top of page

سلسلة مقالات بدون عنوان ١١

يناير 31

56 min read

0

2

0

(276) 11/10/2014 (د/ شحرور وأزمة الفكرالإسلامي – 1)

 عدد المشاهدات : 267

هناك أزمة يتعرض لها الفكر الإسلامي، بسبب ظهور قراءات قرآنية شاذة، يتعامل أصحابها مع القرآن على أساس أنه مشروع (هندسي)، أو منظومة (رياضية)، أو مرجع (لفظي ترتيلي)…، وهي قراءات تسعى إلى تفكيك بنية النص القرآني، وعزل الكلمة القرآنية عن سياقها المحكم!!

ومن هذه القراءات، قراءة للدكتور محمد شحرور، عن مفهوم الإسلام والإيمان، في كتابه (الإسلام والإيمان – منظومة القيم)، وهي ذات صلة بموضوع (مفهوم الإيمان والإسلام في الشريعة الإسلامية) الذي تحدثت عنه في المنشور (آية الزواج 1-11).

وحتى يتمكن القارئ الكريم من متابعة موضوع هذا المنشور، هذا هو رابط الكتاب:https://www.shahrour.org/?page_id=117

* يقول د/ محمد شحرور في “التوطئة”، بعد أن ذكر أركان الإسلام، وأركان الإيمان، وبعد أن تكلم كلاما مرسلا، يستند فيه إلى التراث الديني، ولا علاقة له أصلا بموضوع الكتاب، قال:

“أما بالنسبة لأصحاب القسم الأول، فإن لدينا أكثر من مبرر لنسألهم من أين جاؤوا بما جاؤوا به، طالما أننا وأنهم ننطلق من أساس الأسس، وأصل الأصول، التنزيل الحكيم والسيرة النبوية”.

التعليق: من المفترض أن تشمل هذه (التوطئة) المنهج العلمي الذي اتبعه د/ شحرور في هذا الكتاب، والأدوات التي استخدمها في فهم الآيات القرآنية، ولكنه لم يفعل، وذكر فقط المرجعية التي استند إلى نصوصها عند كتابة هذا الكتاب، فقال:

“ننطلق من أساس الأسس، وأصل الأصول، (التنزيل الحكيم) و(السيرة النبوية)!!

انظر كيف ساوى بين كلام الله (التنزيل الحكيم)، وبين كلام البشر (السيرة النبوية)، واعتبر الاثنين (أساس الأسس، وأصل الأصول)!! مع ملاحظة أنه يستخدم دائما (التنزيل الحكيم) ولا يستخدم (القرآن) ولا (الكتاب)، لأنه في قراءته (الشاذة) للقرآن، يفرق بين الاثنين، كما فصّل ذلك في كتابه (الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة)!!

* وتحت عنوان (الإسلام والمسلمون)، وبعد أن ذكر بعض الآيات التي وصفت الجن، وإبراهيم، ويعقوب، والأسباط، ويوسف، وسحرة فرعون، والحواريين، ونوحاً ولوطاً…، بأنهم (مسلمون)، قال:“وهؤلاء جميعاً لم يكونوا من أتباع محمد”!!

التعليق: ومن قال إن (الإسلام) هو اتباع رسول الله محمد فقط؟! إن (الإسلام) دين جميع الأنبياء والرسل!! إنه الصورة العملية لتصديق القلب بأصول (الإيمان) الخمسة، وذلك سلوكا عمليا على أرض الواقع!! إنه (التسليم) لأحكام الشريعة الإلهية!! تدبر قوله تعالى في سورة البقرة:

“قُولُوا (آمَنَّا بِاللَّهِ)، وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا، وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى، وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ، (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) وَنَحْنُ لَهُ (مُسْلِمُونَ)”.

إن سياق الآية يتحدث عن أصول الإيمان: (الإيمان بالله)، ورسله، وكتبه…، وهي من مسائل الغيب التي يجب على المرء الإيمان بها، ليدخل في الإسلام!! ثم يأتي بعد ذلك (الإسلام): (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)”، وهذه سنة جميع الأنبياء والرسل!!

* ثم قال: “ونفهم من هذا كله أن (الإسلام) شيء و(الإيمان) شيء آخر، وأن الإسلام متقدم على الإيمان سابق له، وأن المسلمين ليسوا أتباع محمد (ص) حصراً”!!

التعليق: إن (الإيمان)، في اللسان العربي، وفي السياق القرآني، هو إقرار وتصديق القلب بالأصول الخمسة (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ …)!!أما (الإسلام) فهو تفعيل هذا الإقرار سلوكا عمليا في واقع الحياة، وذلك بالتسليم والخضوع لأحكام الشريعة الإلهية (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)!!لذلك يستحيل أن يتقدم (الإسلام) على (الإيمان)!! تدبر قوله تعالى في سورة النساء:

“فَلا وَرَبِّكَ (لا يُؤْمِنُونَ) حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)”!!تدبر قوله تعالى (لا يُؤْمِنُونَ)، ثم بعدها (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)!!

إن البرهان على صدق (الإيمان) يكمن في كلمة (حَتَّى…) أي حتى يصدق (إسلامهم)، وذلك بتسليم الجوارح لأحكام الشريعة الإلهية، من صلاة وزكاة وصيام وحج… (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)!! وتدبر قوله تعالى في سورة الحجرات:

“قَالَتْ الأَعْرَابُ (آمَنَّا) قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا (أَسْلَمْنَا) وَلَمَّا يَدْخُلْ (الإِيمَانُ) فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ (تُطِيعُوا) اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ (أَعْمَالِكُمْ) شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.

إن الأعراب لم يكونوا صادقين في (إيمانهم)، ولا حتى في (إسلامهم)، لأنهم منافقون، يظهرون (الإسلام) كما هي عادتهم، دون أن يدخل (الإيمان) قلوبهم، لذلك قال تعالى: (وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) – (وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)، وهذا من البراهين الدالة على أن (إيمان) وتصديق القلب، يسبق (إسلام) وتسليم الجوارح لأحكام الشريعة!!

* وقال: “إن الركن الصحيح من بينها هو ركن الشهادة الأولى شهادة أن لا إله إلا الله، أما الشهادة بأن محمداً رسول الله، وأما إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، فهي من أركان الإيمان وليس من أركان الإسلام”!!

التعليق: إنه يرى أن (شهادة أن لا إله إلا الله) من أركان الإسلام، أما الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت..، فكلها من أركان (الإيمان)!!

إنه لا يعلم الفرق بين ما هو من (عالم الغيب)، حيث التصديق المطلق، وما هو من (عالم الشهادة)، حيث التكليف بأحكام الشريعة!!

كيف تكون (شهادة أن لا إله إلا الله) من عالم الشهادة، حيث تفعيل الإسلام، وتكون أحكام الشريعة، من صلاة وزكاة وصوم …، من عالم الغيب، الذي يؤمن به المرء وإن لم يره؟!

* ومن قواعد وأركان الدين الجديد، الذي يسعى د/ شحرور لنشره وتثبيت دعائمه بين الناس، قوله:

“إن الجنة يدخلها كل من أسلم وجهه لله وهو محسن، وتأتي أركان الإسلام الموضوعة لتقول: لا يقوم إٍلاسلام إلا على التصديق برسالة محمد (ص)، وعلى الصلاة والزكاة والصيام والحج، وهذا هو الإسلام الذي لا يقبل الله، في زعمهم غيره، ولا يدخل الجنة إلا أصحابه، ونسأل نحن: أليس هذا بالضبط ما قالته اليهود والنصارى، فتصدى لهم سبحانه في التنزيل؟”!!

ويستدل بقوله تعالى في سورة البقرة، مخاطبا اليهود والنصارى:

“وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ (هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ” – “بَلَى مَنْ (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”.

التعليق: إن د/ شحرور لم يفهم معنى قوله تعالى (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)، لذلك ذهب إلى أن كل من أسلم وجهه لله وهو محسن، فهو في الجنة، وإن لم يؤمن برسالة النبي الخاتم محمد!!

إن التعبير بـ (إسلام الوجه لله) كناية عن تسليم ذات الإنسان وخضوعها لأوامر الله، تدبر قوله تعالى في سورة آل عمران:

“فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ (أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ) وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ (فَإِنْ أَسْلَمُوا) فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ”.

إن التعبير بـ (إسلام الوجه لله) كناية عن إخلاص العبودية لله تعالى (إقرار القلب، وتسليم الجوارح)!!

ويضرب الله المثل على هذا الإخلاص، بقوله تعالى في سورة الزمر:

“ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ”.

تدبر قوله تعالى: “وَرَجُلاً (سَلَماً) لِرَجُلٍ”!!إنه عندما يخلص العبد لسيده، يُسلم لكل أوامره تسليما!!

إن د/ شحرور لا يعلم عن “اللسان العربي”، ولا عن علم “السياق القرآني”، شيئا، لذلك يخلط بين (الإيمان) و(الإسلام)، ويقول: “فإذا ما فتحنا التنزيل الحكيم، وجدناه يكلف (المؤمنين) بهذه الشعائر، وليس (المسلمين)”!!

وللموضوع بقية …..


(277) 12/10/2014 ( د/ شحرور وأزمة الفكر الإسلامي – 2)

 عدد المشاهدات : 186

ن الذين يتعاملون مع نصوص “الآية القرآنية”، بدون منهج، يحمل أدوات، مستنبطة من ذات النص القرآني، وفي مقدمتها (اللسان العربي)، و(السياق القرآني)، هؤلاء قد جعلوا القرآن (عضين)، مثلهم كـ (الْمُقْتَسِمِينَ)، الذين حرفوا (كلام الله)، يأخذون منه ما يوافق هواهم، ويتركون ما يخالفه، ويزيدون فيه، وبنقصون منه، ولقد وصفهم الله بقوله في سورة الحجر:

“كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ” – “الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ” – “فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ” – “عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”!!

إن د/ محمد شحرور، وغيره من أصحاب القراءات الشاذة للقرآن الحكيم، يتعامل مع (النص الإلهي) تعامله مع (النص البشري)، ويعطي لنفسه الحق في إعادة تنظيم بنية (النص القرآني) المحكم، وابتداع منهجية جديدة في التعامل مع (الكلمة القرآنية)، ليضمن بذلك وضع قواعد وأصول جديدة للدين الإسلامي، تتماشى مع توجهات (الحداثة) و(المعاصرة) التي تسعى الاتفاقيات الدولية إلى ترسيخها في قلوب المسلمين!!

* لقد خلط د/ شحرور بين (الإيمان) و(الإسلام)، فقال: “فإذا ما فتحنا التنزيل الحكيم، وجدناه يكلف (المؤمنين) بهذه الشعائر، وليس (المسلمين)”!! وجاء ببعض الآيات التي تخاطب المؤمنين، تأمرهم بأداء شعيرة من الشعائر، ليثبت أن (الإيمان) هو الالتزام بأحكام الشريعة!!

ومن الآيات التي استدل بها على ذلك، قوله تعالى في سورة الشورى:

“وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ”

التعليق: إن هذه الآية، وغيرها من الآيات التي استدل بها، جاءت في سياق بيان صفات المؤمنين، فالآية التي قبلها تقول: “وَ(الَّذِينَ) يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ”، والآية التي بعدها تقول: “وَ(الَّذِينَ) إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ”!!

إن اسم الموصول (الذين) يشير إلى المؤمنين، الذين من (صفاتهم) أنهم يؤدون (الصلاة والصيام…)، فأداء هذه الشعائر ليس هو (الإيمان)، وإنما هو تفعيل (الإيمان)، على أرض الواقع، وذلك عن طريق (الإسلام) و(التسليم) لأحكام الشريعة الإسلامية!!

إن كل الآيات التي خاطب الله تعالى فيها (الذين آمنوا) جاءت تأمرهم بإثبات صدق إيمانهم بـ (إسلام الوجه لله)، والتسليم لأحكام شريعته!!

وتدبر قوله تعالى في سورة الأعراف:“قَالَ فِرْعَوْنُ (آمَنتُمْ بِهِ) قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ” – “لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ” – “قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ” – “وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ (آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا) لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً (وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)”.

إن (إيمان) سحرة فرعون، قام على أساس ما شاهدوه بأعينهم من (براهين) دالة على صدق (نبوة) موسى، عليه السلام، وهي مسألة قلبية قامت على دلائل وبراهين، تماما كمسألة الإيمان بـ (الوحدانية)، قامت على دلائل الوحدانية في الكون.

وعلى أساس هذا (الإيمان)، أسلم سحرة فرعون وجوهم لله تعالى، أي أصبحوا على استعداد لتحمل كل تبعات وتحديات هذا (الإيمان). لذلك عندما قال لهم فرعون: “لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ” … “قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ”!!

ولكن نلاحظ أن دعاءهم كان أن يثبتهم الله على (الإسلام)، وليس على (الإيمان)، ذلك أن (الإيمان) راسخ في قلوبهم أصلا، ولكنهم سيواجهون على أرض الواقع تحديا صعبا يحتاج منهم إلى الثبات على (إسلام الوجه لله)، لذلك قالوا: “رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا (مُسْلِمِينَ)”!!

* وبعد أن استقطع (كعادته) بعض الآيات من سياقاتها، قال: “ومن هذه الآيات وغيرها كثير، نفهم أن الإسلام هو التسليم بوجود الله، وباليوم الآخر”!!

التعليق: إن جميع الآيات التي استدل بها د/ شحرور على قوانين دينه الجديد، لا علاقة لها (مطلقا) بهذه النتيجة التي توصل إليها في الفقرة السابقة!!

إن (الإسلام) ليس هو (التسليم بوجود الله، وباليوم الآخر)، ذلك أن (التسليم) يكون لشيء موجود في عالم (الشهادة)، والله تعالى، والملائكة، واليوم الآخر…، من عالم الغيب، الذي أمرنا الله تعالى أن (نؤمن) به بقلوبنا، ثم ونحن في عالم الشهادة، نسلم لأحكام شريعته تسليما!!

تدبر قوله تعالى في سورة النساء:“فَلا وَرَبِّكَ (لا يُؤْمِنُونَ) (حَتَّى) يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)”.

إن (الإيمان)، وهو عمل القلب، وبرهان صدقه هو (إسلام) الجوارح، وتسليمها لأحكام الشريعة، فـ (إيمان) المرء، سابق لإسلامه وتسليمه لأحكام الشريعة!!

لذلك علينا أن نفرق بين الإسلام لـ (الله)، والإسلام بـ (وجود الله)، فلا يوجد مطلقا في كتاب الله، الإسلام بـ (وجود الله)، كما يدعي د/ شحرور بقوله: “نفهم أن الإسلام هو التسليم بوجود الله”!!

إن المرء لن يعلن (إسلامه) و(تسليمه) لأحكام الشريعة الإلهية، إلا بعد أن يكون قد (آمن) أصلا بـ (الله)، بناء على دلائل الوحدانية المشاهدة، وبـ (الملائكة)، الواسطة بين الله و(النبوة)…، وكلها من مسائل الغيب غير المشاهدة، التي محلها (القلب)!!

وتدبر قوله تعالى في سورة آل عمران:“قُلْ (آمَنَّا بِاللَّهِ) وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) – “وَمَنْ يَبْتَغِ (غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً) فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ”.

إن (الدين الإسلامي) نظام ومنهج لحياة الناس، قائم على إقرارهم وتصديقهم بـ (الوحدانية)، وبأصول الإيمان الخمسة…، فهل يُعقل أن يأتي النظام أولا، ثم بعده يأتي التصديق بـ (الوحدانية)؟!!

* ثم انظر قوله بعد ذلك: “فإذا اقترن هذا التسليم بالإحسان والعمل الصالح، كان صاحبه مسلماً، سواء أكان من (أتباع محمد) الذين آمنوا أو من (أتباع موسى) الذين هادوا أو من (أنصار عيسى) النصارى، أو من (أي ملة أخرى) غير هذه الملل الثلاث كالمجوسية والشيفية والبوذية (الصابئين)”!!

التعليق: لماذا خص د/ شحرور أتباع محمد بـ (الإيمان)؟! ألم يؤمن أيضا أتباع موسى وعيسى؟! إنه يضع قواعد جديدة للدين الإسلامي، ومنها أن يكون (الإيمان) هو الالتزام بأحكام الشريعة، وأن يكون (الإسلام) هو الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح، والإحسان، سواء كان المسلمون من (أتباع محمد) أو من (أتباع موسى) أو من (أنصار عيسى)، أو من (أي ملة أخرى)!!

إن المحور الأساس الذي يستند إليه د/ شحرور، وغيره من الذين يقولون بأن اتباع النبي الخاتم محمد ليس شرطا دخول الجنة، هو قوله تعالى في سورة البقرة:

“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”.

ولكي نفهم هذه الآية، علينا أن نتدبر سياق الآيات المتعلقة بموضوعها، فأقول:

أولا: لقد جاءت آية سورة البقرة، وسط سياق ذم بني إسرائيل، لأنهم قابلوا نعم الله تعالى بالكفر، فاستحقوا الذلة والمسكنة والغضب من الله، فتدبر:

– “وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ … ”– [إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى …]– “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ … ”– “ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ … “َ– “وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ … ”– “فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ”

إن سياق هذه الآيات، يخاطب ذرية بني إسرائيل، المعاصرين لرسول الله محمد، يذكرهم بما فعله آباؤهم برسولهم موسى، ويبيّن لهم أن باب التوبة ما زال مفتوحا، فإن تابوا واتبعوا النبي الخاتم: “فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”!!

فكيف، وسط هذا التبكيت، وهذا الترهيب…، يبيح الله تعالى لأهل الكتاب، أن يبقوا على دينهم، ولا يتبعوا النبي الخاتم، ولهم الجنة والأجر العظيم: “وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”!!

وللموضوع بقية ….


(278) 13/10/2014 ( د/ شحرور وأزمة الفكر الإسلامي – 3)

 عدد المشاهدات : 183

ثانيا: قوله تعالى في سورة المائدة:

“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”.

لقد جاءت هذه الآية، وسط سياق يأمر (أهل الكتاب)، أن يقيموا الدين الذي أنزله الله على رسوله محمد، فتدبر:

“قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ (مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ (الْكَافِرِينَ)”.

فهل يعقل أن يقول الله تعالى لرسوله (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، ثم تأتي الآية التالية فتدخلهم الجنة، وتقول (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)؟!

ثالثا: قوله تعالى في سورة الحج:

“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”.

لقد جاءت هذه الآية، وسط سياق يبيّن فاعلية مشيئة الله تعالى، في الدنيا والآخرة، وأن الفصل بين أهل الملل المختلفة، سيكون في الآخرة، لذلك زاد في هذا السياق (المجوس والمشركين)، ولم يذكر شرط (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً)، لأن هذا الشرط كان مطلوبا في الدنيا، أما الآخرة فدار حساب وجزاء!!

وهكذا نعلم، أن فهم مثل هذه الآيات، لا يكون (مطلقا) بمعزل عن أصول وقواعد علم (السياق القرآني)، وأن السياق القرآني جاء يأمر جميع الملل والنحل، بالإيمان بالنبي الخاتم، واتباع رسالته، وتحكم بالكفر على كل من لم يستجب لأمر الله تعالى!!

إننا عندما ننطلق من (علم السياق القرآني) نفهم أن قوله تعالى “(مَنْ) آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً”، يخاطب من هذه الطوائف الأربع، (من) آمن منهم بالله والرسول الذي أرسل إليهم: (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فهؤلاء استحقوا هذا الأجر نتيجة إيمانهم بالله ورسوله!!

إن من (أهل الكتاب) من آمن بالله ورسوله محمد، يقول الله تعالى في سورة آل عمران:

“وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ) – (وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً (أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ”.

تدبر قوله تعالى (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، لتعلم أن هذا الأجر، هو الذي ذكرته الآية [62] من سورة البقرة (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وكان نتيجة إيمانهم، واتباعهم لما أنزله الله تعالى على رسله، وعلى النبي الخاتم محمد، وهذا ما أكده قوله تعالى مخاطبا بني إسرائيل في سورة البقرة:

“فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ (فَقَدْ اهْتَدَوا) – (وَإِنْ تَوَلَّوْا) فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”.

أليس قوله تعالى (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا) كافيا للرد على القائلين بأن اتباع النبي الخاتم محمد، ليس شرطا لدخول الجنة؟!

ألم يقرأوا قوله تعالى في سورة الصف:

– “وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ”.– “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ (وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ) وَاللَّهُ لا يَهْدِي (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)”.– “يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)”.– “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ”؟!!

ألم يقرأوا قوله تعالى في سورة النساء:

“(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ (فَآمِنُوا) خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ (تَكْفُرُوا) فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً”.

ويواصل د/ محمد شحرور، وضع قواعد دينه الجديد، فيقول:

* “أن التنزيل يضع للإسلام أركاناً ثلاثة هي: 1- الإيمان تسليماً بوجود الله / 2- الإيمان تسليماً باليوم الآخر (ولاحظ معي هنا أن التسليم باليوم الآخر يعني ضمناً التسليم بالبعث)، أي أن الإيمان بالله واليوم الآخر هي المسلمة التي لا تقبل النقاش عند المسلم، وهذه هي تذكرة الدخول إلى الإسلام / 3- العمل الصالح والإحسان، (انظر فصل الذنوب والسيئات)”.

التعليق: هذه هي أركان (الإسلام)، التي ابتدعها د/ شحرور، كي تدخل جميع الملل الجنة، استنادا إلى الآية [62] من سورة البقرة، التي سبق الحديث عنها: (الإيمان بالله) و(اليوم الآخر)، وكما يدعي، هذا هو الجانب النظري، أما الجانب العملي فهو (العمل الصالح) و(الإحسان)، وبهذا يصبح المرء مسلما، (وإن لم يتبع أي نبي)!!

انظر كيف اختزل أصول الإيمان الخمسة في (الإيمان بالله) و(اليوم الآخر)، واختزل الإسلام في (العمل الصالح) و(الإحسان)، وابتدع مصطلحا جديدا في دين الله اسمه (الإيمان تسليما)!!

إن (الإيمان) هو تصديق (القلب) بمسائل الغيب، أما (التسليم) فهو عمل (الجوارح) في عالم الشهادة، ولا علاقة له بالغيب…، فكيف يكون (الإيمان والتسليم بوجود الله واليوم الآخر)!!

إن عشوائية المنهج الذي يتبعه د/ شحرور في مشروعه الفكري، جعلته يؤمن بالسيرة النبوية، وبالأحاديث المنسوبة إلى النبي، ويتخذهما مرجعا يستند إليهما في كثير من موضوعاته، حتى ولو كانت هذه المرويات موضوعة!!

* فيقول على سبيل المثال: “إذ لا معنى للإيمان النظري دون سلوك عملي ينعكس فيه ويتجلى من خلاله، ومن هنا نفهم قول الرسول الأعظم إن صح: “الخلق عيال الله، أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله”!!

التعليق: انظر إلى قوله (ومن هنا نفهم) – (إن صح)!!إن من أبجديات البحث العلمي، أن يثبت الباحث أولا، وفي مقدمة بحثه، حجية المصدر الذي يستقي منه معلوماته..، فهل أثبت د/ شحرور أولا حجية (المرويات) التي يستقي منها (السنة النبوية) أو (الأحاديث)…، ومدى صحة نسبتها إلى الله تعالى، قبل أن يستشهد بها في مشروعه الفكري التنويري؟!

إن هذه العشوائية الفكرية جعلته يرتكب جريمة في حق الدين الإلهي، عندما يستشهد (وهو رجل الفكر التنويري)، برواية موضوعة، تطعن في (الوحدانية)، وتعتبر أن لله تعالى عيال: “الخلق عيال الله، أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله”…، ولا مجاز هنا ولا تشبيه ولا استعارة في افتراء الكذب على الله تعالى!!

وعند حديثه عن (الإجرام والمجرمين) يقول:

* “فإذا أردنا تعميق فهمنا للإسلام والمسلمين في التنزيل الحكيم، فما علينا إلا أن ننظر في تعريف المصطلح المضاد للإسلام وهو الإجرام، والمصطلح المضاد للمسلمين وهو المجرمين، في قوله تعالى [القلم 35-36]: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) – (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)”.

التعليق: إن (المصطلح المضاد للإسلام) يا د/ شحرور ليس هو الإجرام، و(المصطلح المضاد للمسلمين) يا د/ شحرور ليس هو (المجرمين)!! إن (الإسلام) يقابله (كفر – شرك – نفاق)، و(الإجرام)، و(الكذب)، و(الضلال) …، كلها صفات لملل (الكفر والشرك والنفاق)!!

إن أول ما يلفت النظر، ونحن نتدبر سورة القلم من أولها، قوله تعالى عن المخاطبين في هذه السورة: “فَلا تُطِعْ (الْمُكَذِّبِينَ)”، ثم قوله تعالى: “أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ (كَالْمُجْرِمِينَ)”، ثم قوله تعالى: “أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا (بِشُرَكَائِهِمْ) إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ”!!

إن الله تعالى يخاطب في هذه السورة (المشركين) – (المجرمين) – (المكذبين)، مبينا أنه يستحيل أن يجعل (المسلمين) كهؤلاء، وخص في المقارنة (المجرمين)، لما اتصف به هؤلاء من صفات ذميمة كشف عنها سياق السورة!!

لقد جعل د/ شحرور مرجعيته في موضوع (الإجرام والمجرمين) السيرة النبوية، وأسباب النزول، وعلوم القرآن: المكي والمدني، و(الأحاديث) التي توافق هواه، هكذا هو المنهج الذي أقام عليه دينه الجديد!!

فهل يعقل، أن يكون (التراث الديني)، الذي صنعه البشر بأيديهم، مرجعا أساسا في مشروع مفكر، يدعو إلى قراءة القرآن قراءة حضارية معاصرة!!

ومع أن مسألة انقسام الناس إلى (مؤمن – مسلم)، وكافر، ومشرك، ومنافق، واضحة تماما في السياق القرآني، وخاصة بيان الآيات الأولى من سورة البقرة، إلا أننا نجد أن د/ شحرور يتحدث عن (المجرمين)، بصورة يحاول من خلالها، توظيف الآيات القرآنية لخدمة دينه الجديد، الذي يقوم على (الإيمان بالله) و(اليوم الآخر)، و(العمل الصالح)، و(الإحسان)..، دون اتباع النبي الخاتم محمد، عليه السلام!!

إنه يستحيل أن يدخل الجنة من لم يتب من كفره وشركه، وقد بيّن السياق القرآني ذلك في كثير من الآيات:

“إِلاَّ مَنْ (تَابَ) وَ(آمَنَ) وَ(عَمِلَ صَالِحاً) فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً”!!

إنه قبل الحديث عن (الإيمان بالله) و(اليوم الآخر)، و(العمل الصالح)، و(الإحسان)..، أركان الدين الجديد الذي جاء به د/ شحرور، علينا أن نتحدث عن أولا عن (التوبة) من الكفر والشرك، وأن البرهان العملي على هذه التوبة هو الإيمان بالله وبالنبي الخاتم محمد، وبرسالته، وليست هذه الأركان المعلقة في الهواء هي البرهان!!

الحقيقة، يعجز اللسان، كما يعجز القلم، عن وصف هؤلاء المحسوبين على (الفكر الإسلامي التنويري) بما يستحقونه، ولكن … يكفي أن أقول:

إنهم يُخرجون الناس من النور إلى الظلمات!!

وللموضوع بقية …


(279) 14/10/2014 ( د/ شحرور وأزمة الفكر الإسلامي – 4)

 عدد المشاهدات : 317

* إن د/ شحرور يدعو إلى قراءة القرآن قراءة حضارية معاصرة، تجعل كل الملل والنحل والأهواء (مسلمين)، وكلهم في (الجنة)، مستدلا بقول الله تعالى في سورة آل عمران: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ”، وذلك على أساس أن المرء يكون مسلما، إذا التزم بـ (الإيمان بالله) و(اليوم الآخر)، و(العمل الصالح)، و(الإحسان)..، من غير أن يتبع النبي الخاتم محمد!!

التعليق: إن سياق هذه الآية (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)، يهدم قراءة د/ محمد شحرور المعاصرة للقرآن من قواعدها، ذلك أن الدين الذي يقبله الله تعالى يوم القيامة، هو الدين الذي أنزله على النبي (الخاتم) محمد، وأمر الناس (جميعا) باتباعه، وتعالوا نتدبر سياق الآية:

– “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ” … “وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ” … “وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ”.– “فَإِنْ حَاجُّوكَ” … “فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي” … “وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ” … “فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا” … “وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ” … “وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ”.– “إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ” … “وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ” … “وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ” … “فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ”.– “أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ” … “وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ”.

فيا أهل التدبر … إن القرآن كله، وليس فقط هذه الآية، يدعو الناس (جميعا) إلى اتباع النبي الخاتم محمد، ويحكم على الذين خالفوا ذلك بالكفر، ويبشرهم بعذاب أليم في الآخرة، ثم يأتي د/ محمد شحرور، بدينه الجديد، ويدخلهم الجنة!!

تعالوا نرى ماذا يقول د/ شحرور عن (الإيمان بالله)، الذي هو عنده الركن الأول للإسلام، والذي لا يشترط فيه الإيمان بالنبي:

* “ومن هنا نفهم الآية التي زعموا أنها تحوي أركان الإيمان وهي قوله تعالى:“آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ”. هنا نلاحظ قوله المؤمنون جاءت بعد الرسول، وبما أن أتباع محمد (ص) هم المؤمنون قال: والمؤمنون كل آمن …”.

التعليق: هذه هي ثمار المنهج العشوائي، الذي يتبعه د/ شحرور في مشروعه الفكري التنويري!! إنه يحصر (الإيمان) في أتباع النبي محمد، ويفهم الآية على ذلك، ولا يعلم أن الأصول الإيمانية الواردة في هذه الآية، هي أصول إيمان جميع الأنبياء، ومن اتبعهم من (المؤمنين)!!

يقول الله تعالى في سورة النساء عن المؤمنين من أهل الكتاب:“لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ(الْمُؤْمِنُونَ) يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً”.

ويقول الله تعالى في سورة يونس:“وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ (الْمُؤْمِنِينَ)”.

ويقول الله تعالى في سورة الأنبياء عن ذي النون:“فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي (الْمُؤْمِنِينَ)”.

ويقول الله تعالى في سورة القصص:“وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنْ (الْمُؤْمِنِينَ)”.

وغير ذلك من عشرات الآيات، التي تبين أن (الإيمان) ليس حكرا على رسول من الرسل، ولا على أتباع رسول دون غيرهم!!

ويضع الله القاعدة العامة لهذا (الإيمان) الذي محله القلب، فيقول تعالى في سورة النحل:“مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.

إن الآية تحمل تحذيرا لكل من (آمن) من العود إلى الكفر، ولأن (الإيمان) إقرارٌ وتصديقٌ، محله القلب، استثنى من عموم من الكفر، من أُكره فأظهر الكفر بالقول (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ).

إن (الإيمان) محله القلب، أما (الإسلام) فإسلام الجوارح وتسليمها لأحكام الشريعة، ولقد جاء السياق القرآني يُبيّن هذا الفرق بوضوح:

فعن (الإيمان) يقول الله تعالى في سورة الأعراف:

“وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا (أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)”.

ويقول تعالى في سورة الشعراء:“قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ” – “قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ” – “إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا (أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ)”.

إن هذه الجملة القرآنية، (أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)، وردت فقط في هاتين الآيتين من كتاب الله، ونلاحظ أن سياق الآيتين، يتحدث عن إقرار القلب وتصديقه بـ (الوحدانية)!!

وعن (الإسلام) يقول الله تعالى في سورة الأنعام:

“قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” – “لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا (أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)”.

ويقول تعالى في سورة الزمر:“قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ” – “وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ (أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)” – “قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”.

وإن هذه الجملة القرآنية، (أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)، وردت فقط في هاتين الآيتين من كتاب الله، ونلاحظ أن سياق الآيتين، يتحدث عن إخلاص (العبودية) لله، والتسليم لأحكام (الشريعة)!!

ويستحيل أن يأتي السياق القرآني كله، ببيان أن (الإيمان) هو عمل القلب، وأن (الإسلام) هو تسليم الجوارح لله تعالى ولشريعته…، ثم نقبل من د/ شحرور دينه الجديد، الذي يقوم على استبدال الإسلام بالإيمان!!

ثم يخرج علينا د/ شحرور ببدعة جديدة، نتيجة فهمه لقوله تعالى في سورة الروم:“فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ”.

* يقول: “لابد أن تكون أركان هذا الإسلام فطرية مقبولة تتماشى بشكل طبيعي مع ميول الخلق…، ثم يسأل: فهل الشعائر (إقامة الصلاة – الصوم – حج البيت – الزكاة) التي افترضوا أنها من أركان الإسلام فطرية؟!”.

التعليق: إن إقامة الوجه: ضبط اتجاهه إلى الأمام، دون الالتفات يمينا أو شمالا.وإقامة الوجه للدين: ضبط وجه الإنسان في اتجاه الدين الذي أنزله الله على رسوله محمد، لقوله تعالى بعدها، مخاطبا الرسول والذين آمنوا معه:

“مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ” – “مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ”.

و(حنيفا): لا شائبة فيه، ولا ميل إلى الشرك، تدبر قوله تعالى في سورة آل عمران:“قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ (حَنِيفاً) وَمَا كَانَ مِنْ (الْمُشْرِكِينَ)”.

و(فطرة الله): في معنى الحال من (الدين)، أي أن الناس يولدوا على (الدين الحنيف)، الذي لا يعرف (الشرك)، وهذه هي (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)!!

إن (فِطْرَةَ اللَّهِ) مسألة تتعلق بملة (الوحدانية)، أي مسألة (قلبية)، أما أحكام الشريعة (إقامة الصلاة – الصوم – حج البيت – الزكاة) فهذه هي الصورة العملية، الدالة على إسلام الوجه لله تعالى، وتفعيل هذه (الفطرة) سلوكا عمليا في واقع الحياة!!

لذلك بيّن الله تعالى أن (الدين القيم)، هو الذي يقوم على ملة (الوحدانية): “ذَلِكَ (الدِّينُ الْقَيِّمُ) وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ”. وفي هذا السياق يقول الله تعالى في سورة النساء:

“وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) وَاتَّبَعَ (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً”.

إن أحسن دين، هو الدين الذي يقوم على (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)، وهي الإقرار والتصديق بأصول الإيمان الخمسة، وإسلام الوجه لله، والتسليم لأحكام شريعته!!

أما د/ محمد شحرور، فيستبعد أحكام الشريعة من (الدِّينُ الْقَيِّمُ)، لأنها تتعارض مع (الفطرة) … فهل هذا معقول يا أهل التدبر؟!!!

وللموضوع بقية … مع الجزء الأخير


(280) 15/10/2014 (د/ شحرور … وأزمة الفكر الإسلامي -5 – الجزء الأخير)

 عدد المشاهدات : 445

يقول د/ محمد شحرور، في مقدمة كتابه (الكتاب والقرآن):

* “إنه لا يمكن أن يطلق اسم “الكتاب والقرآن” على شيء واحد، بل لا بد بينها من المغايرة: فالكتاب: هو “ما بين دفتي المصحف، وهو موحى من الله سبحانه وتعالى بالنص والمحتوى”، أما القرآن: “ليس إلا بعض آيات الكتاب: آيات الأخبار والمعلومات دون الأحكام والتشريعات”!!

التعليق: إن د/ محمد شحرور لا يعلم، أن كلمة (الكتاب) تشير إلى الكتاب الإلهي المنزل على جميع الرسل، وأن (القرآن) هو الاسم العلم لكتاب الإسلام، مثل اسم (التوراة) و(الإنجيل) …، وهي أسماء (الكتب) الإلهية السابقة، وهذه وحدها مصيبة كبرى!!

إن الله لم يطلب من المكذبين لنبيه محمد ولرسالته، أن يأتوا بمثل هذا القرآن، الذي هو بعض آيات الكتاب: آيات الأخبار والمعلومات دون الأحكام والتشريعات”، وإنما قال تعالى في سورة البقرة:

“وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا (نَزَّلْنَا) عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا (بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ”.

وقال تعالى في سورة الإسراء:“قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ (هَذَا الْقُرْآنِ) لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً”.

إن الآيتين، تشهدان بأن المصحف الذي بين أيدينا، من أول سورة فيه إلى آخر سورة، يسمى (قرآنا)، ويسمى (كتابا)، وأن الذي يشك أنه من عند الله، يأتي بسورة من مثله!!

إن القرآن هو الكتاب، والكتاب هو القرآن، والفرق بينهما لا يتعلق بالمحتوى، وإنما بدلالات الكلمة، فالكتاب يدل على الشيء (المكتوب)، والقرآن يدل على الشيء (المقروء)!!

تدبر قول الله تعالى في سورة الحجر:“الر تِلْكَ آيَاتُ (الْكِتَابِ) وَ(قُرْآنٍ) مُبِينٍ”.

وقوله تعالى في سورة النمل:“طس تِلْكَ آيَاتُ (الْقُرْآنِ) وَ(كِتَابٍ) مُبِينٍ”.

– فهل فرق الله تعالى بين الكتاب والقرآن في الآيتين؟!

وتدبر قول الله تعالى في سورة الجن:“قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا (قُرْآناً) عَجَباً”.

وقوله تعالى في سورة الأحقاف:“قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا (كِتَاباً) أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ”.

– فهل فرق الجن بين الكتاب والقرآن في الآيتين؟!

إذن، فمن أين جاء د/ شحرور بأن القرآن: “ليس إلا بعض آيات الكتاب: آيات الأخبار والمعلومات، (دون الأحكام والتشريعات)”!!

* ثم انظر ماذا يقول عن (الكتاب): “لذا فإن الكتاب من حيث الآيات ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- الآيات المحكمات: وهي التي تمثل رسالة النبي، وقد أَطلق الكتاب عليها مصطلح أم الكتاب، وهي قابلة للاجتهاد حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية ما عدا العبادات والأخلاق والحدود.

2- الآيات المتشابهات: وقد أطلق عليها الكتاب مصطلح القرآن والسبع المثاني، وهي القابلة للتأويل وتخضع للمعرفة النسبية وهي (آيات العقيدة).

3- آيات لا محكمات ولا متشابهات: وقد أطلق عليها الكتاب مصطلح (تفصيل الكتاب)”.

التعليق: لقد قسم الله تعالى الآيات القرآنية إلى قسمين فقط وليس ثلاثة (كما يدعي د/ شحرور)، فقال تعالى في سورة آل عمران:

“هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ (مُحْكَمَاتٌ) هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ (مُتَشَابِهَاتٌ) فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ …”.

أما هذا القسم الثالث، (آيات لا محكمات ولا متشابهات)، الذي ابتدعه د/ شحرور، فهو البرهان الساطع، على أن مشروعه الفكري، قام على افتراء الكذب على الله تعالى، لصالح هذا الدين الجديد، الذي كشفت عن قواعده وأصوله في المنشورات السابقة!!

لذلك لم يكن غريبا على د/ شحرور، أن يضع الآيات المتعلقة بدلائل الوحدانية، وبأصول الإيمان الخمسة، التي يسميها (آيات العقيدة)، أن يضعها ضمن (الآيات المتشابهات)، أي الآيات: “القابلة للتأويل وتخضع للمعرفة النسبية”، على حد قوله!!

فهل يعقل أن تأتي (آيات العقيدة)، ضمن (الآيات المتشابهات)، التي حذر الله تعالى الناس من الخوض فيها، فقال تعالى في نفس الآية السابقة:

“فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ”؟!!

وهل يعقل، أن تكون الآيات القرآنية، التي تحدثت عن دلائل الوحدانية، وفاعلية أسماء الله الحسنى، والتي يسرها الله للذكر…، يكون من يتبعها، في قلبه مرض، ويبتغي الفتنة؟!

* لقد جعل د/ محمد شحرور الآيات المحكمات، والتي هي عنده أحكام الشريعة: من إرث وعبادات، وأخلاق ومعاملات، وأحوال شخصية، ومحرمات…، جعلها هي (الرسالة)!! ثم قال: “فإذا سأل سائل: هل آية الإرث من القرآن؟! فالجواب: لا، هي ليست من القرآن “النبوة” ولكنها من أم الكتاب “الرسالة”، وهي من أهم أجزاء الرسالة وهو الحدود”.

التعليق: ما معنى أن (آية الإرث) ليست من القرآن؟! إن القول بأن (أحكام الشريعة) ليست من (القرآن)، يعني نفي كل حكم ورد فيه لفظ القرآن، ومن ذلك:

– “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ (الْقُرْآنُ) هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ (فَلْيَصُمْهُ)…”.

– “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ (الْقُرْآنَ) وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً”.

– “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ (الْقُرْآنَ) أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”.

– “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ (الْقُرْآنُ) تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ”.

– “قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا (الْقُرْآنُ) لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ”.

– “وَإِذَا قُرِئَ (الْقُرْآنُ) فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”.

– “فَإِذَا قَرَأْتَ (الْقُرْآنَ) فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ”.

– “إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ” – “وَأَنْ أَتْلُوَ (الْقُرْآنَ) فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ”.

وغيرها من عشرات الآيات الدالة على أن القرآن والكتاب منظومة تشريعية واحدة، وإن إخراج (أحكام الشريعة) من دائرة (القرآن) يعني أنها لم تعد (أحكام هداية)، والله تعالى يقول في سورة الإسراء:

“إِنَّ هَذَا (الْقُرْآنَ) يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا”.

إن الله تعالى عندما يقول في سورة الفرقان:“وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا (الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)”.

فهل هجر قوم الرسول القرآن كله، أم فقط “بعض آيات الكتاب: آيات الأخبار والمعلومات دون (الأحكام والتشريعات)”، كما يدعي د/ شحرور؟!!

* ولم يكن غريبا على د/ شحرور أن يقول: “ونحن نرى أن التحدّي للناس جميعاً بالإعجاز إنما وقع في الآيات (المتشابهات)، القرآن والسبع المثاني، وفي الآيات غير المحكمات وغير المتشابهات (تفصيل الكتاب)، حيث أن هذين البندين يشكلان (نبوة) محمد”..، ثم قال: “فكل آيات الأحكام ليست بمعجزة، ولا يقع بها تحدي، بل يمكن لأحد أن يأتي بمثلها”!!

التعليق: إن الله تعالى يقول:“هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ (مُحْكَمَاتٌ) هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ (مُتَشَابِهَاتٌ)”.

أما د/ شحرور فيقول: وهناك آيات (لا محكمة ولا متشابهة)، وهذه وقع فيها التحدّي للناس جميعاً بالإعجاز!!!

إن الله تعالى يقول: إن (النبوة) تشمل الوحي بالقرآن كله، ود/ شحرور يقول: إن (النبوة) تشمل فقط (الآيات المتشابهات)، والآيات (غير المحكمات وغير المتشابهات)!!

إن الله تعالى يقول: إن (الآية القرآنية) تشمل جميع سور القرآن، ود/ شحرور يقول: إنها لا تشمل أحكام الشريعة، لأن البشر يستطيعون أن يأتوا بمثلها!!

وخلاصة القول: إن د/ محمد شحرور يكفر بالقرآن الذي أنزله الله على رسوله محمد، ويؤمن بالقرآن الذي فصّل آياته وكلماته حسب هواه، وذلك لصالح مشروعه الفكري!!

ولكن المأساة الأكبر، والمصيبة الأعظم، في آلاف التابعين لهذه القراءات الشاذة للقرآن الحكيم، الذين يعلنون على صفحاتهم، أن الفضل الكبير، في فهمهم وتدبرهم لكتاب الله، يرجع إلى د/ محمد شحرور، الذي هداهم إلى الطريق الصحيح لفهم اللسان العربي، واستنباط أحكام القرآن!!

“قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً” – “الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً” – “أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً”.


(281) 19/10/2014 (الرابط المباشر لكتاب السنة النبوية حقيقة قرآنية)

 عدد المشاهدات : 211

https://www.feqhelquran.com/arabic/details.aspx…

ree

(282) 22/10/2014 ( عطاء الكلمة القرآنية وأزمة الترادف – 1)

 عدد المشاهدات : 173

منذ ثلاثة عقود، وأنا أدعو إلى تكاتف الجهود، لإنشاء “موسوعة الفقه القرآني المعاصر”، تستمد فاعليتها من قاعدة بيانات متطورة، تشمل عطاء (الكلمة) القرآنية، وعطاء (الآية)، ثم عطاء (السورة)، ويساهم في إمدادها بهذه العطاءات، أهل التدبر القرآني، على أن يقوم بإدارتها فريق من العلماء المتخصصين، في مجالات العلوم المختلفة.

لقد جعلت هذه الجملة “موسوعة الفقه القرآني المعاصر” اسما لموقعي على شبكة الإنترنت، ودعوت المسلمين جميعا، بعيدا عن توجهاتهم المذهبية، إلى إعادة قراءة القرآن قراءة (إيمانية – علمية – حضارية – معاصرة) تثبت للعالم أجمع، أن هذا القرآن هو “الآية”، الدالة على صدق (نبوة) رسول الله محمد، القائمة بين الناس إلى يوم الدين.

وعند حديثي عن كيفية التعامل مع هذه الموسوعة قلت: إننا كي نحقق الهدف من هذه الموسوعة، يجب أن نتعامل مع نصوص القرآن بأدوات مستنبطة من ذات النص القرآني، بعيداً عن المدارس والتوجهات المذهبية، وهي حسب مشروعي الفكري:

1ــ آليات عمل القلب: (آليات التفكر، والتعقل، والتدبر، والتفقه، والنظر).2ــ آيات الآفاق والأنفس: وتفاعلها مع نصوص “الآية القرآنية”.3ــ اللسان العربي المبين: وهو لسان القرآن العربي، وليس لسان اللغة العربية.4ــ السياق القرآني: وهو النور الكاشف لعطاء الكلمة والجملة القرآنية.5ــ منظومة التواصل المعرفي: وهي المحور الأساس، والمرجع الرئيس، لفهم القرآن.

وسألقي بعض الضوء على مسألة تتعلق بـ (اللسان العربي المبين)، وهي مسألة “الترادف في اللغة العربية”، وهل (اللسان العربي)، الذي نزل به القرآن، هو نفسه (اللغة العربية)، التي صنعها فقهاء السلف، بعد نزول القرآن بقرن ونصف قرن من الزمن؟!

إن باب “الترادف” باب كبير، ومذاهبه الفقهية كثيرة، لا يختلف عن أبواب التفسير والحديث والفقه..، هذه العلوم التي ظهرت بعد تفرق الأمة الإسلامية إلى فرق ومذاهب عقدية وتشريعية مختلفة، لذلك سأكتفي بضرب المثل، بالفرق بين (الكتاب) و(القرآن)، حسب ما ورد في (اللسان العربي)، وحسب ما ورد (اللغة العربية)، متخذا منهج د/ شحرور نموذجا!!

لقد ولد لسان القرآن العربي قبل أن يولد فقهاء اللغة العربية، وكان البرهان على صدق نسبة القرآن إلى الله تعالى، أن يأتي أهل اللسان العربي بسورة من مثله، فكانوا على علم بلسان القرآن العربي، قبل أن تولد مصطلحات اللغويين، ومنها مصطلح “الترادف”!!

لقد قرأ أهل اللسان العربي القرآن، ودخلوا في دين الله أفواجا، قبل أن تظهر معاجم اللغة العربية، وذلك على مستوى جميع الفرق والمذاهب!! لقد قرؤوا قوله تعالى في سورة فصلت:

“(كِتَابٌ) فُصِّلَتْ آيَاتُهُ (قُرْآناً) عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ”

لقد علموا أن (الكتاب)، الذي فصلت (آياته)، هو نفسه (القرآن) الذي نزلت (آياته) باللسان العربي!! ولا شك أنهم يعلمون، من خلال مبادئ وأبجديات (لسانهم العربي)، أن الكتاب هو (كلام الله) المكتوب، وأن القرآن هو (كلام الله) المقروء!!

إن الفهم الأول (العام) لكلام الله، لا يحتاج أكثر من العلم بأبجديات (اللسان العربي)، التي حملتها معاجم (اللغة العربية)، والتي حفظها الله تعالى بحفظه لآيات ذكره الحكيم، عبر منظومة التواصل المعرفي، بعيدا عن مذاهب اللغويين واختلافاتهم الفقهية!!

وبعد العلم بأبجديات (اللسان العربي)، تأتي مرحلة (دراسة) الكتاب، والوقوف على سياقات الآيات وخصائصها، ثم مرحلة (التدبر)، والكشف عن عطاء الكلمة القرآنية في سياقاتها المختلفة، ثم عطاء الآية ….، وكل هذا، والمسلم يعيش داخل (مدرسة القرآن)، يتعلم فيها كيف يتعامل مع النص القرآني، الحاكم على مدارس اللغويين واختلافاتهم المذهبية!!

إنه بالبحث عن كلمة “قرآن” في كتاب الله، يتبين للباحث أنها تعني سور القرآن كلها، كما يتبين له أن النتائج التي توصل إليها د/ شحرور في التفرقة بين الكتاب والقرآن، لا أساس لها من الصحة، بل هي محض افتراء على الله تعالى، ذلك لأنه ينطلق في مشروعه الفكري، من قاعدة التراث الديني، لفرقة أهل السنة والجماعة، لذلك نجده يقول:

– (الكتاب): هو ما بين دفتي المصحف، وهو موحى من الله سبحانه وتعالى بالنص والمحتوى!!– (القرآن): ليس إلا بعض آيات الكتاب: آيات الأخبار والمعلومات دون الأحكام والتشريعات”!!

إن د/ شحرور ينكر الترادف في القرآن، ولكنه استقى هذا الإنكار من اللغويين المذهبيين، فجعل (القرآن) بعض آيات (الكتاب)، وهذه الآيات لا علاقة لها بآيات الأحكام، وذلك حتى لا (يثبت الترداف) ويكون الكتاب هو نفسه القرآن!!

فتعالوا نتعرف على مدرسة اللغويين، التي استقى منها د/ شحرور فهمه لمسألة “الترادف” في القرآن الكريم، لنقف على حجم المأساة التي قام عليها مشروعه الفكري!!

يقول د/ شحرور تحت عنوان: “المنهج المتبع في التعامل مع التنزيل الحكيم وفق القراءة المعاصرة”، وعند حديثه عن (لغويّات):

* “التنزيل الحكيم خال من الترادف، في الألفاظ وفي التركيب. فاللوح المحفوظ غير الإمام المبين، والكتاب غير القرآن، وللذكر مثل حظ الأنثيين لا تعني للذكر مثلا حظ الأنثى…”!!

– التعليق: إن مصطلح “الترادف”، الذي استخدمه د/ شحرور، مصطلح من صنع فقهاء اللغة، ويقابله في (اللسان العربي) عطاء الكلمة، في علم “البيان”!! لقد سار د/ شحرور على خطى فقهاء اللغة، ومذاهبهم المختلفة، تماما كما فعل أئمة المذاهب الفقهية، الذين فرقوا المسلمين بأحكام شريعة، ما أنزل الله بها من سلطان!!

لقد ذكر د/ شحرور، عند حديثه عن منهجه، قواعد ومفاهيم هي في ذاتها صحيحة، وكلاما جميلا مرسلا، ولكن ينقصه البرهان، فإذا جاء إلى التطبيق، أعطي لنفسه الحق في توظيف ما ذكره من قواعد حسب هواه، وليس حسب ما ورد في القاعدة!! فيقول مثلا:

* “فسيبويه والجرجاني وابن جني وأبو علي الفارسي وكل علماء اللغة ظهروا في القرون الهجرية الأولى، ونحن الآن في بدايات القرن الحادي والعشرين….، ونسي علماء الدين عندنا أن علوم اللغات تطورت أيضاً بشكل هائل، فكيف لم يؤخذ بعين الاعتبار هذا التطور الهائل لعلوم اللسانيات عند دراسة آيات التنزيل الحكيم لفهمها بشكل أفضل ومعاصر”!!

– التعليق: كلام منطقي..، ولكن ماذا يقصد د/ شحرور بقوله: “فكيف لم يؤخذ بعين الاعتبار هذا التطور الهائل لعلوم اللسانيات عند دراسة آيات التنزيل الحكيم، لفهمها بشكل أفضل ومعاصر”؟!

هل يقصد ابتداع معاجم جديدة متطورة في فقه اللغة، لا علاقة لها بمعاجم اللغويين المعروفة؟!أم يريد تطوير معاجم اللغويين بدون إذن أصحابها؟!

تعالوا نرى كيف أخذ د/ شحرور بعين الاعتبار، “هذا التطور الهائل لعلوم اللسانيات”، عند دراسة آيات التنزيل الحكيم، لفهمها بشكل أفضل ومعاصر”!!

وللموضوع بقية …



(283) 23/10/2014 (عطاء الكلمة القرآنية وأزمة الترادف – 2)

 عدد المشاهدات : 160

تعالوا نرى كيف أخذ د/ شحرور بعين الاعتبار، “(هذا التطور الهائل لعلوم اللسانيات)، عند دراسة (آيات التنزيل الحكيم)، لفهمها بشكل (أفضل ومعاصر)”!!

يقول د/ جعفر دك الباب، في تقديمه لكتاب (الكتاب والقرآن)، مبينا المنهج اللغوي الذي تبناه د/ شحرور في مشروعه الفكري:

* “لذا اختار الباحث (معجم مقاييس اللغة) لابن فارس واعتمده مرجعاً هاماً يستند إليه في تحديد فروق معاني الألفاظ التي بحث فيها”!!

– التعليق: اعتمد د/ شحرور (معجم مقاييس اللغة) لابن فارس مرجعاً في تحديد فروق معاني الألفاظ، وعلى هذا الأساس رفض المقولة السائدة التي ترى أن لفظتي “الكتاب” و”القرآن” مترادفتان، وأكد تباينهما وعدم ترادفهما…، فتعالوا نرى من هو (ابن فارس)، وكيف تعامل د/ شحرور مع معجمه.

إن (ابن فارس)، وغيره من فقهاء (اللغة العربية)، هم الذين صنعوا منظومة (اللغة العربية)، بعد نزول القرآن بقرن ونصف قرن من الزمن، أي بعد أن تفرقت الأمة الإسلامية إلى فرق ومذاهب مختلفة، وأصبح لكل فرقة علماؤها في اللغة، والتفسير، والحديث، والفقه!!

وابن فارس (ت395هـ)، أي أنه من علماء القرن الرابع الهجري، وهو (سني المذهب)، يتعامل مع منظومة (اللغة العربية) من وجهة نظر أهل السنة والجماعة، فكانت له رؤيته المذهبية في مسألة “الترادف”، تماما كما هو حال مذاهب أئمة التفسير والحديث والفقه!!

إن أول من أشار إلى مسألة “الترادف” هو سيبويه (ت 180هـ)، حين قسم علاقة الألفاظ بالمعاني إلى ثلاثة أقسام، فقال: “اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد (نحو: ذهب وانطلق)، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين”!!

فلماذا اختار د/ شحرور ابن فارس (ت395هـ)، ولم يختر شيخه سيبويه (ت 180هـ) الذي يسبقه بقرنين من الزمن؟! ولماذا لم يختر مثلا ابن الأنباري (ت328هـ)، أو أبي علي الفارسي (ت 377هـ)، أو ابن عيسى الرماني (ت 384هـ)، أو ابن جني (ت 392هـ)، وقد كان معاصرا له؟!

لقد كان (ابن جني) من الذين يثبتون “الترادف”، واتبع في ذلك شيخه (أبي علي الفارسي)، الذي كان يعتبر “الترادف” من خصائص اللغة العربية، وله كتاب (الخصائص) رد فيه على منكري الترادف، وفند آراءهم!!

إذن فنحن أمام منظومة تراثية مذهبية، تابعة لمنظومة التراث الديني الأم، للفرق الإسلامية المختلفة، وهي منظومة (فقهاء اللغة العربية)!! فكيف نقرأ القرآن (قراءة معاصرة)، استنادا إلى (التراث الديني)، الذي حمل مذاهب أئمة وفقهاء السلف، في اللغة والتفسير والحديث والفقه؟!

هذا عن (ابن فارس)…، فكيف تعامل د/ شحرور مع معجمه (مقاييس اللغة)؟!

* يقول د/ شحرور تحت عنوان “مصطلح (الحديث) للقرآن فقط”:

“والأساس في (اللسان العربي) هو فعل “قرن”، فعند (ابن فارس) نرى أن فعل “قرأ” اشتق من فعل “قرن”، ومن هنا جاء معنى القراءة عند العرب”!!

– التعليق:أولا، انظر كيف خلط د/ شحرور بين (اللسان العربي) و(اللغة العربية)، وابن فارس لم يسم معجمه (مقاييس اللسان العربي)، وإنما سماه (مقاييس اللغة)!! ثم المصيبة الأكبر أن ينسب إلى ابن فارس ما لم يقله، فيقول: “فعند ابن فارس نرى أن فعل (قرأ) اشتق من فعل (قرن)”!!

فتعالوا ننظر في مادة (قرن)، لنرى ماذا قال ابن فارس:

“القاف والراء والنون أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على جَمعِ شيءٍ إلى شيء…، والقِران: الحبلُ يُقرَن به شيئانِ”…، ولم يذكر ابن فارس “أن فعل (قرأ) اشتق من فعل (قرن)” مطلقا…، فأين الأمانة العلمية، التي استأمن آلاف المعجبين، الدكتور شحرور عليها؟!

* وفي كتابه (الكتاب والقرآن) تحت (ثانيا: الذكر)، وقوله تعالى في سورة البقرة:

“شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ (الْقُرْآنُ) هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَ(الْفُرْقَانِ)”

يقول: “بما أن الفرقان جاء معطوفا على القرآن، يستنتج أن الفرقان غير القرآن”!!

– التعليق:أولا: كلمة (فرقان) ليست معطوفة على (القرآن)، لأنها مجرورة بالكسرة لعطفها على الهدى، أما كلمة (القرآن) فمرفوعة بالضمة لنيابتها عن الفاعل..، فكيف تغيب أبجديات اللغة العربية عن صاحب قراءة معاصرة للقرآن؟!

ثانيا: هل قرأ “د/ جعفر دك الباب” هذه المصيبة الفكرية اللغوية، وهو الذي أشاد بالمنهج الفكري واللغوي الذي اعتمده د/ شحرور، واستناده إلى (مقاييس اللغة) لابن فارس؟!

إننا نجد في (اللسان العربي)، أن التباين بين اسم (الذات) واسم (الصفة)، ليس من “المترادفات”، وإنما من “عطاء الكلمة” في سياقها القرآني، فالكتاب، والقرآن، والفرقان، صفات لموصوف واحد هو (كلام الله)!!

فكيف يكون (القرآن) بعض آيات (الكتاب)، كما يدعي د/ شحرور؟!أن إثبات تعدد الصفات، لا يلزم منه إثبات تعدد ذوات الموصوفين!! ألم يقرأ د/ شحرور يوما قوله تعالى:

“أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ (الْقُرْآنَ) أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”؟!

فهل يطلب الله تعالى من المكذبين تدبر (القرآن) كله، أم فقط بعض آياته، كما يدعي د/ محمد شحرور، صاحب القراءة المعاصرة للقرآن؟!

وللموضوع بقية … مع الجزء الأخير


(284) 23/10/2014 (عطاء الكلمة القرآنية وأزمة الترادف -3- والأخير)

 عدد المشاهدات : 193

ثالثا: إذا قمت بالبحث عن كلمة (قرآن) في معجم (مقاييس اللغة)، من أوله إلى آخره، فستجد أن (ابن فارس) استخدم كلمة (القرآن) بمعنى (الكتاب)، وبمعنى (الفرقان)، أي أنه يثبت “الترادف” في القرآن الكريم!!

فيقول في مادة (فرق): “الفاء والراء والقاف أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على تمييز وتزييلٍ بين شيئين. من ذلك الفَرْق: فرق الشعر. يقال: فرَقْتُه فَرَقاً. و(الفُرْقانُ): (كتاب الله تعالى) فَرَقَ به بين الحقِّ والباطل”.

وفي مادة (أمّ): “وأمّا الهمزة والميم فأصلٌ واحدٌ، يتفرّع منه أربع أبواب، وهي الأصل، والمرجِع….، وأمُّ (القُرآن): فاتحة (الكتاب). وأمُّ الكتاب: ما في اللّوح المحفوظ”.

وفي مادة (أيي): “الهمزة والياء والياء أصلٌ واحد، وهو النَّظَر ….، ومنه آية (القرآن)، لأنَّها جماعةُ حروفٍ، والجمعُ آيٌ”.

وفي مادة (تلو): “التاء واللام والواو أصلٌ واحد، وهو الاتِّباع. يقال: تَلَوْتُه إذا تَبِعْتَه. ومنه تلاوةُ (القُرآن)، لأنّه يُتْبِع آيةً بعد آية”.

وفي مادة (حزب): “الحاء والزاء والباء أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء ….، والطائفة من كلِّ شيءٍ حِزْبٌ. يقال قرأَ حِزْبَهُ من (القرآن)”.

وفي مادة (درس): الدال والراء والسين أصلٌ واحد ….، ومن الباب دَرَسْتُ (القُرآنَ) وغيرَه”.

وفي مادة (ظن): “الظاء والنون أُصَيْل صحيحٌ يدلُّ على معنينِ مختلفين: يقين وشكّ …. وهو في (القرآن) كثير”.

وفي مادة (قرع): “القاف والراء والعين معظمُ البابِ ضربُ الشيء. يقال قَرَعْتُ الشيءَ أقرَعُه: ضربتُه …، وقوارِعُ (القرآن): (الآياتُ) التي مَن قَرأها لم يُصِبْه فزَع”.

وفي مادة (عضو): العين والضاد والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تجزئةِ الشَّيء ….، قال الخليل: وقوله تعالى: “الَّذِينَ جَعَلُوا (القُرْآنَ) عِضِينَ”، أي عِضَة عِضة، ففرَّقوه، آمنوا ببعضه وكَفَرُوا ببعضه”.

وفي مادة (فـتح): “الفاء والتاء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلافِ الإغلاق …، وفَواتحُ (القُرآنِ): أوائل السُّوَر”.

وغير ذلك من الأمثلة العشرات!!

وعند ذكره لـ (القرآن)، باعتباره (الكتاب) الجامع لآيات الذكر الحكيم كلها، قال:

– (بثّ): “الباء والثاء أصلٌ واحد، وهو تفريق الشيء وإظهاره ….، وفي (القرآن): {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}”.

– (بسق): “الباء والسين والقاف أصلٌ واحد ….، وفي (القرآن): “والنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ”.

– (خسأ): الخاء والسين والهمزة يدلُّ على الإبعاد. يقال خَسَأْتُ الكلبَ. وفي (القرآن): “قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ”.

– (هود): “الهاء والواو والدال: أصلٌ يدلُّ على إرْوادٍ وسُكون …، وفي (القرآن): “إنَّا هُدْنا إلَيْكَ”.

– (عقب): العين والقاف والباء أصلانِ صحيحان ….، وفي (القرآن): “وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ”.

– (عبث): “العين والباء والثاء أصلٌ صحيح واحد ….، ومما قيسَ على هذا: العَبَثُ، هو الفعل لا يُفَعل على استواء وخُلوصِ صواب …، وفي (القرآن): “أفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْناكُمْ عَبَثاً”.

– (غسق): “الغين والسين والقاف أصلٌ صحيح يدل على ظُلْمة. فالغَسَق: الظلمة. والغاسِق: الليل. ويقال: غَسَقت عينُه: أظلمت …، وأمّا الغَسَّاق الذي جاء في (القرآن)، فقال المفسِّرون: ما تقطَّرَ من جلود أهل النار”.

وغير ذلك من الأمثلة العشرات!!

ولكني سأتوقف عند الكلمة الأخيرة (غسق)، لأبين (كمثال فقط) موقف (ابن فارس) المتناقض من “الترادف”، وكيف أنه مرة يثبته، ومرة ينكره!!

انظر إلى قوله: “فالغَسَق: الظلمة”، وقوله بعدها: “والغاسق: الليل”، فهو هنا يثبت “الترادف”، ومعلوم فلكيا أن (الليل) تختلف درجات الظلمة فيه!!

لقد كان على (ابن فارس)، إذا كان حقا ينكر “الترادف” في القرآن، أن يقول: “فالغسق: شدة الظلمة”، وأن يقول: “والغاسق: الليل المظلم”، وليس مطلق الليل، لأن الله تعالى يقول في سورة الإسراء:

“أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى (غَسَقِ) (اللَّيْلِ)”

فالآية القرآنية تبيّن أن (غسق الليل) درجة من درجات ظلمة (الليل)، وليس هو (الليل) بمفهومه العام…، فهل كانت (المذهبية) السبب الرئيس في هجر فقهاء اللغة العربية للقرآن؟!

إن (السياق القرآني)، هو الذي يعلمنا (الفروق اللغوية)، وليس ابن فارس، ولا غيره، وإذا كانت هناك ضرورة للاستعانة بآراء فقهاء اللغة، فإن السياق القرآني، يجب أن يكون حاكما على هذه الآراء!!

إن فقهاء اللغة أنفسهم، وحتى نهاية القرن الرابع الهجري، لم يصلوا إلى مفهوم واضح لـ “الترادف”، ولا إلى الضوابط والشروط الحاكمة له، بل إنك لتجد الفقيه الواحد كـ (ابن فارس)، مرة يثبته، ومرة ينكره!!

فأية قراءة معاصرة للقرآن هذه، التي يتخذ صاحبها (التراث الديني) مرجعا، ثم يُحرّف ما اتخذه ويوظفه ليوافق هواه؟!

والسؤال: ماذا ستفعل في أمة، تفرقت: فأشركت بالله!!وتخلفت: فأصبحت في ذيل الحضارة!!وهجرت القرآن: فعمّ (الجهل) معظم أفرادها!!وأصبح (الجهلاء) هم السلعة الرابحة التي يتاجر بها أصحاب القراءات الشاذة للقرآن؟!

أما (العلماء) فيمتنعون!!

وأخيرا … فإنني أرحب بأي نقد علمي جاد، يصحح خطأً وقعت فيه، أو قولا افتريته على د/ شحرور، أو دليلا لم أستخدمه في محله…، ولكني لن أقبل، على هذه الصفحة، أية إشادة بفكر د/ شحرور، أو مديحا، أو القول بأننا يمكن أن نأخذ منه الصحيح ونترك غيره…، فهؤلاء من الآن (بلوك)، وإن لم يبق على هذه الصفحة أحد!!

إن الإسلام دين إلهي، لا يقبل (التقليد الأعمى)، ولا (العشوائية الفكرية)، ولا (القراءات الشاذة للقرآن)، كقراءة د/ شحرور، الذي استغل جهل المعجبين بها، وأنهم ليسوا علماء، يستطيعون كشف عوراتها…، ففعل كما فعل فرعون مع قومه، استغل جهلهم وإعجابهم به..، فلما قال لهم (أنا ربكم الأعلى) أطاعوه، وسجدوا له!!

“(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ) – (إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)”


(285) 2/12/2014 (أين أمة الإسلام؟)

 عدد المشاهدات : 202

* عندما يعيش (المسلم) بين شعوب العالم المتقدم، ويرى كيف استفادت من تقدمها الحضاري، سلوكا عمليا على أرض الواقع …، ثم ينظر إلى الشعوب المسلمة، فيرى أنها تعيش في ذيل التقدم الحضاري …، يصبح من الضروري أن يسأل نفسه سؤالا:لماذا لم يستطع (الإسلام)، أن يجعل من الشعوب المسلمة (أمة)، تقود مسيرة التقدم الحضاري؟!

* عندما يعيش (المسلم) بين شعوب العالم المتقدم، ويتجول خلال البلاد، يستمتع بخيراتها، ويتحدث مع أفرادها، ويعلم كيف يُفكرون …، يصبح من الضروري أن يسأل نفسه سؤالا:متى سيكون (المسلمون) شهداء على هذه الشعوب؟! متى سيُخرجونهم من ظلمات الشرك إلى نور الوحدانية؟! متى ستصل فاعلية “الآية القرآنية” إلى قلوبهم، حتى يعلموا حقيقة “الإسلام”، وكيف أن النبي الخاتم، جاء رحمة للعالمين؟!

– “قُلْ يَا أَيُّهَا (النَّاسُ) إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ (جَمِيعاً) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ (وَكَلِمَاتِهِ) وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”.– “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ (رَحْمَةً) لِلْعَالَمِينَ”.

* عندما يستمع (المسلم) لمفكرين، يعيشون في العالم المتقدم، ويخاطبون المسلمين من على أرضه، ثم لا يُحدّثونهم إلا عن إشكاليات “تراثهم الديني”، وعندما يتحدثون عن القرآن يتحدثون بفهم معوج، لا علاقة له بفاعلية “الآية القرآنية” اليوم …، يصبح من الضروري أن يسأل نفسه سؤالا:ماذا فعلت الخطب المنبرية، بتوجهاتها الفكرية المختلفة، خلال قرون من الزمن مضت، وبقراءاتها المعاصرة اليوم، والمسلمون لا يزالون على تخلفهم وتفرقهم وتخاصمهم؟!ماذا فعلت الخطب المنبرية، في الفكر الجهادي المذهبي المتطرف، الذي قويت شوكته، وأصبح له واقع يتحرك في البلاد، يريد إعادة الشعوب إلى عصور الفتن الكبرى؟!

* وعندما يرى (المسلم) رجالا ونساءً من هذا العالم المتقدم، يبايعون أمراء الجماعات الجهادية على السمع والطاعة، وإقامة (الخلافة الإسلامية) في الأرض، هذه الخلافة التي طغت في البلاد، فأكثرت فيها الفساد …، يصبح من الضروري أن يسأل نفسه سؤالا:أين (أمة الإسلام)، (أمة الوحدانية)، التي يعيش أفرادها (الإسلام)، كما عاشه رسول الله وصحبه في عصر الرسالة، واقعا حيا يتحرك بين الناس، وليس ترفا فكريا، يعيش في قوالب مغلقة؟!أين (أمة الإسلام)، (أمة الوحدانية)، التي يأتي إليها الناس من كل فج عميق، فيجدون “الإسلام” منهج حياة، وبناءً قائما على أرض الواقع، وليس تخاصما وتقاتلا، ومنابر وعظ وإرشاد، وترفا فكريا على شبكات التواصل الاجتماعي، ومنشورات وبوسترات …، وحال المسلمين كما هو، لا يتغير؟!

* إن نصوص “الآية القرآنية”، جاءت تخاطب العالمين، وتأمر المسلمين بإقامة خير أمة أخرجت للناس، هذه الأمة التي يناديها الله في مئات الآيات بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا”، لا يناديهم كأفراد، يعيشون مشتتين في العالم، منغلقين على أنفسهم وعلى مشاريعهم الفكرية…، ولكن يناديهم كـ (أمة)، يعيش أفرادها وفق منهج ونظام وشريعة “الآية القرآنية”، التي تأمرهم:

“وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ” … الخطاب لمن؟!!“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” … الخطاب لمن؟!!“وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ” … الخطاب لمن؟!!

هل الخطاب:– للجماعات “الجهادية”، التي تفسد في الأرض، تحت راية (الخلافة الإسلامية)؟!– للجماعات “السلفية”، التي تريد تدعيم جذور التخلف الديني، تحت راية اتباع (السلف الصالح)؟!– لجماعات “الإسلام السياسي”، التي اخترقت (وتخترق) كافة مؤسسات الأنظمة الحاكمة، بما في ذلك مجتمعاتها المدنية، وجمعياتها الأهلية…، انتظارا لليوم الذي تتمكن فيه من حكم البلاد؟!

* إنها المسئولية الإيمانية:إقامة (أمة الإسلام)، (أمة الوحدانية)، مجتمع (الَّذِينَ آمَنُوا)، في أي مكان في هذا العالم، ليكون نموذجا يُظهر فاعلية نصوص “الآية القرآنية” على أرض الواقع، ومنارة يهتدي بنورها الناس جميعا!!

“أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ – فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا – أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا – فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ – وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ”.


(286) 8/12/2014 (احذروا الشيطان المحمول)

 عدد المشاهدات : 191

عندما يأمر الله تعالى الولد، (ذكرا كان أم أنثى)، أن يخفض لوالديه جناح (الذل):

– “وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ”

فإن ذلك لا يحدث بين يوم وليلة، وإنما هو خلق، يتربى عليه الولد منذ طفولته، حتى يتشربه قلبه، فيصبح قادرا على ألا يعصي والديه، في أي أمر (إلا أن يكون حراما)، وأن يرعاهما رعاية كاملة:

“إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ – أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا – فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ – وَلا تَنْهَرْهُمَا – وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً”!!

إن خلق (الذل)، الناشئ عن التربية (الإيمانية)، في البيت (المسلم)، لا يقوم على الخوف من الوالدين، ولا بسبب عرفٍ متبع…، وإنما على “الرحمة”: “جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ”!!

إن “الرحمة”، “والتواضع” …، من الصفات التي يجب أن يعتاد عليها الطفل، حتى يستطيع أن يخفض جناح (الذل) لوالديه!!

إنها التربية “الإيمانية”، داخل البيت “المسلم”…، هذه التربية، التي من ثمارها، أن يدعو الولد لوالديه قائلا: “وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً”.

فأين نجد هذه التربية الإيمانية اليوم؟!

اليوم …، لا وقت للتربية، الأولاد، الأمهات، الآباء ….، مشغولون مع الأصحاب: الموبيل، الآي باد، التابلت …، لقد أصبحت هذه الأجهزة المحمولة هي شغلهم الشاغل لقلوبهم!!

اليوم …، لا وقت للتواصل العائلي، فالولد يتحدث مع أبويه وعينيه لا تفارق الجهاز المحمول!! والزوج يتحدث مع زوجه وعينيها (وعينه) لا تفارق الجهاز المحمول!!

اليوم …، تُغضب المرأة زوجها، وتتركه (يخبط راسه في الحيط)، وتذهب لصاحبها (المحمول) …، وكذلك الرجل!! والولد يُغضب والديه، ومهما كانت العقوبة، فإنه سيذهب إلى صديقه الحميم (المحمول)، يشتكي له همه، ويسعد بصحبته!!

انظروا إلى الناس: في البيت، في العمل، في الشارع…، لقد أصبح الجهاز (المحمول)، هو الصديق الحميم الذي لا يفارقهم، إلا لحظة النوم (أو الموت)…، فهل يعلمون أن الله تعالى يراهم، وسيحاسبهم على هذا الوقت، وفي أي شيء استثمروه؟!

“وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ – وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ – وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ – إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ – وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ – وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ – إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ”.

لذلك: احذروا “الشيطان المحمول” … فأنتم مسئولون!!


(287) 12/12/2014 (يا أمة القرآن)

 عدد المشاهدات : 192

– هل تؤمن، أن “القرآن” كلام الله تعالى، وآيته الدالة على صدق “نبوة” رسوله الخاتم محمد، عليه السلام؟!

– هل تعلم، أن إيمانك بـ “الآية القرآنية”، الدالة على صدق النبي الخاتم محمد، يقتضي أن تكفر بكل ما هو تراث ديني، وتتبع “آية النبي”، التي بين أيدينا اليوم؟!

– وهل تعلم أن اتباعك لنصوص “الآية”، التي هي “كلام الله”، يعني كفرك بـ “الرواية”، التي هي “كلام الراوي”؟!

إن تخلف المسلمين، وفشلهم في اللحاق بركب التقدم الحضاري، لم يكن بسبب تفرقهم وتخاصمهم وتقاتلهم، فقط، وإنما بسبب شركهم، واتخاذهم مع كتاب الله مصادر تشريعية ما أنزل الله بها من سلطان!!

إن تخلف المسلمين، وفشلهم في اللحاق بركب التقدم الحضاري، كان بسبب هجرهم لـ “الآية القرآنية”، وعدم تفعيل نصوصها في حياة الناس، سلوكا عمليا، لإخراجهم من الظلمات إلى النور!!

“الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ”.

إن إخراج الناس من الظلمات إلى النور، عمل يتربع على قمة هرم التقدم الحضاري، يقوم على أكتاف رجال “صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ”!!

إن تخلف المسلمين، وفشلهم في اللحاق بركب التقدم الحضاري، كان بسبب ضياع أمتهم (أمة القرآن)، وذهاب خيرتها، وبسبب تعاملهم مع (الإسلام) تعاملا نظريا، وترفا فكريا!!

إن (أمة القرآن) لن تعود، إلا إذا أقام المسلمون نصوص “الآية القرآنية” في قلوبهم، وعلى أرضهم، (أمة واحدة)، تقيم الشهادة على الناس، وتواجه تحديات الحاضر والمستقبل، برؤية علمية حضارية.

وأتعجب من قوم، يُضيّعون أوقاتهم في نقد “التراث الديني”، وفي حوارات وجدل عقيم، حول “ماذا فعل القرآن في حياة المسلمين”…، قوم لا علاقة لهم بـ “الوحدانية”، ولا بـ “الإسلام”، ولا بـ “القرآن”…، ينتظرون “المهدي” ليقم لهم “أمة القرآن”!!

“وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا (شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً”

“… لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ (وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ)”



(288) 15/12/2014 (“نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ”)

 عدد المشاهدات : 187

– هل تصدّق أن الله تعالى هو الذي خلقك؟!

إن الذي خلقك، هو وحده الذي وضع لك نظام ومنهج حياتك:“الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ”!!

– هل تصدّق أن الله الذي وضع لك نظام ومنهج حياتك، هو الذي سيحاسبك يوم القيامة؟!إن الذي سيحاسبك يوم القيامة، لن يحاسبك إلا على ما حفظ نصوص شريعته لك، وإلى يوم الدين:

“إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِـ (الذِّكْرِ) لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَـ (كِتَابٌ) عَزِيزٌ” – “لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ”!! – “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا (الذِّكْرَ) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”!!

– وهل تصدق أن “الإسلام” الذي أنت عليه، لا يصح إلا إذا قام على “الوحدانية”؟!

إن “الوحدانية” تقتضي ألا تشرك مع كتاب الله كتابا تشريعيا آخر، وأن تعتزل كل من حَمَلَ أو نَشَرَ أو رَوَّجَ، لمصدر تشريعي غير هذا الكتاب الإلهي، وكذلك كل من ظن أن معارفه الدينية، يمكن أن تُستقى من كتب صنعها الرواة والمحدثون بأيديهم!!

إن “فتنة الدنيا”، كثيرا ما تحجب (القلب) عن معايشة معنى “الوحدانية”، فيظن أنه مازال مسلما، ويبيع دينه ويشتري دنياه، ويظن أنه مازال مسلما…، ثم إذا به في لحظة واحدة، يجد نفسه أمام الله تعالى:

“اقْرَأْ كِتَابَكَ” – “كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً” – “مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ” – “وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا”- “وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى” – “وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً”!!

فهل بُعث الرسول؟!!


(289) 18/12/2014 (بدعةالمصدر الثاني للتشريع)

 عدد المشاهدات : 224

ماذا حدث لقلوب المسلمين، أتباع الفرق والمذاهب المختلفة؟! من أين جاءوا بما يُسمى بـ (المصدر الثاني للتشريع)؟!

“قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ (فَتُخْرِجُوهُ لَنَا) إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ”!!

إنه يستحيل، أن ينسب (مسلم)، إلى الله تعالى (شيئا)، لا برهان على صحة نسبته إليه عز وجل، ثم يبقى على إسلامه لحظة واحدة!!

“قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ (تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً) وَأَنْ (تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)”!!

إنه يستحيل، على من وقف على حقيقة “الوحدانية”، وعلى حقيقة “النبوة”، أن ينسب إلى الله ورسوله (شيئا) خارج حدود (الكتاب) الذي حمل (كلام الله)، وحمل “الآية الإلهية” الدالة على صدق (نبوة) رسوله محمد (اليوم)، والتي ستكون نصوصها هي موضوع (الامتحان) في الآخرة!!

“أَوَ لَمْ (يَكْفِهِمْ) أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ (الْكِتَابَ) يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”!!

إن كل (المرجعيات) الدينية المذهبية المتخاصمة المتصارعة، التي دُوّنت بعد (الفتن الكبرى)، بعد أن سفك (الصحابة)، و(أهل بيت النبي)، دماءهم بغير حق…، وُضعت حتى لا يكون (الدين كله) لله، بدعوى أنها (المصدر الثاني للتشريع)، الذي حمل “السنة النبوية”، المبيّنة لكتاب الله، والمكملة لأحكامه!!

“فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ (الْكِتَابَ) بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا (كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ”!!

إنك قبل أن تفتري على الله ورسوله الكذب، وتدعي أن دين الله وحيان، وحي بالكتاب ووحي بالسنة، فكر، وتعقل، وتدبر…، واسأل نفسك:

أين (البرهان الإلهي)، الدال على أن (المرجعيات) الدينية المذهبية، التي ورثتها عن آبائك، هي من نصوص الدين الإلهي، الذي أمر الله باتباعها، ثم أسند إلى البشر مهمة تنقيتها، وقبول ما وافق منها القرآن!!

إن الكلام المرسل الذي لا يحمل برهانا من الله، والعشوائية الفكرية التي لا تقوم على منهج علمي يربط المقدمات بالنتائج، والبحث والتنقيب في التاريخ الدموي للفرق (الإسلامية)، لإثبات من كان أحق بالخلافة…، كل هذا (جهل) بمفهوم “الوحدانية”، وبحقيقة “النبوة”، وبقدسية “كلام الله”، الذي قامت عليه نصوص “الآية القرآنية”!!

إن دين الله الخاتم، يقوم على تفعيل نصوص “الآية القرآنية”، المعاصرة للناس جميعا اليوم، لذلك لم يأمر الله تعالى المسلمين بالبحث في (تاريخ الأمم)، وإنما أمرهم بالبحث في (الواقع المعاصر)، وتفاعله مع نصوص “الآية القرآنية”، وأخذ العبر والدروس والبراهين والعلوم…، من هذا الواقع الذي نشاهده اليوم بأعيننا!!

“أَفَلا يُؤْمِنُونَ” …. “أَفَلا يَسْمَعُونَ” …. “أَفَلا يُبْصِرُونَ” …. “أَفَلا يَعْقِلُونَ”!!

“أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ”

“أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ”!!


(290) 18/12/2014 (كيف يكون (التأسي) بالنبي الخاتم؟)

 عدد المشاهدات : 199

أثار منشور “بدعة المصدر الثاني للتشريع” تساؤلا عن كيفية التأسى برسول الله محمد، عليه السلام؟! فأقول:

يقول الله تعالى:

“وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ” – “أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ” – “انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ” – “وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً” – “وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ”!!

والانقلاب: الرجوع إلى المكان، يقال: انقلب إلى منزله، أي رجع إلى منزله، وهو هنا تحذير لصحابة رسول الله، من العودة إلى الحال الذي كانوا عليه، قبل الإسلام، وهو حال الكفر!!

لقد مات رسول الله محمد، وانقلب الصحابة على أعقابهم، والنبي مازال على فراش الموت، ثم حدثت (الفتن الكبرى)، وتفرق المسلمون في الدين، وجاء عصر التدوين، فدوّنت كل فرقة ما تدعي أنه (سنة النبي)، وفق هواها ومذاهبها العقدية، والمكتبة الإسلامية خير شاهد على ذلك!!

إن الله تعالى لم يحفظ من حياة النبي، ومن سيرته وسنته العطرة، إلا ما حملته “آيته القرآنية”، التي هي البرهان الوحيد، الذي بأيدي المسلمين اليوم، الدال على صدق (نبوة) رسولهم محمد!!

ولم يأمر الله تعالى الناس إلا باتباع نصوص “الآية القرآنية”، والتأسي بما ورد فيها من حقائق إيمانية، وفي مقدمتها (ملة الوحدانية)!!

إن كلمة (الأسوة)، لم ترد في كتاب الله تعالى، إلا في سياق الآية (21) من سورة الأحزاب، وفي موضعين من سورة الممتحنة (الآيات 4، 6)!!

لقد أمر الله تعالى المسلمين بالتأسي (برسول الله محمد)، فقال تعالى في سورة الأحزاب:

“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)” – “لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ” – “وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً”!!

وأمرهم أيضا بالتأسي (بإبراهيم والذين آمنوا معه)، فقال تعالى في سورة الممتحنة:

“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) – “لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ” …. إلى آخر الآية (6)!!

ثم بيّن الله تعالى أن التأسي بالأنبياء والرسل (بعد وفاتهم) لا يكون إلا في إطار تمسكهم بملة الوحدانية، أمام تحديات الشرك وأهله، فقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (الآية 4):

“قَدْ كَانَتْ لَكُمْ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)” – “فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ” – “إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ” – “كَفَرْنَا بِكُمْ” – “وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً” – “حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ …. الآية!!

أما أن نجعل التأسي بالنبي تأسيا مذهبيا، يقوم على ما نقله رواة الفرق والمذاهب المختلفة من مرويات، (ما أنزل الله تعالى بها من سلطان)، فهذا ليس من دين الله في شيء!!

إن كل من اعتقد أن هذه (المرويات)، المفتراة على الله ورسوله، أو أن هذا (التاريخ) الذي دونه المؤرخون مذهبيا…، من الدين الإلهي واجب الاتباع، فهو لا يعلم عن دين الله شيئا!!



(291) 18/12/2014 (الصحابة الذين رضي الله عنهم)

 عدد المشاهدات : 177

وأثار منشور “كيف يكون التأسي بالنبي الخاتم” سؤالا:

“كيف ينقلب الصحابة على أعقابهم وقد قال الله تعالى فيهم:

“وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”؟

أقول:

1- لاشك أن الذين ارتدوا على أعقابهم من الصحابة، بعد وفاة النبي، ليسوا هم الذين رضي الله تعالى عنهم، وهذه مسألة بدهية!!

2- من الحقائق التاريخية، التي يعلمها الصغير قبل الكبير، ما يُسمى بحروب “الردة”، إذ ارتد كثير من الصحابة، ظنا منهم أن اتباع الرسول مقصور على حياته، ولقد حذرهم الله من هذا الانقلاب، فقال تعالى: “أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ”، فالآية فيها إنباء بالمستقبل!!

3- لقد بيّن الله تعالى في عشرات الآيات، أن (المنافقين) كانوا من الصحابة، وفريق منهم لم يعلمهم رسول الله حتى وفاته، ومن هذه الآيات قوله تعالى في سورة (التوبة /101):

“وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ (مُنَافِقُونَ)” – “وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ)” – “لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ” – “سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ” – “ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ”!!

فالذين “مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ” كانوا من صحابة رسول الله، وطبعا ليسوا هم الذين رضي الله تعالى عنهم، هؤلاء الذين ورد ذكرهم في الآية (100) التي سبقتها، وهي قوله تعالى:

“وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ (مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ) وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”!!

إذن، فهذه الآيات، من سورة التوبة، جاءت تبين لنا أصناف الصحابة، من حيث السبق إلى الإيمان، ومن حيث النفاق …، دون بيان لأسمائهم، حتى أن الرسول نفسه، لم يكن يعلم فريق منهم (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)!!

4- وهل يُعقل أن ينشق جماعة من الصحابة عن رسول الله، ويبنون لهم مسجدا في المدينة، يقيمون فيه الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة؟!

نعم، لقد حدث هذا، ونزل القرآن يحذر الرسول من الصلاة في هذا المسجد، الذي أقامه هؤلاء الصحابة (المنافقون)، فتدبر:

“وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا (مَسْجِداً) ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى) وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ (لَكَاذِبُونَ)” – “لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً … الآية”!!

فبماذا نسمي هؤلاء الصحابة؟! وما الذي نتوقع أن يفعلوه في الصف الإسلامي بعد وفاة النبي؟!

5- لذلك لم يكن غريبا أن يحدث ما حذر الله منه الصحابة، وهو الانقلاب على الأعقاب بعد وفاة النبي، فماذا حدث؟!

– لقد اختلف الصحابة، ورسول الله على فراش الموت، حول مسألة (الخلافة)، التي مزقت الأمة الإسلامية إلى فرق ومذاهب متخاصمة متقاتلة (إلى يومنا هذا)، أليس هذا انقلابا على الأعقاب!!

– ولقد قُتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان بأيدٍ مسلمة، والصحابة وجيش معاوية في الشام، لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا، أليس هذا انقلابا على الأعقاب!!

“وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً” – “فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ (خَالِداً فِيهَا)” – “وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ” – “وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً”!!

– وعلى أساس هذا التحذير الإلهي، ماذا سنقول في الدماء التي سفكت بغير حق (30 ألف نفس مسلمة)، على يد (أهل بيت النبي)، في موقعة الجمل:

جيش يقوده خليفة المسلمين (ابن عم النبي) علي بن أبي طالب، وجيش تقوده (زوج النبي)، أم المؤمنين عائشة …، أليس هذا انقلابا على الأعقاب، ولم يمض على وفاة النبي ربع قرن من الزمن (25 سنة)!!

6- لقد أسفر انقلاب الصحابة على أعقابهم، وسفك بعضهم دماء بعض، عن تفرق المسلمين في الدين، وقد حذرهم الله تعالى من ذلك، حيث قال:

“وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ” – “مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً” – “كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ”!!

إن الصحابة (الذين رضي الله عنهم)، قد أعد الله تعالى لهم “جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً”، أما أتباع الفرق، الذين “فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً”، إذا لم يتوبوا إلى الله، ويخلعوا ثوب التفرق والمذهبية، وماتوا وهم على حالهم هذا، فقد أعد الله تعالى لهم جهنم وبئس المصير!!

“خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ”



(292) 22/12/2014 (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)

 عدد المشاهدات : 186

يقوم (الإسلام)، على التخطيط والمتابعة، بهدف إقامة (دين الله) في الأرض، وعدم التفرق فيه: “أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ”!!

ويقوم (النفاق)، على التخطيط والمتابعة، بهدف تفرق المسلمين، وإقامة (دين الشيطان) في الأرض: “إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ”!!

والفريق الأول، يقول الله تعالى عنه: “أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ” – “أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ”!!

والفريق الثاني، يقول الله تعالى عنه: “أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ” – “أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ”!!

ولقد نجح الشيطان في أن يجعل المسلمين أعضاء في حزبه، سعداء بتفرقهم وتخاصمهم وتقاتلهم، يعيشون دنياهم، ويتمتعون بزينتها وشهواتها، “وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً”!!

إن (كلام الله)، هو (أحسن الحديث)، وهو موجود في بيوت المسلمين جميعا، ويحفظه كثير منهم في قلوبهم، وعلى ألسنتهم…، فلماذا لم يغير شيئا من واقعهم، وهو (الآية الإلهية)، القادرة على إخراج الناس من الظلمات إلى النور؟!

لقد نجح الشيطان في أن يجعل (الإسلام)، مجرد (منظومة فكرية): مقالات وكتبا وخطبا منبرية…، كلاما في كلام، فإذا كان (كلام الله) لم يجعل المسلمين يقيمون دينه في الأرض، فهل سيقيمه (كلام البشر)؟!

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ” – “كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ” – “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ (صَفّاً) كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ”!!

فمتى سيقف المسلمون (صفا) واحدا، ويقيمون (دين الله) في الأرض (أمة واحدة)؟!

إن إقامة (دين الله) في الأرض، (نظام حياة)، يقوم على (منهج) علمي، و(تخطيط) ومتابعة،…، فمن الذي أعد العدة لهذا النظام الحياتي؟!

لماذا أعدوا العدة لمعيشتهم، فجمعوا لها الأموال، وضيّعوا من أجل زينتها وشهواتها الأوقات…، ولم يعدّوا العدة لإقامة (دين الله) في الأرض، وإخراج الناس من الظمات إلى النور، سلوكا عمليا، و(نموذجا)، يُظهر صورة (الإسلام) الحقيقة، على أرض الواقع؟!

هل تعلمون لماذا لم يعدّوا العدة؟!

لأن الله تعالى كره حالهم هذا، فتركهم لأهوائهم وشهواتهم، وتفرقهم وتخاصمهم، فتمكنت (سنن التثبيط) من قلوبهم، وسرت في دمائهم، فضل سعيهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وهو حال جميع أتباع الفرق والمذاهب المختلفة اليوم!!

“وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً – وَلَكِنْ (كَرِهَ اللَّهُ) انْبِعَاثَهُمْ – (فَثَبَّطَهُمْ) – وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ”!!

لقد باعوا أنفسهم للشيطان، وأصبحوا يخططون ويتابعون لصالح تفرقهم وتخاصمهم وتقاتلهم!! لم تعد أنفسهم في أيديهم، فكيف سيغيّرونها؟!

“اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ” – “فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ” – “أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ” – “أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ”!!


(293) 27/12/2014 (أين أمة الشهادة على الناس؟)

 عدد المشاهدات : 205

منذ فترة، وأنا أحاول انتزاع نفسي من دائرة نقد المسلمين (جلد الذات)، على حالهم الذي لا يخفى على أهل البصيرة…، وأن أكون أكثر تفاؤلا وإيجابية…، ولكنني لم أستطع!!

وأضف إلى ذلك، قناعتي العلمية، أن أصحاب مشاريع الإصلاح الديني، المقرؤءة منها والمشاهدة، هؤلاء الذين شغلوا أنفسهم بنقد التراث الديني، وإشغال الناس بإشكالاته…، هم العامل الرئيس في تدعيم (هجر الناس لكتاب ربهم)، وإشغالهم بمسائل قُتلت بحثا عبر قرون مضت، ولم تُغير هذه الجهود من واقع تفرق المسلمين شيئا!!

“وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا (الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)”

إن موضوع حساب الناس يوم القيامة، سيكون عن (هجرهم للقرآن)، وليس عن إشكالات (التراث الديني) للفرق والمذاهب، التي أشركت أصلا بالله تعالى، وهل بعد (الشرك بالله) ذنب، تُحدثون الناس عنه؟!

إن الله تعالى لن يحاسب الناس عن تراث المسلمين الديني، ولن يحاسب المسلمين عن تمسكهم بتراثهم الديني، وأثر ذلك على هجرهم للقرآن …، حتى نشغل الناس و(المسلمين) بإشكالاته!!

“تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ” – “لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ” – “وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”!!

إن سؤال المسلمين يوم القيامة سيكون عن: (هجرهم للقرآن)، ولماذا عصوا ربهم، ولم يقيموا (الشهادة) على الناس، ولم يخرجوهم من الظلمات إلى النور؟!

“وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ (أُمَّةً) وَسَطاً” – “لِتَكُونُوا (شُهَدَاءَ) عَلَى النَّاسِ” – “وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً”!!

لماذا خرجت (الأمة الوسط) من التاريخ ولم تعد؟! لأنها منذ أن (أشركت) بالله تعالى (بتفرقها)، وهي تعيش سنة (العذاب) الإلهي، عذاب المعيشة (الضنك)!!

“قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً” – “مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ” – “أَوْ يَلْبِسَكُمْ (شِيَعاً)” – “وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ” – “انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ” – (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)”!!

هل يعلم أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، أنهم لن يجدوا يوم القيامة حجة، يرجون بها زعمهم (إلهية) المصدر الثاني للتشريع، وضل عنهم ما كانوا يفترون؟!

“وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ (أَيْنَ شُرَكَائِي) الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ” – “وَنَزَعْنَا مِنْ (كُلِّ أُمَّةٍ) شَهِيداً” – “فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ” – “فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ” – “وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ”!!

هل يعلم أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، أنهم لن يجدوا رسول الله محمدا حاضرا للشفاعة، وإنما سيكون حاضرا ليتبرأ منهم، كما تبرأ عيسى من قومه:

وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ” – “أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ” – “قَالَ سُبْحَانَكَ” – “مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ” – “إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ” – “تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ” – “إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ”

وأظن، أن الله تعالى سيقول أيضا لنبيه الخاتم محمد: “أأنت قلت للناس اتخذوا مصدرا تشريعيا ثانيا، يدعي أتباعك، أنه (السنة النبوية)، واجبة الاتباع؟!

كما أظن، أن الإجابة ستكون من عيسى ومحمد، عليهما السلام، واحدة، وهي:

“مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ”- “أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ” – “وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ” – “فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ” – “وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”!!

وسيبقى السؤال قائما: أين هي اليوم (أمة الشهادة) على الناس؟! ومتى ستبعث؟! وعلى يد من ستبعث؟!

الحقيقة، إن جميع المؤشرات تقول، إنها ستبعث على يد (المهدي المنتظر)!!

“هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ” – “أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ” – “أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ” – “يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ” – (لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) – “أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً” – (قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)!!



(294) 29/12/2014 (خالد عقيل، نموذجا)

 عدد المشاهدات : 182

في تعليقه على منشور “أين أمة الشهادة على الناس”، في 27-12-2014، يقول:

“ونحن أتباع الرسول نتبعه من خلال سنته والأحاديث الصحيحة التي اتفق عليها علماء المسلمين على مدى أربعة عشر قرنا، والتي أشبعوها تمحيص وتدقيق ودراسة وتنقية حتى وصلتنا إلى ما وصلت إلينا الآن”!!

وبعد أن بيّنت له جهله بأبجديات “اللسان العربي”، وذلك في خطأ لا يقع فيه طالب المرحلة الإعدادية، وطلبت منه أن يقرأ لي أولا، قبل أن يهاجم ويسب ويشتم!!

إنه لم يقرأ، ولم يفهم، ولم يتأدب…، وخرج علينا بالحجة الواهية، التي قد قتلتها بحثا على هذه الصفحة، وعلى موقعي، وهي مسألة كيف تعلمنا “الصلاة”، وعدد ركعاتها!!

فتعالوا نأخذ تعليقه هذا نموذجا، لبيان أثر “المذهبية” على قلوب أتباعها، وكيف أنها تسلبهم آليات التفكر والتعقل والتدبر…، حتى يتبعون (المذهب)، وهم: “صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ”!!

* يقول في تعليقه: “ونحن أتباع الرسول”!!

أقول له: ماذا تقصد بكلمة (نحن)؟! … من أنتم؟! … سيقول: نحن (أهل السنة)!!

فهل تعلم متى ظهرت فرقة (أهل السنة)، وعلى يد من؟!

ثم أين البرهان الدال على أن الصحابة (في حياة النبي)، كانوا (متفرقين في الدين): منهم (السني)، و(الشيعي)، و(المعتزلي) ….، إلى آخر الفرق والمذاهب التي ظهرت بعد (الفتن الكبرى)؟!

إذا جئت لي بهذا البرهان، فسأعلن على هذه الصفحة، أني سأعيد النظر في مشروعي الفكري…، وطبعا الفضل سيرجع إليك وإلى علمك!!

إن رسول الله وصحبه (الذين رضي الله عنهم) لم يكونوا من المشركين: “مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً” – “كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ”!!

وخلي بالك …. الله تعالى هو الذي وصف أتباع الفرق والمذاهب المختلفة بـ (المشركين)، وليس محمد مشتهري!!!

* ثم يقول بعدها: “نتبعه من خلال سنته، والأحاديث الصحيحة، التي اتفق عليها علماء المسلمين على مدى أربعة عشر قرنا”!!

فأقول له: “السنة” عندما تكون “نبوية”، فهذا يعني أننا أمام (نبوءة)، أمام عملية (إِنباء) من الله تعالى، يعني نحن أمام (وحي إلهي)!!

والسؤال: فهل تعلم ماذا يعني (الوحي الإلهي)؟! وهل أخبرتك السنة النبوية (التي تتبعها)، أن هناك وحيا إلهيا (صحيحا) وآخر (ضعيفا) أو (موضوعا)؟!

من هم علماء (أهل السنة) الذين (اتفقوا) على الأحاديث الصحيحة؟! و(متى) اتفقوا؟! و(أين) اتفقوا؟!

واضح أنك لا تعلم شيئا (مطلقا) عما يُسمى بـ (علم الحديث)، وطبعا ده شيء طبيعي، فأنت من المذهبيين، المقلدين لأئمتهم، تقليدا (أعمى)!!

إن (المذهبيين) يفترون على الله تعالى الكذب، ثم يدّعون اتباعهم للرسول، ولسنته النبوية، والحقيقة أنهم يتبعون أئمة (الفُرقة والمذهبية)، وإذا ماتوا على حالهم هذا، ماتوا (مشركين)، وسيحشرون مع: “الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً”!!

أما عن (شبهة الصلاة)، فالرد عليها في فصل “منظومة التواصل المعرفي”، من كتابي “المدخل الفطري إلى الوحدانية”، وهو منشور على موقعي.

* “إِنَّ الَّذِينَ (فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً) لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ”.

* “قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً (وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)”.


(295) 31/12/2014 (مولد، وصاحبه غائب)

 عدد المشاهدات : 203

بصرف النظر عن اختلاف أهل السير والمؤرخين في تحديد يوم ولادة النبي محمد، عليه السلام، فلم يكن أحد يعلم أن هذا المولود، سيصبح نبيا رسولا بعد أربعين سنة من ولادته، ولذلك أخذ الناس يسترجعون تاريخ ولادته بعد بعثته…، وبصرف النظر عن دور الدولة الفاطمية في نشر وتدعيم (الموالد) وطقوسها بين الناس…، يبقى السؤال قائما:

ماذا قدم المسلمون للنبي، غير الحلوى، وحلقات الذكر، والخطب المنبرية؟!

إنك عندما تفرح وتقيم الاحتفالات بيوم مولدك، فأنت حيٌ ترزق، تتحرك بين الناس، ولك دور في حياتهم، ولو كان ضئيلا!! أما بعد موتك، فإن الذي سيشغل بالهم هو:

(ماذا تركت لهم من زينة الدنيا ومتاعها)، ويومها سيقولون: “الله يرحمه، كان راجل طيب”!!

لقد مات النبي، وترك للناس “آيته القرآنية”، الدالة على مولده: “أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى”، وعلى بعثته: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً”…، لتكون من بعد موته هي (الرسول) القائم بين الناس إلى يوم الدين!!

فلماذا لا يحتفل المسلمون بـ (رسول الله) القائم بينهم اليوم!!

لأن المسلمين ورثوا عن آبائهم، وعن مذاهبهم، أن التقديس والاحتفالات والاتباع يكون لـ (الأموات)، وما نقله (الرواة) و(الإخباريون) عن حياتهم، وطبعا في مقدمة ذلك ما نقلوه عن (النبي)!!

إنكم ستسمعون في هذه الأيام ماذا سيقول (الخطباء) عن سيرة النبي وشمائله…، إنهم سيحدثونكم عن (الماضي)، في الوقت الذي يكون الرسول فيه (حاضرا) بيننا، يحمل (نبوءته) و(آيته القرآنية) للناس جميعا!!

وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ (آيَاتٌ) مِنْ رَبِّهِ” – “قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ” – “وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ” – “أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ (الْكِتَابَ) يُتْلَى عَلَيْهِمْ” – “إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى” – “لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”!!

لقد غاب (النبي) عن الاحتفال بمولده، لأنه مات: “إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ”!!

وحضر (الرسول) نيابة عنه، أي (آيته القرآنية)، فلم يجد رسول الله (الشهداء) في استقباله:

“لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً”!!

وإنما وجد: “الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً” – “كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ”!!

فذهب الرسول غاضبا من المجرمين!!

“وَقَالَ (الرَّسُولُ) يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا (الْقُرْآنَ) مَهْجُوراً”- “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ (الْمُجْرِمِينَ) وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً”!!



(296) 5/1/2015 (تجديد أم (تأصيل) الخطاب الديني)

 عدد المشاهدات : 223

بدأت الأزمة، ورسول الله على فراش الموت، فمن الذي سيخلفه؟! ويومها وُضعت بذور الفتنة، بين أكبر فرقتين من الفرق الإسلامية الموجودة اليوم، بين “السنة” و”الشيعة”، وهي فتنة “الخلافة”، أو “الإمامة”!!

لقد مات رسول الله ولم يكن من صحبه سني ولا شيعي…، ولا حنفي ولا مالكي…، ولم يترك للمسلمين نصا تشريعيا غير كتاب الله، فهل عرف الخلفاء الراشدون مدونة في الشريعة الإسلامية غير “النص القرآني”؟!

إن من في يده اليوم، مدونة في الشريعة الإسلامية، شهد الخلفاء الراشدون على صحة نسبتها إلى الله تعالى (أو إلى رسوله) غير القرآن، فليخرجها لنا!!

إن الذين يدّعون أن الصحابة دوّنوا (حديث النبى) في الصحف، وتحت إشرافه، نسألهم: وأين ذهبت هذه الصحف؟! ولماذا أنشأ المحدثون ما يسمى بـ (علم الحديث)، وعلم (الجرح والتعديل)، و(التصحيح والتضعيف)، ومدونات الصحابة موجودة بين أيديهم؟!

إن أمهات كتب (التراث الديني)، التي حملتها المكتبة الإسلامية على مر العصور، هي صناعة بشرية (مذهبية)، قام على إخراجها إلى عالم (الفكر الإسلامي)، وإلى عالم (الخطاب الديني)، المحدثون والمؤرخون، نقلا عن الرواة والإخباريين، بعد أن تفرق المسلمون في الدين!!

إن (الخطاب الديني) المذهبي، ينطلق من قاعدة الجهاد من أجل إقامة الخلافة الإسلامية في الأرض، و(الحكم بما أنزل الله)، وهي رؤية لها قدسيتها عند أتباع كافة الفرق الإسلامية، ظنا منهم أن هذا هو (الإسلام)!!

إن (الخطاب الديني) المذهبي، ليس من الإسلام في شيء، والغريب أنه يُدرّس في جميع المؤسسات الدينية التعليمية، الموجودة في العالم اليوم، فحرمة الدماء لا تباح بفتاوى فقهاء (الفُرقة والمذهبية)، واقرؤوا تاريخ المذاهب الإسلامية (في السياسة والعقائد)، وتاريخ المذاهب الفقهية، ولماذا سفك أتباعها دماء بعضهم البعض؟!

إن حرمة الدماء لا تباح إلا بنص قطعي الثبوت عن الله تعالى (النص القرآني)، وبدلالة قطعية، فأين هذا النص القرآني (قطعي الدلالة)، الذي يستند إليه المفسدون في الأرض، في سفكهم للدماء بغير حق؟!

فأي (تجديد) هذا، وأي (تطوير)، لخطاب ديني، هو في أصله (مرويات مذهبية)، سيدافع عنها أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، بدعوى أنها (السنة النبوية)!!

أي (تجديد)، وأي (تطوير) هذا، لخطاب ديني، هو في أصله (عقيدة مذهبية)، سيدافع عنها أصحابها، بدعوى أنها من (المعلوم من الدين بالضرورة)، هذا الشعار الذي سُفكت تحت رايته دماء بريئة، منذ أحداث (الفتن الكبرى)، وإلى يومنا هذا!!

أي (تجديد)، وأي (تطوير)، لخطاب ديني، هو في أصله (فكر مذهبي)، سيدافع عنه صانعوه، بدعوى أنه (إجماع الأمة)، هذا الأصل الفقهي الذي نبت وترعرع في الهواء، ثم ذبل ومات حيث نبت…، فأين هي هذه الأمة التي أجمعت، ومتى أجمعت، وأين أجمعت؟!

“فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ” – “ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ” – “لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً” – “فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ” – “وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ”!!



(297) 8/1/2015 (علي توفيق، ومفهوم السنة النبوية)

 عدد المشاهدات : 195

ورد في تعليق الأستاذ علي توفيق، على منشور “تجديد أم (تأصيل) الخطاب الديني”، ما يلي:

1- “القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، محفوظ بحفظ الله له”!!

* أقول: وهو الحق، بالنسبة لكل نص تشريعي، يوحي الله تعالى به إلى أنبيائه.

2- “وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي بيان رسول الله للناس (ما نُزّل إليهم) …. ولها مكانتها كبيان عملي للحياة بالقرآن، وللسنة النبوية مكانتها في التشريع…..”!!

* أقول: آية سورة النحل (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) لا علاقة لها (مطلقا) بما اصطلح المحدثون على تسميته بـ (السنة النبوية)، كلٌ حسب مذهبه في (الجرح والتعديل)، و(التصحيح والتضعيف)!!

وإذا كانت (الروايات)، التي نسبها رواة الفرق والمذاهب المختلفة إلي النبي، ويدّعون أنها (السنة النبوية)…، إذا كانت حقا (وحيا إلهيا)، فكيف يأتيها الباطل من بين يديها ومن خلفها؟ّ! وارجع إلى ما قلته في رقم (1)!!

أما عن فهم سياق الآية (44) من سورة النحل، فاقرأ موضوع “لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ”، المنشور في (22-2-2014)!!

واعلم أنه من أصول المنهج العلمي في الحوار، أن يقرأ المرء ما كتبه المفكر الذي يريد أن ينتقده، أو يعلق على منشوراته…، ليقف على حقيقة فكره، حتى يكون الحوار معه مثمرا!!

3- “تأصيل سنة النبي من قول وفعل وتصديق وحياة بالقرآن، أمر غاية في الأهمية، ومن جمعوا الحديث من أفواه الناس ومن بعض التدوينات التي تمت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وضعوا مناهج أولا لقياس الحديث ومراجعته على القرآن….”!!

* أقول: كلمة (تأصيل) تعني أن تُرجع الشيء إلى أصله، فإذا حُرّف هذا (الأصل)، أو بُدّل…، لم يعد (أصلا)، ويستحيل عندها أن نتحدث عن (التأصيل)!!

لذلك كان القرآن الكريم، هو النص التشريعي الإلهي الوحيد، الذي يمكنك الحديث عن (تأصيله)، منذ أن أنزله الله تعالى، وإلى يوم الدين، لأن الله تعالى هو الذي تعهد بحفظه!!

فأين (الأصل) الذي دوّن منه الرواة (الأحاديث) المنسوبة إلى النبي؟! وإذا كان موجودا (من غير تحريف ولا تبديل)، فلماذا لم يُنسب إلى النبي مباشرة، بعيدا عن (السند الروائي)، وعن رواية فلان عن فلان عن فلان…، هذا (السند) الذي وضعه المحدثون، حسب انتماءاتهم العقدية والتشريعية، وذلك بعد وفاة النبي بقرن ونصف القرن من الزمن، على أقل تقدير؟!

4- “وأعتقد أن الاطلاع على مناهجهم أمر هام ولكنه ليس كافيا، ولكن يتبعه وضع قواعد ومناهج جديدة لقياس صحة الحديث والأخذ منه، ثم فرز الأحاديث مرة أخرى بناء على ذلك”!!

* أقول: ولماذا تحتاج إلى وضع “مناهج جديدة لقياس صحة الحديث”، “ثم فرز الأحاديث مرة أخرى”؟!

أو لم يكفك ما بذله (جهابذة) علم الحديث، قديما وحديثا، على مستوى جميع الفرق، من فرز وغربلة وتنقية لهذه (الأحاديث)، ثم لم يصلوا إلى يومنا هذا، (ولن يصلوا)، إلى (عدد) الأحاديث التي خرجت على لسان النبي، المبينة والمفسرة لآيات الذكر الحكيم؟!

أقول: (ولن يصلوا) … لأنه لا يوجد أصلا نص تشريعي إلهي، أمر الله تعالى رسوله أن يبلغه للناس، وأن يُدوّنه في الصحف، وتعهد الله بحفظه إلى يوم الدين، غير النص القرآني!!

5- “أما أن نترك الأحاديث جملة فهو أمر لا أوافق عليه، ولا أراه منصفا، ويؤدي إلى مخاطر جمة، حتى في أمر العبادات والطاعات، وأركان الإسلام نفسها”!!

* أقول: لا تعليق!!!!

– “فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ” – “ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ” – “لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً” – “فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ” – “وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ”!!

– “أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ” – “أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ” – “يُتْلَى عَلَيْهِمْ” – “إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً” – “وَذِكْرَى” – “لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”!!



(298) 13/1/2015 (لماذا لم يعتنقوا الإسلام؟)

 عدد المشاهدات : 187

لقد سجل التاريخ شهادات كل من (مايكل هارت)، و(جوزيف ماسلمان)، و(لامارتين) … وغيرهم، ممن ذكروا في مؤلفاتهم، أن رسول الله محمدا، هو أعظم شخصية أثرت في تاريخ البشرية، بل وكان في مقدمة عظماء العالم!!

وجاء المستشرق الإنجليزي (آرثر أربيري)، وترجم القرآن، وكان يقول: إنني أشعر وكأنني أستمع إلى سيمفونية موسيقية رائعة، يهتز لها قلبي!!

والسؤال: لماذا لم يعتنق هؤلاء الإسلام؟!

أولا: لأنهم كانوا يعتقدون أن القرآن من تأليف محمد، وأنه قد أبدع في تأليفه حتى أنه جمع في كتاب واحد، كل ما جاء في الكتب الإلهية السابقة، وقد نسبه إلى الله ليأخذ قدسية في قلوب أتباعه، وأبدع في صياغته البلاغية والشعرية حتى اهتزت له القلوب، فكان شخصا عظيما ومبدعا، وليس بالضرورة اتباعه، لأن العظماء كثيرون!!

ثانيا: لأنهم لا يؤمنون إلا بالآيات الحسية، فلم يجدوا لهذا القرآن فاعلية على أرض الواقع تثبت أنه من عند الله (وليس من عند محمد)!!

لم يجدوا أن هذا القرآن يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويشف ما في الصدور، ويغير حال المسلمين إلى الأفضل، ورحمة للعالمين…، فكان الأقرب إلى قناعاتهم أن يكون هذا القرآن من تأليف محمد، خاصة بعد أن تفرق أتباعه بعد وفاته، ولو كان القرآن من عند الله ما تفرقوا!!

ثالثا: لأنهم تعاملوا مع القرآن كمنتج بشري، تقاس جودته بالمعايير المادية، وليس كرسالة إلهية، حملت في ذاتها (الآية) الدالة على أنها من عند الله!!

وكذلك فعل المكذبون في عصر الرسالة، فقالوا: “إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ”، وقالوا: “إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ”، وقالوا: “أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً”…، ولم يعترفوا بأن القرآن (آية إلهية)!!

رابعا: لأنه إذا أراد أحدهم أن يدخل في الإسلام، وأن يسجل ذلك في هويته:

ـ فهل يختار أكثر الفرق الإسلامية عددا، أو قوة، فيعتنق مذهبها؟!

ـ أم يدرس مذاهب الفرق كلها، ثم يختار منها ما يعجبه، ويُشهر إسلامه على هذا الأساس؟!

ـ أم أن عليه أن يبدأ الطريق من أوله، ويدخل الإسلام من بابه الوحيد، باب “الآية القرآنية”؟!

ولكن السؤال: أية مؤسسة حكومية ستقبل، أن يُشهر هذا الشخص إسلامه أمامها، دون أن يُقر بأنه تابع لمذهبها الديني؟!

إنها حقا مأساة أمة، تخلت عن مسئوليتها في إقامة الدين، وتفرقت فيه!!

“شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً” – “وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ” – “وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى” – “أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” – “كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ” – “اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ” – “وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ” – “وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ” – “وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ”!!



(299) 15/1/2015 (مقال الفتنة التي مزقت الخطاب الدينى)

 عدد المشاهدات : 214

هذا المقال، “الفتنة التي مزقت الخطاب الديني”، قد نشرته صحيفة التحرير في (14-1-2015)، وكنت قد نشرت الجزء الأول منه على هذه الصفحة بعنوان “تجديد أم تأصيل الخطاب الديني”، في (5-1-2015).

“الفتنة التي مزقت الخطاب الديني”

بدأت الأزمة، ورسول الله على فراش الموت، فمن الذي سيخلفه؟! ويومها وُضعت بذور الفتنة، بين أكبر فرقتين من الفرق الإسلامية الموجودة اليوم، بين “السنة” و”الشيعة”، وهي فتنة “الخلافة” عند أهل السنة، وفتنة “الإمامة” عند الشيعة!!

لقد مات رسول الله ولم يكن من صحبه سني ولا شيعي…، ولا حنفي ولا مالكي…، ولم يترك للمسلمين نصا تشريعيا غير كتاب الله، فهل عرف الخلفاء الراشدون مدونة في الشريعة الإسلامية غير “النص القرآني”؟! إن من في يده اليوم، مدونة في الشريعة الإسلامية، شهد الخلفاء الراشدون على صحة نسبتها إلى الله تعالى (أو إلى رسوله) غير القرآن، فليخرجها لنا!!

إن الذين يدّعون أن الصحابة دوّنوا (حديث النبى) في الصحف، وتحت إشرافه، نسألهم: وأين ذهبت هذه الصحف؟! ولماذا أنشأ المحدثون ما يسمى بـ (علم الحديث)، وعلم (الجرح والتعديل)، و(التصحيح والتضعيف)، وصحف (الحديث النبوي)، التي دونها الصحابة مباشرة عن رسول الله، موجودة بين أيديهم؟!

إن أمهات كتب الفرق والمذاهب المختلفة، الموجودة في المكتبة الإسلامية اليوم، خرجت إلى عالم الفكر الإسلامي (المذهبي)، وإلى عالم الخطاب الديني (المذهبي)، على يد المحدثين والمؤرخين، نقلا عن الرواة والإخباريين، وذلك حسب رؤية أصحابها العقدية والتشريعية المذهبية!!

فهل يُعقل أن تحكم الرواية الظنية الثبوت عن رسول الله، الآية القرآنية القطعية الثبوت عن الله تعالى، وليس فقط عن رسوله؟! وهل يُعقل أن تنسخ (الروايات) الظنية الثبوت عن رسول الله حكمًا قرآنيا، بل ولا مانع أن تنسخ آية بأكملها، أو أن تنسخ آية مع بقاء حكمها يُعمل به!! فهل سنقوم بتجديد (الخطاب الديني) على هذا الأساس!!

لقد أصبح (الخطاب الديني)، بعد تفرق الأمة الإسلامية إلى فرق ومذاهب متخاصمة متقاتلة، خطابا مذهبيا، ينطلق من قاعدة الجهاد من أجل إقامة الخلافة الإسلامية في الأرض، و(الحكم بما أنزل الله)، وهي رؤية لها قدسيتها عند أتباع كافة الفرق الإسلامية، ظنا منهم أن هذا هو (الإسلام)، وأن سفك الدماء بغير حق من الإسلام!!

إن حرمة الدماء لا تباح إلا بنص قطعي الثبوت عن الله تعالى (النص القرآني)، وبدلالة قطعية، فأين هذا النص القرآني (قطعي الدلالة)، الذي يستند إليه المفسدون في الأرض، في سفك الدماء بغير حق؟!

إن حرمة الدماء لا تباح بفتاوى فقهاء (الفُرقة والمذهبية)، واقرؤوا تاريخ المذاهب الإسلامية (في السياسة والعقائد)، وتاريخ المذاهب الفقهية، لتعلموا لماذا سفك أتباع الفرق والمذاهب المختلفة دماء بعضهم البعض؟!

لقد أصدر الأزهر (الجمعة 21 نوفمبر 2014) بيانا بشأن دعاوى رفع المصاحف جاء فيه: “أنَّ هذه الدعوة ليست إلا إحياءً لفتنةٍ كانت أوَّلَ وأقوى فتنةٍ قصَمت ظَهرَ أمَّةِ الإسلام ومَزَّقتها، وما زالت آثارُها حتى اليوم…”!!

إذن فمؤسسة الأزهر تعترف بأن (الفتن الكبرى): “قصَمت ظَهرَ أمَّةِ الإسلام ومَزَّقتها، وما زالت آثارُها حتى اليوم”!! ولا شك أن من آثار هذه (الفتن) تفرق المسلمين في الدين!! إذن فعلى أي أساس سيقوم علماء الأزهر، بتجديد (الخطاب الديني)، وأمهات كتب فرقة (أهل السنة) قد حملت كل إشكالات (الإسلام السياسي)، بمروياته المذهبية؟!

ولقد جاء أيضا في هذا البيان: “وقال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم فى صحيحه: “مَن خرَج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتةً جاهلية، ومَن قاتَل تحتَ راية عمية، يغضب لعصبةٍ، أو يدعو إلى عصبةٍ، أو ينصُر عصبةً، فقُتِلَ فقِتلةٌ جاهليَّةٌ، ومَن خرج على أمَّتى يضرب بَرَّها وفاجرها، ولا يتحاشى من مُؤمِنها، ولا يفى لذى عهدٍ عهدَه فليس منى ولست منه”.

أن المتدبر لمتن هذه الرواية، وخاصة جملة (وفارق الجماعة)، سيعلم أنها وُضعت بعد أحداث (الفتن الكبرى)، بعد أن تفرقت الأمة الإسلامية إلى فرق متخاصمة متقاتلة، وبعد أن تولى معاوية الخلافة، وسمي العام الذي تولى فيه الخلافة بـ (عام الجماعة)، وأصبح الخروج على هذه (الجماعة) خروج من ملة الإسلام!!

لقد أقام معاوية على أساس هذه الرواية الموضوعة حكمه العضود، وورث أبناءه الخلافة…، ثم أصبحت هذه الرواية، هي الدليل والسند الشرعي، الذي يخيف به أمير أية جماعة دينية أتباعه، ويحذرهم من الخروج عليه، وطبعا في مقدمة هذه الجماعات التنظيمات الإرهابية الجهادية، التي تسعى في الأرض فسادا!!

إن المحور الرئيس، الذي يعالج كل هذه الإشكالات، هو (تأصيل) الخطاب الديني، وليس (تجديده)!! أي علينا أن نقيم أولا (البرهان)، على أن نصوص الشريعة التي حملتها أمهات كتب الفرق والمذاهب المختلفة، هي وحي من الله تعالى، واجب الاتباع!!

إن (البرهان) على أن (النص القرآني) وحي من الله تعالى، يحمله ذات (النص القرآني) وإلى يوم الدين، ذلك أن القرآن (آية إلهية)!! فما هو (البرهان) على أن (مرويات) الفرق والمذاهب المختلفة، التي نسبها الرواة إلى رسول الله، ودونت بعد قرن ونصف القرن من وفاته، وبعد سفك الدماء بغير حق في أحداث (الفتن الكبرى)…، هي أيضا وحي من الله إلى رسوله؟!

لذلك أقول:

– أي (تجديد) هذا، وأي (تطوير) لخطاب ديني، يحمل (مرويات مذهبية)، يدافع عنها أتباع الفرق والمذاهب المختلفة، بدعوى أنها (السنة النبوية)!!

– وأي (تجديد)، وأي (تطوير) لخطاب ديني، يحمل (عقيدة مذهبية)، يدافع عنها أصحابها، بدعوى أنها من (المعلوم من الدين بالضرورة)، هذا الشعار الذي سُفكت تحت رايته دماء بريئة، منذ أحداث (الفتن الكبرى)، وإلى يومنا هذا!!

– ثم أي (تجديد)، وأي (تطوير) لخطاب ديني، يحمل (فكرا مذهبيا)، يدافع عنه أئمته، بدعوى أنه (إجماع الأمة)، هذا الأصل الفقهي الذي نبت في الهواء، وترعرع في الهواء، وذبل ومات في الهواء!!

– فأين هي هذه الأمة التي أجمعت، وأين أجمعت، ومتى أجمعت؟!

“فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ” – “ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ” – “لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً” – “فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ” – “وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ”!!

ree

(300) 16/1/2015 (منه أحمد… وبدعة ما وافق القرآن)

 عدد المشاهدات : 194

أولا: تقول: “لكن يا دكتور ما مصير كل الاحاديث”؟!أقول: قبل الحديث عن “مصير كل الأحاديث”، عليك أولا أن تعلمي حجية هذه الأحاديث (المنسوبة إلى رسول الله)، في دين الله تعالى، يعني أين الدليل على أنها من نصوص الدين الواجب الاتباع؟!

ثانيا: تقول: “لا يمكن تجاهل كل الأحاديث”!!أقول: (يعني عايزة تتجاهلي كام في المية)، 50% … 70% …؟!وهل تعلمين أن ما يُسمى بـ (علم الحديث) نشأ أصلا ليقوم بهذه المهمة؟!فأية فرقة من الفرق الإسلامية هي التي تجاهلت ما لا يصح نسبته إلى النبي، عليه السلام؟!يبدو أنك لا تعلمين شيئا عما يُسمى بـ (علم الحديث)، وأزمته عند الفرق والمذاهب المختلفة!!

ثالثا: تقول: “مثلا الاحاديث التى تخدم القران والتى بها اغلى النصائح”!!أقول: بدعة نأخذ من (الأحاديث) ما يوافق القرآن، تُدخل صاحبها جهنم خالدا فيها، فكلام الله تعالى، لا يُوضع (بين يديه) مصدر تشريعي بشري (ولو كان كلام النبي)!!

رابعا: تقول: “توجد احاديث لا يمكن القلب يستغنى عنها مثل من احب التاس بحسن صحابتى امك ثم امك ….”!!

أقول:

1- ألا يكفي، تعظيما لمكانة وقدر الأم عند الله، قوله تعالى:– “وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ (أُمَّهَاتِكُمْ) لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”!!– “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ (أُمُّهُ) (وَهْناً عَلَى وَهْنٍ) وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”!!– “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ (أُمُّهُ) (كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً”!!– ” .. (يَخْلُقُكُمْ) فِي بُطُونِ (أُمَّهَاتِكُمْ) خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ”– “فَرَدَدْنَاهُ إِلَى (أُمِّهِ) كَيْ (تَقَرَّ) عَيْنُهَا وَلا (تَحْزَنَ) وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ”!!

2- ألا يكفي، تعظيما لمكانة وقدر الأم عند الله، أن جعل الله اسم (أم) أصلا لكثير من الأشياء، فقال تعالى:– “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ (أُمُّ) الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ..”!!– “وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي (أُمِّهَا) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ”!!– “وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ (أُمَّ) الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا…”!!– “وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ” – “(فَأُمُّهُ) هَاوِيَةٌ” – “وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ” – “نَارٌ حَامِيَةٌ”!!

3- هل يُعقل أن يقول الله تعالى:“أَوَ لَمْ (يَكْفِهِمْ) أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ (الْكِتَابَ) يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ (لَرَحْمَةً) وَ(ذِكْرَى) لِقَوْمٍ (يُؤْمِنُونَ)”!!أي إنه لا مرجعية في دين الله إلا مرجعية القرآن، ثم يأتي المسلمون ويقولون لله تعالى: لا … لا تكفينا مرجعية القرآن: “بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا”!!

4- هل يُعقل أن يقول الله تعالى، إنه لا مرجعية في دينه إلا مرجعية القرآن، ثم يأتي السني ويقول: بل (الكتاب) و(السنة)، ويأتي الشيعي ويقول: بل (الكتاب) و(العترة)، و(السنة) و(العترة) مصدران تشريعيان ما أنزل الله بهما من سلطان!!

5- لذلك انعدمت (الرحمة) بين المسلمين، لأنهم لا يذاكرون (الكتاب)، ولا يتذكرونه، والأخطر من ذلك أنهم لا (يؤمنون)!!

“إِنَّ فِي ذَلِكَ (لَرَحْمَةً) وَ(ذِكْرَى) لِقَوْمٍ (يُؤْمِنُونَ)”!!



يناير 31

56 min read

0

2

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page