

(991) 20/12/2017 «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ … أَوْ نِسَائِهِنَّ»
فبراير 2
٣ min read
0
0
0
لقد أصبح القرآن دينًا يَعْبَث بنصوصه «البُلداء»، ويتطاول على أحكامه «الجهلاء»، ومادةً يصنع منها «الإعلام» نجوم الفتنة والإلحاد في أحكام القرآن.
أولًا:
إن «الحداثة والمعاصرة» لا تعني «أنْسَنَة الدين» وإلغاء أصوله الإيمانية وأحكامه القرآنية، بدعوى أنها أصبحت تراثًا دينيًا لم يعد صالحًا للتعامل مع الواقع المعاصر.
يرى نجم القراءات المعاصرة، «محمد شحرور»، أنه لا يليق وضع «النساء» في سياق واحد مع الخيل المسومة والأنعام، أي مع «الدواب»، وذلك في قوله تعالى:
«زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ .. وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ»
فماذا يقول في قوله تعالى، في سياق بيان دلائل الوحدانية:
* «وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ»
فقد جمع الله بين الناس، وليس المرأة وحدها، وبين الدواب والأنعام!!
إن الإشكالية في أن القرآن «علم»، ويستحيل فهم آياته واستنباط أحكامها بمعزل عن «المنهجية العلمية» وأدواتها، لذلك قال تعالى بعدها:
«إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»
ثانيًا:
إن «الحداثة والمعاصرة» لا تعني «عقلنة القرآن» بما يتناغم مع أهواء الناس وشهواتهم، بدعوى أن كل شيء في الحياة نسبيٌ ومتطور، وعلينا أن نُخضع «النص القرآني» لهذه «النسبية»، ولهذا «التطور»!!
١- إن المرأة في دول كثيرة يحق لها ممارسة الجنس مع الرجال، بل ومع النساء، ومن حقها الإجهاض إذا حملت..، ولكنه «محرمٌ» في الشريعة الإلهية.
٢- إن شرب الخمر في الأماكن المرخص لها مسموح به في معظم دول العالم، وفي بعض الدول الإسلامية، ولا يعاقب عليه القانون، ولكنه «محرمٌ» في الشريعة الإلهية.
٣- إن «الحداثة والمعاصرة» لا تعني هدم «أحكام القرآن» من أجل الدفاع عن «حقوق المرأة»، بدعوى أن القرآن ينظر إلى المرأة نظرة دونية، ويعتبرها مجرد شهوة ومتعة الحياة الدنيا والآخرة!!
إن من حق المرأة أن تعيش في جزر العراة كما ولدتها أمها، وتتعامل مع الناس باعتبار أن ذلك شيء عادي، ولكنه «محرمٌ» في الشريعة الإلهية:
«وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»
طبعا الله تعالى يخاطب «المؤمنات»، وليس «أهل الشهوات»!!
ثالثًا:
يقول «محمد شحرور» في كتابه «الكتاب والقرآن»، عند حديثه الآية: «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُ عُولَتِهِنَّ…. أَوْ نِسَائِهِنَّ»
– يقول: ماذا تعني هنا كلمة نسائهن؟!
– لقد قال بعضهم إنها تعني النساء المؤمنات، أي أن المرأة لا يحق لها أن تبدي زينتها المخفية إلا أمام النساء المسلمات.
– وهذا غير صحيح، لأنه لو عنى ذلك لقال:
أو المؤمنات من النساء، ولكنه قال:
– أو نسائهن، ونون النسوة هنا للتابعية لا للجنس … فنسائهن هنا يجب أن تكون من الذكور وليس من الإناث.
* إذن فهو يرى أن كلمة «النساء» في هذه الآية تعني «الذكور» وليس «الإناث».
– ثم يؤكد ذلك في كتابه «نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي»، عند حديثه عن «محارم الزينة»، فيقول:
«فنسائهن هنا يجب أن تكون من الذكور وليس من الإناث، ونون النسوة للتابعية فقط، كأن نقول «كتبهن، بيوتهن»، وهذا لا يم كن إلا إذا فهمنا النساء على أنها جمع نسيء لا جمع امرأة…»
– وعند بيانه لمعنى «نِسَائِهِنَّ» في قوله تعالى في سورة الأحزاب:
«لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ.. وَلَا نِسَائِهِنَّ»
– يقول: هنا لاحظ كيف وضع «وَلَا نِسَائِهِنَّ» لكي يبين الأبناء وأبناء الأبناء «الأحفاد».. وهكذا دواليك!!
* فأقول:
بالرجوع إلى منشوراتي السابقة، وما حملته من براهين قطعية الدلالة على أن «النساء» في كتاب الله جمع «امرأة».
يتضح لنا أن الحالة العقلية التي كان يمر بها «شحرور» أثناء قوله إن «النساء» في الآية السابقة تعني «الذكور»، هي حالة «غيبوبة تامة»!!
ولذلك نراه قد «هلوس» بعبارة لا محل لها من الإعراب بجميع المقاييس اللغوية، وهي قوله عن «نون النسوة» الموجودة في كلمة «نِسَائِهِنَّ» إنها لـ «التابعية» لا للجنس!!
رابعًا:
فهذه دعوة، تحمل «تحديًا صريحًا» لشحرور وأنصاره وأتباعه، أن يأتوا لنا بالمصدر الذي ذكر أن هناك شيئًا في «اللغة العربية» اسمه «نون التابعية»!!
١- إن السياق الذي ورد فيه قوله تعالى:
«لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ.. وَلَا نِسَائِهِنَّ»
يبدأ بقوله تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ .. وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ..»
إن السياق يتحدث عن آداب دخول بيوت النبي، وأحكام التعامل مع نسائه، أمهات المؤمنين، والذي يهمنا بيانه هنا هو كلمة «وَلَا نِسَائِهِنَّ»، وهل تعني فعلا «الذكور»؟!
٢- لقد جاءت «وَلاَ نِسَائِهِنَّ» مضافة إلى «المؤمنات» لبيان أن الاستثناء من «الحجاب» لا يشمل غير المؤمنات، أي أن غير المؤمنة تتعامل مع «نساء النبي» من وراء «حجاب».
وهذا ما دفع «شحرور» إلى الإلحاد في حكم هذه الآية، وفي كلمة «نِسَائِهِنَّ» خاصة، لإرضاء منظمات حقوق الإنسان، وأعطى ظهره لعلوم اللغة العربية ولعلم السياق القرآني.
٣- إن الإضافة في اللغة العربية لها قواعدها، ومنها باختصار أن كلمة «نِسَائِهِنَّ» إما أن تكون:
أ- نساء لَهُنَّ: أي تابعين لهن، مثل الخدم، ولذلك عطف عليهن: «وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ».
ب- نساء منهن: أي من قرابتهن.
فأين يا «شحرور» نجد لك مخرجًا وعلاجًا لـ «غيبوبتك» وأنت «تهلوس» وتقول عن معنى «وَلَا نِسَائِهِنَّ»:
«هنا لاحظ كيف وضع وَلَا نِسَائِهِنَّ لكي يُبيّن الأبناء وأبناء الأبناء الأحفاد»؟!
الحقيقة أنا مشفق، ليس على «شحرور»، وإنما على من يتبعونه بغير علم.
أخيرا
إن «دين الإسلام»، الذي بعث الله به رسوله محمدًا، هو دين التقدم الحضاري والتنمية المستدامة التي يسعى العالم اليوم لتحقيقها.
إن «دين الإسلام» لا ينكر التجديد والابداع والتطور، وفق مقتضيات العصر، ولكن دون الاقتراب من الأصول الإيمانية وأحكام القرآن الثابتة.
محمد السعيد مشتهري