا، هم الذين قال الله فيهم:
«وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ»
لماذا هم؟!
لأن القرآن يشهد بافترائهم الكذب على الله، وهناك على هذه الصفحة عشرات المنشورات لم يستطع أحد منهم أن يواجهها بكلمة واحدة، فإذا لم يكونوا هم، فمن هم إذن؟!
إن ظاهرة «الإلحاد في الآيات القرآنية»، ليست خلافًا في الرأي، حتى يخرج علينا «الجهلاء»، يستنكرون الأسلوب الحاد الذي أواجه به أصحابها.
إننا نختلف في الرأي عندما تكون هناك وجهات نظر من حق كل إنسان أن يعرضها.
إن من حق أي مسلم أن يضع لنفسه منهجًا يقول إن «القرآن يبين نفسه بنفسه» ويتبعه، ولكن بشرط:
أن يكون هذا المنهج قائمًا على أسس علمية ثابتة، لا أن يسقط، وتسقط قواعده، من أول نفخة هواء!!
لقد كتب «عاطف الحاج» منشورًا بعنوان:
«مهْما اعتكفت لا يمكن أن أعرف شيئاً عن الله سبحانه أكثر مما عرّفني على نفسه في القرآن»
وكالعادة عشرات المعجبي ن، وعشرات التعليقات، منها ما قال فيه:
«لا يمكن أن نصل إلى حق بدون القرآن، وإذا علمنا شيئاً هو بإذن الله، هل تظن أن غزو الفضاء تم بغير إذن الله وعونه؟»
فهذه عينة تبين كيف يُفكّر «عاطف الحاج وشركاؤه»، يذهبون يمينًا ويسارًا، وفي جميع الاتجاهات، ثم لا تخرج من المنشور بحقيقة علمية واحدة.
نعم:
«لا يمكن أن نصل إلى حق بدون القرآن»
ولكن كيف، وما هي الأدوات الموصلة إلى الحق؟!
هل يستطيع «الأعجمي»، أيها الأذكياء، أن يصل إلى الحق من خلال القرآن؟!
إن أول الطريق إلى الحق، أن تضع لنفسك «منهجًا» تسير على أساسه، حتى لا تضل الطريق، وتحسب أنك تسير في الاتجاه الصحيح إلى الحق!!
فتعالوا نضع عنوان منشور «عاطف الحاج» أمامنا:
«مهْما اعتكفت لا يمكن أن أعرف شيئاً عن الله سبحانه أكثر مما عرّفني على نفسه في القرآن»
ونضع أسفله ما قاله في تعليقه:
«لا يمكن أن نصل إلى حق بدون القرآن»
ونقول له إننا نريد أن نصل إلى القول الحق، في معنى كلمة «كرسي»، الواردة في قوله تعالى:
«وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ»
دون الاستعانة بأي مصدر معرفي من خارج القرآن
علما بأن مادة كلمة «كرس» لم ترد في القرآن إلا في موضعين:
الأول في الآية السابقة بهذا اللفظ «كُرْسِيُّهُ»
والثاني بنفس اللفظ «كُرْسِيُّهُ» في قوله تعالى عن سليمان، عليه السلام:
«وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً»
فهل لله تعالى «كرسي» كـ «الكرسي» الذي كان يجلس عليه سليمان؟!
أم سنضطر خاضعين مستسلمين لمراجع «اللغة العربية»، التي حملت «الأساليب البيانية» التي كان ينطق بها لسان العرب، والتي نزل القرآن يخاطبهم بها، لنفهم المقصود بكلمة «كرسي» في سياق بيان فعالية أسماء الله الحسنى في هذا الكون؟!
وإلى إلحاد آخر في الآيات القرآنية
محمد السعيد مشتهري