top of page

(979) 7/12/2017 «لماذا غابت التربية الإيمانية عن بيوت المسلمين»؟!

فبراير 2

٤ min read

0

0

0

إن «الوالدين» هما أول محطة يركب منها «الإنسان» قطار «الاتباع»، ويظل فيه مع الوالدين حتى يبلغ رشده، أو ربما عمره كله.

ولما كان الوالدان سببًا في وجود «الإنسان»، وتحملهما كافة التحديات في سبيل تربيته التربية الصالحة، ورعايته الرعاية الكاملة، وصّاه الله في المقابل بـ «الإحسان إليهما، و«حُسْن» برّهما.

ولقد جاءت الوصية بالوالدين وبرهما في السياق القرآني على النحو التالي:

١- الآيتان «١٤-١٥» من سورة لقمان:

* «وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»

* «وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً»

– ونلاحظ خلو الآية «١٤» من «الإحسان» و«الحُسْن»

٢- الآية «٨» من سورة العنكبوت:* «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

– ونلاحظ أن هذه هي الآية الوحيدة التي ورد فيها «الحُسْن».

٣- أما «الإحسان» فقد ورد في باقي الآيات على النحو التالي:

أ- «الآية ٨٣» من سورة البقرة:

* «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»

ب- «الآية ٣٦» من سورة النساء:

* «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»

ج- «الآية ١٥١» من سورة الأنعام:

* «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»د- «الآية ٢٣» من سورة الإسراء:

* «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً»

هـ- «الآية ١٥» من سورة الأحقاف:

* «وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً»

– ونلاحظ أن الوصية بـ «الوالدين» في جميع الآيات، جاءت عقب الأمر بـ «الوحدانية»، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مما يوحي بدلالات في غاية الأهمية، حملتها أساليب الآيات البيانية البلاغية.

ولن أتحدث عن هذه الدلالات إلا في حدود «عنوان المنشور».

أولًا:

قوله تعالى:

«وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»

إن «القضاء» في هذا السياق لا يعني «التقدير»، وإنما يعني «الأمر الجازم»، و«الحكم اللازم»، واجب النفاذ.

إن عطف الأمر بـ «الإحسان» بالوالدين على الأمر بـ «الوحدانية» يشير إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي أن الله الذي خلق الإنسان، هو الذي جعل الوالدين سببًا في وجوده، فكيف يكون عاقًا لهما؟!

ولن يتحقق «الإحسان» الحقيقي للوالدين، ولن يعق الوالدان أبناءهم، فتكون ثمرة ذلك أن يعق الأبناء الوالدين، إلا إذا عاش الجميع تحت مظلة «الوحدانية» وإخلاص «العبودية» لله تعالى.

وهذه هي «الفريضة الغائبة»، بعد أن أصبح مفهوم «الوحدانية»، وإخلاص «العبودية» لله تعالى، مفهومًا «مذهبيًا»، حسب الملل والنحل المختلفة المنتشرة بين شعوب العالم.

وإن الملة الوحيدة التي حملت في ذاتها «الآية» الدالة على صحة نسبتها إلى الله تعالى، إلى يومنا هذا، هي ملة «الإسلام»، التي أرسل الله بها نبيه الخاتم محمدًا، وكانت آيته «آية قرآنية عقلية».

ولكن، ماذا فعل أتباع النبي الخاتم محمد بملتهم؟!

حوّلوها إلى فرق ومذاهب عقدية مختلفة، كما فعل أتباع الملل الأخرى، وكانت النتيجة «ذرية» مذهبية، ورثت «الوحدانية» بـ «الوراثة»، وأخلصت دينها لأئمة الفرقة التي تنتمي إليها!!

لقد اختلفت «المنطلقات»!!

لذلك لم يكن غريبًا أن تقوم «منظومة الزواج» بين المسلمين بمعزل عن المفهوم الصحيح لـ «الوحدانية»، وبمعزل عن تربية «الذرية» التربية الصالحة القائمة على إخلاص العبودية لله تعالى.

لقد ضاعت الحقوق، وأعطى الآباء والأبناء ظهورهم لوصية الله لهم، وأصبحنا نرى بيوتًا تحكمها المصالح المشتركة بين الآباء والأبناء، حتى ولو كانت على حساب دخولهم جهنم!!

إن الذي نراه في بيوت المسلمين، من حب للأبناء، وحب للوالدين، وأداء المصالح والواجبات المشتركة بينهما، ليس هو الذي وصى الله به في الآيات السابقة!!

لقد انطلقت الوصية من قاعدة «الوحدانية» وإخلاص العبودية لله تعالى، حيث يعلم «الآباء» مسؤولياتهم الشرعية تجاه الأبناء، ويعلم «الأبناء» مسؤولياتهم الشرعية تجاه الآباء.

ولما كان «الزواج» هو المكون الرئيس للمجتمع البشري، والذي قامت عليه البيوت والأسر، كان يجب أن تكون قاعدة «الوحدانية» هي التي يُتخذ على أساسها قرار «الزواج».

والسؤال:

هل من يريد الزواج اليوم يملك الرصيد الإيماني للمفهوم الحقيقي لـ «الوحدانية» ويقيم حياته على العبودية الخالصة لله، بعد أن أصبحت معايير الزواج إما مذهبية دينية، أو إنسانية هوائية؟!

ثانيًا:

الآية «١٤» من سورة لقمان:

* «وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»

لماذا جعل الله الشكر لـ «الوالدين»، وليس للأم فقط، مع أنها هي التي حملت الإنسان «وَهْناً عَلَى وَهْنٍ»؟!

١- لأن الله جعل «الوالدين» سببًا في خلق «الإنسان»:

«هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً»٢- لأن الوالدين يتحملان مسؤولية تربية الأبناء:

«وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً»

٣- وإذا كان الله قد خص «الأم» بحمل الإنسان وإرضاعه في عامين، فقد حَمّل الله الأب مسؤولية الإنفاق على المولود حتى يكبر ويستطيع أن يتحمل مسؤولية الإنفاق على نفسه، يقول الله تعالى:

«الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»

وأنا هنا لا أتحدث عن أوجه «التفضيل» التي قامت عليها «قوامة» الرجال على النساء، وإنما عن الشق الثاني وهو «مسؤولية الرجل» في الإنفاق على أسرته من ماله:

«وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»

الآية «١٥» من سورة لقمان:

* «وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

– إن قوله تعالى:

«مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ»

دليل على تحريم اتباع الآباء في أصول الإيمان، وأن «الاتباع» يجب أن يقوم على العلم، وأن «الشرك بالله» ليس «علمًا»، لانتفائه عقلا، قبل أن يكون شرعًا.

– وإن قوله تعالى:

«فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»

يُبيّن أن جميع أعمال الإنسان مراقبة ومسجلة بالصوت والصورة.

إن الموظفين الذين يعلمون أن بمكاتبهم كاميرات مراقبة، تراهم لا يخرجون في تصرفاتهم عن الحد المسموح به.

وقد خرج المسلمون عن الحدود المسموح بها، وهم يعلمون أن الله مطلع على كل شيء في حياتهم:

«وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»

فماذا تعني حالة «الغيوبة» الكبرى التي يعيش بداخلها المسلمون، وهم يُصرّون على «تفرقهم في الدين»؟!

ماذا يعني إعطاء المسلمين ظهورهم لجميع الآيات التي تأمرهم بإقامة مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، الذي يستظل بظله «البيت المؤمن»، و«الذرية المؤمنة»؟!

ثم يتساءلون:

من أين جاءت حالات التمزق النفسي بين أفراد الأسرة المسلمة؟!

وللموضوع بقية

محمد السعيد مشتهري

فبراير 2

٤ min read

0

0

0

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page