top of page

(996) 26/12/2017 «وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ»

فبراير 2

4 min read

0

0

0

عندما نتدبر سورة يونس، نجد أنها جمعت بين:

– البرهان على أن هذا القرآن هو كلام الله حقًا وصدقًا.

– موقف الكافرين من هذا القرآن.

– دلائل الوحدانية التي تقتضي الإيمان بالله وبنبيه الخاتم.

– بيان مصير الكافرين في الآخرة، والذين كانوا يفترون على الله الكذب، ويُحلّون ما حرم الله.

– كيف يتعامل المؤمنون مع الكافرين، ومع الدنيا وزينتها.

ثم بعد ذلك يبيّن الله ما يجب أن تكون عليه معيشة المؤمن، حتى لا تكون «مَعِيشَةً ضَنكاً»:

* «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى»

* «قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً»

* «قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى»

فلا ينشغل مؤمن أسلم وجهه لله تعالى بغير «الآيات»:

«أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا»

ولأهمية بيان أنه لا إيمان، ولا إسلام، إلا إذا قام على هذه «الآيات»، وجه الله الخطاب إلى النبي، وذلك لبيان أهميته، فقال تعالي:

# أولًا:

* «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ»

* «وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ»

هذا هو الحال الذي يجب أن تكون عليه معيشة كل من دخل «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب الإقرار بحجية «الآية القرآنية»، وترك وراء ظهره كل ماضيه بتراثه الديني، بأئمة السلف والخلف.

إنها «الفريضة الغائبة» التي أعطى لها ملياران مسلم ظهورهم، وهذا هو واقعهم يشهد بذلك:

واقع السلفيّين، وواقع أصحاب بدعة «القرآن وكفى»، وواقع القراءات التي يدعي أصحابها أنها معاصرة، والحقيقة أنها عودة إلى الجاهلية الأولى.

إنهم لا يستطيعون تغيير حياتهم نحو «ما يجب أن يكون»، ولا أن يقيموا كيانات إيمانية ينطلق منها «العمل الصالح»!!

إن تخصيص الله الرسول في أول الآية بالخطاب، ثم تعميم الخطاب ليشمل المليارين مسلم الموجودين على الأرض اليوم، أسلوب من أساليب البيان التي تميز بها النص القرآني، كقوله تعالى:

* «يا أيها النَّبِيُّ / إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ»

فتعالوا نفهم واقعنا الذي يراه الله تعالى الآن.

# ثانيًا:

* «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ»

والشأن: هو العمل المهم الذي يقوم به الإنسان بعناية.

* «وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ»

والضمير في «مِنْهُ» ليس راجعًا إلى القرآن، وإلا لقال «وَمَا تَتْلُوا مِنْ قُرْآنٍ»، وإنما راجع إلى «الشأن»، وذلك لبيان أنه يجب أن تكون هناك علاقة تفاعلية بين تلاوة المؤمن للقرآن، وبين معيشته وشؤون حياته، ولذلك جاء بعدها بـ «العمل»:

* «وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ»: أي عمل كان.

وهنا نلاحظ أنه عند الحديث عن شؤون «الناس» وأعمالهم، جمع بين صيغ المضارع «تكونُ، وتتلو، وتعملون»، أما عند الحديث عن «علم الله» جاء بصيغة الماضي، فقال تعالى:

* «إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ»

وذلك لبيان أن «علم الله» يشمل ما حدث، وما يحدث، وما سيحدث، وأنتم تندفعون إلى أعمالكم، وتشرعون فيها، وتتلبسون بها، فانتبهوا أيها المؤمنون واحذروا:

إن الله شاهد على كل شيء، وعالم بكل شيء.

والسؤال:

ألا يرى الله المسلمين اليوم، وهم على دين غير «دين الإسلام» الذي ارتضاه لهم، ووعدهم أن يُمَكّنَه لهم:

* «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ»؟!

فهل يرى الملياران مسلم أن الله حقق وعده، وأنهم التزموا بالشرط الذي ذكره بعد ذلك، وهو قوله تعالى:

* «يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»

* «وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ»؟!

ولذلك فـ «دين الإسلام» اليوم هو الحاكم على حياة الناس، وقد أخرجهم من الظلمات إلى النور؟!

إذن فلماذا وضع الملياران مسلم رؤوسهم في الرمال كي لا يشاهدون مأساة تدينهم الباطل بأعينهم؟!

# ثالثًا:

أن عِلم الله تعالى علمٌ مطلقٌ، فقال تعالى بعدها:

* «وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ»

أي لا يبعد، ولا يغيب، عن علم الله شيء:

* «مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ»

* «وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»

وهذا لإثبات مطلق العلم لله تعالى، وأن كل شيء مكتوب في كتاب، فقد «استعير» لـ «علم الله» الكتاب، لأن هذا العلم مكتوب في كتاب مبين ثابت، لا يخالف الحق بزيادة ولا نقصان، ولذلك ينتفي عزوبه.

وبناء على ما سبق:

فإن الحقيقة التي ستُغضب الكثير، كالعادة، أن المليارين مسلم يعيشون اليوم داخل دائرة «النفاق»، في شؤون حياتنا الدينية، وأن الله تعالى يرى ذلك ويعلم.

ولذلك جعل دين غير المسلمين يحكم حياة المسلمين، حتى أصبحوا لا يملكون غير بيانات الشجب والإدانة عندما تنتهك حرمة من حرمات الله!!

إن «فرعون» لم يقل لقومه أنا ربكم الأعلى إلا بعد أن استخفهم فأطاعوه، ولذلك وصفهم الله بقوله «إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ».

# رابعًا:

استيقظوا من «سباتكم»، واخلعوا ثياب «الجهل» بأحكام القرآن، وانظروا ماذا أنتم فاعلون في تدينكم القائم على الاتباع بغير علم!!

إن القراءة المعاصرة للقرآن، هي القراءة القائمة على كون القرآن يحمل «الآية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم، وأن عليهم الدخول في «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية».

إن القراءة المعاصرة للقرآن، تفرض على كل من دخل «دين الإسلام»، من باب «الآية القرآنية»، أن يقيم حياته على مقتضيات الحاضر، وألّا تكون له أي علاقة بتراث آبائه الديني، الذي كان يتبعه في الجاهلية قبل إسلامه.

إن القراءة المعاصرة للقرآن، تقيم مجتمعات الإيمان والعمل الصالح، كلٌ في موقعه، ليولد المولود في بيئة إيمانية يموت الأب والأم فلا يتأثر إيمانه، ويستكمل مسيرتهما الإيمانية.

وهذا ما فعله يعقوب عليه السلام قبل موته:

* «أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ»

* «إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي»

* «قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ»

* «إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ»

* «إِلَهاً وَاحِداً»

* «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»

إنها «الفريضة الغائبة»، التي يجب ألا ينشغل كل مؤمن أخلص دينه لله «بغيرها»، فلا تنشر، ولا تتحدث، ولا تُعجب بشيء يتعلق بـ «الإسلام»، إلا إذا كان حول هذه «الفريضة الغائبة».

محمد السعيد مشتهري

فبراير 2

4 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page