top of page

(875) 6/9/2017 لا تَظْلِمُوا «أبناءكم» ثم تعاقبوهم

فبراير 3

٣ min read

0

0

0

إن «الإلحاد» منظومة عالمية يسعى أفرادها إلى وضع قواعد إقامة «دينٍ» جديدٍ يُدخل أهل الأرض الجنة، حسب مفهومهم لها، فلم يجدوا أفضل من كلمة «الإسلام» يتخذونها شعارًا لهذا الدين الجديد، مما يجعلني أسمّيهم «الملحدين المسلمين».

ومن ذكائهم، بل ودهائهم، أن قاموا بوضع منظومة من المصطلحات والمفاهيم القرآنية تعمل على هدم أحكام القرآن من قواعدها، فجعلوا الكتاب غير القرآن، والإسلام مقدم على الإيمان، والأبوين شيء والوالدين شيء آخر..، إلى آخر ما سوّدوا به قراءاتهم القرآنية المعاصرة.

لم يترك «الملحدون المسلمون» كلمة أو حكمًا من أحكام القرآن إلا وحرّفوه، فلم تعد للصلاة هيئة، والزكاة هي زكاة النفس، والصوم صومٌ عن الشهوات، والحج في أي وقت من العام، ومنهم من يكفر أصلا بالأشهر العربية التي منها أشهر الحج… إلى آخر هذا «الهوس الديني» الذي أصاب قلوبهم.

«الملحدون» يريدون عالمًا بلا هوية دينية، حتى يسهل عليهم نشر فلسفتهم عن وحدة الوجود، وعن الزمن والسببية، وما وراء الطبيعة، «الميتا فيزيقيا»، وما يتعلق بـ «الروحانيات»…، دون أن تعوقهم رسالات إلهية تُقيّد الناس بأحكام الحلال والحرام.

«الملحدون» يريدون محو هوية «الأسرة المسلمة»، بدعوى أن أهل الأرض جميعًا مسلمون، تحل «عقود النكاح» بينهم، طالما أن الإنسان يؤمن «بالله واليوم الآخر والعمل الصالح»!!

«الملحدون» يريدون أن يخرج «الأبناء» إلى هذه الدنيا بلا هوية دينية.

أولا:

يبدأ ظلم الأبناء، حسب «أحكام القرآن»، عندما تأتي ولادتهم ثمرة «نكاح» بمعزل عن المفهوم الإيماني لـ «آية الزواج»، وقوله تعالى:

«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»

نعم: «لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»

فإذا كان «الزواج» يعني وجود شيئين متطابقين يُكوِّنَان شيئاً واحداً متناغمًا، فإنه بالمفهوم الإيماني لـ «آية الزواج» يعني:

«المؤمن» الذي له «قرينة» مثله، إيمانيًا وفكريًا وعاطفيًا وأخلاقيًا، فإذا لم تتحقق «المثلية» لا يُسمّى «زواجًا».

ثانيا:

لذلك حرصت أحكام القرآن على بيان أن «الولاء الإيماني» شرطٌ لصحة عقد النكاح، قال تعالى:

* «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ…»

* «الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ…»

* «وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ»

نعم، هذا ما يجب أن يكون:

«إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ»

وهل بعد أن أقام المسلمون علاقاتهم الزوجية على الرغبة في النكاح، وليس على المفهوم الإيماني لـ «آية الزواج» من «فِتْنَةٍ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٍ كَبِير» يعيش فيهما الأبناء والأحفاد اليوم، وهل يخفى ذلك على أهل البصيرة؟!

ثالثا:

وإذا كان «التوافق الزوجي النفسي» شرطًا لتحقق فعالية «آية الزواج» في المجتمع البشري بوجه عام، فإن «التوافق الزوجي الإيماني» شرطٌ لتحقق صحة «عقود النكاح» في مجتمع «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» مجتمع الذين اتبعوا «النبي الخاتم»، وقال الله لهم:

* «وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ… وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا…»

* «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ..»

ومن الآيتين نفهم:

١- أن «النكاح» لا يصبح «زواجًا» بـ «المفهوم الإيماني» إلا إذا قام الزوجان بتفعيل «أصول الإيمان»، التي أنزلها الله في القرآن، سلوكًا عمليًا في حياتهما.

٢- إن تفعيل «أصول الإيمان» في حياة الزوجين من شأنه أن يعمل على تنشئة الأولاد تنشئة صالحة على الفهم الواعي لآيات الذكر الحكيم، «ملة وشريعة»، وهذا هو جزاؤهم:

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ، أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ، كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ»

فأين نجد اليوم «الذرية» التي اتبعت أهل بيتها بـ «إيمان»، فكان جزاؤهم جميعًا الجنة؟!

٣- أن لفظ «الْكُفَّار» جاء عامًا يشمل كل من وصفهم الله بـ «الكفر»، من «المشركين» ومن «أهل الكتاب»، ولكن «الملحدين» يُبيحون عقود «النكاح» بين أتباع الملل والنحل المختلفة، وها هم اليوم يحتفون بالمرأة العربية التي تزوّجت كوري، ويطالبون الرجال والنساء أن يقتدوا بهما!!

رابعا:

عندما يحذر أئمة الفرق والمذاهب العقدية المختلفة الأبناء من عقوق الوالدين، استنادا إلى الآيات القرآنية، بعد أن أصبح الأبناء في عمر يصعب عنده التقويم، فمن المسؤول عن عقوق الأبناء للوالدين، يوم لم يحسنا منذ البداية اختيارهما «الزوج» المتناغم بالمفهوم الإيماني؟!

* نموذج لبيت «مؤمن مسلم»:

مَنْ مِنَ المسلمين اليوم، يلتزمون بتفعيل آداب «استئذان» الأبناء، عند دخولهم حجرة الوالدين، كما أمرهم الله تعالى بقوله:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ… ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ… كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»

انتبهوا إلى من هم «المطالبون» بتنفيذ الأمر:

* «الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ»

* و«الَّذِينَ بْلُغُوا الْحُلُمَ»

«وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»

إن الله يأمر «الَّذِينَ آمَنُوا» أن يربوا أولادهم على الحياء، وعدم الاطلاع على العورات ولو كانت خاصة بالوالدين، مع تجنب المواقف التي قد تثير الشهوات، لحكمة قد نعلمها، وقد لا يعلمها إلا الله «الْحَكِيم الْعَلِيم».

علينا أن ننظر إلى هذا «البيت المؤمن»، وكأننا نعرف أصحابه، وكيف يُربّون أبناءهم على أحكام الحلال والحرام، وهم «لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ» بعد، في مسألة قد يظنها البعض فرعية، ولا تخطر على بال أحد من المسلمين اليوم، وهي «آداب الاستئذان»؟!

وفي غياب «البيوت المؤمنة» عن حياة المسلمين، ولم نعد نرى غير بيوت تلتزم ببعض مظاهر «الإسلام»، نجد «الملحدين» يعملون بكامل طاقاتهم على تفكيك بنية ما تبقى من «إسلام» في هذه البيوت، وانظروا بداخلكم، وليس فقط حولكم!!

ومعذرة، للموضوع بقية!!

محمد السعيد مشتهري

فبراير 3

٣ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page