top of page

(956) 14/11/2017 كيف نتعامل مع القرآن (55)

فبراير 2

4 min read

0

2

0

ree

«وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ»

إن مرجعية «دين الإسلام»، وقت أن كان المسلمون أمة واحدة، هي نصوص «الآية القرآنية العقلية»، فلما تفرقوا إلى فرق ومذاهب عقدية مختلفة، اتخذت كل فرقة مصدرًا تشريعيًا ثانيًا، وجعلوه دينًا إلهيًا واجب الاتباع.

إن الأساس الذي قام عليه تفرق المسلمين في الدين هو تعدد المصادر التشريعية، فإذا التزم المسلمون بالتعامل مع كتاب الله، وحده لا شريك له، فإن هذا يقتضي تعدد الرؤى حول عطاءات «الآية القرآنية»، كلٌ حسب تخصصه العلمي.

لقد أنزل الله على رسوله محمد كتابًا واحدًا:

«كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ»

وقبل أن يأمر الله رسوله بتبليغ الكتاب والإنذار به قال:

«فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ»

لبيان ما كان يشعر به النبي من ضيق بسبب تكذيب الكافرين له:

«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ»

ولذلك لم يقل الله لرسوله: «كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ لِتُنذِرَ بِهِ»

لأن التبليغ والإنذار يحتاج أن يكون القلب صافيًا لا يشعر بضيق، ولذلك قدم زوال الحرج على الإنذار، ثم بيّن أن «المؤمنين» هم الذين يتذكرون ما فيه:

«وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»

كما بدأ الله سورة البقرة بوصف الكتاب:

«ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»

ثم وجه الله الخطاب للناس، فقال تعالى:

«اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ»

وتعالوا نُسقط هذه الآية على «الذين آمنوا» من الناس، فماذا ستكون النتيجة؟!

«ملياران» من المسلمين لا يتبعون «كتاب الله» وحده، وإنما يُشركون معه أمهات كتب «المصدر الثاني للتشريع»، وقد أعطوا ظهورهم لقوله تعالى بعدها:

«وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»

إن الضمير في «مِنْ دُونِهِ» عائد إلى «رَبِّكُمْ»، أي ولا تتبعوا من دون ربكم «أَوْلِيَاءَ» يُشرّعون لكم!!

وهل الذين ابتدعوا بدعة «المصدر الثاني للتشريع» لم يُشرّعوا للمسلمين ما لم ينزل الله به سلطانًا؟!

إن كلمة «الأولياء» جمع ولي، وهو المُوالي، والحليف، والصاحب الصّادق، وجاءت هنا «استعارة» للمعبود من دون الله، ذلك لأن العبادة أقوى أحوال الموالاة، فتدبر قوله تعالى:

«أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ»

ونتدبر قوله تعالى:

«قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»

هل تعلمون معنى قوله تعالى:

«اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»

معناه أنه لا يوجد كتاب إلهي، قبل القرآن، لم يأته الباطل، ولا يملك أحد «علمًا» يكذب ذلك، وهاتوا برهانكم «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»؟!

ولذلك جاءت الآية التالية تقول:

«وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ»

إذن فما علاقتك أنت بالموتى الذين في «القبور»؟!

نعود إلى قوله تعالي:

«اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ» – «وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ»

لقد أمرك الله باتباع شيء، وهو «الكتاب»، ونهاك عن اتباع أشياء وهم «الأولياء»،فدل ذلك على تحريم اتباع أمهات كتب الفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة.

ألم تكن هذه الآية كافية لاقتلاع بدعة «المصدر الثاني للتشريع» من جذوره، وما حمله من أمهات كتب الفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة؟!

إذن فهناك مؤامرة من شياطين الإنس والجن عملت على تفريق المسلمين وتمزيق وحدة أمتهم، ثم جاء السلفيّون والقرآنيّون والعصريّون يشاركون في هذه المؤامرة:

* إما بتقديس أمهات كتب الفرق الإسلامية!!

* أو بطلب تنقيتها، أو الاكتفاء بما يوافق منها القرآن!!

فما علاقتك يا من تدعي الإسلام بشياطين الإنس والجن الذين ضحكوا عليك من أجل أن تنشغل بأمهات كتب الموتى، ونراك كل يوم تكتب منشورا في سبّهم ولعنهم؟!

ثم ما علاقتكم أيها «المعجبون» بأدعياء المعاصرة والتنوير، بمن يعملون خارج دائرة الدين الذي ارتضاه الله للناس؟!

ألم يكن قوله تعالى «وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ» كافيًا لإقناع المذهبيّين بعدم الالتفات لأي كتاب غير كتاب الله، ثم نضع نقطة (.) ونبدأ صفحة جديدة؟!

ولذلك زيل الله الآية بقوله تعالى:

«قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»

إن «القلة» مستعملة على سبيل «التهكم» من الذين يُضيّعون أوقاتهم فيما لا علاقة له بـ «كتاب الله»، ونراهم في معظم أحوالهم «غافلون»، لا يتأثرون بكل ما يحذرهم الكتاب منه!!

والسؤال:

ألم يقرأ «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً» الآيات السابقة، هؤلاء الذين حذر الله رسوله منهم، وأمره أن يقطع صلته بهم «لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ»؟!

«أَفَلا تَعْقِلُونَ»؟!

إن الله تعالى عندما قال:

«وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ»

فقد بيّنه وفَصّله تفصيلا بقوله تعالى:

«اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ» – «وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»

لقد تحول اتباع «دين الإسلام»، إلى اتباع «دين الأولياء»، من أصحاب الدراسات، والقراءات، والفيديوهات، والمنشورات..، ولا عمل لإقامة دين الله بين الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

ولذلك لم يوف الله بوعده الذي ذكره في سورة النور، فقال تعالى:

* «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»

١- «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»

٢- «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ»

٣- «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً»ولكن بشرط:

* «يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»

والجزاء:

* «وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ»

إن الذي أسلم وجهه لله، وسلّم لأحكام القرآن تسليما، يستحيل أن يكون قد فهم معنى هذه الآيات، ثم يقضي بقية عمره بعيدا عن دعوة المسلمين إلى «إسلام الرسول»، وإلى خلع ثوب المذهبية بتوجهاتها العقدية المختلفة.

إن «الإيمان والعمل الصالح» لم ينفع الذين آمنوا، الذين لم يدخلوا «دين الإسلام» من بابه «الآية القرآنية»، ولذلك بعد أن وجه الله لهم الخطاب، حذرهم من «الشرك» فقال تعالى:

«يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»

فإلى أين هم ذاهبون؟!

محمد السعيد مشتهري


فبراير 2

4 min read

0

2

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page