

(801) 2/7/2017 ظاهرة «الإلحاد في الآيات القرآنية» (الأخير ٢-٣)
فبراير 3
4 min read
0
0
0

عاطف الحاج محمود
ثالثا:
وأثناء تدبري لنصوص «الآية القرآنية»، وجدت أن «القرآن» لا يحمل إلا الكلمة فقط، «اسمًا أو فعلًا أو حرفًا»، أما «مسميات» كلمات القرآن موجودة خارج القرآن، وليس بداخله، وهذا ما تعلمته جميع الشعوب العربية، وما زال يتعلمه أطفالهم إلى يومنا هذا في روضة الأطفال:
«الصورة وتحتها الاسم، أو الفعل، أو الحرف».
وهنا أدركت، أن قوله تعالى في وصف القرآن، إنه «تبيانٌ لكل شيء»، و«تفصيلٌ لكل شيء»، ليس كما يفهم الناس، وإنما هو بـ «الدلالة القطعية»، بيان وتفصيل ولكن:
بـ «أدوات البيان والتفصيل العلمية التي بين أيدي الناس»
وبرهان ذلك:
أن المصحف الذي بين أيدي الناس اليوم، لا يحمل صورًا تبين معنى ما يحمله من «أسماء، وأفعال، وأحرف»، وإنما تعلم العرب كل هذا في المدارس، أي خارج القرآن.فكيف يحل لمسلم عاقل، أن يقول:
إن القرآن ليس في حاجة إلى «اللغة العربية»، وهو، وجميع الأجيال العربية، بل وغير العربية، يستحيل قراءة آية واحدة من آياته، وفهم كلماتها، إلا بعد تعلم «اللغة العربية»؟!
رابعا:
وأنا أتدبر نصوص «الآية القرآنية»، وجدت أن هناك نصوصًا تحكي عن مواقف كثيرة للنبي محمد، منها:
١- «كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ (بَيْتِكَ) بِالْحَقِّ»
إذن فقد كان للنبي «بيت»، كان يدخل ويخرج منه، فأين يقع هذا البيت، وفي أي بلد؟!
٢- «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ (الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)»
وبصرف النظر عن جهل البعض بدلالات كلمة «قبلة»، التي تختلف باختلاف السياق، فإن قضيتنا في «الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»، أين يقع، وفي أي بلد؟!
وهناك مئات «الكلمات»، وعشرات «الآيات» التي تحمل أحكامًا، يستحيل فهمها من داخل القرآن، ولكن السؤال الذي سيفرض نفسه:
إن لكل أمة، من لدن آدم عليه السلام، حضارتها التي يُجمع على وجودها المؤرخون، على مستوى العالم أجمع، مع اختلاف مللهم ونحلهم.
فهل أمة النبي الخاتم محمد، دون باقي الأمم، هي التي خسف الله معالمها من على وجه الأرض، على حين غفلة من المؤرخين، ومن علماء الطبيعة والحفريات، فلم يعد للبلد الذي دعا إبراهيم ربه أن يجعله آمِناً وجود؟!
فأين سنذهب بقوله تعالى على لسان إبراهيم:
«رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ»
وأين سنذهب بقوله تعالى عن البلد الذي كان يعيش على أرضه النبي محمد، وأقسم الله به، فقال:
«لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ»
هل نُسفت «بلدة النبي»، ونُسف «بيت النبي»، ونُسف «مسجد النبي»، و«المسجد الحرام»، ولم يعد لهذه المنطقة وجود على خريطة العالم؟!
هل يمكن أن يحدث هذا، والناس نيام، حتى خرجت علينا ظاهرة «الإلحاد في الآيات القرآنية»، وخرج «عاطف الحاج وشركاؤه»، الذي يقول في المنشور «١٦ – ٦ – ٢١٠٧»:
«أن الكعبة أكبر صنم في تاريخ البشرية»
ويسأل في منشور «١٨ – ٦ – ٢١٠٧» ويجيب:
«هل البيت العتيق بناء قائم على الأرض؟! مستحيل. / هل الطواف حول الكعبة من دين الله؟! أبداً / هل الكعبة بناء على الأرض؟ لا يمكن»
وفي منشور «٢١ – ٦ – ٢١٠٧» يقول عن الطواف حول الكعبة:
«وليس الدوران حول صنم الكعبة كما يفعل المسلمون منذ أكثر من ألف عام»!!
وفي المنشور «٢٢ – ٦ – ٢١٠٧» يقول:
«هل يوجد في القرآن الكريم أي ذكر لكلمة «الكعبة»، من قريب أو من بعيد، يفيد أنها بناء قائم، أو جزء من بناء قائم على الأرض؟»
إلى آخر هذه «الإلحاديات القرآنية» الذي ينطق به حساب «عاطف الحاج» منذ أن نشره، والتي كان من المفترض أن أقوم بنسفها بنفخة هواء، من خلال سلسلة «الإلحاد في الآيات القرآنية»، كما حدث بالنسبة للتحديات الأخيرة، وكيف سقطت كل منشوراته بنفخة هواء تحمل كلمة «بهيمة».
إن «العَالِم الحق» هو الذي يأتي بالمرجعية التي استقى منها مادة بحثه، وإلا رُفض البحث شكلًا وموضوعًا، أما «الجاهل» فإنه لا يحمل في تعليقاته إلا «كلامًا مرسلًا»، يتحول بعد دقائق معدودة إلى جدل عقيم.
خامسا:
عندما انفرد مشروعي الفكري بأدوات للتعامل مع القرآن، مستنبطة من ذات النص القرآني، وكان محورها الأساس هو ما سميته بـ «منظومة التواصل المعرفي»، فإن هذا المحور لم يأت من فراغ، وإنما بعد دراسة مستفيضة وتدبر لآيات الذكر الحكيم، كانت نتيجته استحالة فهم نص واحد من كتاب الله دون أن يكون لهذه «المنظومة المعرفية» دور فيها، وإن لم يشعر بها دارس القرآن، والموضوع مفصل في مؤلفاتي وعلى موقعي.
إن القاعدة الأساس التي تقوم عليها حجية «منظومة التواصل المعرفي»، واستحالة فهم القرآن بمعزل عنها، هي قوله تعالى:
«وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»
«فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»
إن كلمة «مِنْ مِثْلِهِ» لا تعني كما يفهم الناس، أن يأتوا بمثل الجمل القرآنية، سواء من حيث الكلمات أو الصياغة البلاغية..، فالله تعالى يعلم أنه يخاطب أهل البلاغة والبيان، واليوم هناك كتاب اسمه «الفرقان الحق» عبارة عن ا ستنساخ للسور القرآنية مع تغيير كلماتها بما يوافق هوى من صنعوه.
إن «المثلية» التي فهمها أهل «البلاغة والبيان»، والتي قال الله لهم عنها: «وَلَنْ تَفْعَلُوا»، ليس فقط الإتيان بجمل تحمل كلمات عربية يستحيل فهم معناها إلا بـ «مسمياتها»، فالذي لم تتكون عنده صورة ذهنية لـ «مسمى» الكلمة، كيف سيفهم معناها؟!
وهذا ما أسميه في مشروعي الفكري بـ «المقابل الكوني» وهو مفصل على موقعي، وعلى هذه الصفحة.
لقد أخذت «منظومة التواصل المعرفي» حجيتها من نفس حجية القرآن، ذلك أن الكلمة القرآنية دون معرفة «مسمّاها» كلمة «أعجمية»، وعليه فإن ما حملته هذه «المنظومة المعرفية» من بيان لمعنى الكلمة القرآنية «اسمًا، أو فعلًا، أو حرفًا»، واجب الاتباع بنفس درجة وجوب اتباع النص القرآني نفسه.
إن «منظومة التواصل المعرفي» لا علاقة لها مطلقا بما اصطلح أئمة الفرق الإسلامية على تسميته بـ «التواتر العلمي»، ولا بـ «مرويات» المصدر الثاني للتشريع، وكل هذا مفصل في الحلقتين الثالثة والرابعة من برنامج «نحو إسلام ال رسول».
(يتبع)
محمد السعيد مشتهري



