


«كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ»
لقد لعن الله تعالى أمة بأكملها:
«لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ»
وهل بعد «الكفر» ذنب؟!
نعم، هناك ما هو أخطر من الكفر:
«كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ»
لأن «الأمة الكافرة» يتعلق كفرها بمسائل قلبية، فإذا ذهبنا إلى أعمالها الظاهرة، فقد نجدها على رأس الدول العالمية المتقدمة المتحضرة.
فإذا شاع «المنكر» وانتشر بين أفراد هذه الدول، وأصبح «معروفًا» بعد أن (ألِفَهُ) الناس، فإن مصير هذه الأمة «الهلاك»، كما أهلك الله قوم لوط.
فإذا نظرنا إلى تفرق المسلمين في الدين إلى فرق ومذاهب عقدية، بعد أن حذرهم الله من ذلك، وأنهم إذا ماتوا على تفرقهم هذا، «سني – شيعي ….» ماتوا مشركين، بنص قرآني قطعي الدلالة «الروم ٣١-٣٢».
ثم (ألِفَوا) هذا «المنكر»، وعاشوا حياتهم كما لا يخفى على أهل البصيرة.«انظر في بيتك، ثم انظر حولك»
و«كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ»
ولم يعد يربطهم بدين الله إلا «الترف الفكري»، الذي يسعدون به على شبكات التواصل الاجتماعي، وهم ينفخون فكرهم في الهواء، كما ينفخ المدخن دخان سيجارته.
لذلك لا تسألني:
لماذا لم يحقق الله لـ «الذين آمنوا» ما وعدهم به:
«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»
١- «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»
فهل تحقق هذا الوعد؟!
٢- «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ»
فأين تمكين الدين الذي ارتضاه الله للناس، وليس الدين الذي ارتضته لهم مذاهبهم العقدية والتشريعية؟!
٣- «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً»
وأين هذا الأمن الذي يعيشه «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»
وأخيرا، يشترط الله لتحقيق وعده شرطًا، فيقول تعالى:
«يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»
ألم يحذر الله «الَّذِينَ آمَنُوا» من التفرق في الدين، فقال تعالى:
«وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ. مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
وهل لم يتحول «الَّذِينَ آمَنُوا» بعد عصر الرسالة، إلى فرق وأحزاب دينية عقدية «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!
لذلك جاء الجواب:
«وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ»
لقد (ألِفَ) الَّذِينَ آمَنُوا «الشرك بالله»، ظنا منهم أن الشرك يعني عبادة «الأصنام»، وهم لا يعبدون «الأصنام»، وإنما تفرقوا فقط في الدين!!
«كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ»
لقد كتبت منشورا في «١٤- ٥ – ٢٠١٦» بعنوان:
«لا عزاء … فقد مات المُعَزّون»
قلت: لقد تشربت قلوب «الَّذِينَ آمَنُوا» بمرض «الشرك بالله»، فذهب «إخلاص العبودي ة لله» ولم يعد، وظنوا أن «عملهم الصالح» سينقذهم من جهنم، فذهبوا يقولون للجهلاء أمثالهم:
إن الصلاة «صلة» بالله، و«عمل صالح»، و«تلاوة للقرآن»، فقط لا غير، و«عيش يا راجل حياتك»، بلا ملة ولا أحكام شريعة قرآنية!!
لقد (ألف) «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»، بتوجهاتهم الدينية المختلفة، السلفية، والقرآنية، والمعاصرة، والمستنيرة، منكر «الفكر الإسلامي» المذهبي، وظنوا أن «الإسلام» فكرٌ ديني، وأن «الإيمان» قولٌ بلا عمل!!
لقد انشغل رجال «الفكر الإسلامي» بـ «الأقوال»، وتركوا «الأعمال» للمنظمات الجهادية الإرهابية، لتفسد في الأرض، وتسفك الدماء بغير حق، وتهدد دول العالم.
وعليه (ألِفَ) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (منكر) الإفساد في الأرض، «فما باليد حيلة»، والذين تركوا «السلفية» ذهبوا إلى ما هو أخطر منها، من قراءات قرآنية «معاصرة»، و«مستنيرة»، مهمتها الرئيسية هدم الأصول العقدية والثوابت التشريعية التي حملها القرآن للناس.
و«كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ»
فلا تسألني:
أين «البيت المؤمن»، الذي تعلم فيه الأولاد إخلاص العبودية لله تعالى، ثم أين «مجتمع الإيمان والعمل الصالح» الذي يحرص أفراده على تفعيل وصية إبراهيم، عليه السلام، لبنيه:
«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ (فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)»
لقد أصبح الأب يخشى أن ينهى عن منكرات زوجه وأولاده خشية غضبهم، «وما أدراك ما غضبهم»، وأصبحت المرأة تخشى أن تنهى عن منكرات زوجها خشية غضبه «وما أدراك ما غضبه»، وأصبح الأولاد يخشون النهي عن منكرات الأب والأم خشية غضبهما!!
لقد (ألِفُوا) المنكرات وعاشوا بداخلها، فتحولت إلى «معروف»، وهم سعداء به!!
«انظر في بيتك، ثم انظر حولك»
«كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ»
محمد السعيد مشتهري



