

(961) 20/11/2017 «مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»
فبراير 2
٤ min read
0
0
0
كتب Usama Abu-Yousef أكثر من تعليق على منشور «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً»، بتاريخ «١٨/١١/٢٠١٧»، وقال في تعليقه الأخير:
«هذا التدبر ليس من بناة فكرى، ولكن من أحد الأصدقاء هنا على الفيس، وهذا أكثر تفسير مس عقلي، وهذا ما أتذكره من منشوره الطويل، أنا لا أقصد أن أضايقك، ولكن هدفي أن أتعلم، وحضرتك كعالم يجب أن تكون صبورًا، ولا يجب أن تكون متعاليًا، الأفضل أن تهمل التعليقات، على أن تتهكم على المعلقين»
أولًا:
أقول: لماذا خص الله «المنافقين» بالدعوة إلى «تدبر» القرآن، فقال تعالى في موضعين من كتابه:
* «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» ؟!
* «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»؟!
لأن «التدبر» علم، وكل الذين يُلحدون في أحكام القرآن «جُهّال»، سواء كانوا «تابعين»، أو «متبوعين»، وهذا ليس كلامًا مرسلًا، وإنما مدّعم بالبراهين العلمية،التي تشهد بها منشورات هذه الصفحة، وتعقيبي على تعليقاتهم.
ثانيًا:
١- يقول: «وحضرتك كعالم يجب أن تكون صبورًا»
وخير برهان على صبري استمرار الحوار معه في أكثر من تعقيب.
٢- ويقول: «ولا يجب أن تكون متعاليًا»
لقد ذكرت أكثر من مرة استحالة أن أكون متعاليًا، وإنما «العلو» علو «العلم»، و«العلم» درجات يحترم أصحابها بعضهم بعضا، والخلاف بينهم قائم على أسس علمية.
أما مريض ا لقلب، الذي يجهل ما يقوله العلماء، فينظر إليهم نظرة الأدنى للأعلى،فيراهم متكبرين متعالين!!
٣- ثم يقول: «الأفضل أن تُهمل التعليقات على أن تتهكم على المعلقين»
إنني يستحيل أن أهمل التعليقات المتعلقة بـ «موضوع المنشور»، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يستحيل أن أتهكم على أشخاص المعلّقين، وإنما تصرفاتهم وتعليقاتهم هي التي تشهد عليهم، والفرق كبير.
إن الله تعالى لم يصف ذوات الأشخاص الذين حمّلهم أمانة تفعيل رسالاته ولم يحملوها، أي لم يُفعّلوها في حياتهم، وإنما وصف تصرفاتهم غير العقلية التي «تشبه» تصرفات ما لا يعقل من الحيوانات.
ولذلك استخدم السياق القرآني أداة التشبيه كـ «كَالأَنْعَامِ»، والتمثيل كمثل «الْحِمَارِ»، ومعلوم أننا نرى بشرًا وليس أنعامًا وحميرًا!!
ثالثًا:
بدأ الحوار بتعليقه على «الصلاة الوسطى»، التي وردت في الآية «٢٣٨» من سورة البقرة، فقال:
«هاتان الآيتان ٢٣٨، ٢٣٩ من سورة البقرة، تسبقها آيات تتحدث عن الطلاق وتليها آيات أيضا تتحدث عن الطلاق والوصية، فلماذا تأتى هاتان الآيتان بكلام خارج السياق وتتحدث عن الصلاة الحركية والصلاة الوسطى وبطريقة خاطفة»
قلت:
«لا يشترط وجود رابط بينها وبين ما قبلها وما بعدها»
وضربت له مثالًا على ذلك، قلت بعده:
«فإذا ذهبنا في فهم الحكمة إلى مسألة الاجتهاد والاستنباط، فلكل وجهة هو موليها»
أي أني بعثت إليه برسالة مفادها أن هذا اجتهادي في فهم الحكمة من خروج الآيتين ٢٣٨، ٢٣٩ عن سياق أحكام الطلاق، وأكدت له ذلك مرة أخرى في تعقيب آخر، فإذا به يصر على منطقه ويقول:
«وعموما لا أرى منطق من وجود آيات خارج السياق وسط مجموعة متسقة من الآيات تبحث موضوع ما، لأن هذا يشتت القارئ»
ولكن ما يستفز العلماء، أن يروا أدعياء العلم يتطاولون عليهم، فإذا به يتهمني بـ «العشوائية» ويقول:
«اعتقاد حضرتك أن القرآن يمكن أن يقطع استرساله في بحث موضوع، فيقطعه بموضوع آخر ليشتت القارئ، هذا الاعتقاد هو لب العشوائية، وهذا هو الذي قاد حضرتك لتأخذ الآيات في الاتجاه الخطأ، واستنتجت استنتاجات خاطئة، مثل عدد الصلوات الخمسة»!
رابعًا:
إذن فتعالوا نرى كيف قادتني «العشوائية» إلى استنتاجات خاطئة، مثل عدد «الصلوات الخمس».
والسؤال:
كيف لمنكري حجية «اللغة العربية» وأساليبها البيانية، وحجية «علم السياق» وما يحمله من أساليب «نظم» الجمل، أن يعلموا أن ما سأقوله صحيحًا؟!
إن «تحول» النص عن موضوع السياق، لا يعني مفارقة النص للموضوع، وإنما هو بمثابة «منبه» للتوقف والتأمل في هذا النص «الطارئ»، ثم بعد ذلك يستكمل السياق الموضوع.
١- يقول الله تعالى في سورة البقرة «الآية ١٨٦»:
«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»
* موضوع الآية:
الدعاء، وأن الله قريب من العبد يجيب دعاءه.
* الخروج عن موضوع السياق:
جاءت هذه الآية تشطر أحكام الصيام شطرين، ولا علاقة لها بأحكام الصيام «١٨٣-١٨٧»، ولو أنها جاءت في سياق أحكام «الصلاة» لقلنا أن لها علاقة!!
إذن فعلينا أن نقف عند كل كلمة من كلمات «الآية ١٨٦»، ونفتح لها ملفًا خاصًا في أذهننا، وعندها سيقف (كل منا حسب اجتهاده وعلمه) على حكمة ورود هذا النص «الطارئ» وسط السياق.
٢- يقول الله تعالى في سورة المائدة «الآية ٦٧»:
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ»
وهذا نوع آخر من «نظم» الجمل في السياق القرآني، فعندما نتدبر السياق الذي وردت فيه هذه الآية، نجد أنه يخاطب أهل الكتاب، ويُبيّن مواقفهم من دعوة رسول الله محمد، ومن هذه الآيات:
* الآية «٥٩»:
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا»
* الآية «٦٢»
«وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ»
* الآية «٦٧»
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»
* الآية «٦٨»
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ..»
فإذا اتبعنا منطق أن الخروج عن سياق الموضوع يُحدث تشويشًا للذهن، إذن كان يجب أن يظل الخطاب لأهل الكتاب، وتأتي «الآية ٦٨» مكان «الآية ٦٧» إلى أن ينتهي الموضوع، ثم يخاطب الله رسوله بالآية «٦٧»، ويقول له:
«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»
هذان مثلان لمسألتين مختلفين من المسائل المتعلقة بـ «علم السياق».
فكيف يفهم هذه المسائل من يجهلون لغة القرآن العربية، وعلومها البيانية، ونراهم يُضلّون الناس بغير علم؟!
لقد حملت منشورات هذه الصفحة، «قواصم» قصمت ظهور الملحدين الفكرية، الذين يقولون إن «الصلاة» لا هيئة لها، من قيام وركوع وسجود، وأن «المساجد» هي الهيئات والمصالح الحكومية، وأن عمارة المساجد معناها أن يعمل الناس في هذه الهيئات بجدية!!
ثم عندما سُدّت أمامهم معظم الشبهات الخاصة بأحكام «الصلاة»، وأحكام «المساجد»، التي يضحكون بها على «المساكين» من أتباعهم، لم يبق أمامهم إلا السؤال:
وماذا نفعل فى قول فتية الكهف:
«لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً»
إن مفهوم «المسجد»، عند جميع الملل والديانات المختلفة، هو مكان العبادة والسجود لله، فكل أماكن العبادة، تُسمى «مساجد»، وفي الوقت نفسه اتخذت كل ملة اسمًا خاصا يُميّز مكان عبادتها لله وسجودها له، فكانت الصوامع والبيع والصلوات.
ثم أصبح «المسجد»، منذ بعثة النبي الخاتم «علمًا» على مكان عبادة المسلمين أتباع النبي، ونزل القرآن يؤكد ذلك في أكثر من آية، وكان في مقدمة هذه المساجد «المسجد الحرام».
وبناء على ما سبق، وعلى ما أحمله من فهم لنصوص «الآية القرآنية»، لا أري وصفًا يستحق أن يوصف به «الملحدون» في أحكام القرآن، غير ما وصفهم ا لله به حيث قال:
* «أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ»
* «مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»
* «أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ»
نعم، لهم كتاب يدرسونه، ولكنه كتاب «الفرقان الحق» الأمريكي!!
محمد السعيد مشتهري