

(960) 19/11/2017 كيف نتعامل مع القرآن (58)
فبراير 2
2 min read
0
1
0

«وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
ما الفرق بين «الصلاة»، و«الصلة»؟!
إن مفهوم «الصلة» مفهوم عام، يمكن إسقاطه على أي شيء يصل بين طرفين، وفي اللغة العربية «وَصَلْت الشيء وَصْلًا وَصِلةً» فكلُّ شيء اتَّصَل بشيء فما بينهما وُصْلة، والجمع وُصَل، يقال «وَصَل رَحِمَه يَصِلُها وَصْلًا وصِلةً».
وعدد مرات تكرار كلمة «وَصَل» في القرآن، من خلال البحث باستخدام الجذر، «١٢» مرة، منها قوله تعالى:
١- «وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ»
٢- «مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ»
٣- «قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ»
٤- «وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَ رَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ»
٥- «وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
والمقصود بـ «القول» القرآن، لقوله تعالى:
* «أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمْ الأَوَّلِينَ»
* «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ»
* «إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ . وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ»
فـ «القرآن» «صلة» بين الله ورسوله، و«الرسول» صلة بين الله والقرآن، وبين الناس.
فعندما أراد الله أن يخبرنا أنه «وَصَلَ» الناس بالقرآن، «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»، استخدم مادة «الوَصْل»، وليس «الصلاة»، فقال تعالى:
«وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
ثم عندما أراد بيان أهمية هذا «القول الفصل» في حياة الناس، لفت نظر الناس إلى وجوب أن يكون هناك «وسيط معرفي» بين الكتاب والناس، فقال تعالى:
«كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»
فماذا يفعل «الكتاب» وحده دون دراسته وتدبره، عن طريق الوسائط المعرفية، والأدوات المستنبطة من ذات القرآن، لفهم نصوصه، وفي مقدمتها «اللغة العربية»؟!
لذلك لا علاقة مطلقا بين قوله تعالى:
«هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً»
وبيّن قوله تعالى:
«وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
فالله تعالى عندما أراد الحديث عن توصيل «الكتاب» للناس جاء بكلمة «وَصَّلْنَا»، ثم أتبعها بكلمة «الْقَوْلَ»، حتى تكون دلالة السياق دلالة قطعية، ولا يعطي فرصة للملحدين في آياته للتلاعب بمفهوم فعل «يُصَلِّي»، ويجعلونه «وَصَّلْنَا».
أما إخراج الناس «مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» فيشمل فعالية أسماء الله الحسنى مجتمعة، من خلال «الوسائط المعرفية» و«الأسباب المادية»، فأسماء الله الحسنى لا تعمل في «الفراغ»، ولذلك ذيل الآية بقوله تعالى:
«وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً»
إن «نعم الله» التي لا تحصى، مما يخرج الناس «مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»، وابحث عن مادة «الرحمة» في السياق القرآني، وعلاقتها بإخراج الناس «مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»، وأنت تعلم أن المسألة لا علاقة لها مطلقا بتلاوة آيات الكتاب، كما يدعي الملحدون!!
فمثلا، ما علاقة «الرحمة» بقوله تعالى:
«رَبُّكُمْ الَّذِي يُزْجِي لَكُمْ ا لْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ، إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً»
لأن من «الرحمة الإلهية» توفير أدوات وأسباب التقدم الحضاري، الذي به يخرج الناس من ظلمات «الجهل» إلى نور «العلم»، ومن ذلك «علوم البحار».
إن قاعدة «القص واللصق» للآيات، التي يتبعها «الملحدون المسلمون» في نشر الأباطيل بين الناس، وتحريف أحكام القرآن لإرضاء هواهم وهوى المعجبين بهم، لا تزن شيئًا في ميزان العلم.
إن «الجهل» باللغة العربية وعلومها، ونشر بين الناس أنها من «اللغو» الذي يجب اجتنابه، وبناء عليه أسقطوا كل أحكام القرآن وفي مقدمتها «هيئة الصلاة»، إن دل على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء إن لم يتوبوا «أُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ».
إن كل من ادعى «الإسلام»، ولم يدخل «الإيمان» قلبه، فهؤلاء هم «المنافقون»، فإن لم يتوبوا فهم «فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ»
إن كل من ادعى «الإسلام»، ودخل «الإيمان» قلبه، فليحذر من اتبا ع هؤلاء الملحدين، فإن لم يلتزم بهيئة الصلاة، من قيام وركوع وسجود، وبالصلوات الخمس، وبعدد ركعاتها، فهو مثلهم، والله يقول:
«إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً»
وقد أعذر من أنذر
محمد السعيد مشتهري