top of page

(950) 8/11/2017 كيف نتعامل مع القرآن (49)

فبراير 2

٣ min read

0

0

0

عندما تطمس «المذهبية» وجوه وقلوب الذين «فارقوا دينهم»

من أكبر المصائب العقدية أن يُقحم «الجهلاء» أنفسهم في فهم القرآن واستنباط أحكامه وهم لم يدخلوا «دين الإسلام» بعد!!

من أكبر المصائب العقدية أن تُوظّف الآيات القرآنية لخدمة التوجهات السلفية، وهم يرفعون راية «السنة النبوية»، طبعا من وجهة نظر أئمتهم!!

من أكبر المصائب العقدية أن يُوظّف قوله تعالى:

«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»

لإثبات حجية مرويات كل فرقة، بدعوى أن «الذكر» معناه «السنة» المبينة للقرآن، أي «الأحاديث» التي صحت عند كل فرقة حسب مدارس الجرح والتعديل المذهبية!!

من أكبر المصائب العقدية أن تقيم كل فرقة على ما سبق، أنها «الفرقة الناجية»، وأن «ذِكْرها» هو «السنة النبوية» المحفوظة، استنادا لقوله تعالى:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»

لقد سمى الله أهل الكتب الإلهية بـ «أهل الذكر» لإفادة قوة وصف هذه الكتب بالتذكير، وإقامة الحجة على الناس الغافلين عن رسالة ربهم، المعترضين على أن يرسل الله بشراً رسولًا:

١- «وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ»

«وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ»

٢- «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»

«بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»

إن المتدبر لسياق الآيات التي ورد فيها قول الله تعالى:

«وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً»

يعلم أن الخطاب القرآني كان للمختلفين على رسالة رسول الله محمد، المكذبين، وليس مطلقا للمؤمنين المسلمين، الذين لم يختلفوا على رسالته.

لذلك جاء قوله تعالى:

«فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ»

ليس لإحالة المؤمنين المسلمين إلى رسول الله، وإنما لإحالة المكذبين الشاكين في صدق الرسول، إلى الذين أوتوا العلم من أهل الكتب السابقة، ليبينوا لهم أن الله لم يصطف رسولا إلا وكان رجلا.

فقضية سياق هذه الآية لا علاقة لها مطلقا بعلاقة المؤمنين برسولهم، ذلك أن كلمة «الناس»، في هذا السياق، تعني «أهل الكتاب» المكذبين بدعوة النبي الخاتم.

لذلك كان من مهمة الرسول الرد على شبهات المكذبين، وبيان ما اختلفوا فيه، وهذا معنى «لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ»، لأن البيان معناه «الإظهار» وليس التفسير، كما يدعي المذهبيّون!!

وخير شاهد على ذلك سياق الآيات التي سبقت هذه الآية، فتدبر:

«وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ»

«لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ»

فقول الله تعالى:

«(لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ»

جاء في سياق الرد على شبهات المكذبين، بدليل قوله تعالى في نفس السورة «الآية ٦٤»

«وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ (لِتُبَيِّنَ لَهُمْ) الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»ولذلك خُتمت الآية «٤٤» بقوله تعالى:

«وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»

وهو التعقيب المناسب لدعوة المختلفين إلى أن يُعملوا آليات التفكر والتعقل والتدبر، ويرجعوا إلى رشدهم.

لقد جاء رسول الله ليظهر لأهل الكتاب ما أخفوه وما حرفوه، وليُبطل حجج المكذبين ويكشف ما أخفوه وحرفوه، فتدبر:

«يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا (يُبَيِّنُ لَكُمْ) كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ»

وتدبر قول الله تعالى في نفس السورة:

«يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا (يُبَيِّنُ لَكُمْ) عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

فإذا ذهبنا إلى معنى «البيان» في السياق القرآني وجدناه يعني إلقاء الضوء على شيء كان خفيا غير ظاهر للناس، سواء كان حكمًا أو خبرًا، أو حقًا..، كل حسب السياق الذي وردت فيه الكلمة.

فمن أين جاؤوا بأن «البيان» يعنى «تفسير النبي للقرآن»؟!

فكيف يُفسر الله القرآن الذي نزل بلسان عربي لأهل اللسان العربي، أفلا تعقلون؟!

لقد جاء سياق آيات سورة القيامة يبين للرسول أن الله تعهد بجمع وحفظ وإظهار هذا القرآن، فلا يشغل باله بهذه المسألة فقال تعالى:

«لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ»

«إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ»

«فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ»

«ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ»

وهناك «جهلاء»، من أتباع فرقة أهل السنة، جعلوا من أنفسهم أئمة في التفسير، وهم لم يدخلوا «دين الإسلام» أصلا، يقولون:

لقد بيّن رسول الله القرآن، «أو بعض القرآن»، بأحاديثه النبوية، «طبعا الخاصة بفرقتهم»، فإذا سألناهم:

إذن فأين تفسير النبي لـ «القرآن كله»، لأن السياق يتحدث عن القرآن كله!!تراهم: «يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ»

وسأضرب بعض الأمثلة من سورة البقرة على مفهوم «البيان القرآني»:

١- فعن أحكام الخمر والميسر، وأحكام اليتامى، يقول الله تعالى:

«يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ …. كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ»

٢- وعن نكاح المشركين والمشركات، يقول الله تعالى:

«وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ … وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»

٣- وعن المحيض، وإتيان النساء، وأحكام الطلاق، يقول الله تعالى:

«فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ … وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»

وفى ختام أحكام الطلاق، ومتعة المتوفى عنها زوجها، يقول الله تعالى:

«كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»

راجع تدبر هذه الآيات لتقف على أهمية تفعيل «آليات عمل القلب»، في فهم القرآن وبيان أحكامه، وكيف أنها غابت منذ قرون مضت عن قلوب المذهبيّين، متبوعين وتابعين:

«لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ» ـ «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» ـ «لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» ـ «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ».

محمد السعيد مشتهري


فبراير 2

٣ min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page