

تعريف المصطلحات
* القاصمة: هي التي يظن «الجهلاء» أنها قصمت ظهر «الحق».
* العاصمة: هي التي يعلم «العلماء» أنها قصمت ظهر «الباطل».
* الآية القرآنية: هي ما يسميه السلف بـ «المعجزة القرآنية».
تعالوا نبدأ الطريق «نحو إسلام الرسول» من أوله.
أولًا:
ماهية «الآية القرآنية»
# قاصمة «١»:
١- يتعامل الناس، والمسلمون خاصة، مع القرآن باعتباره كتابًا إلهيًا كالكتب التي سبقته، ولذلك لم يروا «نوره» الهادي إلى صراط ربهم المستقيم، فضلّوا وأضلّوا وأصبحوا في ذيل التقدم الحضاري.
٢- وظلّ المسلمون يعيشون في الظلمات، وفي مقدمتها ظلمات التفرق في الدين، سعداء بتفرقهم وهجرهم لكتاب ربهم الذي اتخذوه ترفًا وهوسًا دينيًا، يشهد به «الإعلام» بجميع وسائله.
# عاصمة «١»:
١- إن التعامل مع كتاب الله يجب أن يكون من منطلق أنه «آية قرآنية عقلية»، تراها القلوب بآليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه والنظر..، وليس «آية حسية» تراها الأعين، وتنتهي فعاليتها بموت الرسول.
٢- ولقد نزلت نصوص «الآية القرآنية» باللغة التي كان ينطق بها «لسان» قوم النبي محمد، وهي «اللغة العربية» التي حفظ الله في مراجعها ما يفهم به الناس هذه النصوص، فتدبر:
* «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
– «عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
– «عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
* «قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
– «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
٣- ومع وصف الله لنصوص كتابه بـ «العربية»، أضاف إلى هذا الوصف «الحكم العربي»، فقال تعالى:
* «وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً»
ولقد ظن البعض أن المقصود بـ «حُكْماً عَرَبِيّاً» أحكام القرآن، فأضافوها إلى ملف إلحادهم، وقد تبعهم «الجُهّال» أمثالهم.
كيف، والحديث عن القرآن كله، «أَنزَلْنَاهُ حُكْماً»، أي أن هذا القرآن في حد ذاته، من أول نص فيه إلى آخر نص، «حُكْمٌ إلهيٌ» يحكم بين الناس، وهو أسلوب بلاغي من أساليب البيان، فتدبر:
* «وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ»
٤- ومن بلاغة الأسلوب القرآني، أن جاء بعد جملة:
«وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً»
بما يُبيّنها، فقال تعالى:
– «وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ»
فانظر وتدبر هذه الآية جيدا، لتستطيع مواجهة ظاهرة الإلحاد في أحكام القرآن بـ «علم»:
– «وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ»
– «بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ»
إذن القرآن «علم»، وهل يفهم الذين كفروا بـ «اللغة العربية» وعلومها هذا «العلم» وقد نزل بلغة القرآن العربية؟!
إنه بدون دراية بـ «اللغة العربية» وعلومها، هذه اللغة الموجودة اليوم في المراجع التي بين أيدينا، يستحيل أن يفهم أحد من العالمين القرآن، ولا أن «يُبيّن» حكمًا من أحكامه، لأن الله تعالى يقول:
* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»
تدبر: «لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»
إن نصوص «الآية القرآنية» يستحيل أن تَعْصِم أحدًا من الإلحاد إلا من تسلح بأدوات فهمها المستنبطة من ذاتها، ولذلك قال تعالى بعدها:
«فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»
ثانيًا:
لماذا نزلت نصوص «الآية القرآنية» على قلب النبي محمد؟!
# قاصمة «٢»:
التشكيك في تعهد الله بحفظ «آيته القرآنية» قائم إلى يوم الدين، وفي مقدمة المشككين المسلمون أنفسهم، الذين يقولون إن الله تعالى، بعد وفاة رسوله، قد عهد إلى الصحابة بجمع القرآن في مصحف، الأمر الذي كان سببًا في تحريف الكثير من كلمات القرآن وآياته!!
# عاصمة «٢»:
يقول الله تعالى:
* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»
لقد نزل القرآن بـ «اللغة» التي كان ينطق بها «لسان العرب»، فماذا يعني ذلك؟!
ولقد نزل القرآن على «قلب» النبي، فماذا يعني ذلك؟!
١- إن «القلب» هو المستودع الذي تتراكم فيه العلوم والمعارف منذ ولادة الإنسان وحتى وفاته.
ولقد تشربت قلوب العرب «اللغة العربية» منذ ولادتهم، وتعلّموها في مدارسهم، تعلموا «الاسم» و«المسمى».
واليوم يأتي «الملحدون» ويؤمنون فقط بـ «الأسماء»، ويكفرون بـ «المسميات»، لماذا؟!
لأنهم «أغبياء»، ولكن الغريب أن يُعجب بغبائهم المئات!!
٢- عندما يجلس «العربي» وسط جماعة يتحدثون لغات مختلفة لا يعلمها، فإن هذه «اللغات» تنزل على «سمعه» وليس على «قلبه»، لأنها لو نزلت على قلبه لفهمها، ولكن كيف؟!
إن الذي تعلم لغة غير لغته، فإن قلبه يذهب أولا إلى ألفاظها ثم يستدعي معانيها التي تعلمها، أما الذي يحمل في قلبه لغة قومه، فإنه لا يلتفت إلى ألفاظ الكلمات لأنه يدرك معانيها على الفور.
ولقد نزل القرآن على قلب النبي، بنفس «اللغة» التي تشربها قلبه منذ ولادته، كي يفهمه ويبينه للناس:
* «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»
* «عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ»
٣- إن «القلب» هو مركز «التفكر والتعقل والتدبر والتفقه..»، ولذلك قال تعالى:
* «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»
* «فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»
فلماذا يخبرنا الله تعالى أن «جبريل» هو الذي أنزل القرآن على «قلب» النبي؟!
* «قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»
ثم لماذا يخبرنا الله تعالى أن الذين يحملون هذا القرآن في صدورهم هم الذين «أوتوا العلم»، وليس الذين كفروا بلغة القرآن العربية؟!
* «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ»
ثم هل يُعقل بعد أن تحمل القرآن آلاف القلوب في عصر التنزيل، ثم الملايين، جيلا بعد جيل، وفي أيديهم «الكتاب» يُصدّق ما في صدورهم، وبداخله البرهان الذي ينطق بتعهد الله بحفظه، ثم يحدث أي اختراق له من شياطين الإنس أو الجن؟!
محمد السعيد مشتهري



