top of page

سلسلة مقالات بدون عنوان ٦

يناير 31

38 min read

0

0

0

(151) 22/3/2014 (“وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” )

 عدد المشاهدات : 134

عندما أرسل الله رسوله محمدا رحمة “للعالمين”، وتعهد بحفظ رسالته إلى يوم الدين، كان هذا يقتضي:أن يصبح المسلمون على المستوى العلمي والتقني، الذي يمكنهم من مخاطبة “العالمين” بلغة معاصرة، تعرفهم برسالة ربهم، وأنها جاءت رحمة للعالمين.فإذا نظرنا إلى حياة المسلمين، وجدناهم يستهلكون ما تنتجه الدول المتقدمة، في كافة مجالات الحياة، وخاصة “السلاح” الذي يستخدمونه في سفك دماء بعضهم بعضا!!فهل يقبل أحد، من هذا العالم المتقدم، أن يستمع للمسلمين، وهم على هذا الحال من التخلف؟!فإذا نظرنا إلى من أسلم (من هذا العالم المتقدم)، وجدناه أسلم على المذهب الذي أعلن إسلامه في مؤسسته، وأصبح أحد أفراد منظومة “الفُرقة والمذهبية” التي يعيش بداخلها معظم المسلمين اليوم، بمرجعية دينية سلفية!!فهل دخل هذا المسلم الإسلام من باب “الوحدانية”، وعرف معنى “لا إله إلا الله”، ومعنى تكبيرة الإحرام “الله أكبر” في صلاته…، أم دخل من باب “الآبائية”، فعرف “السلفية”، وأنه لا إسلام إلا من خلال المنظومة الروائية الفقهية “للسلف الصالح”؟!هل دخل هذا المسلم الإسلام من باب “الآية القرآنية”، وقام بتفعيلها في حياة الناس، في حاضرهم ومستقبلهم، وأخرجهم من الظلمات إلى النور…، أم دخل من باب أن الوحي وحيان: وحي الكتاب، ووحي السنة؟!أما “وحي الكتاب”، فهو كلام الله، الحق المطلق، والعلم اليقيني، الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور.و “وحي السنة”، هو مرويات، ظنية الثبوت عن رسول الله، تخرج الناس من حاضرهم إلى ماضيهم البعيد، حيث الفتن الكبرى، والصرعات المذهبية، والفتاوى التكفيرية!!فأين أجد المجتمع، الذي يعيش أفراده على مستوى حضاري، يمكنهم من مخاطبة الناس بلغة علمية يفهمونها، وبتقنيات متقدمة، تظهر عطاء “الآية القرآنية” وفاعليتها في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وأنها جاءت رحمة للعالمين؟!فهل من معين؟!

“وَيَرَى الَّذِينَ (أُوتُوا الْعِلْمَ) الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (هُوَ الْحَقَّ) وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ”



(152) 24/3/2014 (ما أشده منكرا)

 عدد المشاهدات : 149

لقد أعجبني قول حكيم: “لو قال لي أحد: إن الدليل على صدق أن الواحد أكثر من الثلاثة هو أن أقلب لك هذه العصا حية، ووجدته فعلا قد قلبها، أمام عيني، فإن ذلك لن يغير من يقيني أن الواحد أقل من الثلاثة، إلا أنني سأتعجب: كيف قلب العصا حية؟!إن التفاعل بين نصوص “الآية القرآنية”، وآيات الآفاق والأنفس، تفاعل حيّ، لا يثبت بالروايات والأساطير، والعشوائية الفكرية…، وإنما بالعلم، وتفاعله مع التقنيات الحديثة المعاصرة.إن الإقرار بـ “الوحدانية”، وأن القرآن كلام الله يقينا، وأن محمدا هو النبي الخاتم، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، يفرض على علماء ودعاة المسلمين، أن يخاطبوا الناس بلغة العصر، وبمرجعية “الآية القرآنية”، بعيدا عن منظومة التراث الديني، والفقه المذهبي السلفي.فما أشده منكرا، أن يحمل الخطاب الديني للناس، في القرن الواحد والعشرين:– أن مرجعية الإسلام وحيان: وحي إلهي محفوظ (الكتاب)، ووحي إلهي أتاه الباطل (السنة)!!– أن تفرق المسلمين وتخاصمهم وتقاتلهم يرجع إلى إرادة الله، فلو شاء الله ما فعلوه!!– أن الإسلام انتشر بالسيف!!– أن الزانية والزاني يرجموا، والقرآن يقول يجلدوا!!– أن المرأة مخلوق ناقص، خلقها الله من أجل الاستمتاع، وهي التي أخرجت آدم من الجنة، وإذا مرت بين يدي مصلي، فإنها تقطع صلاته، كما يقطعها الكلب والحمار!!– أن منابع الرق مازالت موجودة، وأن أسرى الحروب من النساء يعتبرن سبايا (ملك يمين)، يوزعن على الضباط والجنود؟!وآلاف الفتاوى، التي ينطق بها اليوم أدعياء العلم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.إننا في أشد الحاجة إلى فقه قرآني، يتفاعل مع التحديات العالمية، والمستجدات الحضارية، بلغة معاصرة، تقدم حلولا عملية، بعيدا عن الخطاب الديني المتخلف، الذي لا يغني ولا يسمن من جوع. 


(153) 27/3/2014 (طاعة [الرسول]، بعد وفاة النبي)

 عدد المشاهدات : 165

إن حُجية الرسالات الإلهية، لا تقوم على الادعاء، وإنما على البرهان الإلهي الذي يثبت صدق هذا الادعاء. ولقد بعث الله محمدا (خاتم النبيين) بـ “آية قرآنية” تثبت صدق “نبوته”، وبلاغه عن الله، وكانت قرآنا يتلى بين الناس إلى يوم الدين.ولقد كان من الطبيعي أن يأمر الله المعاصرين لـ (النبي) بطاعته، كشرط لصحة إيمانهم، فقال تعالى:فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [65] النساءإن ضمير الخطاب في قوله تعالى (يحكموك)، و(قضيت)، يؤكد أن المخاطبين بهذا الأمر هم هؤلاء الذين كان بإمكانهم سماع الحكم من الرسول مباشرة، والخضوع والتسليم له. فكيف يكون الخضوع والتسليم لـ (النبي) بعد وفاته؟!إن (النبي) هو المنبأ من الله تعالى، و(الرسول) هو المأمور بتبليغ ما نُبئ به من الله، وعلى الناس طاعته، لأنه المبلغ عن الله رسالته.أما بعد وفاة (النبي)، فلم تعد لطاعته فاعلية، وإنما الفاعلية للرسالة التي بلغها، وتعهد الله بحفظها، وهي “الآية القرآنية”، التي احتوت نصوصها من أحداث ومواقف وتشريعات عصر “النبوة”، ما شاء الله أن تضمنه رسالته إلى الناس كافة، في إطار عالميتها، وفاعليتها إلى يوم الدين.إن قضية طاعة الرسول ومعصيته، قضية محورية، تتعلق بإسلام المرء وكفره، لذلك يستحيل أن يحل “المحدثون” محل (النبي) في هذه القضية المحورية، وأن يتوجه ضمير الخطاب (يحكموك ـــــ قضيت) إليهم، ويتحملون مسئولية معرفة ما خرج على لسان النبي، وذلك حسب مذاهبهم في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف، فتصبح قضية “الطاعة والمعصية”، “الإسلام والكفر”، قضية مذهبية، يتحكم فيها أئمة السلف حسب هواهم!!إن البشر هم البشر، لا تخلو مروياتهم وتوثيقاتهم من تحيز لمذهب، أو لهوى متبع، بعيدا عن النظرة الشمولية الصادقة للأحداث. لذلك فإن الوقوف على أحداث عصر “الرسالة”، من خلال التراث الديني للفرق والمذاهب المختلفة، وبعد ما يزيد على أربعة عشر قرنا، مصيبة كبرى، أساءت إلى الإسلام، وضيعت المسلمين!!إن الله تعالى إذا تكلم فلا قيمة لكلام البشر، ولا قيمة لما صنعوه بأيديهم من مصادر تشريعية مفتراة، ولو أجمع عليها الناس جميعا، فمن أصدق من الله حديثا؟!تِلْكَ (آيَاتُ) اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ (حَدِيثٍ) بَعْدَ اللَّهِ (وَآيَاتِهِ) يُؤْمِنُونَ [6] الجاثيةإنني لم أجد في كتاب الله أمراً يفرض على المسلمين طاعة (النبي) بعد وفاته، فهو أمر يستحيل تحققه، وإنما وجدت أمرا بطاعة (الرسول) في حياته وبعد وفاته، وهو أمر يمكن تحققه في حياة (النبي)، وباتباع (رسالته) بعد وفاته، من أجل ذلك حفظ رسالته، لعلمه أن (الرسول) سيموت، وأن رسالته هي التي ستبقى قائمة بين الناس إلى يوم الدين.والغريب، أنه مع وضوح هذه الرؤية، كوضوح الشمس في كبد السماء، يأتي المذهبيون المغيبون…، ويحرفون الكلم عن مواضعه، فيجعلون الطاعة لـ (النبي)، وليس لـ (الرسول)، وقد أمرهم الله بطاعة (الرسول) بعد وفاة (النبي)!!لقد تصوروا، لمرض في قلوبهم، أنهم يعيشون مع (النبي) في عصر الرسالة، يسمعهم ويسمعونه، فإذا بهم، وهم في حضرته، يجعلون بينهم وبينه وسطاء، ينقلون إليهم ما اصطلحوا على تسميته بـ “السنة النبوية”، التي دُونت بعد وفاة (النبي) بقرنين من الزمان…، أفلا تفقهون!!إن هؤلاء الوسطاء ظهروا بعد أن ضاعت الأمة الإسلامية، وتمزقت إلى فرق ومذاهب، وكل طائفة تعيش داخل منظومتها (السلفية)، لا تعلم شيئا عن رسالة (الرسول)، التي جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى (النور)، على مر العصور، وإلى يوم الدين…، أفلا تعقلون!!

“فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا (النُّورَ) الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ”


(154) 27/3/2014 (مزيد بيان …..)

 عدد المشاهدات : 153

يبدو أن هناك خلطا في تعريف المصطلحات، فإجابتي على من سأل عن الفرق بين (النبي) و(الرسول) كانت متعلقة فقط بمقامي “النبوة”، و”الرسالة”، ولم أتعرض لمقام “بشرية” (النبي)، مما أحدث لبسا عند البعض، ظهر في تعليقاتهم.إن مقام “البشرية”، هو المقام الوحيد الذي يأتي فيه العتاب، ويستحيل أن يأتي هذا العتاب و(النبي) في مقام “الرسالة”، لأنه مقام بلاغ عن الله، يستحيل أن يخرج الرسول عن حدوده، فكيف يعاتبه فيه؟!كما يستحيل أن يأتي عتاب (النبي) وهو في مقام “النبوة”، لأنه مقام تلقي عن الله، فكيف يعاتبه فيه؟!إذن يجب أن نفرق بين (النبي) كبشر غير معصوم: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ…)، وبين مقامي “النبوة”، و”الرسالة”، اللذين فيهما العصمة: (يُوحَى إِلَيَّ…). فتصرفات (النبي) كلها تصرفات “بشرية”، إلا ما كان منها داخل دائرة (العصمة)، لذلك جاء العتاب لـ (النبي).لقد كانت تصرفات (النبي) في عصر الرسالة، تجمع بين ما هو “بشري” وما هو “بوحي إلهي”، بين ما هو خارج نصوص “الآية القرآنية”، وما هو منها، فما كان من “الرواة” إلا أن نقلوها كلها، باسم “السنة النبوية”، وجعلوها “شريعة إلهية”، حبا في رسول الله، ويا ليتهم ما فعلوا، فقد اتبعهم معظم المسلمين، وهجروا “الآية القرآنية”:

“وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً”


(155) 30/3/2014 (التوظيف البلاغي للكلمة القرآنية)

 عدد المشاهدات : 147

مسألة الفروق بين الكلمات القرآنية لها أكثر من تناول، منه ما يتعلق بقواعد اللسان العربي، ومنه ما يتعلق بالتوظيف البلاغي لمادة الكلمة في سياقها القرآني…، إلى آخره.وسأعطي مثالا على التوظيف البلاغي لمادة الكلمة، ببيان كيف وُظّفت كلمة (نبي)، في بيان الفرق بين كلمتي (النبيين) و(الأنبياء).أولا: كلمة (نبي) تعني المُنْبَأ من الله، أو المُنْبِئ عن الله، وتجمع فنقول (أنبياء) و(نبيون)، فمن حيث مادة الكلمتين لا فرق بينهما، فلا يجب أن يغيب عنا، ونحن ننظر إلى هذا “الجمع”، أن أصله هو (النبوة)، أي (الوحي الإلهي)، الذي هو في دائرة (المقدس).ثانيا: يقول الله تعالى: “كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ (النَّبِيِّينَ) مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ (وَأَنزَلَ) مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ) بَغْياً بَيْنَهُمْ…” [البقرة 213]نفهم من قوله تعالى: “مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ”، أن [البينات] هي الآيات الدالة على صدق “النبوة”، وكانت تأتي (النبيين) قبل إنزال الكتب.ويؤكد ذلك قوله تعالى: “قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا (أُنزِلَ) إِلَيْنَا وَمَا (أُنزِلَ) إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا (أُوتِيَ) مُوسَى وَعِيسَى وَمَا (أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” [البقرة 136]فقوله تعالى: “وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ” يفيد (العموم)، فهم يحملون للناس [البينات]، و[الكتب]. وليس في قوله تعالى قبلها “وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى” تكرار، لأن التكرار له حكمة، وهو من أساليب البلاغة في القرآن الحكيم.ثالثا: يقول الله تعالى: “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا (نِعْمَةَ) اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ (أَنْبِيَاءَ)” [المائدة20]هنا استخدم السياق كلمة (أنبياء) ولم يستخدم موسى كلمة (نبيين)، وذلك لأنه يُذكر قومه بنعم الله عليهم، وعلى رأس هذه النعم، نعمة (النبوة)، فاستخدم (أنبياء) لأنها صيغة الجمع الدالة على هذه النعمة، نعمة “الوحي الإلهي”.رابعا: وفي ضوء ما سبق بيانه نستطيع أن نفهم الآيات التالية:1- “ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ (النَّبِيِّينَ) بِغَيْرِ الْحَقِّ” [البقرة 61]2- “ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ (الأَنبِيَاءَ) بِغَيْرِ حَقٍّ” [آل عمران 112]ـــ سياق الآية الأولى، يخاطب (بني إسرائيل)، يُذكر أبناءهم المعاصرين للنبي محمد، بما فعله آباؤهم من جرائم، وعلى رأسها جريمة قتل (النبيين)، حملة [الكتب] و[البينات].ـــ سياق الآية الثانية، يخاطب (المؤمنين)، يُبيّن لهم حقيقة اليهود، وأن ما فعلوه مع (أنبيائهم) جريمة كبرى، لأنها في حق (النبوة)، أي في حق (الوحي الإلهي) فاستخدم كلمة (أنبياء).إذن فكلمة (النبيون) تستخدم عند إرادة بيان فاعليتهم على أرض الواقع، حاملين معهم الكتب المنزلة، والبينات [والبينات وحي إلهي غير مَتلُوٍّ ولا مكتوب]، فهي كلمة جامعة شاملة.أما كلمة (أنبياء) فتستخدم عند إرادة بيان قدسية العلاقة التي تربط (النبيين) بالله تعالى، وهي قدسية (الوحي الإلهي).


(156) 1/4/2014 (“الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ”)

 عدد المشاهدات : 153

هل تعلم، أنك وأنت تبدأ صلاتك بتكبيرة الإحرام (الله أكبر)، فأنت تقر أنه لا شيء يعلو، وأنت بين يدي الله، فوق مقام (الصلة)، مقام العبودية الخالصة لله تعالى؟!كثير منا، لم (يترب) على استحضار مقام (الصلة) بالله تعالى، مما يفقد المسلم (الخشوع) في الصلاة، وهو شرط تحقق الفلاح (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ – الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، الأمر الذي يفرض علينا، أن (نتدرب) على استحضار هذا المقام، بتدبر كل كلمة نقولها في الصلاة.إن سجدة “السهو” بدعة فقهية، أريد بها أن يبقى المسلم بعيدا عن مقام (الصلة)، مقام “العبودية” الخالصة لله تعالى، مشغولا بدنياه (وهو بين يدي ربه) لا يعلم كم ركعة أدّاها…، مادام في النهاية السجدة ستصحح كل هذا!! إنه لا مانع [ونحن في مرحلة التدريب] أن نعيد الصلاة مرة واحدة، نحاول فيها أن نكون أكثر تركيزا.لقد ورثنا الصلاة عملا (رتيبا)، كباقي الأعمال التي نؤديها (بدون تفكير ولا تركيز)، فلا مانع أن نصلي وسط الأصوات العالية، الآتية من هنا أو هناك، تخترق آذاننا…، فننشغل بها عن العهد الذي أخذناه على أنفسنا، عندما قلنا (الله أكبر)، ومعلوم أن تكبيرة الإحرام شرط للدخول في الصلاة!!إن علينا أن نغير مفهومنا عن (الصلاة)، وعن (الخشوع) في الصلاة. إن الصلاة ليست عملا رتيبا، وإنما هي (صلة) دائمة، لها خمس محطات رئيسة، يجدد فيها العبد بيعته لله، وهو يعلن عن ذلك عشرات المرات في يومه، بقوله (الله أكبر).وإن “الخشوع”، حالة تنتاب القلب، توجب تعظيم الله والخضوع له، لذلك فهو ليس من أفعال الصلاة (لأنه حالة قلبية)، وارتباطه بالصلاة (فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) جاء لبيان أن خشوع القلب يجب أن تظهر آثاره على الجوارح، فأولى الأحوال بالخشوع حال المصلي الذي يقف بين يدي الله تعالى!!إن القلب الذي “خشعت” جوارحه في صلاته، يكون قد نجح في استحضار مقام (الصلة) بالله تعالى، وإن استحضار هذا المقام، بعد كل تكبيرة (الله أكبر)، سينهاه عن الفحشاء والمنكر، خلال ساعات يومه.إن تحصين القلب من (الفحشاء والمنكر) يكون ثمرة الفهم الواعي لطبيعة العلاقة بين تلاوة الكتاب (اتباع)، وإقام الصلاة (الصلة)، سلوكا عمليا في حياة الناس.

“اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ”


(157) 3/4/2014 (عندما تحكم ثقافة “الرواية” فقه “الآية”)

 عدد المشاهدات : 150

لقد كان لموضوع “الخشوع في الصلاة” أثره الإيجابي في قلوب من تحرروا من أسر المذهبية، والتقليد الأعمى لآبائهم. كما ترك أثرا سلبيا عند من تعلقت قلوبهم بمذاهب آبائهم، دون تدبر لما جاء في هذا الموضوع، إلا ما جاء مخالفا لفهمهم لمعنى “السنة النبوية”، فيضعون عليه دوائر حمراء، ويصبح الكاتب، في نظرهم، (منكرا) أو (مخالفا) لما أمر به النبي، عليه السلام، وفي الحالتين “يبقى بيكره النبي”!!!وكما يعلم أصدقاء الصفحة، فأنا لا أنشغل بالرد على شبهات، ولا إشكالات، التراث الديني، للفرق والمذاهب المختلفة، لأن هذا الباب قد أغلقته منذ عقدين من الزمن، بعد أن تبيّن لي عدم جدوى دخول المسلم هذا الباب (أصلا)، فأمامي “الآية القرآنية” قادرة على إخراج الناس من الظلمات إلى النور، بتفعيل نصوصها في حياتهم، وهي القادرة على أن تنزع من قلوبهم أمراض الشرك والهوى، التي جاء بها هذا التراث الديني المذهبي.ولكني أحيانا، أجد نفسي مضطرا، للدفاع عن “الآية القرآنية”، عندما أجد أن هناك من لا يعلم قدرها (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)، وأنها المفتاح الوحيد الذي يملكه المرء للدخول في الإسلام، بعيدا عن منظومة التراث الديني المذهبي، الذي إن صحت نصوصه عند فريق، لم تصح عند آخر، حسب شروط كل منهم في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف!!ومما أغضب بعض المذهبيين قولي: إن سجدة السهو (بدعة فقهية)!! قالوا: إن سجدة السهو ثابتة بالسنة النبوية، فقد ورد فيها أحاديث في (أصح كتاب بعد القرآن)، وهو صحيح البخاري؟!ولن أدخل في بيان تفاصيل الخلاف الفقهي حول “سجدة السهو” (لأنه خارج إطار منهجي)، ولكني أقول لهؤلاء: إن الأزمة أنكم لا تقرأون، وإذا قرأتم لا تتدبرون، وتدافعون عن “السنة النبوية” وأنتم لا تعلمون…، لا تعلمون معنى “النبوة”، ولا مفهوم “السنة”!!هل تعلمون أن الخلاف حول أحكام “سجود السهو”، بين المذاهب الفقهية، وصل إلى حد يستحيل معه القول بأن رواة الأحاديث، قد نقلوا ما فعله النبي، على وجه القطع واليقين؟! ارجعوا إلى كتب الفقه المقارن [مثل كتاب “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” لابن رشد] واقرأوا لعلكم تقفون على (مصيبة) الإسلام الوراثي الذي أنتم عليه!!فهل تعلمون أن مجرد القول، (أصح كتاب بعد القرآن)، يعني (عند العقلاء) أنكم اتبعتم أئمة السلف، في شيء خطير يمس “ملة الوحدانية”؟!لقد وضع أئمة السلف كتاب الله، مع كتب البشر، في سلة واحدة، ثم يأتي (الجهابذة) منهم، ويقولون لأتباعهم: ما هو (الصحيح) من هذه الكتب، وما هو (الأصح)، من هو الأول، من أصحاب هذه الكتب، ومن هو الثاني!! فجهابذة أهل السنة يقولون: الأول القرآن، والثاني “صحيح البخاري”، وجهابذة الشيعة يقولون: الأول القرآن، والثاني “الكافي للكليني”!!ألا تخافون من الشرك بالله؟!“وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ”“هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ”ومما أغضبهم قولي: [إنه لا مانع (ونحن في مرحلة التدريب) أن نعيد الصلاة (مرة واحدة)، نحاول فيها أن نكون أكثر تركيزا]!!فقالوا: ليس في “السنة النبوية” دليل على أن المصلي يعيد صلاته إذا (سَرَح) فيها، ليؤديها بصورة أكثر تركيزا!!وأنا أقول: وليس في القرآن دليل يثبت (صحة) صلاة المسلم الذي (يسرح) في الصلاة، وهو بين يدي ربه!!إنني عندما تحدثت عن “إعادة الصلاة” كان ذلك في سياق مواجهة أزمة ورثناها عن آبائنا، وهي في منتهى الخطورة على “ملة الوحدانية”، التي نرفع شهارها دون وعي ولا فهم لمعناها.فأنا لا أشرع للصلاة، أنا فقط أعالج (مصيبة) نعيشها جميعا في صلاتنا، ونظن أننا نحسن صنعا فور الانتهاء من أدائها (يعني عملنا الواجب خلاص) كالطالب (غير المجتهد) الذي يرمي كتبه وراء ظهره بمجرد الانتهاء من الامتحان!!لقد كنت دقيقا في استخدام التعبيرات، فاستخدمت جملة [إنه لا مانع]، ليفهم أهل البصيرة أني أحاول أن أنقذ ما يمكن إنقاذه، من داخل منظومة من (المصائب) يعيشها المسلمون!!واستخدمت أيضا جملة [نعيد الصلاة مرة واحدة]، حتى لا ندخل (دائرة الشك)، لأنها من الدوائر التي يسعد الشيطان بدخولنا فيها، فيجعلنا نعيد الصلاة مرتين وثلاثة…، حتى نترك الصلاة كلها!!فيا أتباع مذهب أهل السنة والجماعة: هل أسلمتم لأنكم ولدتم أتباعا لأهل “السنة”؟! أم أسلمتم على أساس علمي، قواعده الحجة والبرهان؟! ونفس الشيء أقوله لأتباع المذهب الشيعي!!إن الله تعالى لن يقبل “الإيمان الوراثي”، إلا إذا كان موافقا للدين الإسلامي الذي أمر باتباعه: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ”، وليس الدين الذي أمر أئمة السلف، وفقهاء المذاهب الفقهية باتباعه؟!

“(كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ) فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ”“اتَّبِعُوا (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) مِنْ رَبِّكُمْ (وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ”


(158) 6/4/2014 (“كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ”)

 عدد المشاهدات : 126

“الإسلام” منظومة حياتية متكاملة، لها قواعدها وأصولها: “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ) وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ (وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ) …”.إن “خشوع” المسلم، مكونٌ من مكونات هذه المنظومة الحياتية، لا ينفصل عن إسلامه، ولا عن إيمانه، ولا عن “قنوته”…، فهذه كلها مكونات (الدين) (الإسلامي) الذي لن يقبل الله تعالى غيره: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ (الإِسْلامِ) (دِيناً) فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ”.ولقد جاء “القنوت”، في هذه الآية الجامعة، عقب (الإسلام) و(الإيمان)، فهل في ذلك دلالة؟!“القنوت” هو القاعدة السلوكية، التي تنطلق منها مكونات هذه المنظومة الحياتية. إنها قاعدة تفعيل إخلاص العبودية لله تعالى سلوكا عمليا في حياة المسلم. لذلك ورد “القنوت”، في السياق القرآني، بأكثر من معنى، وبتدبر هذه السياقات نجد أنها تدور في إطار قاعدة العبودية، والخضوع، وإسلام الوجه لله تعالى، وذلك كمنظومة حياتية:“قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” – “لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”.إن قاعدة العبودية، والخضوع لله تعالى، هي القاعدة التي قام عليها الوجود كله: “وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ (مَا) فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ” – “وَلَهُ (مَنْ) فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ”. فالوجود، العاقل وغير العاقل، خاضع ساجد لله تعالى، ولفاعلية أسمائه الحسنى.إن قلب المسلم المؤمن، قلب قانت، صادق، صابر، خاشع، متصدق، صائم، حافظ للفرج، يعيش في ذكر دائم لله تعالى…، هذا هو القلب السليم، فهل يمكن لهذا القلب أن يعصي ربه؟!

“يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ” – “إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”“مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ”


(159) 8/4/2014 (“فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً”)

 عدد المشاهدات : 129

“فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً”“النفاق” مرض يصيب قلب الإنسان، الذي لم يترب على تفعيل آليات التفكر والتدبر والتعقل والنظر … (التي خلقه الله بها)، فلم يعرف ربه حق المعرفة، ولا الدين الذي أمره ربه باتباعه، ولم يبذل جهدا للخروج من أسر (الآبائية)…، لذلك كان من السهل عليه أن يقبل (المتناقضات)، ويَتلوَّن (حسب المصلحة)، ويفسد في الأرض، هو (يدعي أنه يصلح)!!نتدبر الآيات التالية، جيدا، ودون خلفية مسبقة لمعناها:

”وَمِنْ (النَّاسِ) مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ” – ”يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ” – ”فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ” – ”وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ” – ”أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ” – ”وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ” – ”وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ” – ”اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ” – *”أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ”.

إن المتدبر لهذه الآيات يعلم، أن “النفاق” ليس دائرة مغلقة، من دخلها لا يخرج منها، إنه دائرة مفتوحة، يعيشها “المنافق” ساعات يومه!! إنه حالة مرضية، تختلف خطورتها، وإمكان الشفاء منها، باختلاف نسبة تمكن هذا المرض من القلب!!إن الفرق بين “المنافق”، و”المسلم”، أن “المنافق” يحمل اسم الإسلام، وهو أصلا خارج دائرته، إيمانا، وقولا، وفعلا. أما “المسلم” فيحمل أخلاق الإسلام، إيمانا، وقولا، وفعلا، وليس هو من ولد مسلما، وحمل الهوية الإسلامية!!إن “المسلم” من أسلمت جوارحه لله تعالى، فتراه في حياته قانتا، صادقا، صابرا، خاشعا، متصدقا، صائما، حافظا للفرج، يعيش في ذكر دائم لله تعالى. أما المنافق فلم يومن قلبه حتى تُسلم جوارحه!!إن “المسلمين”، ليس هم من حملوا “الإسلام” وراثة، فيسعد (أهل السنة) أنهم ولدوا مسلمين، ويسعد (الشيعة) أنهم ولدوا مسلمين…، وإنما هم من أقاموا “الإسلام” في حياتهم أمة واحدة، وأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، وكانوا عليهم شهداء.نتدبر الآيات التالية، جيدا، ودون خلفية مسبقة لمعناها:

”يَا أَيُّهَا (الَّذِينَ آمَنُوا) ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” – ”وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ (اجْتَبَاكُمْ)” – ”وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي (الدِّينِ) مِنْ حَرَجٍ (مِلَّةَ) أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ” – ”(هُوَ سَمَّاكُمْ) الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ” – ”وَتَكُونُوا (شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)” – ”فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ” – ”(وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ)” – ”هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ”.

إن قوله تعالى: “هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ” يعني أنه سبحانه “وسم” المسلمين بسمة الإسلام، أي بأخلاق الإسلام، وهي الانقياد والخضوع والطاعة له سبحانه.فهل أطاع (المسلمون) ربهم، وعملوا بما جاء في هذه الآيات؟!أرى أن على المسلمين مراجعة موقفهم من (النفاق)، ومن تربية أولادهم عليه، حتى يرحمهم الله بدعاء أولادهم : “وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً”.


(160) 9/4/2014 (الكتاب والفرقان)

 عدد المشاهدات : 183

إن المتدبر لقوله تعالى في سورة البقرة: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ”، يعلم أنه يستحيل أن يبدأ الله تعريف الناس بـ (الكتاب)، مشيرا إليه باسم الإشارة (ذلك)، ومبينا أنه (لا ريب فيه)، وأنه (هدى للمتقين)، ثم يكون هذا الكتاب غير (القرآن)، أو أن يكون (القرآن) جزءا من (الكتاب)، وقد قال تعالى عن (القرآن): “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ (الْقُرْآنَ) وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً”!!إن القضية، التي غابت عن أصحاب القراءات المعاصرة للقرآن، هي الفرق بين الذات والصفات!! فمن حيث الصفات، لا شك أن (الكتاب) غير (القرآن) وغير (الذكر) وغير (الفرقان)، وغير (النور): “فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا”، وغير (الحق): “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ”. أما من حيث الذات، فالذي يجمع كل هذه الكلمات ذات واحدة هي (المنزل) من عند الله!!إن من أبجديات الفهم القرآني، أن (المنزل) على رسول الله، (نور) يهدي به الله من اتبعه، و(فرقان) يفرق به الله بين (الحق) والباطل، وأنه سيدون في (كتاب)، ويكون (قرآنا) يقرأ على الناس…، فكل هذه الصفات، وإن اختلفت في الأسماء إلا أنها تجتمع على مسمى واحد يربطها ببعضها هو (المنزل).فإذا ذهبنا إلى اجتهادات أصحاب القراءات المعاصرة، وجدنا أن معظمها لا يقوم على منهج علمي، ولا على أدوات مستنبطة من ذات النص القرآني، لذلك، يحتار [أو يفتن] بين أيديهم، من ليسوا على دراية، بأصول المنهج العلمي، في التعامل مع النص القرآني.أنا لا أعلم، كيف يجرؤ باحث مسلم، أن يتعامل مع النص القرآني، باجتهادات من وحي خياله، ثم يعتبرها حقائق علمية، ومسلمات ثابتة، يقيم عليها قراءته المعاصرة للنص القرآني؟!والحقيقة، التي قد تغضب البعض، أن هذه الأزمة العلمية، كما تقع مسئوليتها على المتبوعين، فإنها تقع أيضا على التابعين، الذين يتابعون اجتهادات أصحاب هذه القراءات، ويسعدون بها، دون معرفة المنهج العلمي الذي أقام عليه صاحب القراءة مشروعه الفكري!!فهل سأل التابعون المتبوعين: أين هي البراهين القرآنية الدالة على صحة هذه القراءات المعاصرة؟! هل في كتاب الله، آية واحدة، تبيّن أن (القرآن) جزء من (الكتاب)، وأن (الفرقان) هو الوصايا العشر التي آتاها الله موسي، ثم انتقلت إلى عيسي، ثم إلى محمد، وهذه الوصايا هي التي وردت في سورة الأنعام، الآيات [151- 153]؟!إنني أدعو القارئ إلى تدبر آيات سورة الأنعام، ثم يقارنها بآيات سورة الإسراء [22- 38] التي جاء في عقبها قوله تعالى: ” ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ (الْحِكْمَةِ) وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً [39]، ليعلم كيف أن أصحاب هذه القراءات المعاصرة قد ضلوا طريقهم إلى القراءة الصحيحة…، والضحية هم التابعون!!لقد وصف الله تعالى التشريعات التي وردت في سورة الإسراء بـ (الحكمة)، ولم يصفها بـ (الفرقان)، وجاء بكلمة (مما) في قوله تعالى (مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ)، لبيان أن ما ذُكر في هذه السورة من تشريعات (حكيمة)، ليست هي كل آيات (الحكمة) التي في كتاب الله!!فإذا ذهبنا إلى الآيات [151- 153]، من سورة الأنعام، وجدناها قد ذكرت التشريعات التي وردت في سورة الإسراء، إذن فعلي أي أساس (منطقي)، أو (قرآني)، نخصص العام (المنزل) الذي هو (الفرقان)، والذي سُمّيت سورة به، بآيات من سورة الأنعام؟! ألم تقرأوا وصف الله لهذا (المنزل): “تَبَارَكَ الَّذِي (نَزَّلَ) (الْفُرْقَانَ) عَلَى عَبْدِهِ”؟!إنه ليس من منهجي، الرد على اجتهادات أصحاب المشاريع الفكرية المختلفة، كما يعلم أصدقاء الصفحة، إلا ما جاء في سياق الرد على تعليقاتهم، وبصورة مختصرة، وموجزة.إن معظم أصحاب هذه المشاريع [القرآنية] لا يتعاملون مع القرآن باعتباره “آية قرآنية”، ولا يفهمون نصوصه من خلال هذه “الآية القرآنية”!!

“أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”


(161) 11/4/2014 (تهافت القراءات (المفتراة) على القرآن)

 عدد المشاهدات : 143

يقوم مشروعي الفكري، على الإيمان، بأن الكتاب الذي أنزله الله على خاتم النبيين محمد، هو (الآية) المعاصرة للناس إلى يوم الدين، و(البرهان) الوحيد الذي يملكه المسلمون، على (نبوة) محمد، وصدق بلاغه عن الله، وهذا ما جعلني أقيم إسلامي، على أساس التعامل مع هذا (الكتاب)، باعتباره (الآية الإلهية) المعاصرة لي اليوم [وليس الأمس]، والمطلوب تفعيلها، لتخرج الناس من الظلمات إلى النور.إنني لست ضد (القراءة المعاصرة للقرآن)، فمشروعي الفكري يقوم أساسا على هذه القراءة، ولكن تفعيله (عمليا) يحتاج إلى فريق عمل، من كافة التخصصات العلمية…، وللأسف الشديد لم أجد حتى الآن قراءة قرآنية معاصرة، تظهر عطاء (الآية القرآنية)، مع المحافظة على بنية (الكلمة القرآنية)، وإحكام (الجملة القرآنية)!!ومن أمثلة التخبط في هذه القراءات، التفرقة العشوائية بين (الكتاب) و(القرآن)، فيقولون: (الكتاب هدًى للمتقين، أما القرآن فهدًى للناس)!!ولا شك أن الذين يقولون بهذا، هم من التابعين، المقلدين (بغير علم)، الذين قلت عنهم، في المنشور السابق: “إن أصحاب هذه القراءات المعاصرة قد ضلوا طريقهم إلى القراءة الصحيحة…، والضحية هم التابعون”.لذلك لزم البيان، فأقول: الكتاب والقرآن (مجتمعين أو منفردين) هدى للمتقين وللناس، وليس في ذلك (ترادف) كما قد يتصور (الجهلة) بقواعد اللسان العربي، فهناك ما يُعرف بـ (عطف الصفات)، عطف إحدى صفتين على أخرى، و(عطف البيان) وهو كثير في كلام العرب. وسأضرب مثالا واحدا على ذلك.يقول الله تعالى في سورة الحجر: “الر تِلْكَ آيَاتُ (الْكِتَابِ) و(قُرْآنٍ) مُبِينٍ” – “رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ”.ويقول تعالى في سورة النمل: “طس تِلْكَ آيَاتُ (الْقُرْآنِ) و(كِتَابٍ) مُبِينٍ” – “هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ”.نفهم من ذلك: أن (آيَاتُ الْكِتَابِ) هي نفسها (آيَاتُ الْقُرْآنِ) – و(قُرْآنٍ مُبِينٍ) هو نفسه (كِتَابٍ مُبِينٍ)، ولكن هل هناك فرق بين الآيتين؟!أولا: (قُرْآنٍ مُبِينٍ) في آية سورة الحجر، جاءت بمنزلة عطف البيان من (الكتاب).و(كِتَابٍ مُبِينٍ) في آية سورة النمل جاءت بمنزلة عطف البيان من (القرآن).ثانيا: لماذا قدم (الكتاب) في سورة الحجر، وقدم (القرآن) في سورة النمل؟!في آية سورة الحجر تحدث السياق عن (الكافرين): “رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ”، والكافرون أصلا معرضون عن الإسلام، معزولون عن قراءة القرآن، وعن تدبره، لذلك قدم الاسم الأعم (الكتاب) لأنه الاسم المتداول بين الأمم!!أما آية سورة النمل فجاءت في سياق الحديث عن (المؤمنين): “هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ”، فقدم (القرآن) للتنويه إلى أن هذا (الكتاب المبين) إنما (يقرأه) و(يدرسه) و(يتدبره) (المؤمنون) به، وهذا ما أفاده إدخال (الـ) التعريف على (قرآن)، وعطف (كتاب مبين) عليه، للإشارة إلى كمال صفاته.ثالثا: النتيجة، هي أن (القرآن) هدى وبشرى، لـ (المؤمنين) – (المتقين)…، والقول بأن (الكتاب) هدى لـ (المتقين)، أما الـ (القرآن) فهدى لـ (الناس)…، جهل بالكتاب، وبالقرآن!!رابعا: أما عن باقي افتراءات هؤلاء على القرآن، وما تحمله من غياب لآليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، فأعتذر لأصدقاء الصفحة عن الرد عليها، لضيق الوقت، وقد يكون ذلك لاحقا.

“أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً”“أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”


(162) 12/4/2014 (على هامش “منهج البحث العلمي”)

 عدد المشاهدات : 144

إذا أردت أن تُقيّم بحثا علميا، انظر إلى (مخرجاته)، أي إلى (ثَمِرِه)، فإذا وجدتها سليمة لا عطب فيها، تكون الأصول العلمية (المدخلات) التي قام عليها سليمة. وإذا كان هذا البحث يتعلق بالقرآن [أي بالإسلام]، فإن مسئولية التزام الباحث بهذه الأصول العلمية تكون أكبر، لأنها مسئولية أمام الله تعالى، قبل أن تكون أمام المجامع العلمية.أحيانا أجدها فرصة، مستغلا رسالة تصلني من صديق أو مداخلة…، لإلقاء بعض الضوء، على إشكالات القراءات المعاصرة للقرآن، والتي يقوم بعضها على تحريف الكلم عن مواضعه، عن طريق افتراء قواعد جديدة للسان العربي، ولفهم الكلمة القرآنية.ومن (مخرجات) هذه القراءات المعاصرة، أن تصبح الشجرة غير الشجرة (كما هي في أصل اللسان العربي، والسياق القرآني)، وأن يصبح الضرب غير الضرب، والقتل غير القتل، والقرآن غير القرآن، والكتاب غير الكتاب، والفرقان غير الفرقان، والميراث غير الميراث…!!إنه من خلال متابعتي، وحواراتي مع بعض أصحاب هذه القراءات، وجدت أن هدفهم الرئيس، هو مخالفة كل ما جاء به المصدر الثاني للتشريع (الذي أعلم أنه مفترى)، حتى لو كان ذلك على حساب هدم بنية (الكلمة القرآنية)، وإحكام (الجملة القرآنية)!!فإذا قلت لهم: ليس هذا هو المنهج العلمي في البحث، قالوا: “يبقى انت كده عايز تصل لنفس النتائج التي وصل إليها السلفيون!!إن أكبر دليل على تهافت كثير من هذه القراءات القرآنية المعاصرة، من الناحية العلمية، أن أصحابها قد وضعوا أولا أمامهم التشريعات التي جاء بها هذا المصدر الثاني للتشريع (المفترى)، ثم ابتدعوا قواعد ومبادئ…، تجعل نتائج (مخرجات) هذه القراءات، لا تتفق من قريب، ولا من بعيد، مع أي تشريع جاء به السلف!!والصحيح، ووفق أصول البحث العلمي، أن يضع الباحث أولا القواعد التي سيقيم عليها بحثه، وفق أصول المنهج العلمي المتفق عليه عالميا، فإذا اختلفت (مخرجات) بحثه بعد ذلك مع مخالفيه، أو اتفقت، فهذا لا يجعله يعيد النظر مرة أخرى في القواعد، حتى توافق هواه…، لأن هذا لا يكون بحثا علميا، وإنما (قصا ولصقا – copy and past)!!


(163) 12/4/2014 (فساد (المخرجات) دليل على فساد (المدخلات))

 عدد المشاهدات : 143

أو على فساد توظيف هذه (المدخلات)لقد جعلت لنفسي منهجا في فهم القرآن، يقوم على أدوات، ألزمت بها نفسي، بصرف النظر عن النتائج (المخرجات) التي ستصل إليها هذه الأدوات، سواء وافقت من أخالفهم، أو خالفتهم. وهذه الأدوات هي: اللسان العربي – السياق القرآني – آليات عمل القلب – آيات الآفاق والأنفس – منظومة التواصل المعرفي، وكلها مفصلة على موقعي.لقد فتح مفهوم كلمة (الفرقان) في “السياق القرآني”، بابا من الجدل العقيم، كان وراءه هؤلاء الذين يتبعون أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة (بغير علم)، والفلاسفة، الذين يطوفون على صفحات الإنترنت، يقطفون من كل مفكر فكرة، يعلمون ظاهر العلم، وهم عن جوهره غافلون.لذلك أردت أن ألقي مزيدا من الضوء على تحريف هؤلاء لمعنى كلمة (الفرقان)، وقولهم إنها (الوصايا العشر) التي آتاها الله موسي، ثم انتقلت إلى عيسي، ثم إلى محمد، وهي (المحرمات) التي وردت في سورة الأنعام [151 – 153]!! فأقول:أولا: ليس في القرآن (مطلقا)، ما يشير إلى أن (الوصايا العشر) – (المحرمات)، التي وردت في سياق آيات سورة الأنعام، هي (الفرقان) الذي آتاه الله موسى، عليه السلام، والذين قالوا بهذا هم رواة (الأحاديث) المفتراة على رسول الله!!ثانيا: ليس من منهجي، الفهم أو الاستنباط العشوائي للأحكام، فعندما يقول الله تعالى: “وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ”، لا أملك دليلا قرآنيا يربط بين هذا (الفرقان) وآيات سورة الأنعام (الوصايا العشر)!! وإنما الذي أملك دليله هو: أن (الفرقان)، والحكمة، والنور، الحق، والهدى، …، كل هذه صفات لما حمله (المنزل) من عند الله، بوجه عام، إلا إذا خصصه الله تعالى بمخصص.ثالثا: إذا كانت القضية، هي مجيء (الوصايا العشر) في آيات متتالية، كما ورد في سورة الأنعام، فهناك أيضا (وصايا) باجتناب محرمات، جاءت في آيات متتالية، في سورة الإسراء!! فلماذا لا تكون آيات سورة الإسراء هي أيضا مما أنزله الله على موسى، خاصة وأنها تشترك مع آيات سورة الأنعام في خمس وصايا، جاءت في الآيات (22/23/33/34/35)؟!رابعا: وصف الله تعالى آيات سورة الإسراء بـ (الحكمة)، فقال تعالى: “ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ”، وتشترك آيات سورة الأنعام، مع آيات سورة الإسراء في خمس وصايا، فأيهما أقرب إلى المنطق السليم: أن نصف وصايا سورة الأنعام بـ (الحكمة) كما وصفها الله تعالى، أم نصفها بـ (الفرقان) كما وصفتها المرويات، المفتراة على رسول الله؟!ثم يدّعون أنهم يقرأون القرآن قراءة معاصرة … والضحية، هم التابعون، أدعياء العلم!!

“وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً”


(164) 14/4/2014 (عندما تتحكم الشهوات في النفس)

 عدد المشاهدات : 150

– هل تعلم أن النفس، التي تفارق جسدك عند الموت، تحمل معها فجورك وتقواك؟!“وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا” – “فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا”– وهل تعلم، أن شرط دخول الجنة، أن تأتي ربك بنفس زكية؟!“قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا” – “وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا”– وهل تعلم أن تمكن (الشهوات) من النفس، يجعلها نفسا حيوانية، تجعل صاحبها عبدا لهواه، فيشرك بالله تعالى؟!“أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً”إنه عندما تتمكن الشهوات من النفس، لا ترى متعتها إلا في (المحرمات)، بل واستحداث أدوات وآليات جديدة لها، وهذا ما أصاب قوم لوط، فاستوجب عذاب الاستئصال: “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ”،.لقد تمكنت الشهوات من قوم لوط، إلى حد جعلهم يبتكرون (فاحشة) جديدة لم يسبقهم فيها أحد من العالمين، ولم يعهدها عالم الحيوان: “إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ”!!عندما تتمكن الشهوات من النفس، لا ترى حرجا في إتيان (الفواحش) في النادي، على مرأى ومسمع من الناس: “أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ” – “وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ”!!لقد اعتدى قوم لوط على فطرتهم السليمة، وعلى آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر…، فأصبحوا لا يرون إلا الشهوة المحرمة، وأصبح التطهر يؤذي مشاعرهم: “أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ”، بل ويتوعدون بإيذاء ناصحهم: “قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنْ الْمُخْرَجِينَ”!!لقد خرج قوم لوط، من دائرة مخالفة (أحكام الشريعة)، إلى دائرة (الشرك بالله)، فكان جزاؤهم عذاب الاستئصال…، لماذا؟! لأنهم أشركوا بالله تعالى، بترك نفوسهم للشهوات، حتى تحكمت فيها، ولم تعد قادرة على الالتزام بالشريعة الإلهية!!لقد أسرفوا في الشهوات: “بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ” – وفسقوا عن دين الله: “إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ” – وجهلوا عاقبة أمرهم: “بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ” – وأفسدوا في الأرض: “قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ” – وظلموا أنفسهم: “إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ”!!لذلك لم يكن غريبا أن يرسل الله تعالى رسولا (لوطا عليه السلام)، مهمته أن يأمر قومه، بتقوى الله، وتزكية النفس، والانتهاء عن هذه الفاحشة.لقد جعل الله تعالى قصة لوط، آية قائمة بين الناس إلى يوم الدين: “وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ” – “وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ”!!فاحذر أن تتحكم فيك الشهوات (غير المحرمة)، لأن ذلك طريق إلى الشهوات (المحرمة)، والنفس الزكية لا تتمكن منها الشهوات المحرمة، ولا (غير المحرمة).

“زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ (مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ”


(165) 16/4/2014 (“وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً” )

 عدد المشاهدات : 144

وردت هذه الجملة القرآنية، في سورة النساء، في سياق بيان أن الهدى، كل الهدى، في اتباع أحكام الشريعة الإلهية، التي لا مصدر، ولا مرجعية لها، إلا في الكتب المنزلة، التي حملها الرسل للناس.ولقد انقسم الناس، أمام اتباع الكتب الإلهية، إلى أهل حق وأهل ضلال، أهل هدى وأهل هوى، أهل تقوى وأهل شهوات!! وشهوات النفس كثيرة، منها الحلال (وهي أخطرها)، لأن الشيطان يسكن فيها، ومنها الحرام (أقل خطورة)، لأن الإنسان يحذرها!!ومن أخطر شهوات النفس، الانحراف عن (سنة الله)، والتي هي (سنة النبي)، واتباع الهوى: “يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ (سُنَنَ) الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ – وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ – وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”.إن (سنة الله) حق، واتباع النبي لـ (سنة الله) حق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، واتباع الهوى والشهوات: “وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً”.إن الله تعالى يريد من الناس أن يتوبوا من الضلال، ومن اتباع الشهوات، ويعودوا إلى الحق، واتباع الهدى، ولا هدى إلا في هداية “الآية القرآنية”، التي جعلها الله (البرهان) الوحيد على صدق (نبوة) نبيه الخاتم محمد عليه السلام.إن الذي يحيد عن اتباع “الآية القرآنية”، متبع لشهوة (الهوى)، الموصلة للشرك بالله!! وكما أن للضلال أئمة، فإن للشهوات دعاة، وكلهم يريدون أن يميل الناس عن سبيل الحق وعن اتباع الهدى، (ميلا عظيما)!!إن سبيل الحق، ميسر وخفيف، لأنه يتناغم مع (التقوى) التي خلق الله النفس بها، ويتفق مع قرار الإنسان اختيار (تزكية) نفسه، (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا). لذلك نجد أن متبع هذا السبيل، يعيش (قويا)، (ثابتا)، عند مواجهة الأزمات، والتحديات.أما سبيل الضلال، فصعب وثقيل، لأنه يتناغم مع (الفجور) الذي خلق الله النفس به، ويتفق مع اختيار الإنسان سبيل (التدسية)، (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا). لذلك نجد أن متبع هذا السبيل، يعيش (ضعيفا)، (مذبذبا)، عند مواجهة الأزمات، والتحديات: “يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً”؛ ضعيفا إذا اختار هذا السبيل!!انظر إلى نفسك، وإلى من حولك، وستعلم السبب الحقيقي، وراء الأزمات التي تعيشها، ويعيشها الناس جميعا!!

“وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى” – “فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى”


(166) 21/4/2014 (نحو فقه قرآني معاصر)

 عدد المشاهدات : 165

– إن (الدين الإلهي) تفاعل حركي، لا يفقهه إلا (الفقهاء)، (العلماء)، الذين يعلمون ما تحمله آيات الآفاق والأنفس من أسرار، من خلال خبراتهم (العلمية) و(المعملية)، ثم يقومون بتفعيلها بين الناس، في كافة مناحي الحياة.– إن (فقه) الدين الإلهي، فقه حركي، لا يفقهه إلا (الفقهاء)، الذين (يجاهدون) لتفعيل نصوص هذا الدين في حياة الناس (واقعا عمليا)، يثبت أنه الحق من ربهم: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”.– إن (فقه) الدين الإلهي، لا ينبت إلا في أرض (الواقع الحركي) للناس، وإن نجاح التجارب (المعملية) لهذا الواقع، هو الذي يقوم عليه نمو (الفقه الإسلامي) وتطوره، وليس من خلال العكوف على صفحات الكتب!!– إن الاشتغال بتجديد أو تطوير (الفقه الإسلامي)، بعيدا عن الساحة القرآنية، وعن تفاعل آيات الذكر الحكيم مع الواقع المعاصر…، هو عدم دراية بطبيعة (الدين الإسلامي) وخصائصه!!– إن (الفقه الإسلامي) ثمرة (الفقه القرآني)، وليس العكس، لذلك كان على المسلم (الفقيه) أن يدرس نصوص (الآية القرآنية)، المتعلقة بتخصصه العلمي، وبموضوع بحثه، وتكون هذه الدراسة هي (المعمل) الذي يجري فيه تجاربه، وعندما تنجح التجربة، يخرج إلى الناس بنتائجها (الفقهية)!!– إن الذين يعيشون حياتهم في بطون أمهات كتب التراث الديني، يقرؤون كلاما، ويبلغون الناس كلاما، هؤلاء ليسوا بعلماء ولا فقهاء، حسب ما بيّنه كتاب الله، بل هم أحوج الناس إلى علم (العلماء)، وفقه (الفقهاء)، الذين فهموا (الدين الإسلامي) نظاما ومنهجا للحياة، وسلوكا حضاريا لتقدم الأمم وسعادتها.

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ (لِتَعَارَفُوا) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”.


(167) 22/4/2014 (“فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ” )

 عدد المشاهدات : 159

يظن كثير من المسلمين، أن هذه الجملة القرآنية، دليل على أن في الإسلام ما يُعرف بعلماء الدين، وهم الطائفة المتخصصة في العلوم الدينية، دون التخصصات العلمية الأخرى، وأنهم وحدهم هم المتحدثون الرسميون باسم الإسلام!!والحقيقة، أن (الطائفة) (المتفقهة) في الدين، في قوله تعالى: “فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ”، هي (الطائفة) (النافرة)، التي خرجت للجهاد في سبيل الله، وليست هي (الطائفة) (المتفقهة) القاعدة في البيوت، وذلك للأسباب التالية:أولا: إن مادة (الفقه)، استخدمها السياق القرآني، في الحديث عما يخفي علمُه، أو تحتاج إلى جهد علمي (أو تقني) للوقوف عليه، كقوله تعالى:“فَمَا لِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً” – “وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ” – “وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ”.ولم يستخدم القرآن (مطلقا) مادة (الفقه) للتعبير عن أئمة، أو علماء، أو فقهاء، الفرق والمذاهب المختلفة!! فعلى أي أساس شرعي، يُسمح لهؤلاء بحمل هذه الألقاب؟!ثانيا: إن مادة (الدين) استخدمت في السياق القرآني بمعنى (عام) وهو (النظام -الشريعة)، وهذا المعنى (العام) الذي يُخصصه السياق، كقوله تعالى عن يوسف عليه السلام: “مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ”، أي في نظام وشريعة الملك. وكقوله تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ”، أي إن النظام الحاكم لحياة الناس هو شريعة الإسلام.ثالثا: إن قوله تعالى: “لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ”، في الجملة القرآنية المشار إليها سابقا، يفرض علينا أن ننظر في سياق الآيات، قبلها وبعدها، لنتعرف على الدين (النظام – الشريعة) الذي يتحدث عنه السياق، والمطلوب من المخاطبين أن يتفقهوا فيه.إننا إذا تدبرنا الآيات، من الآية (38): “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ (انفِرُوا) فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ…”، إلى الآية (122): “وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ (لِيَنفِرُوا) كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ…”، وما بعدها: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (قَاتِلُوا) الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً…”، علمنا أن (الدين) هنا هو (النظام) الحاكم (لشريعة) الحرب، والذي لا غنى عن تفقهه لأي قائد عسكري، ولا علاقة له بفقهاء المذاهب الفقهية.رابعا: إذا كانت الطائفة المتفقهة في الدين هي (القاعدة) في البيوت، وهي التي ستنذر الطائفة (النافرة) عندما ترجع، إذن فنحن في حاجة (كي يستقيم المعنى) إلى تقدير محذوف من السياق وهو: “فلولا نفرت طائفة، و(أقامت طائفة) ليتفقهوا في الدين”.ومن بدهيات المنطق، أن ما لا يحتاج إلى تقدير، أولى بالقبول، مما يحتاج إلى تقدير، لذلك كانت الطائفة المتفقهة في الدين هي (النافرة)، وليست (القاعدة) في البيوت!!خامسا: على فرض أن هناك طائفة، يجب أن تنذر أخرى، لكانت هي الطائفة (النافرة)، لأنها هي التي خرجت (مع رسول الله) للقتال، وعايشت الخوف والحذر بصورة عملية، ووقفت على فتنة وتحديات المعركة!! أما الطائفة (القاعدة) لتتفقه في الدين، فمع من ستتفقه، ورسول الله قد خرج مع الطائفة (النافرة)؟!!سادسا: إن مسائل الترغيب والترهيب، الوعد والوعيد، والإنذار والتحذير…، كلها من أصول (الملة)، التي لا يصح إسلام المرء إلا وهي من مكونات إيمانه، التي يقوم عليها التزامه بأحكام (الشريعة). وعلى هذا الأساس فإن الطائفة (النافرة)، ليست في حاجة أصلا إلى فقه الطائفة (القاعدة)، لأنهم ما خرجوا للجهاد إلا وهم مسلمون، مؤمنون، يخافون الله، ويحذرون من عذاب الآخرة!!سابعا: علمنا أن (الفقه) له علاقة بـ (النفر)، وأن (الدين) له علاقة بأنظمة وقوانين (النفر)، ومن هذه الأنظمة (نظام الاستطلاع)، وعلى هذا الأساس نفهم الآية على النحو التالي:“وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً [لا ينفر المؤمنون كلهم مرة واحدة] فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ [فلولا نفر (أولا) من كل فرقة من الفرق المحاربة طائفة] لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ [ليستطلعوا أحوال العدو، ويجمعوا عنه المعلومات الكافية] وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ [ويرجعون بهذه المعلومات إلى قادتهم] لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [فيضعون الخطط، ويوفرون الإمكانات، الخاصة بمواجهة هذا العدو].ثامنا: إن الإسلام دين العلم والعلماء، والمسلم (هو) الذي عرف ربه، والتزم بشريعته، على أساس (علمي)، وليس (وراثي): “فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ”.إن كل مسلم عالم فقيه، في مسألة من المسائل، التي درسها، وفقهها، حسب أصول البحث العلمي، بالإضافة إلى تخصصه المهني.

“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ” – “وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا (يَخْشَى اللَّهَ) (مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”


(168) 23/4/2014 (لو كان الأمر بيدي …)

 عدد المشاهدات : 175

هناك شيء واحد، يكون سببا في هداية قوم، وضلال آخرين، وهو تفعيل آليات عمل القلب (آليات التدبر والتفكر والتفقه والتعقل …). هذه الآليات التي ترفع الإنسان إلى مقام العلماء، أو تهبط به إلى مقام الجهلاء!!إن (المسلم)، هو الذي أقام إسلامه (ملة وشريعة) على علم، وحجة وبرهان، وليس على ما وجد عليه آباءه!!إن (المسلم)، هو الذي تعلم ودرس القرآن (بجوار تخصصه المهني)، وقام بتفعيله في حياته، سلوكا عمليا. إنه (الرباني)، تدبر قوله تعالى في سورة آل عمران:مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا (رَبَّانِيِّينَ) بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [79]إن المسلمين (الربانيّين) هم أهل العلم بالقرآن، (بجوار تخصصاتهم المهنية)، هم المؤمنون، القانتون، الصادقون…، الذين تحملوا مسئولية الشهادة على الناس، وهي في حقيقة الأمر مسئولية علمية.إن العلماء (الربانيّين) هم الذين وصلوا إلى ما وصل إليه العالم اليوم من علوم وتقنيات حديثة. إنهم يعيشون داخل منظومة “الآيات الكونية” (وهم يخشون ربهم)، هذه المنظومة التي بيّنتها آيات سورة فاطر:– بداية بقوله تعالى: “وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ” [9]– وحتى قوله تعالى: “وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ” [28]

* لو كان الأمر بيدي، ما جعلت المسلمين يشاهدون إلا قناة فضائية واحدة، وهي: National Geographic، وذلك لمدة عام كامل، 6 ساعات، يوميا، ثم بعد ذلك يخرجون إلى الناس، يحدّثونهم عن (الإسلام).


(169) 24/4/2014 (ما تم حذفه من المقال السابق بمعرفة الصحيفة)

 عدد المشاهدات : 153

1- بعد جملة: (فإذا تمكّن فصيل يوما من حكم البلاد فإنه سيلقي بهذا التفاوض في المهملات)…قلت: “لأن عقيدته أولا وأخيرا هي الحاكمة، وسيعلنها حربا لإقامة الخلافة الإسلامية في الأرض!!”2- بعد جملة: (وتحالفت مع القتلة والمفسدين في الأرض، ليمكّنوها من تحقيق حلم الخلافة)…قلت: “فهل وقفت “السنن الكونية” بجانبهم؟! لا!! وهل ظلم الله المسلمين عندما تركهم يسيرون في طريق التخلف الحضاري؟! لا”!!3- بعد جملة: (أن “الحكم بما أنزل الله” لم يشهده إلا عصر الرسالة، وعصر الشيخين أبوبكر وعمر، ثم بعد ذلك سَلّمَ بعض المسلمين قلوبهم للشيطان)…قلت: “فكانوا هم بذور الفتنة التي مزقت الأمة إلى فرق ومذاهب متصارعة، فغاب “الحكم بما أنزل الله”، وحل محله “الحكم بمذاهب البشر”، التي أباحت سفك دماء ملايين الأبرياء على مر العصور”.4- بعد جملة: (لقد انقسم المسلمون إلى فرق «عقدية» متصارعة، ومذاهب «فقهية» متخاصمة)…قلت: “ومن أشهر الفرق العقدية: أهل السنة، الشيعة، المعتزلة، الخوارج…، ومن أشهر المذاهب الفقهية لأهل السنة والجماعة: الحنفى، المالكى، الشافعى، الحنبلى…”.5- بعد جملة: (فأين هو النص القرآني (قطعي الدلالة)، الذي يستند إليه الإرهابيون وعلماؤهم، في هذه الأعمال الإجرامية؟! لا يوجد، مطلقا!!)…قلت: “إذت فأية “خلافة”، وأية “شريعة”، هذه التي يجاهدون في سبيل إقامتها؟!”.6- بعد جملة: (فإذا قام أفراد خارج المؤسسة الدينية، وبيّنوا للناس ما حوته هذه (المرجعيات) من أكاذيب وافتراءات على الله ورسوله، اتهمتهم بمحاربة “السنة النبوية”!!)…قلت: “فالذين يدافعون عن “السنة النبوية” يُحارَبون، والذين يفترون على “السنة النبوية”، ويسفكون الدماء بغير حق، تكتفي المؤسسات الدينية بإصدار بيانات الإدانة!!”.7- بعد جملة: (لقد اخترق “الإرهابيون” جميع مؤسسات الدولة، وأصبحوا قنابل موقوتة تهدد أمن البلاد والعباد، فهل يعقل، والشعب المصري في حالة حرب (وإن لم يع ذلك)، أن نترك هذه القنابل في أماكنها)…قلت: “ومعظمها من القيادات الفاعلة، ونحن نعلم أنها تملك عقيدة راسخة، تجاهد في سبيلها، وتتحالف مع الشيطان لتدعيمها، وتُقتل من أجل رفع رايتها؟!”.8- بعد جملة: (كيف نسمح لمن كانوا حلفاء “الإرهابيين” بالأمس، أن يعودوا إلى العمل السياسي، يفتنون الناس بكلامهم المعسول (تقية)؟!)…قلت: “كيف نسمح للمؤسسات والجمعيات الأهلية، التي كان لمساجدها دور كبير في تدعيم “المفسدين” عاما كاملا، أن تظل تعمل في تمويل الأعمال الخيرية، ومشاريع كفالة اليتيم، ومحو الأمية….، ونفرح ببيانات الإدانة التي تصدرها؟!”9- بعد جملة: (أن الشعب المصري يواجه معركة حربية حقيقة مع الإرهبيين المفسدين في الأرض)…قلت: “هؤلاء الذين أعدوا العدة، في وقت كانت أرض مصر كلها مباحة لهم من كل باب!!”


(170) 27/4/2014 (“إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”)

 عدد المشاهدات : 171

ورد تكريم العلماء الذين (يخشون) ربهم، في سياق بيان تفاعل دلائل الوحدانية مع منظومة الآيات الكونية [الآيات 9- 28 من سورة فاطر]، ولفت نظر المشركين، المكذبين بالنبي، المعرضين عن “آيته القرآنية”..، إلى بعض الحقائق القرآنية، فقال تعالى:“وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ” – “إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ” – “وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ” – “وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ” – “وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ” – “وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ”.إن (العلماء) هم الذين يخشون ربهم، هم أصحاب القلوب الحية، الذين يتحركون (في) الناس على بصيرة، ونور وسكينة، فتدبر: “أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ (فِي) النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ (لِلْكَافِرِينَ) مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.إن (العلم) هو الحد فاصل بين الإسلام والكفر: “زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”. إن المسلم هو الذي يقيم إسلامه على فاعلية دلائل الوحدانية في الكون، وهي مسألة (علمية) لا ينفع معها الإيمان الوراثي، ولا الاتباع بغير علم، لأنها تحتاج إلى براهين علمية، لا يصل إليها (العلماء) إلا بتفعيل آليات التفكر والتعقل والتدبر… آليات عمل القلب. أما الكافر، فيقول: “بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا، أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ”؟!!إن الماء النازل من السماء واحد، والثمرات مختلف ألوانها..، والجبال صلبة لا تتأثر بالماء، وجاءت ألوانها مختلفة، بين الأبيض، والأحمر، والسواد الحالك، فمن يُظهر للناس ما في بطون هذه الآيات الكونية من أسرار إلا العلماء؟!“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا، وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ”.وتتنوع ألوان البشر (وأصلهم واحد، آدم وزوجه)، وكذلك تنوع الأحياء الأخرى، فتدبر:“وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”.وكتاب الله واحد، وتختلف هدايته للناس باختلاف طبيعة قلوبهم.“وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ (هُوَ الْحَقُّ) مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ” – “ثُمَّ (أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ) الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ”.وعندما يأتي ذكر (العلماء) الذين يخشون ربهم في سياق هذه المنظومة الكونية، ثم يأتي بعدها ذكر (الكتاب)، واختلاف الناس في تلقي هدايته..، فعلينا أن نتوقف قليلا.إن الذين ورثوا (كتاب الله) منهم “ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ”، وهو الذي لم يتفاعل مع كتاب الله مطلقا. ومنهم الـ “مُقْتَصِدٌ”، وهو الذي لا يخلو تفاعله من تقصير. أما الـ “سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ”، فهو الذي تفاعل مع كتاب الله على (علم) فجاء تفاعله على أحسن وجه.إن الورثة الحقيقيين لميراث النبوة هم (العلماء) الذين يخشون ربهم. إن حالة (الخشية) هذه تولّدت نتيجة إعمال آليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر..، في سبر أغوار آيات الآفاق والأنفس، والتعرّف على السنن الإلهية، وكيف تعمل في هذا الوجود.إن المسلمين لا يرثون عن آبائهم غير كتاب الله، باعتباره (المرجعية الإلهية) الوحيدة الواجبة الاتباع. وهؤلاء يجب أن يكونوا على درجة من (العلم) تمكنهم من التعامل مع هذا الكتاب، باعتباره (الآية) الدالة على صدق (النبي) في بلاغه عن الله.إن (النبوة) علم، و(النبي) عالم، يتلقى علمه عن الله تعالى. والمسلمون في عصر الرسالة، يقلّدون (النبي) فيما يفعله أمامهم، وإن لم يعلموا علته، لأنهم آمنوا بأنه (نبي) يوحى إليه، وكفى!!إن هؤلاء الذين قلّدوا (النبي)، تقليدا أعمى (بالمحاكاة)، وقال لهم: افعلوا كذا ففعلوا..، هؤلاء هم الذين نقلت عنهم الأجيال كيفية أداء الصلاة (بالتقليد والمحاكاة) حتى وصلت إلينا اليوم، ويأخذها عنا أطفالنا أيضا (بالتقليد والمحاكاة)، ودليلنا الوحيد على وجوب أداء هذه الكيفية هو (التقليد والمحاكاة) نقلا عن المسلمين الأُول!!إن جملة (تقليد النبي) لا يصح مطلقا إطلاقها إلا على من عاصروا (النبي)، أو على من نقلوا عنه كيفية أداء ما أجمله (النص القرآني) من أحكام (بالتقليد والمحاكاة)، والتي حفظها الله تعالى (عبر منظومة التواصل المعرفي) على مر العصور.أقول هذا، لأن هناك (من أدعياء العلم) من يعتبرون الذين (يقلدون) الأفعال التي نسبها الرواة إلى (النبي) باسم (السنة)، يعتبرونهم يقلّدون (النبي) بغير علم، وعلى هذا يصفونهم بصفات لا تليق بمقام (النبوة)، وهذا (جهل) وإساءة للنبي ولمن عاصروه!!إن هؤلاء المقلدين بغير علم، هم في حقيقة الأمر، لا يقلّدون (النبي)، لأنهم ليسوا هم الذين كانوا معه، ونقلوا عنه، وإنما هم يقلدون (رواة) الفرق والمذاهب المختلفة، فيما نقلوه عن (النبي)، ولا وجه للمقارنة!!

“وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ (عِلْمٌ) إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ (مَسْئُولاً)”


(171) 28/4/2014 (من بديع البيان، وبلاغة القرآن)

 عدد المشاهدات : 164

هناك من يدّعون العلم بقواعد اللسان العربي، وتراهم يسارعون إلى كل بدعة، يهدمون بها التراث الديني (مشكلتهم الوحيدة في الحياة)، وذلك على حساب تحريف “النص القرآني”، وباستخدام نفس “اللسان العربي”!!ومن هذه البدع قولهم: إن القرآن ليس كلام الله، وإنما كلام الملائكة، هم الذين صاغوه إلى اللغة العربية..، ودليلهم على ذلك، وجود ضمائر الجمع، عند الحديث عن الذات الإلهية، كقوله تعالى: (أنزلنا – كتبنا)!!يقولون: يستحيل أن يُحدّث الله الناس عن نفسه بضمير الجمع (نا) أو (نحن) أو (إنّا)، لأنه منزه عن استخدام اسلوب التفخيم والتعظيم، وهذا الأسلوب، هو الدليل على أن القرآن كلام الملائكة!!أقول: إن الملائكة (رسل الله)، هكذا وصفهم الله، ومهمة (الرسل) البلاغ عن الله، دون تدخل مطلقا في هذا البلاغ، ويستحيل أن يفوضهم الله في صياغة هذا البلاغ، ثم لا يخبرنا بذلك، وهو القائل: “وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ (كَلامَ اللَّهِ) ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ” – “حَتَّى يَسْمَعَ (كَلامَ اللَّهِ) ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ” – “يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا (كَلامَ اللَّهِ)” … فإذا كان ما يدّعونه صحيحا لقال تعالى: يسمع (كلام الملائكة) الذين فوضتهم في صياغة كلامي، ولقال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا (كلام الملائكة)!!إن التحوّل من ضمير المتكلم الحاضر (أَنَا) إلى ضمير الجمع (نحن)، أو إلى الغائب (هو)..، كل هذه أساليب بلاغية، خاصة بالخطاب الإلهي، ولا يصح مطلقا قياسها على أساليب البشر!!إن من عطاءات نصوص “الآية القرآنية”، تنوع أسلوبها البلاغي، فقد يأتي سياق الآية بكلام مجمل، ويُفصّل في موضع آخر. وقد يتحرك السياق بين ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب، وذلك للفت النظر إلى دلالات بلاغية يكشف عنها (المتدبّرون) لهذا السياق. وقد يأتي بالجمع في موضع، والإفراد في موضع آخر… إلى آخره.مثال (1): يقول الله تعالى في سورة طه، مخاطبا موسى عليه السلام: “إِنَّنِي (أَنَا) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ (أَنَا) فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي”. ويقول في سورة البقرة: “اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ (هُوَ) الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا (تَأْخُذُهُ) سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ…”.فتدبر..، في سورة طه يقول تعالى: “لا إِلَهَ إِلاَّ (أَنَا)”، وفي سورة البقرة يقول: “لا إِلَهَ إِلاَّ (هُوَ)”، فهل يمكن أن يأتي ضمير الغيبة (هو) مكان ضمير المتكلم (أنا)؟! الجواب: لا، لماذا؟!لأنه بتدبر سياقات الآيات التي ورد فيها ضمير الغيبة (هو)، نجد أنها تتحدث عن فاعلية أسماء الله الحسنى في هذا الوجود: “اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ (هُوَ)، الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا (تَأْخُذُهُ) سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ”، وذلك للفت النظر إلى أن هذه الفاعلية الحاضرة، التي يدركها الناس في عالم الشهادة..، هي البرهان على وحدانية (الله – هو)، الذي (نؤمن) به، ولم (ولن) نشاهده.وبتدبر سياقات الآيات التي ورد فيها ضمير المتكلم (أنا)، نجدها كلها، يخاطب الله فيها رسله، باستثناء موضع واحد فقط، يخاطب الله فيه الناس، يُبيّن لهم، أن ميزان الحساب في الآخرة حق، وأنه لا يظلم أحدا: “مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا (أَنَا) بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ”.مثال (2): يقول الله تعالى: “وَ(اللّهُ) الّذِيَ أَرْسَلَ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً (فَسُقْنَاهُ) إِلَىَ بَلَدٍ مّيّتٍ (فَأَحْيَيْنَا) بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا” [فاطر:9].في الجملة الأولى جاء بضمير الغيبة (هو)، في قوله: “و(َاللّهُ) الّذِيَ أَرْسَلَ”.وفي الجملة الثانية جاء بضمير المتكلم (نحن)، في قوله: “(فَسُقْنَاهُ) إِلَىَ بَلَدٍ مّيّتٍ (فَأَحْيَيْنَا)”.فلماذا لم يستمر ضمير الغيبة (هو)، في الجملة الثانية، بحيث تكون (فساقه)، (فأحيا)؟! لماذا استخدم في الجملة الثانية ضمير المتكلم (نحن)، فقال (فَسُقْنَاهُ)، (فَأَحْيَيْنَا)”؟! هل لأن (الله) كان غائبا عن المشهد في الجملة الأولى، ثم حضر في الثانية؟!بالقطع لا، فالله تعالى حاضر، في كل زمان ومكان، في نفس الوقت، حي قيوم!!إنه بتدبر الجمل القرآنية التي ورد فيها ضمير المتكلم بصيغة الجمع (نحن – إنّا ..)، نجد أن العامل المشترك الذي يربطها، هو ما يعرف في علم البيان بـ (الالتفات) حيث تتحرك الضمائر من (الغيبة) إلى (الحضور) للفت النظر إلى فاعلية “الأسماء الحسنى”، من خلال البراهين الحاضرة أمام الناس (فَسُقْنَاهُ)، (فَأَحْيَيْنَا)، والتي يستطيعون عن طريقها، الاستدلال على وحدانية (الله) الذي لم يشاهدوه!!

“الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ”


(172) 30/4/2014 (أزمة التابعين، والمتبوعين)

 عدد المشاهدات : 193

إن إثبات حجية المرجعية، التي يستقي منها (المسلم) معارفه، وثقافته الدينية، فريضة شرعية، يحرم عليه عدم الالتزام بها، لقوله تعالى: “وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً”.إن قوله تعالى: “وَلا تَقْفُ (أي لا تتبع) مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ”، دليل على (حرمة) الاتباع بغير علم: “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً”.إن المشاريع الفكرية، عندما تدخل دائرة (المحرم)، فعلى أطرافها (تابعين ومتبوعين) التوقف فورا عنها!! فإلى متى سيتعامل المسلمون، مع مقتضيات (الإسلام)، بهذه العشوائية الفكرية (المحرمة شرعا) التي نراها على شبكات التواصل الاجتماعي؟!ولكن الغريب، أن نجد من أصحاب المشاريع الفكرية القرآنية، من يقعوا في هذا (المحرم)، بإيمانهم بحجية (المرويات) المنسوبة إلى النبي، بدعوى أنها توافق القرآن، فضلوا وأضلوا بأهوائهم (التابعين) بغير علم!!في الثمانينيات، حدثت مناظرة بيني وبين ثلاثة من أساتذة جامعة الأزهر، كان منهم أستاذ في الحديث (الدكتور عبد المهدي عبد القادر) أعلنت فيها أن منهجي، لن يخرج عن إطار (القرآن) في إثبات بطلان حجية ما يُسمى بعلم الحديث.ولقد كانت الغلطة المنهجية، التي تعلمت منها الدرس بعد ذلك، أني دخلت (عش الدبابير) برجلي!! فعندما أصر الدكتور عبد المهدي على إثبات حجية (الحديث المتواتر)، واستدل على ذلك بحديث “إنما الأعمال بالنيات”، ما كان مني إلا أن انفعلت، وخرجت عن منهجي، وقلت له: ولكن ابن حجر، الذي تلقبونه بأمير المؤمنين في الحديث، قال: إن هذا الحديث ليس بمتواتر!!ومع أن تلفظي بهذه الجملة كان من باب مخاطبة الخصم بما يؤمن هو به، وليس بما أؤمن أنا به، إلا أن الدكتور استغل هذه الجملة، وقال: انت أصلا بتكفر بحجية الأحاديث كلها، فكيف تأتي من داخلها بحديث وتستدل به على عدم حجيتها؟! فإما أن تؤمن بها كلها، أو تكفر بها كلها!! قلت له: صدقت، أنت على حق، وتعلمت الدرس!!لقد درست ما يسمى بعلم الحديث، فترة طويلة، وكانت هذه الدراسة هي السبب الرئيس الذي جعلني أكفر بحجيته، وأهم نتيجة خرجت بها من هذه الدراسة، أن حراس هذا العلم، جعلوا له مخارج كثيرة، فإذا أغلقت عليهم بابا، خرجوا من باب آخر!!إن المصدر المعرفي، الذي آتاه الباطل، يحرم اتخاذه مرجعا يستقي منه المسلم أقوال النبي أو أفعاله، أو حتى سيرته، لأن الله تعالى يقول: “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ (تُشْرِكُوا بِاللَّهِ) مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)”.إن الذين يؤمنون بحجية (الأحاديث) التي توافق القرآن، وينتقدون الأخرى، هؤلاء عليهم أن يعلموا أن (الإسلام) يُحرم على المسلم اتخاذ مصدر تشريعي قد آتاه الباطل، حتى ولو كان هذا الباطل حديثا واحدا، (لأن احنا مش بنقي رز)!!إن كتاب الله “آية متحركة”، وإن بدت للناس أنها ساكنة، محبوسة بين دفتي الكتاب، بسبب غياب (الربانيين) الذين يحملون آليات تفعيلها!!فما علاقة الإسلام، القائم على فاعلية “الآية القرآنية”، المعاصرة لنا اليوم، بتراث الأموات، أو حتى بتراث شهر مضى؟!

“لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ”!!


(173) 3/5/2014 (عندما تأكل (الدنيا) قلوب (المتُديّنين) )

 عدد المشاهدات : 154

عندما تأكل (الدنيا) قلوب (المتُديّنين)إن (المسلم): من اتبع صراط الله المستقيم، والتزم بشريعته، على أساس علمي، (وليس وراثيا)، وذلك بتفعيل آليات التفكر والتدبر والتفكر والتفقه…، فيلقى الله بقلب سليم: “يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ” – “إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”.و(المُتديّن): من اتبع صراطا وشريعة، على أساس (غير علمي)، ولم يقم بتفعيل آليات عمل القلب، وكان إلهه هواه: “أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ (إِلَهَهُ هَوَاهُ) وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ (وَقَلْبِهِ) وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ (أَفَلا تَذَكَّرُونَ)”؟!إن (المسلم)، الذي التزم بشريعة ربه، سلوكا عمليا في حياته، وعاش مع المسلمين داخل منظومة إيمانية واحدة، يستحيل أن يترك قلبه لهواه، ويجعل (بوصلته) لدنياه.إما (المتدين)، الذي ألقى بآليات عمل قلبه وراء ظهره، واتبع صراطا وشريعة (بغير علم)، فهذا (بوصلته) دنياه!!وعندما تملأ الدنيا وشهواتها قلوب المتدينين، تراهم لا يؤدون من شريعة الله إلا ظاهرها، فيحملون شهادة الوحدانية بالوراثة، ويؤدون الصلاة والزكاة، كواجب (عايزين يخلصوا منه)، والصيام (شهر كل سنة)، والحج والعمرة (من استطاع)..، وهؤلاء يقول الله فيهم:“مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ” – “أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.وعندما تتحكم الدنيا وزينتها في قلوب المتدينين، لا ترى رفيقا، ولا أنيسا، ولا زوجا..، إلا من حقق لها مصلحتها وشهواتها، وهذا هو ظاهر الإيمان، الذي يتصف به (المشركون)، الذين يخادعون الله والذين آمنوا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والذين يصدق عليهم قوله تعالى: “وَمَا (يُؤْمِنُ) أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ” – “قَالَتْ الأَعْرَابُ (آمَنَّا) قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ”!!فماذا تفعل (الصلاة)، في ميزان الآخرة، إذا كان القلب مشغولا دوما بدنياه، وشهواتها، لا يعمل شيئا للإسلام، غير مظاهره المفروضة، ظنا منه أنه بمجرد أدائها يكون قد أدى ما أمره الله به، وإن مات مات موحدا؟!ماذا تفعل (الصلاة)، في ميزان الآخرة، إذا كانت (الصلة) بين العبد وربه، لا تتم إلا في دقائق معدودة، ويا ليتها تتم على وجهها الصحيح؟!وإذا كان (البيت المسلم) هو القاعدة الرئيسة للمجتمع المسلم، فإن العمود الفقري لهذا البيت، هو (الأم)، فإذا استقامت (الأم) (على شريعة الله)، استقام المجتمع، وإذا انحرفت انحرف المجتمع”: “الأم مدرسة، إذا أعددتها، أعددت شعبا طيب الأعراق”.ولقد بيّن الله تعالى، أن (البيت المسلم)، لا يجب أن تكون (بوصلته) الدنيا وزينتها، وضرب على ذلك المثل ببيت (النبوة): “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ (الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً” – “وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ (اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ) فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ (مِنْكُنَّ) أَجْراً عَظِيماً”.إن بيت (النبوة)، لم تكن بوصلته، غير تفعيل نصوص “الآية القرآنية” في حياة أفراده، فتدبر: “وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً”.إن (البيت المسلم) هو قاعدة المجتمع الإيماني، الذي غاب عن ساحة المسلمين قرونا من الزمن، هذا البيت الذي تتناغم فيه ملة الوحدانية، مع مشاعر الحب، والود، والصدق، والصبر، والخشوع، والذكر…، فلا تحكمه شهوات الدنيا أبدا، حتى ولو كانت مباحة:“إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ – وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ – وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ – وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ – وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ – وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ – وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ – وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ – وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ – وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ – أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً”.إن الذين أعد الله لهم: “مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً”، لا تأكل الدنيا قلوبهم أبدا!!


(174) 4/5/2014 ( بعيدا عن السياسة … وعدم الشفافية)

 عدد المشاهدات : 168

ما معنى أن يرفع مسلم، (راية) أو (شعار) جماعة، من الجماعات الدينية، وكلها (منذ عصر الفتن الكبرى وإلى يومنا هذا)، لعبت دورا كبيرا في تمزيق المسلمين إلى طوائف شتى، وتدعيم أزمة التخاصم والتقاتل بينهم…، وهو بموقفه هذا، يخالف قول الله تعالى: “وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”؟!– يبدو أن هذا (المتدين) لا يعلم، أن مصيره مع هؤلاء: “وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”!! ما معنى أن ينتمي مسلم إلى جماعة، ويرفع (رايتها) أو (شعارها)، وقد اتخذت مع كتاب الله مصدرا تشريعيا، ما أنزل الله به من سلطان؟!– يبدوا أن هذا (المتدين) لا يعلم، أنه يصر على مخالفة ما أمر الله باتباعه: “كِتَابٌ (أُنزِلَ إِلَيْكَ) فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ” – “اتَّبِعُوا مَا (أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) مِنْ رَبِّكُمْ (وَلا تَتَّبِعُوا) مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ”!!* ما معنى أن يدافع مسلم عن جماعة، ويقاتل في سبيل نصرتها، وقد رضيت أن تلعب لعبة السياسة (تقية)، على أمل أن تتمكن يوما، من إعادة “الخلافة الإسلامية” إلى الأرض، متجاهلا فشل كل الحركات الدينية (عبر قرون مضت) في تحقيق ذلك؟!– يبدوا أن هذا (المتدين) لا يعلم شيئا عن فاعلية “السنن الإلهية”، التي لا تجامل أحدا من أجل ملته، وإنما تعمل وفق أسباب، من أخذ بها أعطته: “فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً” – “أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ”؟!* ما معنى أن يتجاهل (المتدينون) “السنن الإلهية”، وفهم قوانينها، والوقوف على فاعليتها في هذا الوجود، فأصبحوا لا يفقهون، ولا يبصرون، ولا يسمعون..، كلام الله؟!– يبدوا أنهم لم يقرأوا قوله تعالى: “وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ (لا يَفْقَهُونَ) بِهَا، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ (لا يُبْصِرُونَ) بِهَا، وَلَهُمْ آذَانٌ (لا يَسْمَعُونَ) بِهَا، أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ (الْغَافِلُونَ)”.والسؤال: هل تبرأت من الفُرقة والمذهبية، وأصبحت (مسلما) كما أمرك الله؟! أم مازلت (متدينا) تدين بدين الفُرقة والمذهبية؟!يبدوا أنك في حيرة من أمرك … فكن صادقا مع نفسك!!


(175) 7/5/2014 (“الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ” [1-3])

 عدد المشاهدات : 158

لقد فهم بعض أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، وتابعهم في ذلك الكثير (مع الأسف)، أن قول الله تعالى “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ”، [البقرة 197]، يُبيح للمسلم، أن يؤدي فريضة الحج، في أي وقت شاء، من (الأشهر المعلومات)..، وهذا فهم غير صحيح، لمخالفته قواعد اللسان العربي، وعلم السياق القرآني!!يبدأ السياق القرآني، الذي وردت فيه جملة “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ”، من الآية [189]، حيث يقول الله تعالى: “يَسْأَلُونَكَ عَنْ (الأَهِلَّةِ) قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ…”، وحتى الآية [200]، وقوله تعالى: “فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً”.إذا تدبرنا الآية [189]، وجدناها وردت بعد بيان فريضة (الصيام)، وأن على المسلمين الذين حل (هلال) شهر رمضان على بلادهم، أن يصوموا (جميعا) هذا الشهر، المعلوم بدايته ونهايته.وكما أن لفريضة الصيام توقيتا محددا، يلتزم به المسلمون جميعا، لا يتقدم ولا يتأخر، وكذلك الصلاة، لوقتها بداية، يُؤذن للصلاة عند حلوله، وله نهاية..، فإن لأعمال الحج بداية ونهاية، يعلمها الناس جميعا: “(وَأَذِّنْ) فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ (يَأْتُوكَ) رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ”.إن من أهداف الحج الرئيسة، (الاجتماع العام)، حيث فيه يشهد الناس منافع كثيرة: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ”..، فإذا لم يُحدد وقت لأعمال الحج، لجاء الناس متخالفين، ولم يتحقق هذا (الاجتماع العام)، والذي حدد القرآن مكانه تحديدا، وهو (عرفة): “فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ”.وبعد أن بيّن الله أن (عرفة) هي مكان (الاجتماع العام)، قال بعدها: “ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ”، وهذا يعني أن يفيض الحجيج من مكان أفاض جنس الناس منه (قديما)، ويفيضون منه إلى يوم الدين، وهو (عرفة)!!إن إحالة (الإفاضة) إلى (الناس): “ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ”، دليل على أن هناك مصدرا معرفيا (غير القرآن) يستحيل الاستغناء عنه لفهم أحكام القرآن، وهذا المصدر هو “منظومة التواصل المعرفي”!!إن قوله تعالى “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ” لم يأت تشريعا لميقات الحج، وإنما جاء في سياق ضبط الفرائض المرتبط تأديتها بـ (الأهلة)، وللرد على الذين أرادوا تحريك هذه الأشهر بالتقديم أو التأخير (في حالة نشوب حروب بينهم)، فنزل القرآن يكشف بطلان هذا، فقال في سورة التوبة، بعد الحديث عن الأشهر الحرم (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، قال: “إِنَّمَا (النَّسِيءُ) زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ، يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا، يُحِلُّونَهُ عَاماً، وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً، (لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ)”!!وبعد أن بيّن السياق بعض أحكام القتال، قال تعالى [الآية 194]: “الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ..”، ثم قال [الآية 196]: “وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ..”.إن سياق الآية يتحدث عن المساحة الزمنية لأعمال الحج، والتي وصفتها الآية التالية مباشرة [197] بأشهر معلومات: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ”. وعندما يقول: “وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ”، فهو يخاطب الناس بشيء يعلمون كيف، ومتى، وأين، يُؤدونه!!



يناير 31

38 min read

0

0

0

منشورات ذات صلة

Comments

مشاركة أفكارككن أول من يعلِّق.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page