

(836) 24/7/2017 كيف نتعامل مع القرآن (20)
فبراير 3
3 min read
0
0
0

«السياق الموضوعي»، واستنباط أحكام القرآن
«الْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً»
إن كلمة «الْقَوَاعِد» تعني المرأة التي أقعدها كبر سِنِّها عن الحركة، أي «العجائز» من النساء، ثم أضاف صفة أخرى أنها لم تعد محل شهوة للرجال، ولا يرغبون في نكاحها، لذلك رخص لها أن تتخفف من ثيابها:
«فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ»
والمتدبر لهذه الرخصة، والحكمة منها، يجد أنها تخفيف على المرأة «العجوز» من أعباء الثياب الساتر لجسمها، خاصة أنها لم تعد محل شهوة لأحد، وهذا معناه أن في التزام المرأة «المؤمنة المسلمة» بثيابها الذي أمرها الله به، مشقة.
فما هو هذا «الثياب» الذي رخص الله لـ «الْ قَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ» أن يتخففن منه، بشرط ألا يكون في التخفف منه كشف لزينتها الداخلية؟!
ليس عندنا دليل على مواصفات لباس المرأة «المؤمنة المسلمة»، إلا ما أنزله الله في كتابه، والذي يتكون من:
أولا: الخمار
«وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»
وكلمة «الخمار» اسم لابد أن له من «مسمى»، وهذا «المسمى» موجود خارج القرآن، ويعلمه العرب الذين خاطبهم الله به، وحمله «لسان العرب» إلى الناس جميعا، وحفظه الله في مراجع اللغة العربية، والتزمت به النساء «المؤمنات المسلمات» منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا.
ثانيا: الجلباب
«يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ»
وكما قلت عن «الخمار» أقول عن «الجلباب»، فنحن لن نخترع لباسًا جديدًا غير الذي عرفته المرأة العربية في عصر الرسالة، ونزل به قرآن بدلالات قطعية لا شبهة فيها، وحفظه الله «مفهوما» في مراجع اللغة العربية، و«عمليًا» عبر «منظومة التواصل المعرفي»، فنرى شعوبًا وقبائل مسلمة تلتزم به إلى يومنا هذا.
لقد أمر الله «نساء المؤمنين»، إلى يوم الدين، بالالتزام بهذا «الجلباب»، فقال تعالى:«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ»
فإذا كان هناك من نساء المؤمنين من يؤمن اليوم بهذه الآية، وأنها من أحكام الشريعة القرآنية، فعليهن الالتزام باللباس الذي التزمت به النساء المؤمنات في عصر الرسالة، والذي حفظ الله مواصفاته في مراجع «اللغة العربية».
فهل يُعقل، أن يتعهد الله بحفظ الكلمة القرآنية، ويترك «مُسمّاها» لأهواء أصحاب القراءات القرآنية الإلحادية، يعبثون به حسب أهوائهم؟!
هل يُعقل أن «المسجد» ليس مكانا للعبادة، وإن «الصلاة» ليست هيئةً، من قيام وركوع وسجود، وإن «الخمار» يعني تغطية الجَيْبَيْن بقطعة قماش، أي تغطية فرج المرأة ومؤخرتها فقط، ثم تخرج المرأة للناس وتصلي وهي بهذه الصورة؟!
تعالوا نتعلم كيف نفهم النص القرآني، ونستنبط أحكامه، حسب علم «السياق الموضوعي»، وماذا يعني أن يُبيّن الله في سورة النور هذه الأحكام:
١- غض البصر:
«قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ …. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ»
٢- حفظ الفرج:
«وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ …. وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ»
٣- تحريم إبداء المرأة «زينتها» لغير الذين نص الله عليهم في الآيات:
«وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا … وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ..»
٤- إباحة كشف المرأة زينتها أمام الذين لا تتحرك لهم شهوة تجاه النساء، والأطفال الذين تخلو أذهانهم من عورات النساء وشهواتهن:
«التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ»
٥- وجوب أن يضعن المؤمنات «خُمُرِهِنَّ» على «جُيُوبِهِنَّ»:
«وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»
٦- تحريم ضرب المرأة بأرجلها لأداء حركات من شأنها إظهار زينتها الخفية، وإثارة الشهوات، كالرقص مثلا:
«وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ»
٧- تحريم اطلاع الأولاد على عورات الوالدين، لذلك أمر الله الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم، والذين بلغوا الحلم، بالاستئذان قبل الدخول عليهما في أوقات سمّاها الله «عورات»:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَ بْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ …. ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ … وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»
٨- ثم تدبر ماذا قال الله بعد ذلك مباشرة:
«وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»
إذن فـ «السياق الموضوعي» يفرض علينا أن نعلم السياق، أن الآيات السابقة، تتحدث عن الحدود التي فرضها الله على المرأة «المؤمنة المسلمة»، حتى لا تكون مصدرًا لإثارة الشهوات.
ولقد كان لباس المرأة العربية ينقسم إلى:
١- الملابس الداخلية التي تستر العورات.
٢- الملابس الساترة، «فوق الملابس الداخلية»، التي تغطي الجسم كله، والتي تستعملها وهي في بيتها.
٣- الجلباب الخارجي الذي تلبسه فوق «الملابس الساترة»، عند خروجها من البيت، أو مقابلة غير محارمها، والذي من شروطه ألا يُظهر شيئًا من «الملابس الساترة»:
«يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ»
٤- الخمار الذي تغطي به المرأة شعرها وما يلي الرقبة.
الحكم الشرعي:
لقد جاء الله تعالى بآية كاملة ترخص لـ «القواعد من النساء» في التخفيف من «الجلباب»، ومن الخمار»، بشرط ألا تكون «الملابس الساترة» كاشفة لأي زينة داخلية، ومع ذلك قال: «وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ»، فهل يُعقل ألّا يكون هذا الخمار، وهذا الجلباب، من الشريعة الإلهية؟!
وإذا كان استعفاف «القواعد من النساء»، وعدم تخفيف ثيابهن خير لهن، فما ظنك بذوات الزينة من «النساء الشواب»، اللاتي يخرجن بين الناس متبرجات بزينتهن؟!
فإذا علمنا أن «التبرج» هو إظهار ما يجب إخفاؤه، وهو الظهور من البُرْج، وهو البناء الظاهر، ويقولون «سفينة بارج» أي لا غطاء عليها، ومنه «بروج مشيّدة»، و«بروج السماء»، أي لا حائل دونها يسترها.
فإن العرب كانوا يستخدمون مادة هذه الكلمة «التبرج» في وصف المرأة التي تتعمد إبداء زينتها وإظهار محاسنها للرجال، فيقولون «امرأة بارج»، و«امرأة متبرجة».
والآن سيقولون:
ألم نقل لكم إن «محمد مشتهري» سلفيٌ حتى النخاع؟!
محمد السعيد مشتهري



