top of page

(937) 29/10/2017 كيف نتعامل مع القرآن (43)

فبراير 2

4 min read

0

0

0

ree

«بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»

لقد نزلت نصوص «الآية القرآنية» بـ «لسان عربي مبين»، فماذا تعني هذه الجملة؟!

أولًا: «لسان»

هو «آلة» النطق التي تتحدث بها شعوب العالم:

«وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ»

إن قوله تعالى: «وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ» يعني واختلاف «اللغات» التي تنطق بها ألسنتكم.

ولكون السياق «الروم ١٧- ٢٧» الذي وردت فيه هذه الآية يتحدث عن «دلائل الوحدانية»، ناسب ذلك الإتيان بآية من آيات الأنفس، وهي «اللسان»، الذي هو آلة النطق.

فـ «آلة النطق» واحدة، ومع ذلك اختلفت «لغات» شعوب العالم التي تنطق بها هذه الآلة، أي التي تنطق بها «ألسنتهم»، لذلك عقب بقوله تعالى:

«إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ»

وهل «اللسان» آية من آيات الأنفس؟!

نعم، فقد ورد في سياق بيان نعم الله على الإنسان، فقال تعالى:

«أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ . وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ»

ثانيًا: «عربي»

لماذا كانت «اللغة العربية» أفصح لغات العالم؟!

لأنها حملت من الأساليب البيانية ما يجعلها تعبر عن المعاني بصورة دقيقة يفهم الناس المراد منها، وتطبع في قلوبهم الصور الحسية لهذه المعاني لتتفاعل معها آليات التفكر والتعقل والتدبر.. إلى آخر آليات عمل القلب.

١- فعندما يقول الله لرسوله:

«وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ»

فلا شك أن هذا «المشرك» يعلم جيدًا معاني الكلمات التي تتلى عليه وتتفاعل مع آليات عمل قلبه، سواء آمن بها أو لم يؤمن، وإلا فما فائدة أن يسمعها؟!

٢- وعندما يصف الله حال الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب وهم يسمعون القرآن، فيقول تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً … وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً»

فلا شك أن المعاني التي حملتها الجمل القرآنية، تفاعلت بأساليبها البيانية البلاغية مع قلوبهم، مما جعلهم «يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً» مرتين.

ثالثًا: «مبين»

إن المدخل الوحيد لـ «دين الإسلام» هو الإيمان بـ «الآية القرآنية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والتي أمر الله بتدبر نصوصها.

ولقد نزلت نصوص «الآية القرآنية» بأساليب بيانية «مُبيّنة» لكلماتها، لذلك علينا أن ننتبه إلى:

١- عندما يقول الله تعالى:

«قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ»

فإن وصف الكتاب بأنه «نُورٌ ومُبِينٌ»، يعني أن «اللغة» التي نزل بها، وكانت «ألسن العرب» تتحدث بها، تحمل كلماتها وأساليبها «البيانية» ما يُظْهِرُ للناس حقائق الأشياء، بصور بلاغية بديعة، تثبت أن هذا القرآن من عند الله.

٢- وعندما يقول الله تعالى:

«الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

إن «الكتاب المبين»، هو نفسه «القرآن العربي»، بكلماته وحروفه وعدد آياته، وليس كما يدعي «الملحدون المسلمون»، أصحاب القراءات «الشاذة» المعاصرة، فالله تعالى يقول:

«طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ»

«الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ»

وطبعا هذه الآيات لقوم يعقلون:

«قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

«إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»

رابعًا: «الباء» المصاحبة

إن «آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ» نزلت «قُرْآناً عَرَبِيّاً»، بـ «لغة عربية» كان ينطق بها «لسان العرب»، وعلينا أن نتدبر ورود حرف «الباء» في الآيات التالية:

«(بِـ) لِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»

«يَسَّرْنَاهُ (بـ) لِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ»

«(بِـ) لِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»

تُسمى هذه «الباء» الباء «المصاحبة»، أو «السببية».

فالله تعالى يُبيّن للناس، أن الآلة التي ينطقون بها، وهي «اللسان»، ما هي إلا «وسيلة» تصاحب «اللغة» التي يتكلمون بها، التي تخرج من بين الشفتين.

فبأي «لغة» كان ينطق «لسان» النبي، من قبل بعثته؟!

لقد كان «لسان النبي» ينطق بـ «اللغة العربية»، فتدبر:

«فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ (بِـ) لِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»

وعلى «الملحدين المسلمين»، القرآنيّين والعصريين المستنيرين، الذين يكفرون بـ «اللغة العربية» وعلومها، ويقولون إن «القرآن يبين نفسه بنفسه»..، أن يخرجوا إلى معجبيهم، الذين يتبعونهم بغير علم، ويجيبوا على هذا السؤال:

هل كان «النبي محمد» يتكلم «اللغة» العربية، أم «اللغة» الإنجليزية، أم «اللغة» الفرنسية، أم «اللغة» الألمانية، أم «اللغة» الروسية؟!

يعني بأي «language» كان يتكلم «النبي»؟

لذلك أقول:

إن دراسة القرآن، وتدبر آياته، واستنباط أحكامها..، لا يقربها إلا «المُتَطَهِّرون» من أمراض «الجهل»، و«العشوائية الفكرية»، و«الهوس الديني».

وبرهان ذلك:

أن «الأعجمي»، لا يستطيع فهم كلمة واحدة من كلمات القرآن، من قبل أن يذهب إلى أهل «اللغة العربية» يتعلم منهم كيف يقرأ، وكيف يكتب، وكيف يكون جملة عربية مفيدة.

والسؤال:

هل نحن وأبناؤنا «عرب» أم «أعاجم»؟!

فأي «إسلام» هذا، وأي «قرآن» هذا الذي تتبعونه؟!

صحيح أنه لا «كهنوت» في «دين الإسلام»، ولا تقليد واتباع بغير «علم»، ولا يجب أن يكون المسلمون أسرى «أهل اللغة»..، ولكن كيف سيتعاملون مع القرآن وهم «أعاجم»؟!

إن تعلم اللغة العربية «فرض عين» على كل مسلم، حتى يكون أهلا لفهم القرآن واستنباط أحكامه، وحتى لا يضحك عليه «الملحدون المسلمون» ويسقطون عنه أحكام القرآن، باسم القراءات القرآنية المعاصرة، ويحسب أنه يحسن صنعا!!

إن تعلم اللغة العربية «فرض عين» على كل مسلم، ثم بعد ذلك يقيم على هذا الأساس «تخصصه المهني»، في أي مجال من مجالات العلوم، أي أن القاعدة التي تقوم عليها «شهادة» المسلمين على الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، هي قاعدة «قُرْآناً عَرَبِيّاً» بأصول اللغة العربية وعلومها وأساليبها البلاغية، الأمر الذي كان يجب أن يحدث في جميع المؤسسات التعليمية التي التحق بها المسلمون منذ قرون!!

ولذلك لم يكن غريبا أن يوصي أحد نجوم التنوير والقراءات القرآنية المعاصرة، ويقول لأتباعه:

١- إنه قد تجاوز السبعين، وأفنى عمره في الجهاد من أجل تصحيح وتنقية عقيدة وشريعة فرقة «أهل السنة والجماعة».

٢- وإن التراث الديني لفرقة أهل السنة باطل، إلا ما وافق القرآن.

٣- وإن كتاب «البخاري» أحط كتاب في الإسلام، لأنه يطعن في الله ورسوله وصحابته والقرآن.

٤- وإن معظم ما حملته منظومة «الفقه السني» وضعها جماعة من «المخبولين».

٥- وإن الأزهر بمؤسساته التعليمية منظومة «خربة».

ويختم وصيته بأن يدعو أتباعه إلى السير على منهجه، من أجل إعلاء كلمة السماء!!

فماذا يقصد بجملة «إعلاء كلمة السماء»؟!

وإذا كان يقصد إعلاء «كلمة الله»، فما علاقة «السماء» بذلك؟!

إن ذات الله لا تُشبّه ولا تُمثّل بشيء أبدا، وفرق بين «الذات» و«الأسماء»، وما ورد في كتاب الله من أساليب بيانية مجازية جاءت تتعلق بفعالية أسماء الله الحسنى، وليس بذات الله تعالى.

فهذا نموذجٌ من نماذج الذين لم يدخلوا «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الآية القرآنية»، وعاشوا حياتهم في مقابر أمهات كتب فرقة «أهل السنة والجماعة» مع السلفيين!!

والفرق بين السلفيّين وأصحاب القراءات «الشاذة»:

* السلفيّون يتبعون أئمة فرقة «أهل السنة»، ويُقدسون مروياتها ويعتبرونها وحيًا من الله.

* وأصحاب القراءات «الشاذة»، القرآنية والعصريّة والمستنيرة، ينقدون وينقضون أئمة فرقة «أهل السنة» ويكفّرونهم، ويشتمونهم، ويلعنونهم!!

وكل هذا يحدث في ساحة «الفُرقة والمذهبية»، ولا يريدون دخول «دين الإسلام» من بابه الصحيح!!

ألم أقل لكم أنها قلوبٌ «ميتة»، «جاهلة»، «ضالة»، «مضلة»، لا يؤخذ منها فهم للقرآن؟!

محمد السعيد مشتهري


فبراير 2

4 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page