

(829) 18/7/2017 كيف نتعامل مع القرآن (16)
فبراير 3
٥ min read
0
0
0

هل يفهم «الآية العقلية العربية» الجهلاء؟!
لقد كشفت معظم منشورات الصفحة منذ إنشائها، وما حملته من «منهجية علمية» قام عليها مشروعي الفكري، عن أزمة فكرية دينية، وعن مصيبة كبرى تُقام لها «سُرَادِقَات العزاء»، وهي الجهل بمفهوم «الآية الإلهية»، وموقف الناس منها، باعتبارها «قُرْآناً عَرَبِيّاً».
إنها مصيبة دينية وعقدية كبرى، أن يوجد مسلمون يدّعون إقرارهم بالوحدانية، ثم يقيمون «الصلاة» حسب هواهم، استنادا إلى قراءات قرآنية شاذة، تلحد في الآيات القرآنية، وتفكك بنيتها التشريعية، وقد كشفت المنشورات السابقة عن مدى تهافت هذه المنهجية الإلحادية، وإفلاس أصحابها، ومن يتبعونهم.
وإن من آثار هذه «المنهجية الإلحادية»، التي تعبث بنصوص «الآية القرآنية»، وبعقول الذين يتبعون هذه المنهجية بغير علم، أن يخرج علينا من جعل من نفسه رائدًا لتيار «الفكر الإسلامي» التنويري، ثم إذا به يدخل دائرة «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»، وهو يحسب أنه يُحسن صنعًا!!
لقد قمت بإعداد حلقات بعنوان «الخريطة السنية تكشف حقيقة (إسلام) (البحيري)»، وبعد جهد كبير في مراجعة وإعداد المادة العلمية المستخلصة من الثلاثين حلقة، من برنامج «الخريطة»، قررت ألا أسجل هذا العمل.
لقد وجدت أن على «البحيري» ومن يتبعونه، أن يعيدوا بناء «إسلامهم» من جديد، فالإسلام ليس «إسلام» فرقة «أهل السنة والجماعة»، التي يقود «البحيري» وأمثاله تيار تنوير أتباعها لإنقاذهم من أباطيل تراثها الديني.
أولا:
يقول في الحلقة الأولي عن المشكلة التي من أجلها وضع «الخريطة»:
«إن المجتمع نفسه لم يكن مشاركًا في الصراع الثقافي بين من يُسمّون أنفسهم في الإسلام أهل الدين، أو رجال الدين، وبين تيار كامل اسمه التنوير يطالب بالتجديد، مش كلهم على فكرة واحدة، ولكن الفكرة العامة، والذي ينقص هذه المعادلة المجتمع نفسه، أنتم، ففي هذا البرنامج، أنا حخليكم زيهم، لتصبحوا طرفًا في الصراع، حتعرفوا كل حاجة، ما هو علم الحديث، حشرحوا كله، الفقه أصوله، التفسير..».
تدبروا قوله:
«من يُسمّون أنفسهم في (الإسلام) أهل الدين، أو رجال الدين»، فعن أي إسلام يتحدث؟!
طبعا عن «الإسلام» من منظور فرقة «أهل السنة والجماعة».
ثم يقول:
«حتعرفوا كل حاجة، ما هو علم الحديث، حشرحوا كله، الفقه أصوله، التفسير..»، طبعا يقصد العلوم التي حملتها أمهات كتب فرقة أهل السنة والجماعة»!!
طبعا عن «علم الحديث» من منظور فرقة «أهل السنة والجماعة».
ويقول:
«سأبين لكم أين الخلل في كل العلوم التي ظهرت بعد القرآن، ومثال واحد لكيفية علاج هذا الخلل، بحيث إلي يشوف حلقات البرنامج كلها يعرف كل شيء في الدين من أول البعثة النبوية، من أول نزول القرآن، وحقول ليه أنا مهتم بالمعلومات الدقيقة، لأنها ستأخذنا إلى نتائج لا تخطر على بالكم، مثال: يقول علماء الحديث إنك لو طعنت في «السند» معناه إنك طعنت في القرآن، وأنا سأبين لكم كيف أن القرآن جُمع في حياة الرسول، سأبين لكم كيف تم بناء التركيب العقلي لهذا التراث»
تدبروا قوله:
«الخلل في كل العلوم التي ظهرت بعد القرآن»
طبعا يقصد بـ «العلوم» علوم فرقة «أهل السنة والجماعة».
ويقول:
«إلي يشوف حلقات البرنامج كلها يعرف كل شيء في الدين من أول البعثة النبوية..»
ويقول:
«وأنا سأبين لكم كيف أن القرآن جُمع في حياة الرسول، سأبين لكم كيف تم بناء التركيب العقلي لهذا التراث»
طبعا عندما يقول: «يعرف كل شيء في الدين»، و«كيف تم بناء التركيب العقلي لهذا التراث»، فإنه يقصد دين وتراث فرقة «أهل السنة والجماعة».
إن «البحيري»، وضع «خريطة » لتنوير أتباع فرقة «أهل السنة والجماعة» بداية بالمقدمة الثابتة التي وضعها لجميع الحلقات، والتي تشهد بأسماء مرجعيات هذه الفرقة، وحتى نهاية الحلقات والنصيحة التي وجهها لولاة الأمور!!!
ثانيا:
يقول في الحلقة الثانية:
«القرآن نزل للناس كلها، علشان كلنا نفهمه، حتى لو فيه صعوبة لغوية تخص زماننا، أو في القصص، أو في استنباط الأحكام، أو في معرفة المجاز في النص، لكن أدنى درجة تعيش حياتك كويس وتخليك فاهم الدين ومتفاعل مع كل حاجة… تعالوا نشوف الآيات»
لقد بحث «البحيري» عن الآيات التي وردت فيها كلمة «الناس»، وذكر منها ست آيات، كدليل على أن القرآن نزل للناس جميعا، «علشان يفهموه»، وبدأ بقوله تعالى:
«هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ»
وقرأ كلمة «وَمَوْعِظَ (ةٌ)» خطأ، فقال: «وَمَوْعِظَ (ةً)»، وكرر نفس الخطأ في سياق آخر وقال: «وَمَوْعِظَ (ةً) »، وعندما صحح هذا الخطأ قال (أو) «وَمَوْعِظَ (ةٌ)»، وهكذا هم عند تعاملهم مع القرآن، «مش فارقة معاهم تكون «وَمَوْعِظَةٌ»، أو «وَمَوْعِظَةً»!!
ثم قال:
«هنا لا يستطيع أحد أن يُخصص كلمة الناس، لتكون فئة بالوكالة أو غيرهم»
إذن فهو يتحدث عن الناس بالمفهوم العام، أي عن شعوب العالم، وأن هذا القرآن نزل لهم جميعا، «علشان يفهموه»، طيب «حيفهموه إزاي» يا ذكي، ومعظمهم أعاجم؟!
ويقول:
«يعني الحديث من قول رسول الله، ولكن جمعه وإخراجه من فعل البشر، ولكن لو صح الحديث، بمعنى لو صح بشروط سأذكرها لكم من منهجهم، يبقى خلاص كلام رسول الله فعلا كلام مقدس»
نتدبر قوله:
«يعني الحديث من قول رسول الله، ولكن جمعه …»
طبعا يقصد «الحديث» حسب شروط فرقة «أهل السنة والجماعة»
ثم تدبر قوله بعدها:
«يبقى خلاص كلام رسول الله فعلا كلام مقدس»
إن «البحيري» يؤمن أن كلام الرسول كلام مقدس إن صحت نسبته إلى الرسول، طبعا بالشروط التي على هواه، وهل أئمة الحديث قالوا بغير هذا؟!
ثم كيف يقول إن كلام الرسول «الذي نقله الرواة»، مقدسا بشروط، وهو القائل في الحلقة الأولى «لا مقدس إلا كلام الله»؟!
ثالثا:
ويسأل في الحلقة الثالثة:
«لماذا لم يُنسب هذا الكم الهائل من الأحاديث إلى هؤلاء المهاجرين الذين سمعوا الرسول أكثر من غيرهم… إن المشكلة مع الروايات ليست مشكلة صحابي، ولا مشكلة فكرة الرواية بمعنى هل هناك سنة لرسول الله؟!»
ثم أجاب:
«طبعا فيه «سنة» لرسول الله، يعني الرسول في مكة والمدينة تكلم وفعل وترك، وسأخبركم بعد ذلك بأنواع السنن»
ثم يكرر السؤال:
«هل هناك «سنة» تركها الرسول؟!
ويجيب:
«طبعا طبعا مليون في المائة»!!
أقول: طيب يا جماعة الراجل «سني سلفي» إلى النخاع، فلماذا اتسجن؟!
رابعا:
ويقول في الحلقة الرابعة:
«وصف النبي لمن كانوا في مكة كان وصفا في محله عندما قال: نحن أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فهم بعاد جدا عن الكتابة، فكان استظهار مهارات الحفظ مهمة جدا عندهم، لأن مفيش كتابة، فهم كانوا عظماء في الحفظ»
انظروا كيف يفتري على الله ورسوله الكذب، برواية موضوعة، من أجل الرد على الذين يقولون إن الذين نقلوا القرآن هم الذين نقلوا السّنة، فيبتدع هو أ يضا بدعة جديدة ويقول:
«إن القرآن تناقلته الألسن شفاهة، دون أي تدوين له في الصحف، خلال العهد المكي، وكان أول تدوين له في المدينة، وأن معنى جمع القرآن ليس جمعه في الصحف، وإنما جمعه في الصدور»!!
خامسا:
يقول في الحلقة الخامسة:
«والمقصود من الحفظ الحفظ من الضياع، لأنه لو لم يُحفظ في صدور الرجال المَكّيّين من الصحابة كان القرآن فعلا حيضيع»
لقد أثبت «البحيري» بقوله «كان القرآن فعلا حيضيع»، أن «الحفظ عن ظهر قلب» كان هو المعجزة التي تميز بها العرب، والتي حفظ الله القرآن على أساسها!!
وهل أئمة السلف والخلف، على مستوى جميع الفرق الإسلامية، يقولون بغير هذا؟!
الحقيقة هناك مثل يقول: «جاء يكحّلها فعماها»
وهذا ما فعله «البحيري»، لقد أثبت بقوله إن حفظ القرآن كان في العهد المكي في الصدور فقط، بسبب وجود مَلَكَة ومعجزة الحفظ عند العرب، صحة قول أئمة السلف والخلف «إن الذين نقلوا القرآن هم الذين نقلوا السّنة»، لأن آلية ومَلَكَة الحفظ واحدة!!
ولذلك لا مانع عند «البحيري» أن يؤمن بوجود قرآن مكي، وقرآن مدني، فيقول:
«يبقى نعتبر إن القرآن الذي نزل في مكة قبل الهجرة هو القرآن المكي، والقرآن الذي نزل في المدينة بعد الهجرة هو القرآن المدني، حتى لو نزل في مكة بعد الفتح»؟!
طيب يا جماعة الراجل «سني سلفي» إلى النخاع، فلماذا اتسجن؟!
إن اعتقاد «البحيري» أنه لولا حفظ الصحابة القرآن في صدورهم لضاع القرآن، يعني أنه لم يدخل الإسلام بعد، فالإسلام له باب دخول واحد فقط، وهو باب الإقرار بصدق «الآية القرآنية»، التي تعهد الله بحفظ نصوصها، من يوم ولادتها وإلى يوم الدين.
أردت فقط أن أبيّن كيف أن فيروس «الإلحاد في الآيات القرآنية» ينتشر بصورة تنذر بخطر عظيم على الفهم الواعي لنصوص الآيات القرآ نية، ويجب على كل مؤمن أسلم وجهه لله تعالى ألا يقف متفرجًا لما يحدث على مسرح الإلحاد المقام على شبكات التواصل الاجتماعي، بل يجب أن يكون له دور فعّال في النهي عن هذه المنكرات.
محمد السعيد مشتهري